فصل: (سورة البقرة: الآيات 47- 48):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة البقرة: الآيات 47- 48]:

{يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)}.
{وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ} نصب عطف على: {نِعْمَتِيَ} أى اذكروا نعمتي وتفضيلي {عَلَى الْعالَمِينَ} على الجم الغفير من الناس، كقوله تعالى: {بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ} يقال: رأيت عالما من الناس يراد الكثرة {يَوْمًا} يريد يوم القيامة {لا تَجْزِي} لا تقضى عنها شيئا من الحقوق. ومنه الحديث في جذعة بن نيار: «تجزى عنك ولا تجزى عن أحد بعدك» وشَيْئًا مفعول به ويجوز أن يكون في موضع مصدر، أى قليلا من الجزاء، كقوله تعالى: {وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا} ومن قرأ: {لا تجزئ} من أجزأ عنه إذا أغنى عنه، فلا يكون في قراءته إلا بمعنى شيئا من الإجزاء. وقرأ أبو السرار الغنوي: {لا تجزى نسمة عن نسمة شيئا}. وهذه الجملة منصوبة المحل صفة ليوما. فإن قلت: فأين العائد منها إلى الموصوف؟ قلت: هو محذوف تقديره: لا تجزى فيه. ونحوه ما أنشده أبو على:
تَرَوَّحِى أَجْدَرُ أَنْ تَقِيلِى

وقال العيني: يجوز أن يكون بارد ظليل على حذف حرف العطف للضرورة، أى بجنب بارد وجنب ظليل.
أى ماء أجدر بأن تقيلى فيه. ومنهم من ينزل فيقول: اتسع فيه، فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار ثم حذف الضمير كما حذف من قوله: أم مال أصابوا. ومعنى التنكير أن نفسا من الأنفس لا تجزى عن نفس منها شيئا من الأشياء، وهو الإقناط الكلى القطاع للمطامع.
وكذلك قوله: {وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ} أى فدية لأنها معادلة للمفدى.
ومنه الحديث: «لا يقبل منه صرف ولا عدل» أى توبة ولا فدية. وقرأ قتادة: ولا يقبل منها شفاعة، على بناء الفعل للفاعل وهو اللَّه عز وجل، ونصب الشفاعة. وقيل: كانت اليهود تزعم أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا. فإن قلت: هل فيه دليل على أنّ الشفاعة لا تقبل للعصاة؟ قلت: نعم، لأنه نفى أن تقضى نفس عن نفس حقًا أخلت به من فعل أو ترك، ثم نفى أن يقبل منها شفاعة شفيع فعلم أنها لا تقبل للعصاة. فإن قلت: الضمير في {وَلا يُقْبَلُ مِنْها} إلى أى النفسين يرجع؟ قلت: إلى الثانية العاصية غير المجزى عنها، وهي التي لا يؤخذ منها عدل. ومعنى لا يقبل منها شفاعة: إن جاءت بشفاعة شفيع لم يقبل منها.
ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى، على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها، كما لا تجزى عنها شيئا، ولو أعطت عدلا عنها لم يؤخذ منها {وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ} يعنى ما دلت عليه النفس المنكرة من النفوس الكثيرة والتذكير بمعنى العباد والأناسى، كما تقول: ثلاثة أنفس. اهـ.

.قال نظام الدين النيسابوري في الآيتين:

{يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)}.
التفسير:
إنما أعاد سبحانه هذا الكلام مرة أخرى توكيدًا للحجة وتحذيرًا من ترك اتباع صلى الله عليه وسلم، كأنه قال: إن لم تطيعوني لأجل سوالف نعمتي عليكم فأطيعوني للخوف من عقابي في المستقبل. والمراد بالعالمين هاهنا الجم الغفير من الناس كقوله: {باركنا فيها للعالمين} [الأنبياء: 71].
ويقال: رأيت عالمًا من الناس. يراد الكثرة بقرينة العلم بأنه لم ير كل الناس، ويمكن أن يكون المراد فضلتكم على عالمي زمانكم، لأن الشخص الذي سيوجد بعد ذلك لا يكون من جملة العالمين. ويحتمل أن يكون لفظ {العالمين} عامًا للموجودين ولمن سيوجد لكنه مطلق في الفضل، والمطلق يكفي في صدقه صورة واحدة. فالآية تدل على أنهم فضلوا على كل العالمين في أمر ما، وهذا لا يقتضي أن يكونوا أفضل من كل العالمين في كل الأمور، فلعل غيرهم يكون أفضل منهم في أكثرها. وقيل: الخطاب لمؤمني بني إسرائيل لأن عصاتهم مسخوا قردة وخنازير، وفي جميع ما يخاطب الله تعالى بني إسرائيل تنبيه للعرب لأن الفضيلة بالنبي قد لحقتهم. وجميع أقاصيص الأنبياء تنبيه وإرشاد {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} [يوسف: 111]. روي عن قتادة قال: ذكر لنا أن عمر بن الخطاب كان يقول: قد مضى والله بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم. واتقاء اليوم هو اتقاء ما يحصل في ذلك اليوم من الشدائد والأهوال، لأن نفس اليوم لا يتقى. وقوله: {لا تجزي} إلى آخر الآية. الجمل منصوبات المحل صفات متعاقبة لليوم، والراجع منها إلى الموصوف محذوف تقديره: لا تجزي فيه. ومنهم من يقول: اتسع فيه فأجرى مجرى المفعول به فحذف الجار وهو في فبقي لا تجزيه، ثم حذف الضمير كما حذف في قوله: أم مال أصابوا قال:
فما أدري أغيرهم تناء ** وطول العهد أم مال أصابوا

أي أصابوه. ولا يخفى أن هذا التكلف لا يتمشى في سائر الجمل، بل يتعين تقدير الجار والمجرور العائد. ومعنى لا تجزي لا تقضي عنها شيئًا من الحقوق، ومنه الحديث في الجذعة التي ضحاها ابن نيار قبل الوقت «تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك» و{شيئًا} مفعول به، ويجوز أن يكون في موضع مصدر أي قليلًا من الجزاء مثل {ولا تظلمون شيئًا}.
ومعنى تنكير النفس أن نفسًا من الأنفس لا تجزي عن نفس منها شيئًا من الأشياء وهو الإقناط الكلي القاطع للمطامع. وكذلك قوله: {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} أي فدية لأنها معمادلة للمفدى.
وفي الحديث: «ولا يقبل منه صرف ولا عدل» أي توبة، لأنها تصرف من الحال الذميمة إلى الحال الحميدة ولا فداء. والضمير في {ولا يقبل منها} يرجع إلى النفس الثانية العاصية غير المجزي عنها وهي التي لا يؤخذ منها عدل. ومعنى لا تقبل منها شفاعة أنها إن جاءت بشفاعة شفيع لم يقبل منها، ويجوز أن يرجع إلى النفس الأولى على أنها لو شفعت لها لم تقبل شفاعتها، كما لا تجزي عنها شيئًا ولو أعطت عدلًا منها لم يؤخذ منها ولا هم ينصرون، الضمير عائد إلى ما دلت عليه النفس المنكرة من النفوس الكثيرة، والتذكير بمعنى العباد أو الأناسي مثل ثلاثة أنفس. وفي وصف اليوم بهذه الصفات تهويل عظيم تنبيه على أن الخطب شديد، لأنه إذا وقع أحد في كريهة وحاولت أعزته دفاع ذلك عنه، بدأت بما في نفوسها الأبية من مقتضى الحمية، فتحمل عنه ما يلزمه وتذب عنه كما يذب الوالد عن ولده بغاية قوّته ونهاية بطشه. فإن رأى من لا طاقة له بممانعته عاد بوجوه الضراعة وصنوف الشفاعة وبذل المال والمنال، فحاول بالملاينة ما قصر عنه بالمخاشنة، فإن لم تغن هذه الأمور تعلل بما أمكنه من نصر الإخوان ومدد الأخدان، فأخبر الله تعالى أن شيئًا من هذه لا يدفع يومئذ عن عذابه. وفي هذا تحذير من المعاصي وترغيب في تلافي ما فات بالتوبة، لأنه إذا تصور أنه ليس بعد الموت استدراك ولا شفاعة ولا نصرة ولا فدية، علم أنه لا ينفعه إلا الطاعة وتلافي البوادر. فالآية وإن كانت في بني إسرائيل إلا أنها تعم كل من يحضر ذلك اليوم. فإن قيل: قدم في هذه الآية قبول الشفاعة على أخذ الدية، وفي موضع آخر من هذه السورة عكست القضية، فما الحكمة في ذلك؟ قلنا: من الناس من ميله إلى حب المال أشدّ من ميله إلى علو النفس فيتمسك أوّلًا بالشفيع ثم يستروح إلى بذل المال، ومنهم من على العكس فيقدم الفدية على الشفاعة، فتغيير الترتيب إشارة إلى الصنفين والله أعلم.
واعلم أن الشفاعة هي أن يستوهب أحد لأحد شيئًا ويطلب له حاجة من الشفع ضد الوتر، كأن صاحب الحاجة كان فردًا فصار بالشفيع شفعًا. ثم إن الأمة أجمعت على أن لمحمد صلى الله عليه وسلم رتبة الشفاعة في الآخرة، وعليه يحمل قوله تعالى: {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودًا} [الإسراء: 79] {ولسوف يعطيك ربك فترضى} [الضحى: 5]. وأجمعوا على أنه لا شفاعة للكفار. بقي الخلاف فيمن عداهم. فأهل السنة أثبتوا الشفاعة لغير الكفار، والمعتزلة على أن صاحب الكبيرة إذا لم يتب بقي خالدًا في النار ولا شفاعة له وسائر الناس لهم الشفاعة. قالوا: إن هذه الآية تدل على نفي الشفاعة مطلقًا، والآيات والأحاديث الدالة على وجود الشفاعة كثيرة، فعرفنا أن الآية ليست على عمومها، لكن الآيات الواردة في وعيد صاحب الكبيرة كثيرة كقوله تعالى: {ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها} [الجن: 23] فخرج غير صاحب الكبيرة وبقيت الآية حجة في الكفار وفي صاحب الكبيرة. وزعم أهل السنة أن اليهود كانوا يدعون أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأويسوا من ذلك. وأجيب بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وسوف يجيء سائر حجج الفريقين في الآيات المناسبة إن شاء الله تعالى. وقالت الفلاسفة في تحقيق الشفاعة: إن واجب الوجود عام الفيض والنقصان من القابل، وجائز أن لا يكون الشيء مستعدًا لقبول الفيض من واجب الوجود إلا أن يكون مستعدًا لقبول ذلك الفيض من شيء قبله عن واجب الوجود، فيكون ذلك الشيء متوسطًا بين الواجب. وذلك الشيء مثاله في المحسوس الشمس، فإنها لا تضيء إلا القابل المقابل، والسقف لما لم يكن مقابلًا لم يكن مستعدًا لقبول النور منها، لكنه لو وضع طست مملوء من الماء الصافي انعكس منه الضوء إلى السقف. فأرواح الأنبياء كالوسائط بين واجب الوجود وبين أرواح عوام الخلق كالماء بين الشمس وبين السقف، وهذا يدل على أنه لا واسطة بين الله تعالى وبين عباده أشرف من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث إنه لا شفاعة إلا له. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} ووقع بعد: {ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} فأخر ذكر الشفاعة في هذه الآية وقدم في الأولى يسأل عن ذلك.
ووجه ذلك والله أعلم أنه لما تقدم في الآية الأولى قوله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} والمأمور بالبر قد يأخذ به ويتمسك بموجبه فيسلم من العصيان وتكون في ذلك نجاته وإذا أمكن هذا فقد وقع الاهتداء بأمر هؤلاء الذين قيل لهم: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} فهو مظنة عندهم لرجائهم أن ينفع عند مشاهدة الجزاء الإحسانى للمأمورين بالبر حين قبلوا وامتثلوا أخذًا بظاهر حال الأمرين وإن كانوا يبطنون خلاف ما يظهرون وهذا جار على مألوف طمع اليهود، وقد ورد في ذكر المنافقين تعلقهم في القيامة بقولهم للمؤمنين: {ألم نكن معكم} فطمع من زاد على كونه مع المتعلق به أنه أمره فاقتدى بأمره واهتدى المأمور لما بخلوصه أخذا بظاهر ما صدر عن الآمر وإن كان الآمر يبطن خلاف ما أمر به غيره إلا أن هذا أمكن من التعلق بالكينونة في الدنيا مع الناجين وإذا تعلق هؤلاء بمجرد كونهم كانوا مع المؤمنين فتعلق من أمر بالبر زائد إلى كونه من المأمورين، وإن كان أمرة تظاهرا وراءا أمكن، إلا أن كل ذلك لا ينفع ما لم يكن إيمان مخلص فلتوهم هؤلاء إمكان الشفاعة من أمرهم بالبر وطمعهم في ذلك كان آكد شيء نفى الشفاعة لهم لإمكان توهمها ولم يتقدم في الآية الأخرى ما يستدعى هذا فقدم فيها ذكر الفئة التي هي أولى وأحرى في كمال التخلص على ما عهد في الدنيا لو أمكنت والله أعلم بما أراد. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48)}.
العوام خوَّفهم بأفعاله فقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا} واتقوا النار.
والخواص خوَّفهم بصفاته فقال: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 105] وقال: {وَمَا تَكُونُ في شَأْنٍ} إلى قوله: {إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا} [يونس: 61].
وخاص الخاص خوَّفهم بنفسه فقال: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: 28].
والعدل: الفداء.
يوم القيامة لا تسمع الشفاعة إلا لمن أمر الحق بالشفاعة له، وأَذِنَ فيه، فهو الشفيع الأكبر- على التحقيق- وإن كان لا يطلق عليه لفظ الشفيع لعدم التوقيف. وفي معناه قيل:
الحمد لله شكرا ** فكلُّ خيرٍ لديه

صار الحبيب شفيعًا ** إلى شفيع إليه

والذين أصابتهم نكبة القسمة لا تنفعهم شفاعة الشافعين، وما لهم من ناصرين، فلا يُقْبَل منهم فداء، ولو افتدوا بملء السموات وملء الأرضين. اهـ.

.قال الكرماني:

قوله تعالى: {ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل} قدم الشفاعة في هذه الآية، وأخر العدل، وقدم العدل في الآية الأخرى من هذه السورة، وأخر الشفاعة، وإنما قدم الشفاعة قطعًا لطمع من زعم أن آبائهم تشفع لهم، وأن الأصنام شفعاؤهم عند الله، وأخرها في الآية الأخرى، لأن التقدير في الآيتين معًا لا يقبل منها شفاعة فتنفعها تلك الشفاعة، لأن النفع بعد القبول، وقدم العدل في الآية الأخرى ليكون لفظ القبول مقدمًا فيها. اهـ.

.قال في التسهيل:

{ولا يقبل منها شفاعة} ليس نفيًا للشفاعة مطلقًا، فإن مذهب أهل الحق ثبوت الشفاعة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وشفاعة الملائكة والأنبياء والمؤمنين، وإنما المراد: أنه لا يشفع أحد إلا بعد أن يأذن الله له لقوله تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} [البقرة: 225] ولقوله: {ما من شفيع إلا من بعد إذنه} [يونس: 3] ول قوله: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له} [سبأ: 23] وأنظر ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذن في الشفاعة، فيقال له: اشفع تشفع. فكل ما ورد في القرآن من نفى الشفاعة مطلقًا يحمل على هذا لأن المطلق يحمل على المقيد. اهـ.

.فائدة: حكم من جحد الشفاعة:

قال في الانتصاف: من جحد الشفاعة فهو جدير ألا ينالها، وأما من آمن بها وصدقها، وهم أهل السنة والجماعة فأولئك يرجون رحمة الله، ومعتقدهم أنها تنال العصاة من المؤمنين وإنما ادخرت لهم، وليس في الآية دليل لمنكريها. اهـ.

.قال القاسمي:

{ولا هم ينصرون}.
أي يمنعون من عذاب الله، وجمع لدلالة النفس المنكرة على النفوس الكثيرة، وذكر لمعنى العباد أو الأناسي. اهـ.