فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والأولى: حمل الفضل والرحمة على العموم، ويدخل في ذلك ما في القرآن منهما دخولًا أوّليًا، وأصل الكلام: قل بفضل الله وبرحمته فليفرحوا، ثم حذف هذا الفعل لدلالة الثاني في قوله: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ} عليه، قيل: والفاء في هذا الفعل المحذوف داخلة في جواب شرط مقدّر، كأنه قيل: إن فرحوا بشيء فليخصوا فضل الله ورحمته بالفرح.
وتكرير الباء في برحمته للدلالة على أن كل واحد من الفضل والرحمة سبب مستقلّ في الفرح، والفرح: هو اللذة في القلب بسبب إدراك المطلوب، وقد ذمّ الله سبحانه الفرح في مواطن كقوله: {لاَ تَفْرَحْ إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ الفرحين} [القصص: 76] وجوّزه في قوله: {فَرِحِينَ بِمَا ءاتاهم الله مِن فَضْلِهِ} [آل عمران: 170] وكما في هذه الآية، ويجوز أن تتعلق الباء في: {بفضل الله وبرحمته} بقوله: {جَاءتْكُمُ}، والتقدير: جاءتكم موعظة بفضل الله وبرحمته فبذلك: أي فبمجيئها، فليفرحوا، وقرأ يزيد بن القعقاع ويعقوب {فلتفرحوا} بالفوقية، وقرأ الجمهور بالتحتية، والضمير في: {هو خير} راجع إلى المذكور من الفضل والرحمة، أو إلى المجيء على الوجه الثاني، أو إلى اسم الإشارة في قوله: {فَبِذَلِكَ} والمعنى: أن هذا خير لهم مما يجمعون من حطام الدنيا.
وقد قرئ بالتاء الفوقية في: {يَجْمَعُونَ} مطابقة للقراءة بها في: {فلتفرحوا}.
وقد تقرّر في العربية أن لام الأمر تحذف مع الخطاب إلا في لغة قليلة، جاءت هذه القراءة عليها، قورأ الجمهور بالمثناة التحتية في يجمعون، كما قرءوا في: {فليفرحوا}.
وروي عن ابن عامر أنه قرأ بالفوقية في {يجمعون}، والتحتية في {فلتفرحوا}.
وقد أخرج الطبراني، وأبو الشيخ، عن أبي الأحوص، قال: جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال: إن أخي يشتكي بطنه، فوصف له الخمر، فقال: سبحان الله! ما جعل الله في رجس شفاء، إنما الشفاء في شيء من القرآن والعسل، فهما شفاء لهما في الصدور، وشفاء للناس.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن، قال: إن الله جعل القرآن شفاء لما في الصدور، ولم يجعله شفاء لأمراضكم.
وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أشتكي صدري، فقال: «اقرأ القرآن، يقول الله: {شفاء لما في الصدور} وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن واثلة بن الأسقع، أن رجلًا شكا إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وجع حلقه، قال: «عليك بقراءة القرآن والعسل، فالقرآن شفاء لما في الصدور، والعسل شفاء من كل داء».
وأخرج أبو داود، والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن أبيّ قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتاء يعني الفوقية، وقد روى نحو هذا من غير هذه الطريق.
وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ} قال: «بفضل الله: القرآن، وبرحمته: أن جعلكم من أهله».
وأخرج الطبراني في الأوسط، عن البراء، مثله من قوله.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، والبيهقي في الشعب، عن أبي سعيد الخدري، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، والبيهقي عن ابن عباس، في الآية قال: بكتاب الله بالإسلام.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عنه قال: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عنه أيضًا قال: بفضل الله: القرآن، وبرحمته: حين جعلهم من أهله. وقد روي عن جماعة من التابعين نحو هذه الروايات المتقدّمة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس، هو خير مما يجمعون من الأموال والحرث والأنعام. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإِيمان من طرق عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقلت: أسماني لك؟ قال: نعم. قيل لأبي رضي الله عنه: أفرحت بذلك؟ قال: وما يمنعني والله تعالى يقول: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما تجمعون} هكذا قرأها بالتاء».
وأخرج الطيالسي وأبو داود والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي رضي الله عنه قال: أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم: {فبذلك فلتفرحوا} بالتاء.
وأخرج ابن جرير عن أبي رضي الله عنه أنه كان يقرأ: {فبذلك فلتفرحوا هو خير مما تجمعون} بالتاء.
وأخرج ابن أبي عمر العدني والطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه كان يقرأ: {فبذلك فلتفرحوا}».
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: «فضل الله القرآن، ورحمته أن جعلهم من أهله».
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: بكتاب الله وبالإِسلام.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: فضله الإِسلام ورحمته القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: {قل بفضل الله} القرآن: {وبرحمته} حين جعلهم من أهل القرآن.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: فضل الله العلم، ورحمته محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} [الأنبياء: 107].
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم رضي الله عنه: {قل بفضل الله} قال: الإِسلام: {وبرحمته} قال: القرآن.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جريرعن مجاهد رضي الله عنه: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: القرآن.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال: فضل الله القرآن، ورحمته الإِسلام.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن هلال بن يسار رضي الله عنه في قوله: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: بالإِسلام الذي هداكم وبالقرآن الذي علمكم.
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن هلال بن يسار رضي الله عنه: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: فضل الله الإِسلام، ورحمته القرآن.
وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة. مثله.
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما: {قل بفضل الله} قال: النبي صلى الله عليه وسلم،: {وبرحمته} قال: علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وأخرج أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من هداه الله للإِسلام وعلمه القرآن ثم شكا الفاقة كتب الله الفقر بين عينيه إلى يوم يلقاه، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون} من عرض الدنيا من الأموال».
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب رضي الله عنه في الآية قال: إذا عملت خيرًا حمدت الله عليه فأفرح فهو خير مما يجمعون من الدنيا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما خير: {مما يجمعون} قال: من الأموال والحرث والأنعام.
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أيفع الكلاعي رضي الله عنه قال: لما قدم خراج العراق إلى عمر رضي الله عنه، خرج عمر رضي الله عنه ومولى له، فجعل يعد الإِبل فإذا هو أكثر من ذلك، فجعل عمر رضي الله عنه يقول: الحمد لله. وجعل مولاه يقول: هذا- والله- من فضل الله ورحمته. فقال عمر رضي الله عنه: كذبت ليس هذا الذي يقول: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
قوله تعالى: {بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ}: في تعلُّق هذا الجارِّ أوجهٌ، أحدُها: أنَّ {بفضل} و{برحمته} متعلقٌ بمحذوفٍ تقديرُه: بفضل الله وبرحمته ليَفْرحوا بذلك فَلْيفرحوا، فحذفَ الفعلَ الأولَ لدلالة الثاني عليه، فهما جملتان، ويدلُّ على ذلك قولُ الزمخشري: أصلُ الكلام: بفضل الله وبرحمته فَلْيفرحوا فبذلك والتكرير للتأكيد والتقريرِ وإيجابِ اختصاص الفضل والرحمة بالفرح دونَ ما عَداهما من فوائدِ الدنيا، فحُذِفَ أحدُ الفعَلْين لدلالةِ المذكورِ عليه، والفاء داخلةٌ لمعنى الشرط كأنه قيل: إنْ فَرِحوا بشيءٍ فَلْيَخُصُّوهما بالفرح فإنه لا مفروحَ به أحقُّ منهما.
الثاني: أن الجارَّ الأولَ متعلقٌ أيضًا بمحذوفٍ دلَّ عليه السياقُ والمعنى، لا نفس الفعلِ الملفوظِ به والتقديرُ: بفضل الله وبرحمتِه فَلْيَعْتَنوا فبذلك فليفرحوا قاله الزمخشري.
الثالث: أن يتعلق الجارُّ الأول بـ {جاءتكم} قال الزمخشري: ويجوز أن يُراد قد جاءَتْكم موعظةٌ بفضلِ الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا، أي فبمجيئِها فَلْيفرحوا. قال الشيخ: أما إضمار فليعتنوا فلا دليلَ عليه قلت: الدلالةُ عليه من السياق واضحةٌ، وليس شرطُ الدلالةِ أن تكونَ لفظية.
وقال الشيخ: وأمَّا تعلُّقه بقوله: {قد جاءتكم} فينبغي أن يقدَّرَ محذوفًا بعد {قل}، ولا يكونُ متعلِّقًا بـ {جاءتكم} الأولى للفصل بينهما بـ {قل}. قلت: هذا إيرادٌ واضحٌ، ويجوزُ أن تكونَ {بفضل الله} صفةً لـ {موعظة} أي: موعظةٌ مصاحبةٌ أو ملتبسَةٌ بفضل الله.
الرابع: قال الحوفي: الباءُ متعلقةٌ بما دَلَّ عليه المعنى أي: قد جاءتكم الموعظةُ بفضل الله.
الخامس: أنَّ الفاءَ الأولى زائدةٌ، وأن قولَه: {بذلك} بدلٌ مِمَّا قبله وهو: {بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ} وأُشير بذلك إلى اثنين وهما الفضلُ والرحمةُ كقوله: {لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذلك} [البقرة: 68]، وكقوله:
إنَّ للخيرِ وللشرِ مَدَى ** وكِلا ذلك وَجْهٌ وقَبَلْ

وفي هاتين الفاءَيْن أوجهٌ، أحدُهما: أنَّ الأولى زائدةٌ، وقد تقدَّم تحريرُه في الوجه الخامس. الثاني: أن الفاءَ الثانية مكررةٌ للتوكيد، فعلى هذا لا تكونُ الأولى زائدةً، ويكونُ أصلُ التركيبِ: فبذلك ليفرحوا، وعلى القولِ الأول قبله يكون أصلُ التركيب: بذلك فَلْيفرحوا. الثالث: قال أبو البقاء: الفاءُ الأولى مرتبطةٌ بما قبلها، والثانيةُ بفعلٍ محذوفٍ تقديرُه: فليَعْجبوا بذلك فَلْيفرحوا كقولهم: زيدًا فاضربه أي: تَعمَّدْ زيدًا فاضْرِبه.
والجمهورُ على {فَلْيفرحوا} بياء الغيبة. وقرأ عثمان بن عفان وأبيّ وأنس والحسن وأبو رَجاء وابن هرمز وابن سيرين بتاء الخطاب، وهي قراءةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الزمخشري: وهو الأصلُ والقياسُ.
وقال الشيخ: إنها لغةٌ قليلة يعني أن القياسَ أن يُؤْمَرَ المخاطب بصيغة افعل، وبهذا الأصلِ قرأ أُبَيّ: {فافرحوا} وهي في مصحفِه كذلك، وهذه قاعدةٌ كليةٌ: وهي أن الأمر باللام يَكْثُر في الغائب والمخاطبِ المبني للمفعول مثال الأول: ليقم زيدًا وكالآية الكريمة في قراءة الجمهور، ومثال الثاني: ليُعْنَ بحاجتي، ولتُضْرَبْ يا زيد. فإن كان مبنيًا للفاعل كان قليلًا كقراءة عثمان ومن معه. وفي الحديث: «لتأخذوا مصافَّكم». بل الكثيرُ في هذا النوع الأمرُ بصيغة افْعَلْ نحو: قم يا زيد وقوموا، وكذلك يَضْعُف الأمر باللام للمتكلم وحده أو ومعه غيره، فالأول نحو لأقُمْ تأمر نفسك بالقيام، ومنه قوله عليه السلام: «قوموا فلأصلّ لكم».
ومثالُ الثاني: لنقمْ أي: نحن وكذلك النهي، ومنه قول الشاعر:
إذا ما خَرَجْنا مِنْ دمشقَ فلا نَعُدْ ** بها أبدًا ما دام فيها الجُراضِمُ

ونَقَل ابن عطية عن ابنِ عامر أنه قرأ: {فَلْتَفْرحوا} خطابًا، وهذه ليست مشهورةً عنه. وقرأ الحسن وأبو التيَّاح {فَلِيفرحوا} بكسرِ اللام، وهو الأصل. قوله: {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} {هو} عائدٌ على الفضل والرحمة، وإن كانا شيئين؛ لأنهما بمعنى شيء واحد، عُبِّر عنه بلفظتين على سبيل التأكيد، ولذلك أُشير إليهما بإشارة الواحد. وقرأ ابن عامر {تَجْمعون} بالتاء خطابًا وهو يحتمل وجهين أحدُهما: أن يكونَ من باب الالتفات فيكونَ في المعنى كقراءة الجماعة، فإن الضمير يُراد به مَنْ يراد بالضمير في قولِه: {فَلْيفرحوا}. والثاني: أنه خطابٌ لقوله: {يا أيها الناس قَدْ جَاءَتْكُمْ} [يونس: 57]، وهذه القراءةُ تناسبُ قراءةَ الخطاب في قوله: {فَلْيفرحوا}، وقد تقدَّم أن ابنَ عطية نقلها عنه أيضًا. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
الفضل: الإحسانُ الذي ليس بواجبٍ على فاعله والرحمة إرادة النعمة وقيل هي النعمة.
والإحسان على أقسام كذلك النعمة، ونِعَمُ اللَّهِ أكثر من أَنْ تحْصَى.
ويقال الفضل ما أتاح لهم من الخيرات، والرحمة ما أزاحَ عنهم من الآفات.
ويقال فضل الله ما أكرمهم من إجراء الطاعات، ورحمته ما عَصَمَهم به من ارتكاب الزَّلات.
ويقال فضل الله دوام التوفيق ورحمته تمام التحقيق.
ويقال فضل الله ما يخصُّ به أهل الطاعات من صنوف إحسانه، ورحمته يخصُّ به أهلَ الزلاَّت من وجوه غفرانه.
ويقال فضل الله الرؤية، ورحمته إبقاؤهم في حالة الرؤية.
ويقال فضل الله المعرفة في البداية، ورحمته المغفرةُ في النهاية.
ويقال فضل الله أَنْ أَقَامَكَ بشهود الطلب، ورحمته أن أشهدك حقَّه بحكم البيان إلى أنْ تراه غدًا بكشف العيان.
قوله جلّ ذكره: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} أي بما أهَّلَهم له، لا بما يتكلَّفون من حَرَكاتهم وسَكَنَاتهم، أو يَصِلُونَ إليه بنوعٍ من تكلفهم وتعملهم: {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}: أي ما تُتْحَفُونَ به من الأحوال الزاكية خيرٌ مِمَّا تجمعون من الأموال الوافية.
ويقال الذي لَكَ منه- في سابق القسمة- خيرٌ مما تتكلَّفُه من صنوف الطاعة والخدمة. اهـ.