فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ} من جاوز المكان إذا قطعه وتخطاه، وهو متعد إلى المفعول الأول الذي كان فاعلًا في الأصل بالباء وإلى الثاني بنفسه، والمعنى جعلناهم مجاوزين البحر بأن جعلناه يبسًا وحفظناهم حتى بلغوا الشط.
وقرأ الحسن: {وجاوزنا} بالتضعيف، وفعل بمعنى فاعل فهو من التجويز المرادف للمجاوزة بالمعنى السابق وليس بمعنى نفذ لأنه لا يحتاج إلى التعدية بالباء ويتعدى إلى المفعول الثاني بفي كما في قوله:
ولابد من جار يجيز سبيلها ** كما جوز السكي في الباب فيتق

فكان الواجب هنا من حيث اللغة أن يقال: وجوزنا بني إسرائيل البحر أي نفذناهم وأدخلناهم فيه؛ وفي الآية إشارة إلى انفصالهم عن البحر وإلى مقارنة العناية الإلهية لهم عند الجواز كما هو المشهور في الفرق بين أذهبه وذهب به: {فَأَتْبَعَهُمْ} قال الراغب: يقال تبعه وأتبعه إذا قفا أثره إما بالجسم أو بالارتسام والائتمار وظاهره أن الفعلين بمعنى.
وقال بعض المحققين: يقال تبعته حتى أتبعته إذا كان سبقك فلحقته، فالمعنى هنا أدركهم ولحقهم: {فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ} حتى تراءت الفئتان وكاد يجتمع الجمعان: {بَغْيًا وَعَدْوًا} أي ظلمًا واعتداءً، وهما مصدران منصوبان على الحال بتأويل اسم الفاعل أي باغين وعادين أو على المفعولية لأجله أي للبغي والعدوان.
وقرأ الحسن: {وَعَدْوًا} بضم العين والدال وتشديد الواو، وذلك أن الله سبحانه وتعالى لما أخبر موسى وهارون عليهما السلام بإجابة دعوتهما أمر موسى عليه السلام بإخراج بني إسرائيل من مصر ليلًا وكانوا كما ذكره غير واحد ستمائة ألف فخرج بهم على حين غفلة من فرعون وملئه فلما أحس بذلك خرج هو وجنوده على أثرهم مسرعين فالتفت القوم فإذا الطامة الكبرى وراءهم فقالوا: يا موسى هذا فرعون وجنوده وراءنا وهذا البحر أمامنا فكيف الخلاص فأوحى الله تعالى إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق اثني عشر فرقًا كل فرق كالطود العظيم وصار لكل سبط طريق فسلكوا ووصل فرعون ومن معه إلى الساحل وهم قد خرجوا من البحر ومسلكهم باق على حاله فسلكه بمن معه أجمعين فلما دخل آخرهم وهم أولهم بالخروج غشيهم من اليم ما غشيهم: {حتى إِذَا أَدْرَكَهُ الغرق} أي لحقه، والمراد بلحوقه إياه وقوعه فيه وتلبسه بأوائله، وقيل: معنى أدركه قارب إدراكه كجاء الشتاء فتأهب لأن حقيقة اللحوق تمنعه من القول الذي قصه سبحانه بقوله جل شأنه: {قَالَ ءامَنتُ} إلخ، ومن الناس من أبقى الإدراك على ظاهره وحمل القول على النفسي وزعم أن الآية دليل على ثبوت الكلام النفسي، ونظر فيه بأن قيام الاحتمال يبطل صحة الاستدلال، وأيًا ما كان فليس المراد الإخبار بإيمان سابق كما قيل بل إنشاء إيمان: {أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي ءامَنَتْ بِهِ بَنواْ إسرائيل} أي بأنه، وقدر الجار لأن الإيمان وكذا الكفر متعد بالباء ومحل مدخوله بعد حذفه الجر أو النصب فيه خلاف شهير وجعله متعديًا بنفسه فلا تقدير لأنه في أصل وضعه كذلك مخالفة للاستعمال المشهور فيه.
وقرأ حمزة والكسائي: {أَنَّهُ} بالكسر على إضمار القول أي وقال إنه أو على الاستئناف لبيان إيمانه أو الإبدال من جملة آمنت؛ والجملة الاسمية يجوز إبدالها من الفعلية، والاستئناف على البدلية باعتبار المحكي لا الحكاية لأن الكلام في الأول، والجملة الأولى في كلامه مستأنفة والمبدل من المستأنف مستأنف والضمير للشأن، وعبر عنه تعالى بالموصول وجعل صلته إيمان بني إسرائيل به تعالى ولم يقل كما قال السحرة: {بِرَبّ العالمين رَبّ رَبّ موسى وهارون} [الأعراف: 121، 122] للإشعار برجوعه عن الاستعصاء واتباعه لمن كان يستتبعهم طمعًا في القبول والانتظام معهم في سلك النجاة: {وَأَنَاْ مِنَ المسلمين} أي الذين أسلموا نفوسهم لله تعالى أي جعلوها خالصة سالمة له سبحانه، وأراد بهم أما بني إسرائيل خاصة وإما الجنس وهم إذ ذاك داخلون دخولًا أوليًا، والظاهر أن الجملة على التقديرين معطوفة على جملة: {ءامَنتُ} وإيثار الاسمية لادعاء الدوام والاستمرار.
وقيل: إنها على الأول معطوفة وعلى الثاني تحتمل الحالية أيضًا من ضمير المتكلم أي آمنت مخلصًا لله تعالى منتظمًا في سلك الراسخين في ذلك، ولقد كرر المعنى الواحد بثلاث عبارات وبالغ ما بالغ حرصًا على القبول المقتضي للنجاة وليت بعض ذلك قد كان حين ينفعه الإيمان وذلك قبل اليأس، فإن إيمان اليأس غير مقبول كما عليه الأئمة الفحول.
{ءالآنَ} الاستفهام للإنكار والتوبيخ، والظرف متعلق بمحذوف يقدر مؤخرًا أي الآن تؤمن حين يئست من الحياة وأيقنت بالممات، وقدر مؤخرًا ليتوجه الإنكار والتوبيخ إلى تأخير الإيمان إلى حد يمتنع قبوله فيه، والكلام على تقدير القول أي فقيل له ذلك وهو معطوف على: {قَالَ} [يونس: 90] وهذا إلى: {ءايَةً} [يونس: 92] حكاية لما جرى منه سبحانه من الغضب على المحذوف ومقابلة ما أظهره بالرد الشنيع وتقريعه بالعصيان والإفساد إلى غير ذلك، وفي حذف الفعل المذكور وإبراز الخبر المحكي في صورة الإنشاء من الدلالة على عظم السخط وشدة الغضب ما لا يخفى.
والقائل له ذلك قيل: هو الله تعالى، وقيل: هو جبريل عليه السلام، وقيل: إنه ميكائيل عليه السلام.
فقد أخرج أبو الشيخ عن أبي أمامة قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل عليه السلام: «ما أبغضت شيئًا من خلق الله تعالى ما أبغضت إبليس يوم أمر بالسجود فأبى أن يسجد وما أبغضت شيئًا أشد بغضًا من فرعون فلما كان يوم الغرق خفت أن يعتصم بكلمة الإخلاص فينجو فأخذت قبضة من حمأة فضربت بها في فيه فوجدت الله تعالى عليه أشد غضبًا مني فأمر ميكائيل فأتاه فقال آلآن». إلخ وما تضمنه هذا الخبر من فعل جبريل عليه السلام جاء في غير ما خبر.
ومن ذلك ما أخرجه الطيالسي وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الشعب والترمذي والحاكم وصححاه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل: لو رأيتني وأنا آخذ من حال البحر فأدسه في في فرعون مخافة أن تدركه الرحمة».
واستشكل هذا التعليل وفي الكشاف أن ذلك من زيادات الباهتين لله تعالى وملائكته عليهم السلام: وفيه جهالتان: إحداهما: أن الإيمان يصح بالقلب كإيمان الأخرس فحال البحر لا يمنعه.
والأخرى: أن من كره إيمان الكافر وأحب بقاءه على الكفر فهو كافر لأن الرضا بالكفر كفر، وارتضاه ابن المنير قائلًا: لقد أنكر منكرًا وغضب لله تعالى وملائكته عليهم السلام كما يجب لهم، والجمهور على خلافه لصحة الحديث عند الأئمة الثقات كالترمذي المقدم على المحدثين بعد مسلم وغيره.
وقد خاضوا في بيان المراد منه بحيث لا يبقى فيه إشكال.
ففي إرشاد العقل السليم أن المراد بالرحمة الرحمة الدنيوية أي النجاة التي هي طلبة المخذوف وليس من ضرورة إدراكها صحة الإيمان كما في إيمان قوم يونس عليه السلام حتى يلزم من كراهته ما لا يتصور في شأن جبريل عليه السلام من الرضا بالكفر إذ لا استحالة في ترتب هذه الرحمة على مجرد التفوه بكلمة الإيمان وإن كان ذلك في حالة البأس واليأس فيحمل دسه عليه السلام على سد باب الاحتمال البعيد لكمال الغيظ وشدة الحرد انتهى.
ولا يخفى أن حمل الرحمة على الرحمة الدنيوية بعيد ويكاد يأبى عنه ما أخرجه ابن جرير والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل عليه السلام: لو رأيتني يا محمد وأنا أغط فرعون بإحدى يدي وأدس من الحال في فيه مخافة أن تدركه رحمة الله تعالى فيغفر له» فإنه رتب فيه المغفرة على إدراك الرحمة وهو ظاهر في أنه ليس المراد بها الرحمة الدنيوية لأن المغفرة لا تترتب عليها وإنما يترتب عليها النجاة.
وقال بعض المحققين: إنما فعل جبريل عليه السلام ما فعل غضبًا عليه لما صدر منه وخوفًا أنه إذا كرر ذلك ربما قبل منه على سبيل خرق العادة لسعة بحر الرحمة الذي يستغرق كل شيء، وأما الرضا بالكفر فالحق أنه ليس بكفر مطلقًا بل إذا استحسن وإنما الكفر رضاه بكفر نفسه كما في التأويلات لعلم الهدى انتهى، وقد تقدم آنفًا ما يتعلق بهذه المسألة فتذكره فما في العهد من قدم، نعم قيل: إن الرضا بكفر نفسه إنما يكون وهو كافر فلا معنى لعده كفرًا والكفر حاصل قبله، وهو على ما له وما عليه بحث آخر لا يضر فيما نحن فيه.
والطيبي بعد أن أجاب بما أجاب أردف ذلك بقوله: على أنه ليس للعقل مجال في مثل هذا النقل الصحيح إلا التسليم ونسبة القصور إلى النفس، وقد يقال: إن الخبر متى خالف صريح العقل أو تضمن نسبة ما لا يتصور شرعًا في حق شخص إليه ولم يمكن تأويله على وجه يوافق حكم العقل ويندفع به نسبة النقص لا يكون صحيحًا، واتهام الراوي بما يوهن أمر روايته أهون من اتهام العقل الصريح ونسبة النقص إليه دون نسبة النقص إلى من شهد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بعصمته وكماله فتأمل والله تعالى الموفق، وقوله سبحانه: {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ} في موضع الحال من فاعل الفعل العامل في الظرف جئ به لتشديد التوبيخ والتقريع على تأخير الإيمان إلى هذا الآن ببيان أنه لم يكن تأخيره لما عسى يعد عذرًا بل كان ذلك على طريقة الرد والاستعصاء والإفساد فإن قوله تعالى: {وَكُنتَ مِنَ المفسدين} عطف على: {عَصَيْتُ} داخل في حيز الحال والتحقيق أي وقد كنت من المفسدين الغالين في الضلال والإضلال عن الإيمان فهذا عبارة عن فساده الراجع إلى نفسه والساري إلى غيره من الظلم والتعدي وصد بني إسرائيل عن السبيل والأول عن عصيانه الخاص به.
وقوله جل شأنه: {فاليوم نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ} تهكم به وتخييب له وحسم لأطماعه بالمرة، والمراد فاليوم نخرجك مما وقع فيه قومك من قعر البحر ونجعلك طافيًا ملابسًا ببدنك عاريًا عن الروح إلا أنه عبر عن ذلك بالتنجية مجازًا، وجعل الجار والمجرور في موضع الحال من ضمير المخاطب لذلك مع ما فيه من التلويح بأن مراده بالإيمان هو النجاة، وقيل: معنى الحال عاريًا عن اللباس أو تام الأعضاء كاملها.
وجعل بعض الأفاضل الكلام على التجريد، وجوز أن يكون الباء زائدة وبدنك بدل بعض من ضمير المخاطب كأنه قيل: ننجي بدنك، وجعل الباء للآلة ليكون على وزان قولك أخذته بيدك ونظرته بعينك إيذانًا بحصول هذا المطلوب البعيد التناول وجه لكنه غير وجيه كما لا يخفى، وقيل: التنجية الإلقاء على النجوة وهي المكان المرتفع، قيل: وسمي به لنجاته عن السيل، وإلى هذا ذهب يونس بن حبيب النحوي، فقد أخرج ابن الأنباري. وأبو الشيخ عنه أنه قال: المعنى نجعلك على نجوة من الأرض كي يراك بنو إسرائيل فيعرفوا أنك قدمت، وجاء تفسير البدن بالدرع، وروي ذلك عن محمد بن كعب. وأبي، وكانت له درع من ذهب يعرف بها، وفي رواية أنها كانت من لؤلؤ.
وأخرج ابن أبي حاتم. وأبو الشيخ عن أبي جهضم موسى بن سالم أنه كان لفرعون شيء يلبسه يقال له البدن يتلألأ، وقرأ يعقوب: {نُنَجّيكَ} من باب الأفعال وهو بمعنى التفعيل بمعنييه السابقين، وأخرج ابن الأنباري عن محمد بن السميقع اليماني ويزيد البربري أنهما قرآ: {ننحيك} بالحاء المهملة ونسبت إلى أبي بن كعب وأبي السمال أي نجعلك في ناحية ونلقيك على الساحل.
وقرأ أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: {بأبدانك} على صيغة الجمع بجعل كل عضو بمنزلة البدن فأطلق الكل على الجزء مجازًا وعلى هذا جمع الإجرام في قوله:
وكم موطن لولاي طحت كما هوى ** بإجرامه من قلة النيق منهوي

أو بإرادة دروعك بناءً على أن المخذول كان لابسًا درعًا على درع.
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قرأ: {بندائك} أي بدعائك: {بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً} أي لتكون لمن يأتي بعدك من الأمم إذا سمعوا حال أمرك ممن شاهد حالك وما عراك عبرة ونكالًا من الطغيان أو حجة تدلهم على أن الإنسان وإن بلغ الغاية القصوى من عظم الشأن وعلو الكبرياء وقوة السلطان فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الألوهية والربوبية، وقيل: المراد بمن خلفه من بقي بعده من بني إسرائيل فهو مملوك مقهور بعيد عن مظان الألوهية والربوبية، وقيل: المراد بمن خلفه من بقي بعده من بني إسرائيل أي لتكون لهم علامة على صدق موسى عليه السلام إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خيل إليهم أنه لا يهلك فكذبوا لذلك خبر موسى عليه السلام بهلاكه حتى عاينوه على ممرهم من الساحل أحمر قصيرًا كأنه ثور وروي هذا عن مجاهد.
وقرئ: {لِمَنْ خَلْفَكَ} فعلًا ماضيًا أي حل مكانك، ونسب إلى ابن السميقع وأبي السمال أنهما أيضًا قرآ: {لِمَنْ خَلَقَكَ} بفتح اللام والقاف أي لتكون لخالقك آية كسائر الآيات فإن إفراده سبحانه إياك بالإلقاء إلى الساحل دليل على أنه قصد منه جل شأنه لكشف تزويرك وإماطة الشبهات في أمرك وبرهان نير على كمال علمه وقدرته وحكمته وإرادته وهو معنى لا بأس به يصح أن توجه به الآية على القراءة المشهورة أيضًا.
ذكر في النشر أن مما لا يوثق بنقله قراءة ابن السميقع. وأبي السمال: {ننحيك} بالحاء و: {لِمَنْ خَلَقَكَ} بالقاف، وفي تعليل تنجيته بما ذكر كما قاله بعض المحققين إيذان بأنها ليست لا عزازه أو لفائدة أخرى عائدة إليه بل لكمال الاستهانة به وتفضيحه على رؤوس الأشهاد وزيادة تفظيع حاله كمن يقتل ثم يجر جسده في الأسواق ويطرح جيفة في الميدان أو يدار برأسه في النواحي والبلدان، واللام الأولى متعلقة بالفعل قبلها والثانية بمحذوف وقع حالًا من: {ءايَةً} أي كائنة لمن خلفك، وجاد الرد على هذا المحذوف على طرز ما أتى به في قوله: {آمنت أنه} [يونس: 90] إلخ في اشتماله على المبالغة كما لا يخفى على من تفكر في الآية، وقد قرر فحوى المحكي بقوله سبحانه: {وَإِنَّ كَثِيرًا مّنَ الناس عَنْ ءاياتنا لغافلون} أي لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها، وهو اعتراض تذييلي جئ به عند الحكاية لذلك، ولهذه الآية وأشباهها وقع الإجماع على كفر المخذول وعدم قبول إيمانه، ويشهد لذلك أيضًا ما رواه ابن عدي والطبراني من أنه صلى الله عليه وسلم قال: «خلق الله تعالى يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنًا وخلق فرعون في بطن أمه كافرًا». فهو من أهل النار المخلدين فيها بلا ريب وبذلك قال الشيخ الأكبر قدس سره في أول كتابه الفتوحات في الباب الثاني والستين منه حيث ذكر أن الذين خلذهم الله تعالى من العباد جعلهم طائفتين، طائفة لا تضرهم الذنوب التي وقعت منهم واليهم الإشارة بقوله تعالى: {والله يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مّنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268] وهؤلاء لا تمسهم النار بما تاب الله تعالى عليه واستغفار الملأ الأعلى ودعائهم لهم.