فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال في الكشاف: أصل الكلام ولو يعجل الله للناس الشر تعجيله لهم الخير. فوضع استعجالهم بالخير موضع تعجيله لهم الخير إشعارًا بسرعة إجابته لهم حتى كأن استعجالهم بالخير تعجيل منه لهم. وقيل: التعجيل معناه طلب العجلة إلا أن الاستعجال أشهر وأظهر. فمعنى الآية لو أراد الله عجلة الشر للناس كما أرادوا عجلة الخير لهم. وقيل: هما متلازمان فكل معجل يلزمه الاستعجال إلا أنه تعالى وصف نفسه بتكوين العجلة ووصفهم بطلبها لأن اللائق به التكوين واللائق بهم الطلب. وسمي العذاب في الآية شرًا لأنه أذى وألم في حق المعاقب به. ثم إن قوله: {لو يعجل} كان متضمنًا لمعنى نفي التعجيل فيمكن أن يكون قوله: {فنذرهم} معطوفًا على منوي كأنه قيل: ولكن لا يعجل فيذرهم إلزامًا للحجة أو لمصالح أخرى. ثم بين أنهم كاذبون في استعجال الشر ولو أصابهم ما طلبوه أظهروا العجل والطيش فقال: {وإذا مس الإنسان الضر} أي هذا الجنس {دعانا لجنبه} اللام في معنى الوقت كقولك: جئته لشهر كذا. وإن شئت قلت في موضع الحال لأن الظرف والحال متآخيان فيصح عطف أحدهما على الآخر وتأويل أحدهما بالآخر أي دعانا مضطجعًا {أو قاعدًا أو قائمًا} أو وقت اضطجاعه وقعوده وقيامه. والمراد أنه يدعو الله في جميع أحواله لا يفتر عن الدعاء. ثم إن خص الضر بالمرض احتمل أن يراد أنه يدعو الله حين كان مضطجعًا غير قادر على القعود أو قاعدًا غير قادر على القيام، أو قائمًا لا يطيق المشي إلى أن يخف كل الخفة ويرزق الصحة بكمالها. أو يراد أن من المضرورين من هو أسوأ حالًا وهو صاحب الفراش، ومنهم من هو أخف وهو القادر على القعود، ومنهم المستطيع للقيام وكلهم لا يصبرون على الضراء.
قال بعض المفسرين: الإنسان هاهنا هو الكافر. ومنهم من بالغ فقال: كل موضع في القرآن ورد فيه ذكر الإنسان فالمراد به الكافر. وهذا شبه تحكم لورود مثل قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان} [الدهر: 1] إلا أن يساعده نقل صحيح. والأصح عند العلماء العموم لأن الإنسان خلق ضعيفًا لا يصبر على اللأواء ولا يشكر عند النعماء إلا من عصمه الله وقليل ما هم، وهم الذين نظرهم في جميع الأحوال على المقدر المؤجل للأمور حسب إرادته ومشيئته فلا جرم إن أصابهم السراء شكروا وإن أصابهم الضراء صبروا فأفنوا إرادتهم في إرادته ورضوا بقضائه.
قال الزجاج: في الآية تقديم وتأخير والتقدير: وإذا مس الإنسان الضر لجنبه أو قاعدًا أو قائمًا: وضعف بأن تعديد أحوال الدعاء أبلغ من تعديد أحوال الضر لأنه إذا كان داعيًا على الدوام ثم نسي ذلك في وقت الرخاء كان أعجب. ومعنى {مرّ} مضى على طريقته التي له قبل مس الضراء ومرّ عن موقف الدعاء والتضرع لا يرجع إليه.
ومعنى {كأن لم يدعنا} كأنه لم يدعنا فخفف وحذف ضمير الشأن {كذلك} مثل ذلك التزيين {زين للمسرفين ما كانوا يعملون} من تتبع الشهوات. والمزين هو الله تعالى أو النفس أو الشيطان مفرع عن مسألة الجبر والقدر وقد مر مرارًا.
قال العلماء: سمي الكافر مسرفًا لأنه أنفق ماله من الاستعداد الشريف من القوى البدنية والأموال النفيسة في الأمور الخسيسة الزائلة من الأصنام التي هي أحقر من لا شيء، ومن الشهوات الفانية التي لا أصل لها ولا دوام. والمسرف في اللغة هو الذي ينفق المال الكثير لأجل الغرض الخسيس فصح ما قلنا.
ثم ذكر ما يجري مجرى الردع والزجر لهم عن إلقاء الشبه والأغاليط فقال: {ولقد أهلكنا القرون} وقد مضى تفسير القرن في أول الأنعام {ولما} ظرف لأهلكنا والواو في {وجاءتهم} للحال أي ظلموا بالتكذيب وقد جاءتهم {رسلهم} بالدلائل، والحجج على صدقهم وهي المعجزات. وقوله: {وما كانوا ليؤمنوا} إما أن يكون عطفًا على {ظلموا} أو يكون اعتراضًا واللام لتأكيد النفي، وإن الله قد علم منهم أنهم يصرون على الكفر والسبب في إهلاكهم تكذيب الرسل وعلم الله بإصرارهم {كذلك} أي مثل ذلك الجزاء وهو الاستئصال الكلي نجزي كل مجرم، وفيه وعيد لأهل مكة على تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم خاطب الذين بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: {ثم جعلناكم خلائف} أي استخلفناكم {في الأرض} بعد تلك القرون {لننظر كيف تعملون} خيرًا أو شرًا. استعير النظر للعمل الحقيقي الذي لا يتطرق إليه شك، ويعني به العلم الذي يتعلق به الجزاء كما مر في الأعراف.
قال قتادة: صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا فأروا الله من أعمالكم خيرًا بالليل والنهار. ثم حكى نوعًا ثالثًا من شبهاتهم فقال: {وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا} أي لا يؤمنون بالمعاد لأن كل من كان مؤمنًا بالنشور فإنه يرجو ثواب الله ويخاف عقابه، وانتفاء اللازم دليل انتفاء الملزوم. طلبوا من الرسول أحد أمرين: إما الإتيان بقرآن غير هذا القرآن مع بقاء هذا القرآن على حاله، إما تبديل هذا القرآن بنسخ بعض الآيات ووضع أخرى في مكانها. فأمره الله تعالى أن يقول في جوابهم {ما يكون لي} أي ما ينبغي وما يحل {أن أبدله من تلقاء نفسي} من قبل نفسي فنفى عن نفسه أحد القسمين الذي هو أسهل وأقل ليلزم منه نفي الأصعب الأكثر بالطريق الأولى. ثم أكد الجواب بقوله: {إن أتبع} أي ما أتبع {إلا ما يوحى إلي} إن نسخت آية تبعت النسخ وإن بدلت آية مكان آية تبعت التبديل.
وقد تمسك بهذا نفاة القياس ونفاة جواز الاجتهاد وأجيب بأن رجوعهما أيضًا إلى الوحي. ونقل عن ابن عباس أن قوله: {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} منسوخ بقوله: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [الفتح: 2] وضعف بأن النسخ إنما يكون في الأحكام والتعبدات لا في ترتيب العقاب على المعصية.
قال المفسرون: هذا الالتماس منهم يحتمل أن يكون على سبيل السخرية. فقد روى مقاتل والكلبي أنهم خمسة نفر من مشركي مكة وهم المستهزؤون في قوله: {إنا كفيناك المستهزئين} [الحجر: 95]. ويحتمل أن يكون على سبيل التجربة والامتحان حتى إنه إن فعل ذلك علموا أنه كاذب، أو أرادوا أن هذا القرآن مشتمل على ذم آلهتهم فطلبوا قرآنًا آخر لا يكون كذلك. ثم أكد كون هذا القرآن من عند الله سبحانه وأنه غير مستبد في إيراده فقال: {لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم} ولا أعلمكم الله: {به} على لساني. ومن قرأ بلام الابتداء. فمعناه ما تلوته أنا عليكم ولأخبركم الله به على لسان غيري، ولكنه يمنّ على من يشاء من عباده فرآني أهلًا لذلك دون غيري. وقرئ {لا أدرأكم به} بالهمزة. ووجهه أن تكون الهمزة مقلوبة من الألف، أو يكون من الدرء الدفع. ومعنى ادرأته جعلته دارئًا أي لم أجعلكم بتلاوته خصمًا تدرؤنني بالجدال وتكذبونني {فقد لبثت فيكم عمرًا} أي بعضًا معتبرًا من العمر وهو أربعون سنة {من قبله} أي من قبل نزول القرآن {أفلا تعقلون} فيه قدح في صحة عقولهم لأن ظهور مثل هذا الكتاب العظيم المشتمل على علوم الأوّلين والآخرين المعجز للثقلين عن معارضته على من عرفوا حاله من عدم التعلم والمدارسة ومخالطة العلماء إذا شك فيه أنه من قبيل الوحي والمدد السماوي، كان ذلك إنكارًا للضروريات وافتراء على الله فلهذا قال: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبًا} الآية. وفيه أن هذا القرآن لو لم يكن من عند الله ثم نسبه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الله لم يكن أحد أظلم منه. ثم قبح الله أصنامهم معارضة لهم بنقيض مقصودهم من الالتماس فقال: {ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم} إن لم يعبدوه {ولا ينفعهم} إن عبدوه ومن حق المعبود أن يكون مثيبًا معاقبًا. وفيه إشعار بأنها جماد، والمعبود لابد أن يكون أكمل من العابد، وإذا كانت المنافع والمضار كلها من الله فلا تليق العبادة إلا له {ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله} قد ذكرنا وجه ذلك في أوائل سورة البقرة في قوله: {فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون} [الآية: 22] ثم أنكر عليهم معتقدهم بقوله: {قل أتنبئون الله بما لا يعلم} والمراد أنه لا وجود لكونهم شفعاء إذ لو كان موجودًا لكان معلومًا للعالم بالذات المحيط بجميع المعلومات وهذا مجاز مشهور.
تقول: ما علم الله ذلك مني. والمقصود أنه ما وجد منك ذلك قط. وفي قوله: {في السموات ولا في الأرض} تأكيد آخر لنفيه لأن ما لم يوجد فيهما فهو منتفٍ معدوم. قوله: {سبحانه وتعالى عما يشركون} إما أن يكون من تمام ما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم، أو ابتداء كلام من الله تعالى تنزيهًا لنفسه عن إشراكهم أو عن الشركاء الذين يشركونهم به. ثم بيّن أن عبادة الأصنام بدعة وأن الناس- يعني العرب أو البشر كلهم- كانوا على الدين الحق فاختلفوا. وقد مر تفسير مثله في سورة البقرة في قوله: {كان الناس أمة واحدة} [الآية: 213] والمقصود هاهنا تقبيح صورة الشرك وعبادة الأصنام من دون الله في أعينهم، وتنفير طباعهم عن مثل هذا الأمر المستحدث الفظيع {ولولا كلمة سبقت من ربك} من بناء أمر الثواب والعقاب على التكليف لا على الإلجاء والقسر، أو من تأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة، أو من قوله: «سبقت رحمتي غضبي» {لقضى بينهم} عاجلًا ولميز المحق من المبطل. ثم ذكر نوعًا رابعًا من أغاليطهم فقال: {ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه} وقد مر تفسيره في الأنعام في قوله: {لولا نزل عليه آية من ربه} [الأنعام: 37] كأنهم لم يعتدّوا بالقرآن آية فاقترحوا غيره تعنتًا.
{فقال إنما الغيب لله} هو المختص بعلمه {فانتظروا} نزول ما اقترحتموه وهذا أمر فيه تهديد ووعيد والله ورسوله أعلم. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)}
أخبر أنه عليه السلام في سَتْرِ الغَيْبَة وخفاء الأمر عليه في الجملة لتقاصُرِ علمه عما سيحدث، فهو في ذلك بمنزلتهم، إلا في مواطن التخصيص بأنوار التعريف، فكما أنهم في الانتظار لما يحدث في المستأنف فهو أيضًا في انتظار ما يوجِدُ سبحانه من المقادير. والفَرْقُ بينه عليه السلام وبينهم أنه يشهد ما يحصل به سبحانه ومنه، وهم مُتَطَوُحون في أودية الجهالة؛ يُحيلُون الأمرَ مرةً على الدَّهْرِ، ومرةً على النجم، ومرةٌ على الطبع وكلُّ ذلك حَيْرَةٌ وعَمى. اهـ.

.تفسير الآية رقم (21):

قوله تعالى: {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)}

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان طلبهم محركًا لنفوس الخيّرين إلى ترجى إجابة سؤالهم، أتبعه سبحانه بما يبين أن ذلك غير نافع لهم لأنه محض تعنت.
فقال تعالى عاطفًا على قوله: {قال الكافرون إن هذا لسحر مبين} أو {وإذا مسَّ الإنسان الضر} مبينًا أن رحمته محققة الوجود كثيرة الورود إليهم مبينًا أن لهم آية عظمى من أنفسهم لا يحتاجون معها إلى التعنت بطلب آية وهي دالة على نتيجة مقصود السورة الذي هو الوحدانية وأن إشراكهم إنما هو بما لهم من نقص الغرائز الموجب لكفران الإحسان، وذلك أنهم عامة إذا أكرموا بنعمة قابلوها بكفر جعلوا ظرفه على مقدار ظرف تلك النعمة بما أشار إليه التعبير بـ {إذا} ثم إذا مسهم الضر ألجأهم إلى الحق فأخلصوا، لم يختلف حالهم في هذا قط، وهذا الإجماع من الجانبين دليل واضح على كلا الأمرين؛ الكفر ظلمًا بما جر إليه من البطر.
والتوحيد حقًا بما دعا إليه من الفطرة القويمة الكائنة في أحسن تقويم بما زال عنها إلحاق الضرر من الحظوظ والشهوات والفتور، وهذا كما وقع في سورة الروم المافقة لهذه في الدلالة على الوحدانية فلذا عبر في كل منهما بالناس ليكون إجماعهم دليلًا كافيًا عليها وسلطانًا جليلًا مضطرًا إليها- والله الهادي: {وإذا أذقنا} أي على ما لنا من العظمة {الناس} أي الذين لهم وصف الاضطراب {رحمة} أي نعمة رحمناهم بها من غير استحقاق.
ولما كان كان وجود النعمة لا يستغرق الزمان الذي يتعقب النقمة، أدخل الجار فقال: {من بعد ضراء} أي قحط وغيره {مستهم} فاجأوا المكر وهو معنى {إذا لهم مكر} أي عظيم بالمعاصي التي يفعلون في الاستخفاء بأغلبها فعل الماكر {في آياتنا} إشارة إلى أنهم لا ينفكون عن آياته العظام، فلو كانوا منتفعين بالآيات اهتدوا بها، فإذا أتتهم رحمة من بعد نقمة لم يعدوها آية دالة على من أرسلها لهم لخرقها لما كانوا فيه من عادة النقمة مع أنهم يعترفون بأنه لا يقدر على إرسالها وصرف الشدة إلا هو سبحانه، بل يعملون فيها عمل الماكرين بأن يصرفوها عن ذلك بأنواع الصوارف كأن ينسبوها إلى الأسباب كنسبة المطر للأنواء ونحو ذلك غير خائفين من إعادة مثل تلك الضراء أو ما هو أشد منها.
ولما كانت هذه الجملة دالة على إسراعهم بالمكر من ثلاثة أوجه: التعبير بالذوق الذي هو أول المخالطة ولفظ من التي هي للابتداء وإذا الفجائية، كان كأنه قيل: أسرعوا جهدهم في المكر، فقيل: {قل الله} أي الذي له له الإحاطة الكاملة بكل شيء {أسرع مكرًا} ومعنى اوصف بالأسرعية أنه قضى بعقابهم قبل تدبيرهم مكايدهم- نبه عليه أبو حيان ولما كان المكر إخفاء الكيد، بين لهم سبحانه أنهم غير قادرين على مطلق المكر في جهته عز شأنه وتعالى كبرياءه وسلطانه، لأنه عالم بالسر وأخفى، بل لا يمكرون مكرًا إلا ورسله سبحانه مطلعون عليه فكيف به سبحانه! فقال تعالى مؤكدًا لأجل إنكارهم: {إن رسلنا} أي على ما لهم من العظمة بإضافتهم إلينا {يكتبون} أي كتابة متجددة على سبيل الاستمرار باستمرار المكتوب {ما تمكرون} لأنهم قد وكلوا بكم قبل كونكم نطفًا ولم يوكلوا بكم إلا بعد علم موكلهم بكل ما يفعلونه ولا يكتبون مكركم إلا بعد اطلاعهم عليه، وأما هو سبحانه فإذا قضى لا يمكن أن يطلع عليه رسله إلا باطلاعه فكيف بغيرهم! وإذا تبين أنه عالم بأمورهم وهم جاهلون بأموره، علمَ أنه لا يدعهم يدبرون كيدًا إلا وقد سبب له ما يجعله في نحورهم؛ والمكر: فتل الشيء إلى غير وجهه على طريق الحيلة فيه؛ والسرعة؛ الشيء في وقته الذي هو أحق به، وقد تضمنت الآية البيان عما يوجبه حال الجاهل من تضييع حق النعمة والمكر فيها وإن جلت منزلتها وأتت على فاقة إليها وشدة حاجة إلى نزولها مع الوعيد بعائد الوبال على الماكر فيها. اهـ.