فصل: أسئلة وأجوبة في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قرأ ابن كثير {فلا تسألن} بفتح النون مع التشديد الأصل فلا تسأل جزما على النهي ثم دخلت نون التوكيد ففتحت اللام لالتقاء الساكنين كما تقول لا تضربن ولا تشتمن أحدا الأصل لا تضرب ثم دخلت نون التوكيد فبني الكلام على الفتح لاجتماع الساكنين.
قرأ أهل المدينة {فلا تسألني} بتشديد النون وإثبات الياء في الوصل الأصل فلا تسألنني فاجتمعت ثلاث نونات مثل ما اجتمعت في إنني وكأنني ثم حذفوا النون التي زيدت مع الياء فقيل إني وكذلك حذفت النون في قوله: {فلا تسألني}.
وقرأ قالون عن نافع وابن عامر {فلا تسألن} مكسورة النون مشددة من غير ياء الأصل كما ذكرنا إلا أنهم حذلوا الياء لأن الكسرة تدل على الياء.
وقرأ أبو عمرو {فلا تسألني} بتخفيف النون وسكون اللام مثبتة الياء في الوصل النون مع الياء اسم المتكلم في موضع نصب والنون.
إنما دخلت ليسلم سكون اللام قال عباس سألت أبا عمرو فقلت وقرأ بعض القراء {فلا تسألن} بفتح النون وأنا أقرأ {فلا تسألني} لقول الله تعالى: {رب إني أعوذ بك أن أسألك} 47 قال أن أسألك يدل على أنه نهاه أن يسأله.
وقرأ أهل الكوفة {فلا تسألن} خفيفة النون محذولة الياء وإنما حذفوا الياء اختصارا لأن الكسرة تدل على الياء.
{ومن خزي يومئذ} 66.
قرأ نافع والكسائي {ومن خزي يومئذ} بفتح الميم جعلا يوم وإذ بمنزلة اسمين جعلا اسما واحدا كقولك خمسة عشرة وقيل إنما فتح لأن الإضافة لا تصح إلى الحروف ولا إلى الأفعال فلما كانت إضافة يوم إلى إذ غير محضة فتح وبني.
وقرأ الباقون {ومن خزي يومئذ} بكسر الميم أجروا الإضافة إلى يوم مجراها إلى سائر الأسماء فكسروا اليوم على الإضافة كما يكسر المضاف إليه من سائر الأسماء وعلامة الإضافة سقوط التنوين من خزي.
{ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود} 68.
قرأ حمزة وحفص {ألا إن ثمود كفروا ربهم} بغير تنوين.
وكذلك في الفرقان والعنكبوت والنجم ودخل معهما أبو بكر في النجم وقرأ الباقون بالتنوين.
فمن ترك التنوين جعله اسما لقبيلة فاجتمعت علتان التعريف والتأنيث فامتنع من الصرف ومن نون جعله اسما مذكرا لحي أو رئيس وحجتهم في ذلك المصحف لأنهن مكتوبات في المصحف بالألف وزاد الكسائي عليهم حرفا خامسا وهو قوله: {ألا بعدا لثمود} منونا وقال إنما أجريت الثاني لقربه من الأول لأنه استقبح أن ينون اسما واحدا ويدع التنوين في آية واحدة ويخالف بين اللفظين وقد جود الكسائي فيما قال لأن أبا عمرو سئل لم شددت قوله تعالى: {قل إن الله قادر أن ينزل آية} وأنت تخفف ينزل في كل القرآن فقال لقربه من قوله: {قالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية}.
فإن سأل سائل فقال قوله: {وآتينا ثمود الناقة} من موضع نصب فهلا نون كما نون سائر المنصوبات الجواب أن هذا الحرف كتب في المصحف بغير ألف والاسم المنون إذا استقبله ألف ولام جاز ترك التنوين كقوله: {قل هل هو الله أحد الله الصمد}.
{قالوا سلما قال سلم} 69.
قرأ حمزة والكسائي {قالوا سلاما قال سلم} بكسر السين وفي الذاريات مثله جعلاه من السلم وهو الصلح أي أمري سلم لست مريدا غير السلامة والصلح قال الفراء المعنى نحن سلم لأن التسليم لا يكون من عدو وكأن الفراء ذهب إلى أن الملائكة لما سلموا عليه كان ذلك دليلا على براءتهم مما وقع في نفسه من أنهم عدو فقال لهم حينئذ نحن متسالمون آمنون إذ سلمتم علينا ويكون معنى قوله في الذاريات {قوم منكرون} أي غير معروفين في بلدنا وإن التسليم منكم منكر لأنه لا يعهده إلا ممن هو على دينه ولم يتقرر عنده أنهم منهم قالوا والدليل على أن الثاني بخلاف معنى الأول أن إعرابهما مختلف فلو كانت الثانية مخرجها مخرج الأولى نصبت كما نصبت الأولى وقال قوم يجوز أن يكون معنى قوله سلم في معنى سلام كما قالوا حل وحلال وحرم وحرام قالوا والدليل على صحة ذلك أن التفسير ورد بأنهم سلموا عليه فرد عليهم.
وقرأ الباقون {قال سلام} جعلوه من التسليم وحجتهم في ذلك أنه مجمعون على الأول أنه بألف وهو تسليم الملائكة فردوا ما اختلفوا فيه إلى ما أجمعوا عليه الأول نصب على المصدر على معنى سلمنا سلاما والثاني رفع على إضمار عليكم سلام ومن قرأ سلم أي أمري سلم.
{فبشرناه بإسحق ومن وراء إسحق يعقوب} 71.
قرأ حمزة وابن عامر وحفص {ومن وراء إسحاق يعقوب} بالنصب وقرأ الباقون بالرفع.
قال الزجاج فأما من قرأ {ومن وراء إسحاق يعقوب} في موضع نصب فمحمول على المعنى المعنى وهبنا لها إسحاق ووهبنا لها يعقوب ومن قرأ يعقوب فرفعه على ضربين أحدهما ابتداء مؤخر معناه التقديم والمعنى ويعقوب يحدث لها من وراء إسحاق ويجوز أن يكون مرفوعا بالفعل الذي يعمل في قوله: {من وراء} كأنه قال ويثبت لها من وراء إسحاق يعقوب.
{فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} 81.
قرأ نافع وابن كثير {فأسر بأهلك} بوصل الألف في كل القرآن من سرى يسري.
وقرأ الباقون {فأسر... بقطع} الألف وهما لغتان فصيحتان نزل بهما القرآن قال الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده} وقال: {والليل إذ يسري} يقال سريت وأسريت إذا سرت ليلا وقال آخرون منهم أبو عمرو الشيباني يقال سرى في أول الليل وأسرى من آخره.
قرأ ابن كثير وأبو عمرو {ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك} بالرفع على معنى ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك فإنها ستلتفت فقوله: {امرأتك} بدل من قوله: {أحد} كقولك ما قام أحد إلا أبوك وما رأيت أحدا إلا أخاك وكان أبو عمرو يتأول أن لوطا كان سار بها في أهله وحجته ما روي عن ابن عباس أنه قال إنها سمعت الوجبة فالتفتت فأصابها العذاب.
وقرأ الباقون {امرأتك} بالنصب استثناء من الإسراء وحجتهم ما روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: {فأسر بأهلك بقطع من الليل... إلا أمرأتك} فدل ذلك أن الاستثناء كان من أهله الذين أمر بالإسراء بهم لا من أحد والمعنى في هذه القراءة أنه لم يخرج امرأته مع أهله وفي القراءة الأخرى أنه خرج بها فالتفتت فأصابتها الحجارة.
{أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا} 87.
قرأ حمزة والكسائي وحفص {أصلاتك} بغير واحد وحجتهم إجماع الجميع على التوحيد في قوله: {إن صلاتي ونسكي}.
وقرأ الباقون {أصلواتك} على الجمع وحجتهم أنها مكتوبة في المصحف بواو وكذلك في سورة براءة.
{يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه} 105.
قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي {يوم يأتي} بالياء في الوصل وأثبتها ابن كثير في الوقف أيضا وحجتهم أنها مثبتة في المصحف.
وقرأ الباقون بحذف الياء قال الخليل إن العرب تقول لا أدر فتحذف الياء وتجتزئ بالكسر إلا أنهم يزعمون أن ذلك لكثرة الاستعمال والأجود في النحو إثبات الياء.
{وأما الذين سعدوا ففي الحنة} 108.
قرأ حمزة والكسائي وحفص {وأما الذين سعدوا} بضم السين على ما لم يسم فاعله تقول سعد زيد لازما وسعده الله متعديا قال الكسائي سعد واسعد لغتان ومن ذلك رجل مسعود من سعد اعلم أن سعده الله قليل في الاستعمال ومصدره ومفعوله كثير لأن مسعودا في كلام العرب أكثر من مسعد وأسعده الله في كلامهم أكثر من سعده الله فقول مسعود يدل على جواز سعده الله وقراءتهم لا تكون إلا من سعده الله فغالب الاستعمال في المفعول على الفعل الذي لا زيادة فيه هو سعد وغالب الاستعمال في الفعل هو اللفظ الذي بزيادة الميم وهو أسعد ومثله يقال أحب والاسم منه محب إلا أنه قل الاسم من أحب وإنما يقولون محبوب وكثر الفعل منه فيقال أحب وكثر الاسم من حب فيقولون محبوب وقل الفعل منه فلا يقال حب وكذلك سعد قل الفعل منه وكثر الاسم منه وقل الاسم من أسعد فلا يقال مسعد وكثر الفعل منه فيقال أسعد.
وقرأ أهل الحجاز والبصرة والشام وأبو بكر {وأما الذين سعدوا} بفتح السين وحجتهم ذكرها اليزيدي فقال يقال ما سعد زيد حتى أسعده الله وهذه القراءة هي المختارة عند أهل اللغة يقال سعد فلان وأسعده الله وأخرى وهي أنهم أجمعوا على فتح الشين في {شقوا} 106 ولم يقل شقوا فكان رد ما اختلفوا فيه إلى حكم ما أجمعوا عليه أولى ولو كانت بضم السين كان الأفصح أن يقال أسعدوا.
{وإن كلا لما ليوفينهم ربك أعمالهم} 111.
وقرأ أبو عمرو والكسائي {وإن كلا} لما بتشديد إن وتخفيف لما وجهه بين وهو أنه نصب كلا بإن وإن تقتضي أن تدخل على خبرها اللام أو على اسمه إذا حل محل الخبر فدخلت هذه اللام وهي لام الابتداء على الخبر في قوله: {وإن كلا لما} وقد دخلت في الخبر لام أخرى وهي لام القسم وتختص بالدخول على الفعل ويلزمها في أكثر الأمر إحدى النونين فلما اجتمعت اللامان فصل بينهما بما فلام لما لام إن وما دخلت للتوكيد ولم تغير المعنى ولا العمل واللام التي في {ليوفينهم} لام القسم.
وقال أهل الكوفة في ما التي في لما وجهان أحدهما أن يكون بمعنى من أي وإن كلا لمن ليوفينهم ربك كما قال سبحانه: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء} وإن أكثر استعمال العرب لها في غير بني آدم والوجه الآخر أن يجعل ما التي في لما بمعنى ما التي تدخل صلة في الكلام ويلي هذا الوجه في البيان قراءة نافع وابن كثير.
فأما تخفيف إن وترك النصب على حاله فلأن إن مشبهة بالفعل فإذا حذف التشديد بقي العمل على حاله وهي مخففة من.
إن قال سيبويه حدثني من أثق به أنه سمع من العرب من يقول إن عمرا لمنطلق.
فإن سأل سائل فقال إنما نصبت ب إن تشبيها بالفعل فإذا خففت زال شبه الفعل فلم نصبت بها.
فالجواب أن من الأفعال ما يحذف منه فيعمل عمل التام كقولك لم يك زيد منطلقا فكذلك إن جاز حذفها وإعمالها.
وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص {كلا لما} بالتشديد فيها قال الكسائي من شدد إن ولما فالله أعلم بذلك وليس لي به علم وقال الفراء أما الذين شددوا فإنه والله أعلم لمما ثعلب يروي بكسر الميم لمن أراد لمن ما ليوفينهم فلما اجتمعت الميمات حذفت واحدة فبقيت ثنتان أدغمت واحدة في الأخرى كما قال الشاعر:
وإني لمما أصدر الأمر وجهه ** إذا هو أعيا بالسبيل مصادره

وقال آخرون معنى ذلك {وإن كلا لما} بالتشديد أراد لما بالتنوين ولكن حذف منه التنوين كما حذف من قوله: {أرسلنا رسلنا تترى}. قال الفراء وحدثت أن الزهري قرأ {وإن كلا لما} بالتنوين يجعل اللم شديدا كقوله أكلا لما أي شديدا فيكون المعنى وإن كلا شديدا وحقا ليوفينهم أعمالهم بمنزلة قولك في الكلام وإن كلا حقا ليوفينهم وقال آخرون منهم المازني إن أصلها لمما ثم شددت الميمين زيادة للتوكيد وكيلا يحذفها الإنسان ويشبهها بقوله فبما رحمة من الله فيقول وإن كلا ليوفينهم فيجتمع لامان فلهذا شددت قال الفراء وأما من جعل لما بمنزلة إلا فإنه وجه لا نعرفه كما لا يحسن إن زيدا إلا منطلق فكذلك لا يحسن وإن كلا إلا ليوفينهم شرح هذا أن إن إثبات للشيء وتحقيق له وإلا تحقيق أيضا وإيجاب وإنما تدخل نقضا لجحد قد تقدمها كقولك ما زيد إلا منطلق وكقوله: {إن كل نفس لما عليها حافظ} أي ما كل نفس إلا عليها حافظ وفي قوله تعالى: {وإن كلا لما} لم يتقدمه حرف جحد فيقول إن لما بمعنى إلا كما ذكرنا وإنما تقدم هاهنا إن التي للتحقيق فقد بطل قول من قال إن لما بمعنى إلا ووجهها ما قد ذكرنا عن أهل النحو.
وقرأ أبو بكر {وإن كلا} خفيفة لما مشددة وإن مخففة من إن وقد ذكرنا أن العرب تقول إن عمرا لمنطلق ولا يجوز أن يجعل إن بمعنى التي تكون بمعنى الجحد لأنها قد نصبت وإن إذا كانت بمعنى الجحد لا تنصب.
قال الكسائي من خفف إن وشدد لما لست أدري والله أعلم بوجهه إنما نقرأ كما أقرئنا قال وذلك أن إن إذا نصبت بها وإن كانت مخففة كانت بمنزلتها مثقلة ولما إذا شددت كانت بمنزلة إلا قلت وجه هذه القراءة ما قد ذكرنا في قراءة حمزة وابن عامر والله أعلم.
{وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه وما ربك بغافل عما تعملون} 123.
قرأ نافع وحفص {وإليه يرجع الأمر} بضم الياء على ما لم يسم فاعله أي يرد الأمر كله إليه، وقرأ الباقون {يرجع} أي يصير الأمر إليه وحجتهم قوله: {ألا إلى الله تصير الأمور} ولم يقل تصار قرأ نافع وابن عامر وحفص: {وما ربك بغافل عما تعملون} بالتاء على الخطاب، وقرأ الباقون بالياء أي {وما ربك بغافل عما يعمل} هؤلاء المشركون. اهـ.

.أسئلة وأجوبة في السورة الكريمة:

.قال الخطيب الإسكافي:

سورة هود عليه السلام:

.105- الآية الأولى منها:

قوله تعالى: {لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون} (هود: 22).
وقال في سورة النحل (109): {لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون}.
للسائل أن يسأل عما خصص كل واحد من اللفظين بمكانه دون الآخر؟
والجواب أن يقال: إن الآية التي في سورة هود قد تقدمها قوله: {... وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون} (هود20) وإنما قال: {يضاعف لهم العذاب} لأنه خبر عن قوم أخبر عنهم بالفعل الذي استحقوا به مضاعفة العذاب في قوله تعالى: {الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم الكافرون} (هود19) فإذا صدوا هم عن الدين صدودا، وصدوا غيرهم عنه صدا استحقوا تضعيف العذاب، لأنهم ضلوا وأضلوا، فهذا لـ (الأخسرين) دون (الخاسرين) من طريق المعنى، وهاهنا ما يضامه من طريق اللفظ، وهو أن ما قبله من الفواصل {يبصرون} (هود: 20): {وضل عنهم ما كانوا يفترون} (هود: 21) قبل نونه وواوه متحركان، مستندان إلى ما قبلهما، فاجتماع المعنى الذي ذكرناه، والتوفقة بين الفواصل التي بينا أوجبا اختيار (الأخسرين) في هذا الموضع على (الخاسرين).
وأما التي في سورة النحل فإنها في آية لم يخبر فيها عن الكفار بأنهم مع ضلالهم أضلوا من سواهم، وإنما قال فيهم: {ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله يهدي القوم الكافرين} (النحل: 107) فلم يذكر ما يوجب مضاعفة العذاب، ثم كانت الفواصل التي حملت هذه عليها وزان (الكافرين) و(الغافلين) فاقتضى هذان الشيئان أن يقال: {هم الخاسرون} كما اقتضى السببان في الأولى المخالفان للسببين هنا أن قال: {الأخسرون}.