فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو السعود:

{وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ} هم الذين لا يرجون لقاءَ الله تعالى لإنكارهم البعثَ وما يترتب عليه من الحساب والجزاءِ، أشير إلى بعض من عظائمِ معاصيهم المتفرّعةِ على ذلك وهو استعجالُهم بما أُوعدوا به من العذاب تكذيبًا واستهزاءً وإيرادُهم باسم الجنسِ لما أن تعجيلَ الخيرِ لهم ليس دائرًا على وصفهم المذكور إذ ليس كلُّ ذلك بطريق الاستدراجِ أي لو يعجل الله لهم {الشر} الذي كانوا يستعجلون به فإنهم كانوا يقولون: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} ونحو ذلك وقوله تعالى: {استعجالهم بالخير} نصبَ على أنه مصدرٌ تشبيهيٌّ وُضع موضِعَ مصدرٍ ناصبِه دلالةً على اعتبار الاستعجالِ في جانب المشبّهِ كاعتبار التعجيلِ في جانب المشبه به وإشعارًا بسرعة إجابتِه تعالى لهم حتى كان استعجالُهم بالخير نفسَ تعجيلِه لهم، والتقديرُ ولو يعجل الله لهم الشرَّ عند استعجالِهم به تعجيلًا مثلَ تعجيلِه لهم الخيرَ عند استعجالِهم به فحُذف ما حذف تعويلًا على دلالة الباقي عليه {لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لأدى إليهم الأجلَ الذي عيّن لعذابهم وأُميتوا وأهلِكوا بالمرة وما أُمهلوا طرفةَ عينٍ، وفي إيثار صيغةِ المبنيِّ للمفعول جريٌ على سنن الكبرياءِ مع الإيذان بتعيين الفاعلِ، وقرئ على البناء للفاعل كما قرئ لقضينا، واختيارُ صيغةِ الاستقبال في الشرط وإن كان المعنى على المضيِّ لإفادة أن عدم قضاءِ الأجلِ لاستمرار عدمِ التعجيل، فإن المضارعَ المنفيَّ الواقعَ موقعَ الماضي ليس بنص في إفادة انتفاءِ استمرارِ الفعل بل قد يفيد استمرارَ انتفائِه أيضًا بحسب المقامِ كما حقق في موضعه، واعلم أن مدارَ الإفادةِ في الشرطية أن يكون التالي أمرًا مغايرًا للمقدّم في نفسه مترتبًا عليه في الوجود كما في قوله عز وجل: {لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ} فإن العنَتَ أي الوقوعَ في المشقة والهلاكِ أمرٌ مغايرٌ لطاعته عليه الصلاة والسلام لهم مترتبٌ عليها في الوجود أو يكون فردًا كاملًا من أفراده ممتازًا عن البقية بأمر يخصّه كما في الأجزية المحذوفة في مثل قوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} وقوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النار} وقوله تعالى: {وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون} ونظائرِها أي لرأيت أمرًا هائلًا فظيعًا أو نحوَ ذلك وكما في قوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} إذا فسر الجوابُ بالاستئصال فإنه فردٌ كاملٌ من أفراد مطلقِ المؤاخذة قد عبّر عنه بما لا مزيدَ عليه في الدلالة على الشدة والفظاعةِ، فحسنُ موقعِه في معرض التالي للمؤاخذة المطلقةِ وأما ما نحن فيه من القضاء فليس بأمر مغايرٍ لتعجيل الشرِّ في نفسه، وهو ظاهرٌ بل هو إما نفسُه أو جزئيٌّ منه كسائر جزئياتِه من غير مزّيةٍ له على البقية إذا لم يُعتبر في مفهومه ما ليس مفهوم تعجيلِ الشرِّ من الشدة والهولِ فلا يكونُ في ترتّبه عليه وجودًا أو عدمًا مزيدُ فائدةٍ مصحِّحة لجعله تاليًا له فالحقُّ أن المقدمَ ليس نفسَ التعجيلِ المذكورِ بل هو إرادتُه المستتبعةِ للقضاء المذكورِ وجودًا وعدمًا كما في قوله تعالى: {لَوْ يُؤَاخِذُهُم بِمَا كَسَبُواْ لَعَجَّلَ لَهُمُ العذاب} أي لو يريد مؤاخذتهم، فإن تعجيلَ العذاب لهم نفسُ المؤاخذةِ أو جزئيٌّ من جزئياتها غيرُ ممتازٍ عن البقية فليس في بيان ترتبِه عليها وجودًا أو عدمًا مزيدُ وإنما الفائدة في ترتبه على إرادتها حسبما ذكر، وأيضًا في ترتب التالي على إرادة المقدمِ ما ليس في ترتبه على نفسه من الدِلالة على المبالغة وتهويلِ الأمر والدلالةِ على أن الأمور منوطةٌ بإرادته تعالى المبنيّة على الحِكم البالغة {فَنَذَرُ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} بنون العظمة الدالة على التشديد في الوعيد وهو عطفٌ على مقدر تنبئ عنه الشرطيةُ كأنه قيل: لكن لا نفعل ذلك لما تقتضيه الحكمةُ فنتركهم إمهالًا واستدراجًا {فِي طغيانهم} الذي هو عدمُ رجاءِ اللقاء، وإنكارُ البعثِ والجزاءِ وما يتفرع على ذلك من أعمالهم السيئةِ ومقالاتهم الشنيعة {يَعْمَهُونَ} أي يترددون ويتحيرون ففي وضع الموصولِ موضعَ الضمير نوعٌ بيانٍ للطغيان بما في حيز الصلةِ وإشعارٌ بعليّته للترك والاستدارج. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ} هم الذين لا يرجون لقاء الله تعالى المذكورون في قوله سبحانه: {إَنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} [يونس: 7] الخ، والآية متصلة بذلك دالة على استحقاقهم للعذاب وأنه سبحانه إنما يمهلهم استدراجًا وذكر المؤمنين وقع في البين تتميمًا ومقابلة، وجيء بالناس بدل ضميرهم تفظيعًا للأمر.
وفي إرشاد العقل السليم إنما أوردوا باسم الجنس لما أن تعجيل الخير لهم ليس دائرًا على وصفهم المذكور إذ ليس كل ذلك بطريق الاستدراج، والمراد لو يعجل الله تعالى لهم {الشر} الذي كانوا يستعجلون به تكذيبًا واستهزاءًا فإنهم كانوا يقولون: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [الأنفال: 32] {ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين} [يونس: 48] ونحو ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أنه قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له، وأخرجا عن مجاهد أنه قال: هو قول الإنسان لولده وماله إذا غضب اللهم لا تبارك فيه اللهم العنه، وفييه حمل الناس على العموم والمختار الأول، ويؤيده ما قيل: من أن الآية نزلت في النضر بن الحرث حين قال: اللهم إن كان هذا هو الحق الخ، وقوله سبحانه: {استعجالهم بالخير} نصب على المصدرية، والأصل على ما قال أبو البقاء تعجيلًا مثل استعجالهم فحذف تعجيلًا وصفته المضافة وأقيم المضاف إليه مقامها.
وفي الكشاف وضع {استعجالهم بالخير} موضع تعجيله لهم إشعارًا بسرعة إجابته سبحانه لهم وإسعافه بطلبتهم حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل له وهو كلام رصين يدل على دقة نظر صاحبه كما قال ابن المنير، إذ لا يكاد يوضع مصدر مؤكد مقارنًا لغيير فعله في الكتاب العزيز بدون مثل هذه الفائدة الجليلة، والنحاة يقولون في ذلك: أجري المصدر على فعل مقدر دل عليه المذكور ولا يزيدون عليه، وإذا راجع اللفطن قريحته وناجى فكرته علم أنه إنما قرن بغير فعله لفائدة وهي في قوله تعالى: {والله أَنبَتَكُمْ مّنَ الأرض نَبَاتًا} [نوح: 17] التنبيه على نفوذ القدرة في المقدور وسرعة إمضاء حكمها حتى كأن إنبات الله تعالى لهم نفس نباتهم أي إذا وجد الإنبات وجد النبات حتمًا حتى كأن أحدهما عين الآخر فقرن به.
وقال الطيبي: كان أصل الكلام ولو يجعل الله للناس الشر تعجيله ثم وضع موضعه الاستعجال ثم نسب إليهم فقيل استعجالهم بالخير لأن المراد أن رحمته سبقت غضبه فأريد مزيد المبالغة وذلك أن استعجالهم الخير أسرع من تعجيل الله تعالى لهم ذلك فإن الإنسان خلق عجولًا والله تعالى صبور حليم يؤخر للمصالح الجمة التي لا يهتدي إليها عقل الإنسان ومع ذلك يسعفهم بطلبتهم ويسرع إجابتهم.
وأوجب أبو حيان كون التقدير تعجيلًا مثل استعجالهم أو أن ثم محذوفًا يدل علييه المصدر أي لو يعجل الله للناس الشر إذا استعجلوه استعجالهم بالخير قال: لأن مدلول عجل غير مدلول استعجل لأن عجل يدل على الوقوع واستعجل يدل على طلب التعجيل وذلك واقع من الله تعالى وهذا مضاف إليهم فلا يجوز ما قرره الزمخشري وأتباعه: وأجاب السفاقسي بأن استفعل هنا للدلالة على وقوع الفعل لا على طلبه كاستقر بمعنى أقر، وقوله: وهذا مضاف إليهم مبني على أن المصدر مضاف للفاعل ويحتمل أن يكون مضافًا للمفعول ولا يخفى أن كل ذلك ناش من قلة التدبر، ومعنى قوله سبحانه: {لَقُضِىَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} لأميتوا وأهلكوا بالمرة يقال: قضى إليه أجله أي أنهى إليه مدته التي قدر فيها موته فهلك، وفي إيثار صيغة المبنى للمفعول جرى على سنن الكبرياء مع الإيذان بتعين الفاعل.
وقرأ ابن عامر ويعقوب {لَقُضِىَ} على البناء للفاعل، وقرأ عبد الله: {لقضينا} وفيه التفات، واختيار صيغة الاستقبال في الشرط وإن كان المعنى على المضي لإفادة أن عدم قضاء الأجل لاستمرار عدم التعجيل فإن المضارع المنفي الواقع موقع الماضي لي بنص في إفادة انتفاء استمرار الفعل بل قد يفيد استمرار انتفائه أيضًا بحسب المقام كما حقق في موضعه.
وذكر بعض المحققين أن المقدم هاهنا ليس نفس التعجيل المذكور بل هو إرادته المستتبعة للقضاء المذكور وجودًا وعدمًا لأن القضاء ليس أمرًا مغايرًا لتعجيل الشر في نفسه بل هو إما نفسه أو جزئي منه كسائر جزئياته من غير مزية له على البقية إذ لم يعتبر في مفهومه ما ليس في مفهوم تعجيل الشر من الشدة والهول فلا يكون في ترتبه عليه وجودًا أو عدمًا مزيد فائدة مصححة لجعله تاليًا له فليس كقوله تعالى: {الله لَوْ يُطِيعُكُمْ في كَثِيرٍ مّنَ الأمر لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: 7] ولا كقوله سبحانه: {وَلَوْ ترى إِذْ وُقِفُواْ على رَبّهِمْ} [الأنعام: 30] وقوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ} [فاطر: 45] إذا فسر الجواب بالاستئصال، وأيضًا في ترتيب التالي على إرادة المقدم ما ليس في ترتيبه على المقدم نفسه من الدلالة على المبالغة وتهويل الأمر والدلالة على أن الأمور منوطة بإرادته تعالى المبنية على الحكم البالغة.
وقوله سبحانه: {فَنَذَرُ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} أي نتركهم إمهالًا واستدراجًا {فِي طغيانهم} الذي هو عدم رجاء اللقاء وإنكار البعث والجزاء وما يتفرع على ذلك من الأعمال السيئة والمقالات الشنيعة {يَعْمَهُونَ} أي يترددون ويتحيرون، لا يصح عطفه على شرط {لَوْ} ولا على جوابها لانتفائه وهو مقصود إثباته وليست {لَوْ} بمعنى أن كما قيل فهو إما معطوف على مجموع الشرطية لأنها في معنى لا يعجل لهم وفي قوته فكأنه قيل: لا يعجل بل يذرهم أو معطوف على مقدر تدل عليه الشرطية أي ولكن يمهلهم أو ولكن لا يعجل ولا يقضي فيذرهم وبكل قال بعض، وقيل: الجملة مستأنفة والتقدير فنحن نذرهم، وقيل: إن الفاء واقعة في جواب شرط مقدر والمعنى لو يعجل الله تعالى ما استعجلوه لأبادهم ولكن يمهلهم ليزيدوا في طغيانهم ثم يستأصلهم وإذا كان كذلك فنحن نذر هؤلاء الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يترددون ثم نقطع دابرهم.
وصاحب الكشف بعد ما قرر أن اتصال {وَلَوْ يُعَجّلُ} الخ بقوله تعالى: {إَنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا} [يونس: 7] الخ وأن ذكر المؤمنين إنما وقع في البين تتميمًا ومقابلة وليس بأجنبي قال: إنه لا حاجة إلى جعل هذا جواب شرط مقدر، وفي وضع الموصول موضع الضمير نوع بيان للطغيان بما في حيز الصلة وإشعار بعليته للترك والاستدراج. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}
مجيء حرف العطف في صدر هذه الآية يقتضي في علم البلاغة خصوصية لعطفها على ما قبلها ومزيد اتصالها بما قبلها فتعين إيضاح مناسبة موقعها.
والظاهر أن المشركين كانوا من غرورهم يحسبون تصرفات الله كتصرفات الناس من الاندفاع إلى الانتقام عند الغضب اندفاعًا سريعًا، ويحسبون الرسل مبعوثين لإظهار الخوارق ونكاية المعارضين لهم، ويسوون بينهم وبين المشعوذين والمتحدّين بالبطولة والعجائب، فكانوا لما كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وركبوا رؤوسهم ولم تصبهم بأثر ذلك مصائب من عذاب شامل أو موتان عام ازدادوا غرورًا بباطلهم وإحالة لكون الرسول صلى الله عليه وسلم مرسلًا من قبل الله تعالى.
وقد دلت آيات كثيرة من القرآن على هذا كقوله: {وإذْ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم} [الأنفال: 32] وقوله: {يستعجلونك بالعذاب} [الحج: 47] وقوله: {فإن للذين ظلموا ذَنوبًا مثلَ ذَنوب أصحابهم فلا يستعجلون} [الذاريات: 59] وقد بينا ذلك في سورة الأنعام وفي سورة الأنفال.
وكان المؤمنون ربما تمنوا نزول العذاب بالمشركين واستبطأوا مجيء النصر للنبيء عليه الصلاة والسلام وأصحابه كما جاء في الحديث: أنَّ المسلمين قالوا: ألا تستنصر.
وربما عجب بعضهم من أن يرزق الله المشركين وهم يكفُرون به.
فلما جاءت آيات هذه السورة بقوارع التهديد للمشركين أعقبت بما يزيل شبهاتهم ويطمئن نفوس المؤمنين بما يجمَعه قوله: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليْهم أجلهم}.
وهو إجمال ينبئ بأن الله جعل نظام هذا العالم على الرفق بالمخلوقات واستبقاء الأنواع إلى آجال أرادها، وجعل لهذا البقاء وسائل الإمداد بالنعم التي بها دوام الحياة، فالخيرات المُفاضة على المخلوقات في هذا العالم كثيرة، والشرور العارضة نادرة ومعظمها مسبب عن أسباب مجعولة في نظام الكون وتصرفات أهله، ومنها ما يأتي على خلاف العادة عند محل آجاله التي قدرها الله تعالى بقوله: {لكل أمة أجل} [يونس: 49] وقوله: {لكل أجل كتاب} [الرعد: 38].
فهذه الجملة معطوفة على جملة {إن الذين لا يرجون لقاءنا} [يونس: 7] الآية، فحيث ذكر عذابهم الذي هم آيلون إليه ناسب أن يبين لهم سبب تأخير العذاب عنهم في الدنيا لتكشف شبهة غرورهم وليعلم الذين آمنوا حكمةً من حكم تصرف الله في هذا الكون.
والقرينة على اتصال هذه الجملة بجملة {إن الذين لا يرجون لقاءنا} [يونس: 7] قولُه في آخر هذه {فنذَر الذين لا يرجون لقاءنا في طغيانهم يعمهون}.
فبينت هذه الآية أن الرفق جعله الله مستمرًا على عباده غير منقطع عنهم لأنه أقام عليه نظام العالم إذْ أراد ثَبات بنائِه، وأنه لم يقدّر توازيَ الشر في هذا العالم بالخير لطفًا منه ورفقًا، فالله لطيف بعباده، وفي ذلك منة عظيمة عليهم، وأن الذين يستحقون الشر لو عُجل لهم ما استحقوه لبطل النظام الذي وضع عليه العالم.