فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وهذه فوائد ينبغي إهمالها بل تستعمل حيث أمكن، والعمدة في المناسبة الوجه الأول وهو أنها في كل سورة لمناسبة تخص تلك السورة، ثم يراعي في البسط وغيره المعاني المناسبة للمقصد الذي سيقت له القصة- والله الموفق.
واللام في {لقد} للقسم: قال الإمام أبو الحسن على بن عيسى الرماني: لأنها تدخل على الفعل والحرف الذي يختص بالفعل مما يصح معناه معه.
ولام الابتداء للاسم خاصة، ومعنى (قد) توقع الخبر للتقريب من الحال، يقال: قد ركب الأمير- لقوم يتوقعون ركوبه فعلى هذا القول جرى: {ولقد أرسلنا} والإبانة: إظهار المعنى للنفس بما يمكن إدراكه.
وأصله القطع، فالإبانة قطع المعنى من غيره ليظهر في نفسه- انتهى.
والمقصود من الرسالة قوله سبحانه: {أن} أي نذير لأجل أن: {لا تعبدوا} أي شيئًا أصلًا: {إلا الله} أي الملك الأعظم- ومعنى النذارة قوله: {إني أخاف عليكم} وعظم العذاب المحذر منه بقوله: {عذاب يوم أليم} وإذا كان اليوم مؤلمًا فما الظن بما فيه من العذاب! فهو إسناد مجازي مثل نهاره صائم، ولم يذكر بشارة كما تقدم عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {إنني لكم منه نذير وبشير} [هود: 2] إرشادًا إلى ما سيقت له القصة من تقرير معنى: {إنما أنت نذير} [هود: 12] ولذلك صرح بالألم بخلاف الأعراف، وكذا ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أول هذه من عذاب يوم كبير، وهما متقاربان؛ ثم ساق سبحانه جواب قومه على وجه هو في غاية التسلية والمناسبة للسياق بقوله: {فقال} أي فتسبب عن هذا النصح العظيم أن قال؛ ولما كان هذا بعد أن تبعه بعضهم قال: {الملأ} وبين أن الجدال مع الضلال بعد أن بين أنهم هم الأشراف زيادة في التسلية بقوله: {الذين كفروا} وبين أنهم اقارب أعزة بقوله: {من قومه} أي الذين هم في غاية القوة لما يريدون محاولة القيام به: {ما نراك} أي شيئًا من الأشياء: {إلا بشرًا} اي آدميًا: {مثلنا} أي في مطلق البشرية، لست بملك تصلح لما لا تصلح له من الرسالة، وهذا قول البراهمة، وهو منع نبوة البشر على الإطلاق، وهو قول من يحسد على فضل الله ويعمى عن جلي حكمته فيمنع أن يكون النبي بشرًا ويجعل الإله حجرًا.
ولما كانت العظمة عندهم منحصرة في عظمة الأتباع قالوا: {وما نراك} ولما انفوا الرؤية عنه فتشوف السامع إلى ما يقع عليه من المعاني، بينوا أن مرادهم رؤية من اتبعه فقالوا: {اتبعك} أي تكلف اتباعك: {إلا الذين هم} أي خاصة: {أراذلنا} أي كالحائك ونحوه، وليس منا رذل غيرهم، وهو جمع أرذل كأكلب جمع رذل ككلب، والرذل: الخسيس الدنيء، وهذا ينتج أنه لم يتبعك أحد له قدر؛ قالوا: و: {اتبعك} عامل في قوله: {بادي الرأي} وهو ظرف أي اتبعوك بديهة من غير تأمل، فاتباعهم لا يدل على سداد لما اتبعوه من وجهين: رذالتهم في أنفسهم، وأنهم لم يفكروا فيه، لكن يضعفه إيراد الاتباع بصيغة الافتعال التي تدل على علاج ومجاذبة، فالأحسن إسناده- كما قالوه أيضًا- إلى أراذل.
أي أنهم بحيث لا يتوقف ناظرهم عند أول وقوع بصره عليهم أنهم سفلة أسقاط، ويجوز أن يكون المراد {بادي رأيك} أي أنك تظن أنهم اتبعوك، ولم يتبعوك.
ولما كانوا لا يعظون إلا بالتوسع في الدنيا، قالوا: {وما نرى لكم} أي لك ولمن تبعك: {علينا} وأغرقوا في النفي بقولهم: {من فضل} أي شرف ولا مال، وهذا- مع مامضى من قولهم- قول من يعرف الحق بالرجال ولا يعرف الرجال بالحق، وذلك أنه يستدل على كون الشيء حقًا بعظمة متبعه في الدنيا، وعلى كونه باطلًا بحقارته فيها، ومجموع قولهم يدل على أنهم يريدون: لو صح كون النبوة في البشر لكانت في واحد ممن أقروا له بالعلو في الأرض، وعمل: {اتبعك} في: {بادي} يمنعه تمادي الاتباع على الإيمان، فانتفى الطعن بعدم التأمل: {بل نظنكم كاذبين} أي لكم هذا الوصف لازمًا دائمًا لأنكم لم تتصفوا بما جعلناه مظنة الاتباع مما يوجب العظمة في القلوب والانقياد للنفوس بالتقدم في الدنيا بالمال والجاه؛ فكان داؤهم بطر الحق وغمط الناس، وهو احتقارهم، وهذا قد سرى إلى أكثر أهل الإسلام، فصاروا لا يعظمون إلا بذلك، وهو أجهل الجهل لأن الرسل أتت للتزهيد في الدنيا وانظر إلى رضاهم لأنفسهم بالعدول عن البينة إلى اتباع الظن ما أردأه! وهذا افظع مما حكى هنا من قوله قريش: {لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك} وأبشع؛ والبشر: الإنسان لظهور بشرته أي ظاهر جلده لأن الغالب على غيره من الحيوان سترها بالصوف أو الشعر أو الوبر أو الريش؛ والمثل: الساد مسد غيره في الحس بمعنى أنه لو ظهر للمشاهدة لسد مسده؛ والرذل: الحقير بما عليه من صفات النقص وجمعه؛ والفضل: الزيادة من الخير، والإفضال: مضاعفة الخير التي توجب الشكر. اهـ.

.القراءات والوقوف:

قال العلامة النيسابوري رحمه الله:

.القراءات:

{إني لكم} بكسر الهمزة: نافع وابن عامر وعاصم وحمزة. والآخرون بفتحها: {بادئ} بالهمزة: أبو عمرو ونصير: {الرأي} بالياء: أبو عمرو غير شجاع ويزيد والأعشى والأصبهاني عن ورش وحمزة في الوقف: {فعميت} مجهولًا مشددًا. حمزة وعلي وخلف وحفص. الباقون بضدهما: {أنلزمكموها} باختلاس ضمة الميم: عباس: {أجري إلا} بالفتح: أبو جعفر ونافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص: {ولكني أريكم} بالفتح حيث كان: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: {نصحي إن} أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: {بأعيننا} مدغمًا. حيث كان: عباس: {من كل} بالتنوين حيث كان: حفص والمفضل: {مجريها} بفتح الميم بالإِمالة: حمزة وعلي وخلف وحفص: {مجريها} بالضم وبالإمالة: أبو عمرو. والباقون بالضم مفخمًا: {يا بني} بفتح الياء: عاصم: {اركب معنا} مظهرًا: عاصم وحمزة: {عمل} على أنه فعل غير بالنصب: علي وسهل ويعقوب. الآخرون: {عمل} غير بالرفع فيهما: {تسألن} بالنون المشددة المسكورة لإدغام النون المخففة في نون الوقاية بعد حذف ياء المتكلم في الحالين: ابن عامر وقالون: بإثبات الياء في الوصل: أبو جعفر ونافع غير قالون بفتح النون المشددة: ابن كثير: {تسألني} بغير نون التأكيد وإثبات الياء في الحالين سهل ويعقوب الباقون بغير ياء في الحالين: {إني أعظك}، {إني أعوذ} بفتح الياء فيهما: أبو جعفر ونافع وابن عامر وأبو عمرو.

.الوقوف:

{مبين} o لا {إلا الله} ط {أليم} o {الرأي} ج {كاذبين} o {فعيمت عليكم} ط {كارهون} o {مالًا} ط {آمنوا} ط {تجهلون} o {طردتهم} ط {تذكرون} o {خيرًا} ط {أنفسهم} ج {الظالمين} o {الصادقين} o {بمعجزين} o {أن يغويكم} ط {ترجعون} o ط {افتراه} ط {تجرمون} o {يفعلون} o ج للآية والعطف: {ظلموا} ج لا حتمال التعليل: {مغرقون} o {سخروا منه} o {تسخرون} o ط {تعلمون} o لا لأن ما بعده مفعول: {مقيم} o {التنور} o لا لأن ما بعده جواب «إذا»: {ومن آمن} ط {قليل} o ط {ومرساها} ط {رحيم} o {الكافرين} o {من الماء} ط، {رحم} ج لاتفاق الجملتين مع اختلاف العامل: {المغرقين} o {الظالمين} o {الحاكمين} o {من أهلك} ج {علم} ط {الجاهلين} o {علم} ط {الخاسرين} o {معك} ط {أليم} o {إليك} ج ط لاحتمال ما بعده الحال أو الاستئناف: {هذا} ط وعلى قوله: {فاصبر} أحسن للابتداء ب «أن»: {للمتقين} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}
القصة الأولى: قصة نوح عليه السلام:
اعلم أنه تعالى قد بدأ بذكر هذه القصة في سورة يونس وقد أعادها في هذه السورة أيضًا لما فيها من زوائد الفوائد وبدائع الحكم.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: {أني} بفتح الهمزة، والمعنى: أرسلنا نوحًا بأني لكم نذير مبين، ومعناه أرسلناه ملتبسًا بهذا الكلام وهو قوله: {أني لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} فلما اتصل به حرف الجر وهو الباء فتح كما فتح في كان، وأما سائر القراء فقرؤا: {إِنّي} بالكسر على معنى قال: {إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
المسألة الثانية:
قال بعضهم: المراد من النذير كونه مهددًا للعصاة بالعقاب، ومن المبين كونه مبينًا ما أعد الله للمطيعين من الثواب، والأولى أن يكون المعنى أنه نذير للعصاة من العقاب وأنه مبين بمعنى أنه بين ذلك الإنذار على الطريق الأكمل والبيان الأقوى الأظهر، ثم بين تعالى أن ذلك الإنذار إنما حصل في النهي عن عبادة غير الله وفي الأمر بعبادة الله لأن قوله: {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله} استثناء من النفي وهو يوجب نفي غير المستثنى.
واعلم أن تقدير الآية كأنه تعالى قال ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه بهذا الكلام وهو قوله: {إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ}.
ثم قال: {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله} فقوله: {أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله} بدل من قوله: {إِنَّي لَكُمْ نَذِيرٌ} ثم إنه أكد ذلك بقوله: {إِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} والمعنى أنه لما حصل الألم العظيم في ذلك اليوم أسند ذلك الألم إلى اليوم، كقولهم نهارك صائم، وليلك قائم.
{فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا}
اعلم أنه تعالى لما حكى عن نوح عليه السلام أنه دعا قومه إلى عبادة الله تعالى حكى عنهم أنهم طعنوا في نبوته بثلاثة أنوع من الشبهات.
فالشبهة الأولى: أنه بشر مثلهم، والتفاوت الحاصل بين آحاد البشر يمتنع انتهاؤه إلى حيث يصير الواحد منهم واجب الطاعة لجميع العالمين.
والشبهة الثانية: كونه ما أتبعه إلا أراذل من القوم كالحياكة وأهل الصنائع الخسيسة، قالوا ولو كنت صادقًا لاتبعك الأكياس من الناس والأشراف منهم، ونظيره قوله تعالى في سورة الشعراء: {أَنُؤْمِنُ لَكَ واتبعك الأرذلون} [الشعراء: 111].
والشبهة الثالثة: قوله تعالى: {وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} والمعنى: لا نرى لكم علينا من فضل لا في العقل ولا في رعاية المصالح العاجلة ولا في قوة الجدل فإذا لم نشاهد فضلك علينا في شيء من هذه الأحوال الظاهرة فكيف نعترف بفضلك علينا في أشرف الدرجات وأعلى المقامات، فهذا خلاصة الكلام في تقرير هذه الشبهات.
واعلم أن الشبهة الأولى لا تليق إلا بالبراهمة الذين ينكرون نبوة البشر على الإطلاق، أما الشبهتان الباقيتان فيمكن أن يتمسك بهما من أقر بنبوة سائر الأنبياء، وفي لفظ الآية مسائل:
المسألة الأولى:
الملأ الأشراف وفي اشتقاقه وجوه: الأول: أنه مأخوذ من قولهم مليء بكذا إذا كان مطيقًا له وقد ملؤا بالأمر، والسبب في إطلاق هذا اللفظ عليهم أنهم ملؤا بترتيب المهمات وأحسنوا في تدبيرها.
الثاني: أنهم وصفوا بذلك لأنهم يتمالؤون أي يتظاهرون عليه.
الثالث: وصفوا بذلك لأنهم يملؤون القلوب هيبة والمجالس أبهة.
الرابع: وصفوا به لأنهم ملؤوا العقول الراجحة والآراء الصائبة.
ثم حكى الله تعالى عنهم الشبهة الأولى، وهي قولهم: {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا} وهو مثل ما حكى الله تعالى عن بعض العرب أنهم قالوا: {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الأنعام: 8] وهذا جهل، لأن من حق الرسول أن يباشر الأمة بالدليل والبرهان والتثبت والحجة، لا بالصورة والخلقة، بل نقول: إن الله تعالى لو بعث إلى البشر ملكًا لكانت الشبهة أقوى في الطعن عليه في رسالته لأنه يخطر بالبال أن هذه المعجزات التي ظهرت لعل هذا الملك هو الذي أتى بها من عند نفسه بسبب أن قوته أكمل وقدرته أقوى، فلهذه الحكمة ما بعث الله إلى البشر رسولًا إلا من البشر.
ثم حكى الشبهة الثانية وهي قوله: {وَمَا نَرَاكَ اتبعك إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرأى} والمراد منه قلة ما لهم وقلة جاههم ودناءة حرفهم وصناعتهم هذا أيضًا جهل، لأن الرفعة في الدين لا تكون بالحسب والمال والمناصب العالية، بل الفقر أهون على الدين من الغنى، بل نقول: الأنبياء ما بعثوا إلا لترك الدنيا والإقبال على الآخرة فكيف تجعل قلة المال في الدنيا طعنًا في النبوة والرسالة.
ثم حكى الله تعالى الشبهة الثالثة وهي قوله: {وَمَا نرى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ} وهذا أيضًا جهل، لأن الفضيلة المعتبرة عند الله ليست إلا بالعلم والعمل، فكيف اطلعوا على بواطن الخلق حتى عرفوا نفي هذه الفضيلة، ثم قالوا بعد ذكر هذه الشبهات لنوح عليه السلام ومن اتبعه: {بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذبين} وفيه وجهان: الأول: أن يكون هذا خطابًا مع نوح ومع قومه، والمراد منه تكذيب نوح في دعوى الرسالة.
والثاني: أن يكون هذا خطابًا مع الأراذل فنسبوهم إلى أنهم كذبوا في أن آمنوا به واتبعوه.
المسألة الثانية:
قال الواحدي: الأرذل جمع رذل وهو الدون من كل شيء في منظره وحالاته ورجل رذل الثياب والفعل.
والأراذل جمع الأرذل، كقولهم أكابر مجرميها، وقوله عليه الصلاة والسلام: «أحاسنكم أخلاقًا» فعلى هذا الأراذل جمع الجمع، وقال بعضهم: الأصل فيه أن يقال: هو أرذل من كذا ثم كثر حتى قالوا: هو الأرذل فصارت الألف واللام عوضًا عن الإضافة وقوله: {بَادِىَ الرأى} البادي هو الظاهر من قولك: بدا الشيء إذا ظهر، ومنه يقال: بادية لظهورها وبروزها للناظر، واختلفوا في بادي الرأي وذكروا فيه وجوهًا: الأول: اتبعوك في الظاهر وباطنهم بخلافه، والثاني: يجوز أن يكون المراد اتبعوك في ابتداء حدوث الرأي وما احتاطوا في ذلك الرأي وما أعطوه حقه من الفكر الصائب والتدبر الوافي.
الثالث: أنهم لما وصفوا القوم بالرذالة قالوا: كونهم كذلك بادي الرأي أمر ظاهر لكل من يراهم، والرأي على هذا المعنى من رأي العين لا من رأي القلب ويتأكد هذا التأويل بما نقل عن مجاهد أنه كان يقرأ: {إِلاَّ الذين هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ رَأْىَ العين}.
المسألة الثالثة:
قرأ أبو عمرو ونصير عن الكسائي: {بادئ} بالهمزة والباقون بالياء غير مهموز فمن قرأ: {بادئ} بالهمزة فالمعنى أول الرأي وابتداؤه ومن قرأ بالياء غير مهموز كان من بدا يبدو أي ظهر و: {بَادِىَ} نصب على المصدر كقولك: ضربت أول الضرب. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَك إلاَّ الَّذينَ هُمْ أرَاذِلُنا}
الأراذل جمع أرذل، وارذل جمع رذل، والرذل الحقير، وعنوا بأراذلهم الفقراء وأصحاب المهن المتضعة: {باديَ الرأي} أي ظاهر الرأي، وفيه ثلاثة اوجه:
احدها: إنك تعمل بأول الرأي من غير فكر، قاله الزجاج.
الثاني: أن ما في نفسك من الرأي ظاهر، تعجيزًا له، قال ابن شجرة. الثالث: يعني ان أراذلنا اتبعوك بأقل الرأي وهم إذا فكروا رجعوا عن اتباعك، حكاه ابن الأنباري.
{وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنا مِن فَضْلٍ} يحتمل وجهين.
أحدهما: من فضل تفضلون به علينا من دنياكم. والثاني: من فضل تفضلون به علينا في أنفسكم. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ولقد ارسلنا نوحًا إِلى قومه أني}
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي: {أني} بفتح الألف، والتقدير: أرسلناه بأني، وكأن الوجه بأنه لهم نذير، ولكنه على الرجوع من الإِخبار عن الغائب إِلى خطاب نوح قومه.
وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة {إِني} بكسر الألف، فحملوه على القول المضمر، والتقدير: فقال لهم: إِني لكم نذير.