فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)}
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله: {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير} قال: هو قول إنسان لولده وماله إذا غضب عليه: اللهمَّ لا تبارك فيه والعنه {لقضي إليهم أجلهم} قال: لأهلك من دعا عليه ولأماته.
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير {ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير} قال: قول الرجل للرجل: اللهمَّ اخزه اللهمَّ العنه، قال: وهو يحب أن يستجاب له كما يحب اللهمَّ اغفر له اللهمَّ ارحمه.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: هو دعاء الرجل على نفسه وماله بما يكره أن يستجاب له. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}
قوله تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ}: هذا الامتناعُ نفي في المعنى تقديره: لا يُعَجِّلُ لهم الشرَّ.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيفَ اتَّصل به قولُه: {فَنَذَرُ الذين لا يَرْجُون لقاءَنا} وما معناه؟ قلت: قولُه: {ولو يُعَجِّل} متضمِّنٌ معنى نفي التعجيل كأنه قيل: ولا نُعَجِّل لهم بالشرِّ ولا نَقْضي إليهم أجلَهم.
قوله: {استعجالهم} فيه أوجه:
أحدها: أنه منصوبٌ على المصدرِ التشبيهيِّ تقديرُه: استعجالًا مثلَ استعجالِهم، ثم حَذَفَ الموصوفَ وهو استعجال وأقامَ صفتَه مُقامه وهي مثل فبقي: ولو يعجل اللَّهُ مثل استعجالِهم، ثم حَذَفَ المضافَ وأقام المُضاف إليه مُقامه.
قال مكي: وهذا مذهبُ سيبويه.
قلت: وقد تقدَّم غيرَ مرةٍ أن مذهبَ سيبويه في مثل هذا أنه منصوبٌ على الحالِ من ذلك المصدرِ المقدَّرِ، وإن كان مشهورُ أقوالِ المُعْرِبين غيرَه، ففي نسبةِ ما ذكرته أولًا لسيبويه نظرٌ.
الثاني: أن تقديرَه: تعجيلًا مثلَ استعجالهم، ثم فُعِل به ما تقدَّم قبلَه. وهذا تقديرُ أبي البقاء، فقدَّر المحذوف مطابقًا للفعل الذي قبلَه، فإنَّ تعجيلًا مصدر لعَجَّل وما ذكره مكي موافقٌ للمصدر الذي بعده، والذي يظهر ما قدَّره أو البقاء لأن موافقةَ الفعلِ أولى، ويكون قد شبَّه تعجيلَه تعالى باستعجالهم، بخلاف ما قدَّره مكي فإنه لا يظهر، إذ ليس استعجال مصدرًا لعجَّل.
وقال الزمخشري: أصلُه: ولو يُعَجِّل الله للناسِ الشرَّ تعجيلَه لهم الخير، فوضع {استعجالهم بالخير} موضعَ تعجيله لهم الخيرَ إشعارًا بسرعة إجابته لهم وإسعافِه بطلبهم، كأنَّ استعجالَهم بالخير تعجيلٌ لهم.
قال الشيخ: ومدلولُ عَجَّل غيرُ مدلولِ استعجل لأنَّ عَجَّل يدلُّ على الوقوع، واستعجل يدلُّ على طلب التعجيل، وذلك واقعٌ من الله، وهذا مضافٌ إليهم، فلا يكون التقدير على ما قاله الزمخشري، فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون التقدير: تعجيلًا مثل استعجالهم بالخير، فشبَّه التعجيلَ بالاستعجال؛ لأن طلبَهم للخير ووقوعَ تعجيله مقدَّمٌ عندهم على كل شيء.
والثاني: أن يكون ثَمَّ محذوفٌ يدلُّ عليه المصدرُ تقديرُه: ولو يعجِّل اللَّهُ للناسِ الشرَّ إذا استعجلوا به استعجالَهم بالخير، لأنهم كانوا يستعجلون بالشرِّ ووقوعِه على سبيل التهكم كما كانوا يستعجلون بالخير.
الثالث: أنه منصوبٌ على إسقاط كافِ التشبيهِ، والتقدير: كاستعجالهم.
قال أبو البقاء. وهو بعيدٌ، إذ لو جاز ذلك لجاز زيد غلامَ عمرو أي: كغلام عمرو وبهذا ضَعَّفه جماعةٌ وليس بتضعيفٍ صحيحٍ، إذ ليس في المثال الذي ذكر فعلٌ يتعدى بنفسه عند حذف الجار، وفي الآيةِ فعلٌ يَصِحُّ فيه ذلك وهو قوله: {يُعَجِّل}.
وقال مكي: وَيَلْزَمُ مَنْ يُجَوِّز حَذْفَ حرفِ الجر منه أن يجيز زيدُ الأسدُ أي: كالأسدِ.
قلت: قوله ويلزم إلى آخره لا ردَّ فيه على هذا القائل إذ يلتزمه، وهو التزام صحيح سائغ، إذ لا ينكر أحد زيد الأسدُ على معنى كالأسد، وعلى تقدير التسليمِ فالفرقُ ما ذكره أبو البقاء أي: إن الفعل يطلب مصدرًا مشبَّهًا فصار مدلولًا عليه. وقال بعضهم: تقديره: في استعجالهم، نقله مكي، فلمَّا حُذِفت في انتصبَ، وهذا لا معنى له.
قوله: {لَقُضِي} قرأ ابن عامر {لقضى} بفتح الفاء والعين مبنيًا للفاعل وهو الله تعالى، {أجلهم} نصبًا. والباقون {لقُضِيَ} بالضم والكسر مبنيًا للمفعول، {أَجَلُهم} رفعًا لقيامِه مقامَ الفاعل.
وقرأ الأعمش {لقَضَيْنا} مسندًا لضمير المعظِّم نفسَه، وهي مؤيدةٌ لقراءةِ ابن عامر.
قوله: {فَنَذَرُ} فيه ثلاثةُ أوجه:
أحدها: أنه معطوفٌ على قوله: {وَلَوْ يُعَجِّلُ الله} على معنى أنه في قوة النفي، وقد تقدَّم تحقيقُ ذلك في سؤال الزمخشري وجوابِه فيه. إلا أن أبا البقاء ردَّ عطفه على {يُعَجِّل} فقال: ولا يجوزُ أن يكونَ معطوفًا على {يُعَجِّل} إذ لو كان كذلك لدَخَلَ في الامتناع الذي تقتضيه {لو} وليس كذلك، لأنَّ التعجيلَ لم يقع، وتَرْكَهم في طغيانهم وقع. قلت: إنما يَتمُّ هذا الردُّ لو كان معطوفًا على {يُعَجِّل} فقط باقيًا على معناه، وقد تقدَّم أن الكلامَ صار في قوةِ لا نعجِّل لهم الشرَّ فَنَذَرُهم فيكون {فَنَذَرُهم} معطوفًا على جملة النفي لا على الفعلِ الممتنع وحدَه حتى يلزمَ ما قال.
والثاني: أنه معطوفٌ على جملةٍ مقدرة: ولكن نُمْهِلُهم فَنَذَرُ قاله أبو البقاء.
والثالث: أن تكون جملةً مستأنفةً، أي: فنحن نَذَرُ الذين.
قاله الحوفي. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11)} أي لو أَجبناهم إذا دعوا على أنفسهم عند غيظهم وضَجَرِهم لعَجلَّنا إهلاَكهم، ولكن تَحَمَّلْنَا ألا نُجِيبَهم، وبرحمتنا عليهم لا نسمع منهم دعاءَهم، وربما يشكو العبدُ بأنّ الربَّ لا يجيب دُعاءه، ولو عَلِمَ أنه تَرَكَ إجابَتَهُ لُطْفًا منه وأَنَّ في ذلك بلاءً لو أجابه، كما قيل:
أُنَاسً أعرضوا عنَّا ** بلا جُرْمٍ ولا معنى

أساءوا ظنَّهم فينا ** فهلاَّ أحسنوا الظنَّا

اهـ.

.تفسير الآية رقم (12):

قوله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما بين تعالى أن دأبهم استعجالهم بالخير، وكان منه استكشاف الضر، بينَ أن حالهم عنده الاعتراف، وشكرهم على النجاة منه الإنكار فدأبهم الطغيان والعمه، وذلك في غاية المنافاة لما يدعونه من رجاحة العقول وإصالة الآراء وسلامة الطباع، فالحاصل أن الانسان عند البلاء غير صابر، وعند الرجاء غير شاكر، فكأنه قيل: فإذا مس الإنسان منهم الخير كان في غفلة بالفرح والأشر والمرح {وإذا مسَّ الإنسان} منهم {الضر} وإن كان من جهة يتوقعها لطغيان هو فيه ولا ينزع عنه خوفًا مما يتوقعه من حلول الضر لشدة طغيانه وجهله {دعانا} مخلصًا معترفًا بحقنا عالمًا بما لنا من كمال العظمة عاملًا بذلك معرضًا عما ادعاه شريكًا لنا كائنًا {لجنبه} أي مضطجعًا حال إرادته للراحة، وكأنه عبر باللام إشارة إلى أن ذلك أسر أحواله إليه {أو قاعدًا} أي متوسطًا في أحواله {أو قائمًا} أي في غاية السعي في مهماته، لا يشغله عن ذلك شيء في حال من الأحوال، بل يكون ظرف المس بالضر ظرف الدعاء بالكشف، ويجوز أن يكون عبر بالأحوال الثلاثة عن مراتب الضر، وقال: لجنبه، إشارة إلى استحكام الضر وغلبته بحيث لا يستطيع جلوسًا كما يقال: فلان لما به، وأشار بالفاء إلى قرب زمن الكشف فقال: {فلما كشفنا} أي بما لنا من العظمة {عنه ضره} أي الذي دعانا لأجله {مرّ} أي في كل ما يريده لاهيًا عنا بكل اعتبار {كأن} أي كأنه {لم يدعنا} أي على ما كان يعترف به وقت الدعاء من عظمتنا؛ ولما كان المدعو يأتي إلى الداعي فيعمل ما دعاه لأجله قال: {إلى} أي كشف {ضر مسه} أي كأن لم يكن له بنا معرفة أصلًا فضلًا عن أن يعترف بأنا نحن كشفنا عنه ضره، فهذه الآية في بيان ضعف الإنسان وسوء عبوديته، والتي قبلها في بيان قدرة الله وحسن ربوبيته؛ والمسُ: لقاء من غير فصل؛ والدعاء: طلب الفعل من القادر عليه؛ والضر: إيجاب الألم بفعله أو السبب المؤدي إليه.
ولما كان هذا من فعل الإنسان من أعجب العجب.
كان كأنه قيل: لم يفعل ذلك؟ فقيل: لما يزين له من الأمور التي يقع بها الاستدراج لإسرافه.
وهذا دأبنا أبدًا {كذلك} أي مثل هذا التزيين العظيم الرتبة؛ ولما كان الضار مطلق التزيين، بنى للمفعول قوله: {زين للمسرفين} أي كلهم العريقين في هذا الوصف {ما كانوا} أي بجبلاتهم {يعملون} أي يقبلون عليه على سبيل التجديد والاستمرار من المعصية بالكفر وغيره مع ظهور فساده ووضوح ضرره؛ والإسراف: الإكثار من الخروج عن العدل. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا}
وفيه مسائل:

.المسألة الأولى: في كيفية النظم:

وجهان: الأول: أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أنه لو أنزل العذاب على العبد في الدنيا لهلك ولقضى عليه، فبين في هذه الآية ما يدل على غاية ضعفه ونهاية عجزه، ليكون ذلك مؤكدًا لما ذكره من أنه لو أنزل عليه العذاب لمات.
الثاني: أنه تعالى حكى عنهم أنهم يستعجلون في نزول العذاب، ثم بين في هذه الآية أنهم كاذبون في ذلك الطلب والاستعجال، لأنه لو نزل بالإنسان أدنى شيء يكرهه ويؤذيه، فإنه يتضرع إلى الله تعالى في إزالته عنه وفي دفعه عنه وذلك يدل على أنه ليس صادقًا في هذا الطلب.

.المسألة الثانية: المقصود من هذه الآية:

بيان أن الإنسان قليل الصبر عند نزول البلاء، قليل الشكر عند وجدان النعماء والآلاء، فإذا مسه الضر أقبل على التضرع والدعاء مضطجعًا أو قائمًا أو قاعدًا مجتهدًا في ذلك الدعاء طالبًا من الله تعالى إزالة تلك المحنة، وتبديلها بالنعمة والمنحة، فإذا كشف تعالى عنه ذلك بالعافية أعرض عن الشكر، ولم يتذكر ذلك الضر ولم يعرف قدر الإنعام، وصار بمنزلة من لم يدع الله تعالى لكشف ضره، وذلك يدل على ضعف طبيعة الإنسان وشدة استيلاء الغفلة والشهوة عليه، وإنما ذكر الله تعالى ذلك تنبيهًا على أن هذه الطريقة مذمومة، بل الواجب على الإنسان العاقل أن يكون صابرًا عند نزول البلاء شاكرًا عند الفوز بالنعماء، ومن شأنه أن يكون كثير الدعاء والتضرع في أوقات الراحة والرفاهية.
حتى يكون مجاب الدعوة في وقت المحنة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر الدعاء عند الرخاء».
واعلم أن المؤمن إذا ابتلي ببلية ومحنة، وجب عليه رعاية أمور: فأولها: أن يكون راضيًا بقضاء الله تعالى غير معترض بالقلب واللسان عليه.
وإنما وجب عليه ذلك لأنه تعالى مالك على الإطلاق وملك بالاستحقاق.
فله أن يفعل في ملكه وملكه ما شاء كما يشاء، ولأنه تعالى حكيم على الإطلاق وهو منزه عن فعل الباطل والعبث، فكل ما فعله فهو حكمة وصواب، وإذا كان كذلك فحينئذ يعلم أنه تعالى إن أبقى عليه تلك المحنة فهو عدل، وإن أزالها عنه فهو فضل، وحينئذ يجب عليه الصبر والسكوت وترك القلق والاضطراب.
وثانيها: أنه في ذلك الوقت إن اشتغل بذكر الله تعالى والثناء عليه بدلًا عن الدعاء كان أفضل، لقوله عليه السلام حكاية عن رب العزة «من شغله ذكرى عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» ولأن الاشتغال بالذكر اشتغال بالحق، والاشتغال بالدعاء اشتغال بطلب حظ النفس، ولا شك أن الأول أفضل، ثم إن اشتغل بالدعاء وجب أن يشترط فيه أن يكون إزالته صلاحًا في الدين، وبالجملة فإنه يجب أن يكون الدين راجحًا عنده على الدنيا.
وثالثها: أنه سبحانه إذا أزال عنه تلك البلية فإنه يجب عليه أن يبالغ في الشكر وأن لا يخلو عن ذلك الشكر في السراء والضراء، وأحوال الشدة والرخاء، فهذا هو الطريق الصحيح عند نزول البلاء.
وههنا مقام آخر أعلى وأفضل مما ذكرناه، وهو أن أهل التحقيق قالوا: إن من كان في وقت وجدان النعمة مشغولًا بالنعمة لا بالمنعم كان عند البلية مشغولًا بالبلاء لا بالمبلي، ومثل هذا الشخص يكون أبدًا في البلاء، أما في وقت البلاء فلا شك أنه يكون في البلاء، وأما في وقت حصول النعماء فإن خوفه من زوالها يكون أشد أنواع البلاء، فإن النعمة كلما كانت أكمل وألذ وأقوى وأفضل، كان خوف زوالها أشد إيذاء وأقوى إيحاشًا، فثبت أن من كان مشغولًا بالنعمة كان أبدًا في لجة البلية.
أما من كان في وقت النعمة مشغولًا بالمنعم، لزم أن يكون في وقت البلاء مشغولًا بالمبلي.
وإذا كان المنعم والمبلي واحدًا، كان نظره أبدًا على مطلوب واحد، وكان مطلوبه منزهًا عن التغير مقدسًا عن التبدل ومن كان كذلك كان في وقت البلاء وفي وقت النعماء، غرقًا في بحر السعادات، واصلًا إلى أقصى الكمالات، وهذا النوع من البيان بحر لا ساحل له، ومن أراد أن يصل إليه فليكن من الواصلين إلى العين دون السامعين للأثر.