فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



لمّا أتوا لوطا أخبروه أن قومهم هالكون من غد في الصبح، فقال لهم لوط: الآن الآن.
فقالت الملائكة: أليس الصبح بقريب.
وقوله: {مِنْ سِجِّيلٍ} [82] يقال: من طين قد طبخ حتى صار بمنزلة الأرحاء {مَنْضُودٍ} يقول: يتلو بعضه بعضا عليهم. فذلك نضده.
وقوله: {مُسَوَّمَةً} [83] زعموا أنها كانت مخطّطة بحمرة وسواد في بياض، فذلك تسويمها أي علامتها. ثم قال: {مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} يقول: من ظالمى أمّتك يا محمد. ويقال: ما هى من الظالمين يعنى قوم لوط الّذى لم يكن تخطئهم.
وقوله: {إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ} [84] يقول: كثيرة أموالكم فلا تنقصوا المكيال وأموالكم كثيرة يقال رخيصة أسعاركم {ويقال}: مدّهنين حسنة سحنتكم.
وقوله: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ} [86].
يقول: ما أبقى لكم من الحلال خير لكم، ويقال بقيّة اللّه خير لكم أي مراقبة اللّه خير لكم.
وقوله: {أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ} ويقرأ: {أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل} [87] معناه: أو تأمرك أن نترك أن تفعل {فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا} فأن مردودة على {نترك}.
وفيها وجه آخر تجعل الأمر كالنهى كأنه قال: أصلواتك تأمرك بذا وتنهانا عن ذا. وهى حينئذ مردودة على {أن} الأولى لا إضمار فيه كأنك قلت: تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء كما تقول: أضربك أن تسيئ كأنه قال: أنهاك بالضرب عن الإساءة. وتقرأ: {أو أن نفعل في أموالنا ما تشاء} و{نشاء} جميعا.
وقوله: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} استهزاء منهم به.
وقوله: {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي} [89].
يقول: لا تحملنكم عداوتى أن يصيبكم. وقد يكون: لا يكسبنكم. وقوله: {وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} يقول: إنما هلكوا بالأمس قريبا. ويقال: إن دارهم منكم قريبة وقريب.
وقوله: {أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [92]: رميتم بأمر اللّه وراء ظهوركم كما تقول: تعظّمون أمر رهطى وتتركون أن تعظّموا اللّه وتخافوه.
وقوله: {مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ} [93] {من} في موضع رفع إذا جعلتها استفهاما. ترفعها بعائد ذكرها. وكذلك قوله: {وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ} وإنما أدخلت العرب {هو} في قوله: {وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ} لأنهم لا يقولون: من قائم ولا من قاعد، إنما كلامهم: من يقوم ومن قام أو من القائم، فلمّا لم يقولوه لمعرفة أو لفعل أو يفعل أدخلوا هو مع قائم ليكونا جميعا في مقام فعل ويفعل لأنهما يقومان مقام اثنين. وقد يجوز في الشعر وأشباهه من قائم قال الشاعر:
من شارب مربح بالكأس نادمنى ** لا بالحصور ولا فيها بسوّار

وربما تهيّبت العرب أن يستقبلوا من بنكرة فيخفضونها فيقولون: من رجل يتصدّق فيخفضونه على تأويل: هل من رجل يتصدّق. وقد أنشدونا هذا البيت خفضا ورفعا:
من رسول إلى الثريّا ثأنى ** ضقت ذرعا بهجرها والكتاب

وإن جعلتهما من ومن في موضع {الذي} نصبت كقوله: {يعلم المفسد من المصلح} وكقوله: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
وقوله: {مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ} [100] فالحصيد كالزرع المحصود. ويقال: حصدهم بالسّيف كما يحصد الزرع.
وقوله: {يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ} [105] كتب بغير الياء وهو في موضع رفع، فإن أثبتّ فيه الياء إذا وصلت القراءة كان صوابا. وإن حذفتها في القطع والوصل كان صوابا. قد قرأ بذلك القرّاء فمر حذفها. إذا وصل قال: الياء ساكنة، وكلّ ياء أو واو تسكنان وما قبل الواو مضموم وما قبل الياء مكسور فإن العرب تحذفهما وتجتزئ بالضمة من الواو، وبالكسرة من الياء وأنشد في بعضهم:
كفّاك كفّ ما تليق درهما جودا ** وأخرى تعط بالسيف الدما

ومن وصل بالياء وسكت بحذفها قال: هى إذا وصلت في موضع رفع فأثبتها وهى إذا سكتّ عليها تسكن فحذفتها. كما قيل: لم يرم ولم يقض. ومثله قوله: {ما كُنَّا نَبْغِ} كتبت بحذف الياء فالوجه فيها أن تثبت الياء إذا وصلت وتحذفها إذا وقفت. والوجه الآخر أن تحذفها في القطع والوصل، قرأ بذلك حمزة، وهو جائز.
....................................................
{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} وقوله: {لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ...}
فالزفير أوَّل نهِيق الحمار وشبهِه، والشهِيق من آخره.
{خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}
وقوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ}
يقول القائل: ما هَذا الاسْتثناء وقد وعد الله أَهْل النار الخلود وأهلَ الجنّة الخلود؟ ففى ذلك مضيان أحدهما أن تجعله استثناء يَسْتثنيه وَلاَ يفعله؛ كقولك: والله لأضربنّكَ إلاّ أن أرى غير ذلك، وعزيمتُك على ضَربه، فكذلك قال: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاءَ رَبُّكَ} ولا يشاؤه والله أعلم، والقول الآخر أن العرب إذا استثنت شيئًا كبيرًا مع مثله أو مع ما هو أكبر منه كان مَعْنى إلاَّ ومعنى الواو سواء، فمن ذلك قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ والأَرْضُ} سِوَى ما يشاء من زيادة الخلود فيجعل (إلاَّ) مكان (سِوَى) فيصلح. وكأنّه قال: خالدين فيها مقدار ما كانت السَّموات وكانت الأرض سوى ما زادهم من الخلود (و) الأبد. ومثله في الكلام أن تقول: لى عَليكَ ألف إلاَّ الألفين اللذين من قِبَل فلان؛ أفلا ترى أَنه في المعنى: لى عَليكَ سوى الألفين. وهذا أحَبّ الوجهين إليَّ، لأنَّ الله عزّ وجل لا خُلْف لوعده، فقد وصل الاستثناء بقوله: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} فاسْتدل عَلى أَن الاستثناء لهم بالخلود غير منقطِع عنهم.
{وَإِنَّ كُلًا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
وقوله: {وَإِنَّ كُلًا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ...}
قرأت القراء بتشديد (لَمَّا) وتخفيفِها وتشديد إن وتخفيفها، فمنْ قال: {وَإنَّ كُلاَّ لَمَا} جعل (ما) اسمًا للناس كما قال: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} ثم جَعَل اللام التى فيها جَوابًا لإنّ، وجَعَل اللام الَّتى في {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ} لا ما دخلت عَلى نيّة يمين فيهَا: فيما بين ما وصلتها؛ كما تقول هذا مَن لَيذهبنَّ، وعندى ما لَغَيْرُهُ خير منه.
ومثله {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} وأمّا من شدّد (لمّا) فإنه- واللّه أعلم- أراد: لمن ما ليوفّينّهم، فلمّا اجتمعت ثلاث ميمات حذف واحدة فبقيت اثنتان فأدغمت في صاحبتها كما قال الشاعر:
وإنى لممّا أصدر الأمر وجهه ** إذا هو أعيا بالسبيل مصادره

ثم يخفّف كما قرأ بعض القراء {والبغي يعظكم} بحذف الياء (عند الياء) أنشدنى الكسائىّ:
وأشمتّ الغداة بنا فأضحوا ** لدىّ تباشرون بما لقينا

معناه (لدىّ) يتباشرون فحذف لاجتماع الياءات ومثله:
كأنّ من آخرها القادم ** مخرم نجد قارع المخارم

أراد: إلى القادم فحذف اللام عند اللام. وأمّا من جعل (لمّا) بمنزلة إلّا فإنه وجه لا نعرفه وقد قالت العرب: باللّه لمّا قمت عنا، وإلّا فمت عنا، فأمّا في الاستثناء فلم يقولوه في شعر ولا غيره ألا ترى أنّ ذلك لو جاز لسمعت في الكلام: ذهب الناس لمّا زيدا.
وأمّا الذين خفّفوا (إن) فإنهم نصبوا كلا بـ (ليوفّينّهم)، وقالوا: كأنّا قلنا: وإن ليوفّينّهم كلّا. وهو وجه لا أشتهيه. لأن اللام إنما يقع الفعل الذي بعدها على شئ قبله فلو رفعت كلّ لصلح ذلك كما يصلح أن تقول: إن زيد لقائم ولا يصلح أن تقول: إن زيدا لأضرب لأن تأويلها كقولك: ما زيدا إلّا أضرب فهذا خطأ في إلّا وفي اللام.
وقرأ الزهرىّ {وإنّ كلّا لمّا ليوفّينّهم} ينوّنها فجعل اللمّ شديدا كما قال: {وَتَأْكُلُونَ التُّراثَ أَكْلًا لَمًّا} فيكون في الكلام بمنزلة قولك: وانّ كلا حقّا ليوفينّهم، وإن كلا شديدا ليوفينّهم. وإذا عجّلت العرب باللام في غير موضعها أعادوها إليه كقولك: إنّ زيدا لإليك لمحسن، كان موقع اللام في المحسن، فلمّا أدخلت في إليك أعيدت في المحسن ومثله قول الشاعر:
ولو أنّ قومى لم يكونوا أعزّة ** لبعد لقد لاقيت لابد مصرعا

أدخلها في (بعد) وليس بموضعها ومثله قول أبى الجرّاح: إنى لبحمد اللّه لصالح.
وقوله: {زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [114] بضمّ اللام تجعله واحدا مثل الحلم. والزلف جمع زلفة وزلف وهى قراءة العامّة وهى ساعة من الليل ومعناه: طرفى النهار وصلاة الليل المفروضة: المغرب والعشاء وصلاة الفجر، وطرفى النهار: الظهر والعصر.
وقوله: {فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ} [116] يقول لم يكن منهم أحد كذلك إلّا قليلا أي هؤلاء كانوا ينهون فنجوا. وهو استثناء على الانقطاع ممّا قبله كما قال عزّ وجل: {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} ولو كان رفعا كان صوابا. وقوله: {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ} بقول: اتّبعوا في دنياهم ما عوّدوا من النعيم وإيثار اللذّات على أمر الآخرة. ويقال: اتّبعوا ذنوبهم وأعمالهم السّيّئة إلى النار.
وقوله: {وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ} [117].
يقول: لم يكن ليهلكهم وهم مصلحون فيكون ذلك ظلما. ويقال: لم يكن ليهلكهم وهم يتعاطون الحقّ فيما بينهم وإن كانوا مشركين والظلم الشرك.
وقوله: {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [118] إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ [119] يقول: {لا يَزالُونَ} يعنى أهل الباطل {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} أهل الحقّ {وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ} يقول: للشقاء وللسعادة. ويقال: {وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ}: للاختلاف والرحمة.
وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} [119]: صار قوله عزّ وجل: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} يمينا كما تقول: حلفى لأضربنّك، وبدا لى لأضربنّك. وكلّ فعل كان تأويله كتأويل بلغني، وقيل لى، وانتهى إلىّ، فإن اللام وأن تصلحان فيه. فتقول: قد بدا لى لأضربنّك، وبد الى أن أضربك. فلو كان: وتمّت كلمة ربك أن يملأ جهنم كان صوابا وكذلك {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ} ولو كان أن يسجنوه كان صوابا.
وقال: {وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ} [120] في هذه السورة. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة هود:
{أحكمت} [1] بالأمر والنهي {ثم فصلت} بالوعد والوعيد.
{ألا تعبدوا} [2] أي: فصلت لئلا تعبدوا. و{استغفروا ربكم} [3] من الذنوب السالفة و{توبوا} من الآنفة.
{ويؤت كل ذي فضل فضله} إعلام بتفاوت الدرجات في الآخرة، وترغيب في العمل لها.
{يثنون صدورهم} [5] كانوا إذا مروا برسول الله ثنوا صدورهم وتغشوا بثيابهم لئلا يروه. وقيل: {يثنون} يطوونها على البغض له والجحد به. كما قيل في معناه:
طويت الحشا منها على كل كربة ** تاد ولم أجمع على منية يدا

{ويعلم مستقرها ومستودعها} [6] حياتها وموتها. وقيل: {مستقرها} في الرحم، {ومستودعها} في الصلب.
{وكان عرشه على الماء} [7] أي: بنية ما بناه على الماء. وذلك أعجب وأدل على القدرة القاهرة، والصفة الباهرة، يقال عرش يعرش عرشًا، وأصل العرش في اللغة: خشبات يوضع عليها ثمام يستظل به الساقي قال الراجز:
أكل عام عرشها مقيلي

حتى ترى المئزر ذا الفضول

مثل جناح السبد الغسيل

{إلى أمة معدودة} [8] إلى أجل محدود.
{نوف إليهم أعمالهم} [15] أي من أراد الدنيا، وفاه الله ثواب حسناته في الدنيا. وقيل: إنها في المنافقين الذين غزول طلبًا للمغانم.
{أفمن كان على بينة من ربه} [17] فيه حذف الخبر، من حاله هذه كمن هو في ضلال. والبينة: القرآن. وقيل: ما ركز في العقل من الاستدلال على التوحيد.
{ويتلوه شاهد} على هذا القول ما يتضمنه القرآن من الحجج فهو شاهد للعقل.
وعلى القول الأول: ما يتضمنه العقل من وجوه الأدلة فهو شاهد للقرآن والأولى: حمل الشاهد على القرآن، أو على النبي عليه السلام ليعود ما بعده من الضمائر إلى واحد منهما. أعني قوله: {ومن قبله كتب موسى}، وقوله: {ومن يكفر به}، {فلا تك في مرية منه}.
{ويبغونها عوجًا} [19] وقيل: يؤولون القرآن تأويلًا باطلًا. وتكرير (هم) في قوله: {هم كافرون}، لتقرير التحذير، وتأكيد القول، كقول الهذلي:
رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع ** فقلت وأنكرت الوجوه هم هم

فعاديت شيئًا [والدريس] كأنما ** يزعزعه وعك من الموم مردم

{ما كانوا يستطيعون السمع} [20] أي: استماع الحق والاعتبار به بغضًا له، كقوله: {إنك لن تستطيع معي صبرًا}، أي: لا تفعله.
{لا جرم} [22] أي: حقًا.
وقيل: {لا جرم} لابد، والجرم: القطع، أي: لا قطع قاطع أن يكون كذا.
{وأخبتوا إلى ربهم} [23] تخشعوا له واطمأنوا به.
{بادي الرأي} [27] بالهمز: أول الرأي، وبغير الهمز: ظاهر الرأي.
وفي معنى الأول قول الخطابي:
ولولا الهوى أبصرت رائي ** ومن يثق بأول رائيه فليس بعاقل

وذو النصح أهدى فيكم لي ** نصيحة ولكنما أهدى إلى غير قابل

وفي معنى الثاني قول الآخر:
غموض الحق حين تذب عنه ** يقلل ناصر الرجل المحق

فضل عن الدقيق عقول قوم ** فيقضي للمجل على [المدق]

ونصب بادي الرأي، أي: في بادي الرأي، ويجوز كونه ظرفًا للرؤية والاتباع والأرذال.
{وما أنا بطارد الذين ءامنوا} [29] أي: الذين قالوا لهم الأراذل: لأنهم {ملاقوا ربهم}.
{إن كان الله يريد أن يغويكم} [34] مجازاةً على كفركم.
وقيل: يحرمكم من رحمته. ومنه قوله تعالى: {فسوف يلقون غيًا} أي: خيبة وحرمانًا. قال المرقش:
ومن يلق خيرًا يحمد الناس أمره ** ومن يغو لا يعدم على الغي لائمًا

{فلا تبتئس} [36] فلا تحزن ولا تأسف، من البأساء.
{واصنع الفلك بأعيننا} [37].
أي: حفظنا حفظ من يرى.
{ووحينا} أي: تعليمنا من أمرنا.
{وفار التنور} [40] قال مجاهد: فار الماء من مكان النار آيةً للعذاب.
وقال ابن عباس: التنور وجه الأرض. وعن علي: أنه فار من الكوفة ثم طبق الأرض، وأن التنور من تنوير الصبح، فكما أن الصبح إذا نور ملأ الآفاق، فكذلك ذلك الماء لما سال عم الأرض.
وقيل: إنه على طريقة المثل، أي: اشتد غضب الله عليهم، وحل عذابه بهم، كقوله عليه السلام: «الآن حمي الوطيس». وكقول الشاعر:
تفور علينا قدرهم فنديمها ** ونفثؤها عنا إذا حميها غلا

وكقول الفرزدق:
وقدر فثأنا غليها بعدما ** غلت وأخرى حششنا بالعوالي

[تؤثف] {من كل زوجين اثنين} أي: ذكر وأنثى في حال ازدواجهما. والزوج واحد له شكل، والاثنان زوجان ولذلك حسن لفظ اثنين بعد زوجين.