فصل: من فوائد الألوسي في الآية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الألوسي في الآية:

قال رحمه الله:
{وَإِذْ قُلْنَا ادخلوا هذه القرية} منصوبة على الظرفية عند سيبويه، والمفعولية عند الأخفش، والظاهر أن الأمر بالدخول على لسان موسى عليه السلام كالأوامر السابقة واللاحقة والقرية بفتح القاف والكسر لغة أهل اليمن المدينة من قريت إذا جمعت سميت بذلك لأنها تجمع الناس على طريقة المساكنة، وقيل: إن قلوا قيل لها: قرية، وإن كثروا قيل لها مدينة، وأنهى بعضهم حدّ القلة إلى ثلاثة، والجمع القرى على غير قياس، وقياس أمثاله فعال كظبية وظباء وفي المراد بها هنا خلاف جمّ والمشهور عن ابن عباس وابن مسعود وقتادة والسدي، والربيع، وغيرهم وإليه ذهب الجمهور أنها بيت المقدس، وقد كان هذا الأمر بعد التيه والتحير وهو أمر إباحة يدل عليه عطف {فَكُلُواْ} الخ وهو غير الأمر المذكور بقوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدَّسَةَ التي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا على أدباركم فَتَنْقَلِبُوا خاسرين} [المائدة: 21] لأنه كان قبل ذلك وهو أمر تكليف كما يدل عليه عطف النهي، ومنهم من زعم اتحادهما، وجعل هذا الأمر أيضًا للتكليف.
وحمل تبديل الأمر على عدم امتثاله بناء على أنه لم يدخلوا القدس في حياة موسى عليه السلام، ومنهم من ادّعى اختلافهما لكنه زعم أن ما هنا كان بعد التيه على لسان يوشع لا على لسان موسى عليهما السلام لأنه وأخاه هرون ماتا في التيه وفتح يوشع مع بني إسرائيل أرض الشام بعد موته عليه السلام بثلاثة أشهر، ومنهم من قال الأمر في التيه بالدخول بعد الخروج عنه ولا يخفى ما في كل، فالأظهر ما ذكرنا.
وقد روي أن موسى عليه السلام سار بعد الخروج من التيه بمن بقي من بني إسرائيل إلى أريحاء وهي بأرض القدس وكان يوشع بن نون على مقدمته ففتحها وأقام بها ما شاء الله تعالى ثم قبض، وكأنهم أمروا بعد الفتح بالدخول على وجه الإقامة والسكنى كما يشير إليه قوله تعالى: {فَكُلُواْ} الخ، وقوله تعالى في الأعراف (161) {اسكنوا هذه القرية} ويؤكد كونه بعد الفتح الإشارة بلفظ القريب، والقول بأنها نزلت منزلة القريب ترويجًا للأمر بعيد، ولا ينافي هذا ما مر من أنه مات في التيه لأن المراد به المفازة لا التيه مصدر تاه يتيه تيهًا بالكسر والفتح وتيهانًا إذا ذهب متحيرًا فليفهم.
{فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا} أي واسعًا هنيئًا ونصبه على المصدرية أو الحالية من ضمير المخاطبين، وفي الكلام إشارة إلى حلّ جميع مواضعها لهم، أو الإذن بنقل حاصلها إلى أي موضع شاءوا مع دلالة رغدًا على أنهم مرخصون بالأكل منها واسعًا وليس عليهم القناعة لسد الجوعة، ويحتمل أن يكون وعدًا لهم بكثرة المحصولات وعدم الغلاء، وأخر هذه المنصوب هنا مع تقديمه في آية آدم عليه السلام قبل لمناسبة الفاصلة في قوله تعالى: {وادخلوا الباب سُجَّدًا} والخلاف في نصب الباب في نصب {هذه القرية} والمراد بها على المشهور أحد أبواب بيت القدس، وتدعى الآن باب حطة قاله ابن عباس، وقيل: الباب الثامن من أبوابه، ويدعي الآن باب التوبة وعليه مجاهد وزعم بعضهم أنها باب القبة التي كانت لموسى وهرون عليهما السلام يتعبدان فيها، وجعلت قبلة لبني إسرائيل في التيه، وفي وصفها أمور غريبة في القصص لا يعلمها إلا الله تعالى.
وسجدًا حال من ضمير {ادْخِلُواْ} والمراد خضعًا متواضعين لأن اللائق بحال المذنب التائب والمطيع الموافق الخشوع والمسكنة، ويجوز حمل السجود على المعنى الشرعي، والحال مقارنة أو مقدرة، ويؤيد الثاني ما روي عن وهب في معنى الآية إذا دخلتموه فاسجدوا شكرًا لله أي على ما أنعم عليكم حيث أخرجكم من التيه ونصركم على من كنتم منه تخافون وأعادكم إلى ما تحبون وقول الزمخشري أمروا بالسجود عند الانتهاء إلى الباب شكرًا لله تعالى وتواضعًا لم نقف على ما يدل عليه من كتاب وسنة، وفسر ابن عباس السجود هنا بالركوع، وبعضهم بالتطامن والانحناء قالوا: وأمروا بذلك لأن الباب كان صغيرًا ضيقًا يحتاج الداخل فيه إلى أنحناء، وفي الصحيح عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيل لبني إسرائيل: {ادخلوا الباب سُجَّدًا} فدخلوا يزحفون على أستاهم».
{وَقُولُواْ حِطَّةٌ} أي مسالتنا، أو شأنك يا ربنا أن تحط عنا ذنوبنا، وهي فعلة من الحط كالجلسة، وذكر أبان أنها بمعنى التوبة وأنشد:
فاز بالحطة التي جعل اللـ ** ـه بها ذنب عبده مغفورًا

والحق أن تفسيرها بذلك تفسير باللازم، ومن البعيد قول أبي مسلم: إن المعنى أمرنا حطة أي أن نحط في هذه القرية ونقيم بها لعدم ظهور تعلق الغفران به وترتب التبديل عليه إلا أن يقال كانوا مأمورين بهذا القول عند الحط في القرية لمجرد التعبد، وحين لم يعرفوا وجه الحكمة بدلوه، وقرأ ابن أبي عبلة بالنصب بمعنى حط عنا ذنوبنا حطة أو نسألك ذلك، ويجوز أن يكون النصب على المفعولية لقولوا أي قولوا هذه الكلمة بعينها وهو المروي عن ابن عباس ومفعول القول عند أهل اللغة يكون مفردًا إذا أريد به لفظه ولا عبرة بما في البحر من المنع إلا أنه يبعد هذا إن هذه اللفظة عربية وهم ما كانوا يتكلمون بها، ولأن الظاهر أنهم أمروا أن يقولوا قولًا دالًا على التوبة والندم حتى لو قالوا اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك لكان المقصود حاصلًا ولا تتوقف التوبة على ذكر لفظة بعينها، ولهذا قيل: الأوجه في كونها مفعولًا لقولوا أن يراد قولوا أمرًا حاطًا لذنوبكم من الاستغفار، وحينئذ يزول عن هذا الوجه الغبار، ثم هذه اللفظة على جميع التقادير عربية معلومة الاشتقاق، والمعنى وهو الظاهر المسموع، وقال الأصم: هي من ألفاظ أهل الكتاب لا نعرف معناها في العربية.
وذكر عكرمة إن معناها لا إله إلا الله وهو من الغرابة بمكان.
{نَّغْفِرْ لَكُمْ خطاياكم} بدخولكم الباب سجدًا وقولكم حطة.
والخطايا أصلها خطايئ بياء بعد ألف ثم همزة فأبدلت الياء عند سيبويه الزائدة همزة لوقوعها بعد الألف واجتمعت همزتان وأبدلت الثانية ياء ثم قلبت ألفًا، وكانت الهمزة بين ألفين فأبدلت ياء، وعند الخليل قدمت الهمزة على الياء ثم فعل بها ما ذكر، وقرأ نافع {يَغْفِرُ} بالياء وابن عامر بالتاء على البناء للمجهول، والباقون بالنون والبناء للمعلوم وهو الجاري على نظام ما قبله وما بعده ولم يقرأ أحد من السبعة إلا بلفظ {خطاياكم} وأمالها الكسائي، وقرأ الجحدري وقتادة {تَغْفِرْ} بضم التاء، وأفرد الخطيئة وقرأ الجمهور بإظهار الراء من {يَغْفِرُ} عند اللام وأدغمها قوم، قالوا: وهو ضعيف.
{وَسَنَزِيدُ المحسنين} معطوف على جملة {قُولُواْ حِطَّةٌ} وذكر أنه عطف على الجواب، ولم ينجزم لأن السين تمنع الجزاء عن قبول الجزم، وفي إبرازه في تلك الصورة دون تردد دليل على أن المحسن يفعل ذلك ألبتة، وفي الكلام صفة الجمع مع التفريق، فإن {قُولُواْ حِطَّةٌ} جمع، و{نَّغْفِرْ لَكُمْ} و{سَنَزِيدُ} تفريق، والمفعول محذوف، أي ثوابًا. اهـ.

.من فوائد ابن عاشور في الآية:

قال رحمه الله:
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ} الآية.
هذا تذكير بنعمة أخرى مكنوا منها فما أحسنوا قبولها ولا رعوها حق رعايتها فحرموا منها إلى حين وعوقب الذين كانوا السبب في عدم قبولها.
وفي التذكير بهذه النعمة امتنان عليهم ببذل النعمة لهم لأن النعمة نعمة وإن لم يقبلها المنعم عليه، وإثارة لحسرتهم على ما فات أسلافهم وما لقوه من جراء إعجابهم بآرائهم، وموعظة لهم أن لا يقعوا فيما وقع فيه الأولون فقد علموا أنهم كلما صدفوا عن قدر حق النعم نالتهم المصائب.
قال الشيخ ابن عطاء الله: من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها.
ولعلم المخاطبين بما عنته هذه الآية اختصر فيها الكلام اختصارًا ترك كثيرًا من المفسرين فيها حيارى، فسلكوا طرائق في انتزاع تفصيل المعنى من مجملها فما أتوا على شيء مقنع، وكنت تجد أقوالهم هنا إذا التأم بعضها بنظم الآية لا يلتئم بعضه الآخر، وربما خالف جميعها ما وقع في أيام أخر.
والذي عندي من القول في تفسير هاته الآية أنها أشارت إلى قصة معلومة تضمنتها كتبهم وهي أن بني إسرائيل لما طوحت بهم الرحلة إلى برية فاران نزلوا بمدينة قادش فأصبحوا على حدود أرض كنعان التي هي الأرض المقدسة التي وعدها الله بني إسرائيل وذلك في أثناء السنة الثانية بعد خروجهم من مصر فأرسل موسى اثني عشر رجلًا ليتجسسوا أرض كنعان من كل سبط رجل وفيهم يوشع بن نون وكالب بن بفنة فصعدوا وأتوا إلى مدينة حبرون فوجدوا الأرض ذات خيرات وقطعوا من عنبها ورمانها وتينها ورجعوا لقومهم بعد أربعين يومًا وأخبروا موسى وهارون وجميع بني إسرائيل وأروهم ثمر الأرض وأخبروهم أنها حقًا تفيض لبنًا وعسلًا غير أن أهلها ذوو عزة ومدنها حصينة جدًا فأمر موسى كالبًا فأنصت إسرائيل إلى موسى وقال إننا نصعد ونمتلكها وكذلك يوشع أما العشرة الآخرون فأشاعوا في بني إسرائيل مذمة الأرض وأنها تأكل سكانها وأن سكانها جبابرة فخافت بنو إسرائيل من سكان الأرض وجبنوا عن القتال فقام فيهم يوشع وكالب قائلين لا تخافوا من العدو فإنهم لقمة لنا والله معنا، فلم يصغ القوم لهم وأوحى الله لموسى أن بني إسرائيل أساءوا الظن بربهم وأنه مهلكهم فاستشفع لهم موسى فعفا الله عنهم ولكنه حرمهم من الدخول إلى الأرض المقدسة أربعين سنة يتيهون فلا يدخل لها أحد من الحاضرين يومئذ إلا يوشعًا وكالبًا وأرسل الله على الجواسيس العشرة المثبطين وباء أهلكهم.
فهذه الآية تنطبق على هذه القصة تمام الانطباق لاسيما إذا ضمت لها آية سورة [المائدة: 21، 25] {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم إلى قوله الفاسقين}.
فقوله: {ادخلوا هذه القرية} الظاهر أنه أراد بها حبرون التي كانت قريبة منهم والتي ذهب إليها جواسيسهم وأتوا بثمارها، وقيل: أراد من القرية الجهة كلها قاله القرطبي عن عمرو بن شبة فإن القرية تطلق على المزرعة لكن هذا يبعده قوله: {وادخلوا الباب} وإن كان الباب يطلق على المدخل بين الجبلين وكيفما كان ينتظم ذلك مع قوله: {فكلوا منها حيث شئم رغدًا} يشير إلى الثمار الكثيرة هناك.
وقوله: {فبدل الذين ظلموا قولًا غير الذي قيل لهم} يتعين أنه إشارة إلى ما أشاعه الجواسيس العشرة من مذمة الأرض وصعوبتها وأنهم لم يقولوا مثل ما قال موسى حيث استنصت الشعب بلسان كالب بن بَفُنَّة ويوشع ويدل لذلك قوله تعالى في سورة الأعراف (162) {فبدل الذين ظلموا منهم قولًا} أي من الذين قيل لهم ادخلوا القرية وأن الرجز الذي أصاب الذين ظلموا هو الوباء الذي أصاب العشرة الجواسيس، وينتظم ذلك أيضًا مع قوله في آية المائدة (21، 22) {ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين} قالوا يا موسى إن فيها قومًا جبارين إلخ وقوله: {قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب} [المائدة: 23] فإن الباب يناسب القرية.
وقوله: {قال فإنها محرمة عليهم} [المائدة: 26].
فهذا هو التفسير الصحيح المنطبق على التاريخ الصريح.
فقوله: {وإذ قلنا} أي على لسان موسى فبلغه للقوم بواسطة استنصات كالب بن بَفُنَّة، وهذاهو الذي يوافق ما في سورة العقود في قوله تعالى: {يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم} الآيات.
وعلى هذا الوجه فقوله: {ادخلوا} إما أمر بدخول قرية قريبة منهم وهي حبرون لتكون مركزًا أولًا لهم، والأمر بالدخول أمر بما يتوقف الدخول عليه أعني القتال كما دلت عليه آية المائدة إذ قال: {ادخلوا الأرض المقدسة} إلى قوله: {ولا ترتدوا على أدباركم} فإن الارتداد على الأدبار من الألفاظ المتعارفة في الحروب كما قال تعالى: {فلا تولوهم الأدبار} [الأنفال: 15].
ولعل في الإشارة بكلمة {هذه} المفيدة للقرب ما يرجح أن القرية هي حبرون التي طلع إليها جواسيسهم.
والقرية بفتح القاف لا غير على الأصح البلدة المشتملة على المساكن المبنية من حجارة وهي مشتقة من القَرْي بفتح فسكون وبالياء وهو الجمع يقال: قَرى الشيء يَقريه إذا جمعه وهي تطلق على البلدة الصغيرة وعلى المدينة الكبيرة ذات الأسوار والأبواب كما أريد بها هنا بدليل قوله: {وادخلوا الباب سجدًا}.
وجمع القرية قُرى بضم القاف على غير قياس لأن قياس فُعَل أن يكون جمعًا لِفعْلة بكسر الفاء مثل كسوة وكُسى وقياس جمع قرية أن يكون على قِراء بكسر القاف وبالمد كما قالوا: رَكوة وركاء وشكوة وشكاء.
وقوله: {وادخلوا الباب سجدًا} مراد به باب القرية لأن أل متعينة للعوضية عن المضاف إليه الدال عليه اللفظ المتقدم.
ومعنى السجود عند الدخول الانحناء شكرًا لله تعالى لا لأن بابها قصير كما قيل، إذ لا جدوى له.
والظاهر أن المقصود من السجود مطلق الانحناء لإظهار العجز والضعف كيلا يفطن لهم أهل القرية وهذا من أحوال الجوسسة، ولم تتعرض لها التوراة ويبعد أن يكون السجود المأمور به سجود الشكر لأنهم داخلون متجسسين لا فاتحين وقد جاء في الحديث الصحيح أنهم بدلوا وصية موسى فدخلوا يزحفون على استاهم كأنهم أرادوا إظهار الزمانة فأفرطوا في التصنع بحيث يكاد أن يفتضح أمرهم لأن بعض التصنع لا يستطاع استمراره.
وقوله: {وقولوا حطة} الحطة فعلة من الحط وهو الخفض وأصل الصيغة أن تدل على الهيئة ولكنها هنا مراد بها مطلق المصدر، والظاهر أن هذا القول كان معروفًا في ذلك المكان للدلالة على العجز أو هو من أقوال السُّؤَّال والشحاذين كيلا يحسب لهم أهل القرية حسابًا ولا يأخذوا حذرًا منهم فيكون القول الذي أمروا به قولًا يخاطبون به أهل القرية.
وقيل: المراد من الحطة سؤال غفران الذنوب أي حط عنا ذنوبنا أي اسألوا الله غفران ذنوبكم إن دخلتم القرية.
وقيل: من الحط بمعنى حط الرحال أي إقامة أي ادخلوا قائلين إنكم ناوون الإقامة بها إذ الحرب ودخول ديار العدو يكون فتحًا ويكون صلحًا ويكون للغنيمة ثم الإياب.
وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سَقيًا ورعيًا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل نحو رحمه الله ويرحمه الله.
وحطة بالرفع على أنه مبتدأ أو خبر نحو سمعٌ وطاعة وصبرٌ جميل.
والخطايا جمع خطيئة ولامها مهموزة فقياس جمعها خطائِيء بهمزتين بوزن فعائل فلما اجتمعت الهمزتان قلبت الثانية ياء لأن قبلها كسرة أو لأن في الهمزتين ثِقلًا فخففوا الأخيرة منهما ياء ثم قلبوها ألفًا إما لاجتماع ثقل الياء مع ثقل صيغة الجمع وإما لأنه لما أشبه جائي استحق التخفيف ولكنهم لم يعاملوه معاملة جائي لأن همزة جائي زائدة وهمزة خطائيء أصلية ففروا بتخفيفه إلى قلب الياء ألفًا كما فعلوا في يتامى ووجدوا له في الأسماء الصحيحة نظيرًا وهو طَهارَى جمع طَاهرة.
والخطيئة فعيلة بمعنى مفعولة لأنها مخطوء بها أي مسلوك بها مسلك الخطأ أشاروا إلى أنها فعل يحق أن لا يقع فيه فاعله إلا خطأ فهي الذنب والمعصية.
وقوله: {وسنزيد المحسنين} وعد بالزيادة من خيري الدنيا والآخرة ولذلك حذف مفعول نزيد.
والواو عاطفة جملة {سنزيد} على جملة {قلنا ادخلوا} أي وقلنا سنزيد المحسنين؛ لأن جملة {سنزيد} حكيت في سورة الأعراف (161) مستأنفة فعلم أنها تعبر عن نظير لها في الكلام الذي خاطب الله به موسى على معنى الترقي في التفضل فلما حكيت هنا عطفت عطف القول على القول. اهـ.