فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



نحن نسيء استخدام أدوات الحضارة، فالزمن الذي وفَّرته الثلاجة للزوجة؛ حتى لاتقف في المطبخ نصف النهار لتعد الطعام، وصارت تطهو وجبات ثلاثة أيام وتحفظها في الثلاجة، وتستخدم الغسالة الكهربائية فتنهي الغسيل في ساعة من الزمن، لكن بقية الوقت يضيع أمام (التلفزيون) ولا تلتفت إلى تربية الأبناء.
وهكذا يسيء البعض استخدام الآلات المتحضرة، وفي هذه الإساءة نوع من التخلف، فإذا أخذنا الحضارة بمنطقية فهذا هو التحضر.
وعلى سبيل المثال: أقول لمن يركب سيارة: إياك أن تسرع بها في طريق متربة حتى لا يثور الغبار ويملأ صدور الناس بالحساسية.
وإياك أن تهمل صيانة سيارتك حتى لا يفسد الموتور؛ ويخرج العادم الضار بصحة الناس والبيئة، فلا يسافر الإنسان في الطريق المتربة أو بسيارة غير جيدة الصاينة؛ فيصيب صدور الناس بالمرض، ويصيب الزروع ويفسد الهواء.
ويجب ألاَّ نأخذ الحضارة بتلصص، إنما علينا أن نرتقي إلى مدارجها بصيانة أساليبها؛ لأن من لا يأخذ الحضارة بقواعدها هو من يتخلف رغم تقدُّم الآلة، فتصير الآلة أكثر تحضُّرًا منه.
إذن: فإن أخذنا كل أمر بمهمته فحن نحقق الراحة لأنفسنا ولغيرنا.
ولذلك قلنا في تفسير قول الحق سبحانه: {واليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى} [الليل: 12].
وإن بدا للإنسان أن هناك تعارضًا بين غشيان الليل (أي: تغطيته للمرئيات) وتجلِّى النهار (أي: كشف المرئيات) فهذا ليس تعارضًا، بل هو التكامل؛ لأن حركة النهار تتولد من الليل، وراحة الليل تتولد من النهار.
ثم يقول الحق سبحانه: {وَمَا خَلَقَ الذكر والأنثى} [الليل: 3].
وهذا الخلق للذكر والأنثى هو للتكامل، لا للتناقض، هكذا جاء الحق سبحانه بنوعين:
الأول: هو الزمن ليلًا ونهارًا.
والثاني: هو الإنسان ذكرًا وأنثى.
ويقول الحق سبحانه: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} [الليل: 4].
أي: أن حركتكم هي الموصِّلة إلى غايتكم، والحركات شتى (أي: مختلفة)، سواء في الليل أو النهار أو للذكر أو للأنثى، فإن خلطنا الحركة وعبثنا بأنظمة الحياة، فالحياة ترتبك، ونعاني من مرارة التجربة إلىأن تتعقد الأمور، فنبحث لها عن حلول.
وقد نادينا أن تعمل المرأة نصف الوقت لتعطي البيت بعضًا من الوقت، أو أن تعتني بالبيت إن كان لها ما يكفيها من دخل، أو كان لزوجها ما يكفي لحياة الأسرة، ولكن أحدًا لم يلتفت إلى ذلك إلا بعد مرارة التجارب.
وهناك مثال آخر: في قول البعض أن الليل في تلك البلاد المتحضِّرة لا ينتهي وأنت تجد السهر هناك حتى الصباح، وعندما أسمع مثل هذا القول أقول: إن هذا ليس في مصلحة سكان تلك البلاد؛ لأن الليل يجب أن يكون سباتًا لتأتي الحركة المنتجة في النهار.
إذن: فالآفة أن تنقل مهمة نوع إلى مهمة نوع آخر، سواء أكان في الزمان أو في الإنسان، واقرأ جيدًا قول الحق سبحانه: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لشتى} [الليل: 4].
فكل فرد من أفراد الكون له مهمة وله سعي يختلف عن سعي الآخرين.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها يُنهي الحق سبحانه الآية فيقول: {إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [يونس: 67].
ولقائل أن يقول: لم يقل إن في ذلك لآيات لقوم يبصرون.
ونقول: لننتبه إلى أن الحق سبحانه حين يتكلم عن زمان فهو يبيِّن في هذا الزمان مهمته، وهو القائل في صدر الآية ووسطها: {جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ والنهار مُبْصِرًا} [يونس: 67].
فالعلَّة في هذه الآية هي سكون الليل، لا حركة النهار، والعين في الليل لا تؤدي مهمتها، بل السمع هو الذي يؤدي مهمته.
والحق سبحانه هو القائل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اليل سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُونَ} [القصص: 71].
أي: أن أحدًا لن يستطيع الحركة في مثل هذا الليل السرمدي ولا أحد سيتبيَّن شيئًا.
والحق سبحانه هو القائل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ} [القصص: 72].
إذن: فقد جاء الحق سبحانه في آية الليل بالسمع، وجاء في آية النهار بالأبصار، وبعد أن تكلم الله سبحانه عن مجال الحركة بالنهار والراحة في الليل، يأتي الكلام عن الينبوع الذي يجب أن تَصْدُرَ عنه الحركة أو السكون، وهو ضرورة الامتثال لأمر إله واحد حتى لا تصطدم حركتك بآمر إله آخر يقول ما يناقض حركة الإله الأول.
وكما تتحرك في النهار، وترتاح في الليل لابد أن تكون حركتك صادرة عن أمر واحد، هذا الأمر الواحد صادر من الآمر الواحد، وهو الله تعالى الذي تعبده بلا شريك، ومن يقول بغير ذلك إنما يربك حركة الحياة.
والله سبحانه يقول: {إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ} [المؤمنون: 91]. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله} يعني: المؤمنين. ويقال: أحباء الله، وهم حملة القرآن والعلم. ويقال: الَّذين يجتنبون الذُّنوب في الخلوات، ويعلمون أنّ الله تعالى مُطَلِّعٌ عليهم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه سُئِل عن أولياء الله تعالى، فقال: «هُمُ الَّذِينَ إذا رُءُوا ذُكِرَ الله تَعَالَى».
وقال وهبُ بنُ مُنَبِّه: قال الحواريُّون لعيسى ابنِ مريمَ: يا روحَ الله، مَنْ أولياء الله؟ قال: الَّذين نظروا إلى باطن الدنيا حين نظر النَّاس إلى ظاهرها، ونظروا إلى أجل الدُّنيا حين نظر النَّاس إلى عاجلها، فأحبُّوا ذِكْرَ الموت، وأماتوا ذِكْرَ الحياة، ويحبُّون الله تعالى، ويحبُّون ذكره.
وقال الضَّحَّاك: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء الله} يعني: المخلصين لله،: {لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} يعني: لا يخافون من أهوال يوم القيامة: {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} حين زفرت جهنَّم.
ثمَّ نعتهم فقال تعالى: {الذين ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} يعني: أقرُّوا وصدَّقوا بوحدانية الله تعالى، ويتَّقون الشِّرك والفواحش،: {لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا} يعني: البشارة، وهي الرُّؤيا الصَّالحة يراها العبد المسلم لنفسه، أو يرى له غيره.
وروي عن عبد الله بن عُمَر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الرُّؤيا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ من سَبْعِينَ جزءًا من النبوة»..
وفي خبر آخر: «مِنْ أرْبَعِينَ جُزْءا» وفي خبر آخر: «مِنْ سِتَّةٍ وَأرْبَعِينَ جُزْءًا».
وروى عَطَاء بن يَسَارٍ، عن رجل كان يفتي بالبصرة، قال: سألت أبا الدَّرداء عن هذه الآية: {لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا}، قال أبو الدَّرداء: ما سألني عنها أحد منذ سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أحَدٌ قَبْلَكَ، هِيَ الرُّؤيا الصَّالِحَة يَرَاهَا المُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ»: {وَفِي الآخرة}: الجنَّةُ.
وعن عبادة بن الصامت، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابه بمثل ذلك. ويقال: {لَهُمُ البشرى فِي الحياة الدنيا} يعني: عند الموتَ يُبَشِّره الملائكة، كما قال في آية أُخرى: {تُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ الملئكة أَلاَّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}. وفي الآخرة يُبَشِّرُهُ الملائكة حين يخرج من القبر: {لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله}: لا تغيير، ولا تحويل لقول الله تعالى، لأنَّ قوله حقٌّ بأنّ لهم البشرى في الحياة الدنيا.
ويقال: لا تبديل لكلمات الله، يعني: لا خلف لمواعيده التي وعد في القرآن.
{ذلك هُوَ الفوز العظيم} يعني: الثَّواب الوافر.
ويقال: النجاة الوافرة.
قوله تعالى: {وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} يقول: يا مُحَمَّدُ لا يحزنك تكذيبهم: {إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعًا}، بأنّ النِّعمة والقدرة لله تعالى، وجميع مَنْ يتعزَّزُ إنَّما هو بإذن الله تعالى.
{هُوَ السميع العليم}: السَّميع لمقالتهم، العليم بهم، وبعقوبتهم على ترك توحيدهم.
ثم قال: {أَلا إِنَّ للَّهِ مَن في السموات وَمَن في الأرض} يعني: من الخلق، كلهم عبيده وإماؤه.
{وَمَا يَتَّبِعُ الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله شُرَكَاء} يعني: وما يعبد الذين يعبدون من دون الله الأوثان والأصنام.
ولم يأت بجوابه، وجوابه مضمر، ومعناه: ما هي لي شركاء، ولا نفع لهم في عبادتها،: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن} يعني: ما يعبدون الأصنام إلاّ بالظن،: {وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} يقول: وما هم إلاّ يكذبون.
يقول: ما أمرهم الله تعالى بعبادتها، ولا تكون لهم شفاعة.
ثمّ دلَّ بصنعه على توحيده، فقال عز وجل: {هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} يعني: خلق لكم اللَّيل، لَتَقَرُّوا فيه من النَّصَبِ والتَّعَبِ،: {والنهار مُبْصِرًا} يعني: خلق النَّهار مطلبًا للمعيشة.
{إِنَّ في ذَلِكَ} يعني: في تقليب اللَّيل والنَّهار: {لآيَاتٍ} يعني: لَعِبْرَاتٍ وَعَلاَمَاتٍ لوحدانيَّةِ الله،: {لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} يعني: المواعظ. اهـ.

.قال الثعلبي في الآيات السابقة:

{وَيَسْتَنْبِئُونَكَ} ويستخبرونك يا محمد: {أَحَقٌّ هُوَ} ما تعدنا من العذاب وقيام الساعة: {قُلْ إِي} كلمة تحقيق: {وربي إِنَّهُ لَحَقٌّ} لا شك فيه: {وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ} فأتيقن: {وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} أشركت: {مَا فِي الأرض لاَفْتَدَتْ بِهِ} يوم القيامة: {وَأَسَرُّواْ} وأخفوا: {الندامة} على كفرهم: {لَمَّا رَأَوُاْ العذاب وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بالقسط} وفرغ من عذابهم: {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ألا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض أَلاَ إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} إلى قوله: {قَدْ جَاءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ} تذكرة: {مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ} ودواء: {لِّمَا فِي الصدور} إلى قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ الله وَبِرَحْمَتِهِ}.
قال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن ورحمته أن جعلكم من أهله. وقال ابن عمر: فضل الله الإسلام وبرحمته تزيينه في القلب. خالد بن معدان: فضل الله الإسلام وبرحمته السنّة. الكسائي: فضل الله النعم الظاهرة، ورحمته النعم الباطنة. بيانه: وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة. أبو بكر الوراق: فضل الله النعماء وهو ما أعطى وجنى ورحمته الآلاء وهي ما صرف. وروى ابن عيينة فضل الله التوفيق ورحمته العصمة. سهل بن عبد الله: فضل الله الإسلام ورحمته السنّة. الحسين بن الفضل: فضل الله الإيمان ورحمته الجنة. ذو النون المصري: فضل الله دخول الجنان ورحمته النجاة من النيران. عمر بن عثمان الصدفي: فضل الله كشف الغطاء ورحمته الرؤية واللقاء.
وقال هلال بن يساف ومجاهد وقتادة: فضل الله الإيمان ورحمته القرآن: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} من الأموال قرأ العامة كلاهما بالياء على الخبر، وقرأهما أبو جعفر: بالتاء وذكر ذلك عن أبي بن كعب، وقرأ الحسين ويعقوب: فلتفرحوا بالتاء خطابًا للمؤمنين يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه: «لتأخذوا مصافكم» و{يجمعون} بالياء خبرًا عن الكافرين: {قُلْ} يا محمد لكفار مكة: {أَرَأَيْتُمْ مَّا أَنزَلَ الله} خلق الله: {لَكُمْ} عبّر عن الخلق بالإنزال لأن ما في الأرض من خيراتها أنزل من السماء: {مِّن رِّزْقٍ} زرع أو ضرع: {فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلًا} وهو ما حرموا من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.
قال الضحاك: هو قوله تعالى: {وَجَعَلُواْ للَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحرث والأنعام نَصِيبًا} [الأنعام: 136] الآية: {قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} في هذا التحريم والتحليل: {أَمْ} بل: {عَلَى الله تَفْتَرُونَ} وهو قولهم: الله أمرنا بها: {وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب يَوْمَ القيامة} أيحسبون أن الله لا يؤاخذهم ولا يعاتبهم عليه: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} منّ على الناس حين لا يعجل عليهم بالعذاب بافترائهم: {ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ} عمل من الأعمال، وجمعه: شؤون، قال الأخفش: يقول العرب ما شأنك شأنه، أي لمّا عملت على عمل: {وَمَا تَتْلُواْ مِنْهُ} من الله: {مِن قُرْآنٍ} ثم خاطبه وأمته جميعًا فقال: {وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} أي تأخذون وتدخلون فيه، والهاء عائدة على العمل، يقال: أفاض فلان في الحديث وفي القول إذا أبدع فيه.
قال الراعي:
وأفضن بعد كظومهن بجرة ** من ذي الأبارق إذ رعين حقيلا

قال ابن عباس: تفيضون تفعلون، الحسن: تعملون، الأخفش: تكلمون، المؤرّخ: تكثرون، ابن زيد: تخرصون. ابن كيسان: تنشرون. يقال: حديث ستفيض، وقيل: تسعون.
وقال الضحاك: الهاء عائدة إلى القرآن أي تستمعون في القرآن من الكذب. قيل: من شهد شهود الحق قطعًا ذلك عن مشاهدة الأغيار أجمع: {وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ} قال ابن عباس: فلا يغيب، أبو روق: يبعد، وقال ابن كيسان يذهب.
وقرأ يحيى والأعمش والكسائي: يعزب بكسر الزاء وقرأ الباقون: بالضم وهما لغتان [صحيحتان]: {مِن مِّثْقَالِ} من صلة معناه وما يعزب عن ربك مثقال ذرة أو وزن ذرة [وهي النملة الحمراء الصغيرة]، يقول العرب: [خذ] هذا، فإنهما أثقل مثقالا وأخفها مثقالا أي وزنًا: {فِي الأرض وَلاَ فِي السماء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك ولا أَكْبَرَ} قرأ الحسن وابن أبي يحيى وحمزة برفع الراء فيهما عطفًا على موضع المثقال فبرّر دخول من، وقرأ الباقون بفتح الراء عطفًا على الذرة ولا مثقال أصغر وأكبر: {إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} بمعنى اللوح المحفوظ.
{ألا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} ثم وصفهم فقال: {الذين آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} قال ابن زيد: فلن يقبل الإيمان إلاّ بالتقوى، واختلفوا فيمن يستحق هذا الاسم.
فروى سعيد بن جبير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه سئل عن أولياء الله تعالى فقال: «هم الذين يذكر الله لرؤيتهم».