فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومعنى أيكم أحسن عملًا: أهذا أحسن أم هذا.
قال ابن بحر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «أيكم أحسن عقلًا، وأورع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله» ولو صح هذا التفسير عن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعدل عنه. وقال الحسن: أزهد في الله.
وقال مقاتل: أتقى لله. وقال الضحاك: أكثركم شكرًا. قال الزمخشري: (فإن قلت): فكيف قيل: أيكم أحسن عملًا وأعمال المؤمنين هي التي تتفاوت إلى حسن وأحسن، فأما أعمال المؤمنين والكافرين فتفاوتهما إلى حسن وقبيح؟ (قلت): الذين هم أحسن عملًا هم المتقون، وهم الذين استبقوا إلى تحصيل ما هو غرض الله منن عباده، فخصهم بالذكر، واطرح ذكر من وراءهم تشريفًا لهم وتنبيهًا على مكانهم، وليكون ذلك تيقظًا للسامعين وترغيبًا في حيازة فضلهم انتهى.
ولئن قلت، خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم. وقرأ عيسى الثقفي: ولئن قلت بضم التاء إخبارًا عنه تعالى، والمعنى: ولئن قلت مستدلًا على البعث من بعد الموت، إذ في قوله تعالى: {وهو الذي خلق}، دلالة على القدرة: العظيمة، فمتى أخبر بوقوع ممكن وقع لا محالة، وقد أخبر بالبعث فوجب قبوله وتيقن وقوعه.
وقرئ: {أيكم} بفتح الهمزة.
قال الزمخشري: ووجهه أن يكون من قولهم: ائت السوق إنك تشتري لحمًا، بمعنى علك أي: ولئن قلت لهم لعلكم مبعوثون بمعنى توقعوا بعثكم وظنوه، لأثبتوا القول بإنكاره لقالوا: ويجوز أن يضمن.
قلت معنى ذكرت انتهى يعني: فبفتح الهمزة لأنها في موضع مفعول ذكرت، والظاهر الإشارة بهذا إلى القول أي: إن قولك إنكم مبعوثون إلا سحر أي بطلان هذا القول كبطلان السحر، ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما دلت عليه الجملة من البعث.
أي: إن البعث.
وقيل: أشاروا بهذا إلى القرآن، وهو الناطق بالبعث، فإذا جعلوه سحرًا فقد اندرج تحته إنكار ما فيه من البعث وغيره.
قال ابن عطية: كذبوا وقالوا: هذا سحر، فهذا تناقض منهم إن كان مفطورًا بقربات الله فاطر السموات والأرض فهو من جملة المقرب بهذا، وهم مع ذلك ينكرون ما هو أيسر منه بكثير وهو البعث من القبور، إذ البداءة أعسر من الإعادة، وإذ خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس انتهى.
وقرأ الحسن، والأعرج، وأبو جعفر، وشيبة، وفرقة من السبعة: سحر.
وقرأت فرقة: ساحر، يريدون والساحر كاذب مبطل، ولئن أخرنا حكى تعالى نوعًا آخر من أباطيلهم واستهزائهم، والعذاب هنا عذاب القيامة.
وقيل: عذاب يوم بدر.
وعن ابن عباس: قتل جبريل المستهزئين، والظاهر العذاب الموعود به، والأمّة هنا المدة من الزمان قاله: ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، والجمهور، ومعناه: إلى حين.
ووقت معلوم ما يحبسه استفهام، قالوه وهو على سبيل التكذيب والاستهزاء.
قال الطبري: سميت المدة أمة، لأنها يقضي فيها أمة من الناس وتحدث أخرى، فهي على هذا المدة الطويلة، ثم استفتح الأخبار بأنه يوم لا يردّه شيء ولا يصرفه.
والظاهر أنّ يوم منصوب بقوله: مصروفًا، فهو معمول لخبر ليس.
وقد استدل به على جواز تقديم خبر ليس عليها قالوا: لأن تقدم المعمول يؤذن بتقدم العامل، ونسب هذا المذهب لسيبويه، وعليه أكثر البصريين.
وذهب الكوفيون والمبرد: إلى أنه لا يجوز ذلك، وقالوا: لا يدل جواز تقدم المعمول على جواز تقدم العامل.
وأيضًا فإنّ الظرف المجرور يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما، ويقعان حيث لا يقع العامل فيهما نحو: إن اليوم زيدًا مسافر، وقد تتبعت جملة من دواوين العرب فلم أظفر بتقدم خبر ليس عليها، ولا بمعموله، إلا ما دل عليه ظاهر هذه الآية، وقول الشاعر:
فيأبى فما يزداد إلا لجاجه ** وكنت أبيًا في الخفا لست أقدم

وتقدم تفسير جملة وحاق بهم. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}
أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال أهل اليمن: يا رسول الله أخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟ قال: «كان الله قبل كل شيء وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض» فنادى مناد: ذهبت ناقتك يا ابن الحصين، فانطلقت فإذا هي يقطع دونها السراب، فوالله لوددت أني كنت تركتها.
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات «عن أبي رزين رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء» قال الترمذي رضي الله عنه: العماء: أي ليس معه شيء.
وأخرج مسلم والترمذي والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال: دخل قوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: جئنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتفقه في الدين ونسأله عن بدء هذا الأمر. فقال: «كان الله ولا شيء غيره وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق سبع سموات ثم أتاني آت فقال: هذه ناقتك قد ذهبت. فخرجت والسراب ينقطع دونها، فلوددت أني كنت تركتها».
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما. أنه سئل عن قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء} على أي شيء كان؟ قال: على متن الريح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وكان عرشه على الماء} قال: قبل أن يخلق شيئًا.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: كان عرشه على الماء، فلما خلق السموات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل صفاء تحت العرش وهو البحر المسجور، فلا تقطر منه قطرة حتى ينفخ في الصور فينزل منه مثل الطل فتنبت منه الأجسام، وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى.
وأخرج داود بن المحبر في كتاب العقل وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في كتاب التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {ليبلوكم أيكم أحسن عملًا} فقلت: ما معنى ذلك يا رسول الله؟ قال: ليبلوكم أيكم أحسن عقلًا، ثم قال: وأحسنكم عقلًا، أورعكم عن محارم الله، وأعلمكم بطاعة الله».
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله: {ليبلوكم} قال: يعني الثقلين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ليبلوكم} قال: ليختبركم: {أيكم أحسن عملًا} قال: أيكم أتم عقلًا.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه: {ليبلوكم أيكم أحسن عملًا} قال: أزهد في الدنيا. أما قوله تعالى: {ولئن قلت إنكم مبعوثون من بعد الموت ليقولن الذين كفروا} الآية.
وأخرج أبو الشيخ عن زائدة رضي الله عنه قال: قرأ سليمان بن موسى في هود عند سبع آيات: {ساحر مبين}. اهـ.

.أسئلة وأجوبة:

السؤال الأول: ما الفائدة في ذكر أن عرشه كان على الماء قبل خلق السموات والأرض؟
والجواب: فيه دلالة على كمال القدرة من وجوه: الأول: أن العرش كونه مع أعظم من السموات والأرض كان على الماء فلولا أنه تعالى قادر على إمساك الثقيل بغير عمد لما صح ذلك، والثاني: أنه تعالى أمسك الماء لا على قرار وإلا لزم أن يكون أقسام العالم غير متناهية، وذلك يدل على ما ذكرناه.
والثالث: أن العرش الذي هو أعظم المخلوقات قد أمسكه الله تعالى فوق سبع سموات من غير دعامة تحته ولا علاقة فوقه، وذلك يدل أيضًا على ما ذكرنا.
السؤال الثاني: هل يصح ما يروى أنه قيل يا رسول الله، أين كان ربنا قبل خلق السموات والأرض؟ فقال كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء.
والجواب: أن هذه الرواية ضعيفة، والأولى أن يكون الخبر المشهور أولى بالقبول وهو قوله صلى الله عليه وسلم كان الله وما كان معه شيء، ثم كان عرشه على الماء.
السؤال الثالث: اللام في قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} يقتضي أنه تعالى خلق السموات والأرض لابتلاء المكلف فكيف الحال فيه؟ والجواب ظاهر هذا الكلام يقتضي أن الله تعالى خلق هذا العالم الكثير لمصلحة المكلفين، وقد قال بهذا القول طوائف من العقلاء، ولكل طائفة فيه وجه آخر سوى الوجه الذي قال به الآخرون، وشرح تلك المقالات لا يليق بهذا الكتاب.
والذين قالوا إن أفعاله وأحكامه غير معللة بالمصالح قالوا: لام التعليل وردت على ظاهر الأمر، ومعناه أنه تعالى فعل فعلًا لو كان يفعله من تجوز عليه رعاية المصالح لما فعله إلا لهذا الغرض.
السؤال الرابع: الابتلاء إنما يصح على الجاهل بعواقب الأمور وذلك عليه تعالى محال، فكيف يعقل حصول معنى الابتلاء في حقه؟
والجواب: أن هذا الكلام على سبيل الاستقصاء ذكرناه في تفسير قوله تعالى في أول سورة البقرة: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21].
واعلم أنه تعالى لما بين أنه خلق هذا العالم لأجل ابتلاء المكلفين وامتحانهم فهذا يوجب القطع بحصول الحشر والنشر، لأن الابتلاء والامتحان يوجب تخصيص المحسن بالرحمة والثواب وتخصيص المسيء بالعقاب، وذلك لا يتم إلا مع الاعتراف بالمعاد والقيامة، فعند هذا خاطب محمدًا عليه الصلاة والسلام وقال: {وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت لَيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} ومعناه أنهم ينكرون هذا الكلام ويحكمون بفساد القول بالبعث.
فإن قيل: الذي يمكن وصفه بأنه سحر ما يكون فعلًا مخصوصًا، وكيف يمكن وصف هذا القول بأنه سحر؟
قلنا: الجواب عنه من وجوه: الأول: قال القفال: معناه أن هذا القول خديعة منكم وضعتموها لمنع الناس عن لذات الدنيا وإحرازًا لهم إلى الانقياد لكم والدخول تحت طاعتكم.
الثاني: أن معنى قوله: {إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} هو أن السحر أمر باطل، قال تعالى حاكيًا عن موسى عليه السلام: {مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ} [يونس: 81] فقوله: {إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} أي باطل مبين.
الثالث: أن القرآن هو الحاكم بحصول البعث وطعنوا في القرآن بكونه سحرًا لأن الطعن في الأصل يفيد الطعن في الفرع.
الرابع: قرأ حمزة والكسائي: {إِنْ هذا إِلاَّ ساحر} يريدون النبي صلى الله عليه وسلم والساحر كاذب. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ}: في هذه اللام وجهان، أحدهما: أنها متعلقةٌ بمحذوفٍ فقيل: تقديرُه: أَعْلَمَ بذلك ليبلوَكم. وقيل: ثَمَّ جملٌ محذوفةٌ والتقدير: وكان خلقُه لهما لمنافعَ يعودُ عليكم نفعُها في الدنيا دون الآخرة وفَعَل ذلك لِيَبْلُوَكم. وقيل: تقديرُه: وخلقكم ليبلوَكم. والثاني: أنها متعلقةٌ ب {خلق} قال الزمخشري: أي: خلقهُنَّ لحكمةٍ بالغةٍ وهي أَنْ يَجْعَلَها مساكنَ لعباده وينعمَ عليهم فيها بصنوف النِّعَمِ ويُكَلِّفهم فعلَ الطاعاتِ واجتنابَ المعاصي، فَمَنْ شكر وأطاع أثابه، ومَنْ كفر وعصى عاقبه، ولمَّا أَشْبَهَ ذلك اختبارَ المُخْتبر قال: {ليبلوَكم}، يريد: ليفعلَ بكم ما يفعل المبتلي لأحوالكم.
قوله: {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ} مبتدأٌ وخبر في محل نصب بإسقاط الخافضِ؛ لأنه مُعَلِّقٌ لقوله: {ليبلوكم}. قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز تعليقُ فعلِ البلوى؟ قلت: لما في الاختيار من معنى العلم؛ لأنه طريقٌ إليه فهو ملابسٌ له كما تقول: انظر أيُّهم أحسنُ وجهًا، واسمع أيُّهم أحسنُ صوتًا لأن النظر والاستماع من طرق العلم. وقد واخذه الشيخُ في تمثيله بقوله واسمع قال: لم أعلمْ أحدًا ذكر أنَّ استمع يُعَلَّق، وإنما ذكروا من غيرِ أفعالِ القلوب سَلْ، وانظر، وفي جواز تعليق رأى البصريةِ خلافٌ.
قوله: {وَلَئِن قُلْتَ}: هذه لامُ التوطئة للقسم، و{ليقولُنَّ} جوابُه، وحُذِفَ جوابُ الشرط لدلالة جواب القسم عليه، و{إنكم} محكيٌّ بالقول، ولذلك كُسِرت في قراءة الجمهور. وقرئ بفتحها، وفيها تأويلان ذكرهما الزمخشري، أحدهما: أنها بمعنى لعلَّ، قال: مِنْ قولهم: ائت السُّوق أنك تشتري لحمًا، أي: لعلك، أي: ولئن قلت لهم: لعلكم مبعوثون بمعنى توقَّعوا بَعْثَكم وظُنُّوه، ولا تَبُثُّوا القولَ بإنكاره، لقالوا. والثاني: أن تُضَمِّنَ قلتَ معنى ذَكَرْتَ يعنى فتفتح الهمزة لأنها مفعول ذكرْتَ.
قوله: {إِنْ هاذا إِلاَّ سِحْرٌ} قد تقدم أنه قرئ {سِحْر} و{ساحر}، فَمَنْ قرأ: {سِحْر} فهذا إشارةٌ إلى البعث المدلولِ عليه بما تقدَّم، أو إشارةٌ إلى القرآن لأنه ناطق بالبعث. ومَنْ قرأ: {ساحر} فالإِشارةُ ب {هذا} إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ويجوز أن يُرادَ ب {هذا} في القراءة الأولى النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم أيضًا، ويكون جَعَلوه سِحْرًا مبالغةً، أو على حذف مضاف، أي: إلا ذو سحر. ويجوز أن يُراد ب {ساحر} نفسُ القرآنِ مجازًا كقولهم شعرٌ شاعرٌ وجَدَّ جَدُّه. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
قوله جلّ ذكره: {وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الَماءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}.
وأَحْسَنُ الأعمالِ موافقةُ الأمرِ، ولم يَقُلْ أكثر عملًا.
ويقال أحسن الأعمال ما كان صاحبُه أشدَّ إخلاصًا فيه.
ويقال أحسنهم عملًا أبعدُهم عن ملاحظة أعماله.
ويقال أحسن الأعمال ما ينظر إليه صاحبه بعين الاستصغار.
ويقال أحسن الأعمال ما لا يطلبُ صاحبُه عليه عِوَضًا.
ويقال أحسن الأعمال ما غابَ عنه صاحبه لاستغراقه في شهود المعبود.
قوله: {لِيَبْلُوَكُمْ} الابتلاءُ مِنْ قِبَلِه تعريفُ الملائكة حالَ من يبتليه في الشكر عند اليُسْر والصبر عند العُسر.
قوله جلّ ذكره: {وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوتِ لِيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ}.
استبعدوالنَّشْرَ لِتَقاصُرِ علومهم عن التحقُّق بكمال قدرة الحق، ولو عرفوا ذلك لأيقنوا أن البث ليس بمعتاص في الإيجاد ولا يمستحيلٍ في التقدير. اهـ.