فصل: تفسير الآية رقم (59):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.تفسير الآية رقم (59):

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (59)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولمّا كان هذا التصريح بالترغيب المتضمن للتلويح بالترهيب مقتضيًا للعاقل المبادرة إلى الطاعة بين أنه تسبب عنه أن بعضهم عصوا وكفروا هذه النعمة العظيمة ولم يقتصروا على ترك هذا الأمر بل بدلوه بدخولهم كما في الحديث: «يزحفون على أستاههم قائلين: حبة في شعرة» أي جنس الحب في جنس الشعرة أي في الغرائر مطلوبنا لا الحطة وهي غفران الذنوب.
قال الحرالي: أمروا بالإخلاص لله نظرًا إلى حياة قلوبهم فطلبوا الحنطة نظرًا إلى حياة جسومهم فقال تعالى: {فبدل} من التبديل وهو تعويض شيء مكان شيء- انتهى.
{الذين ظلموا} وأسقط: منهم، لما يأتي في الأعراف {قولًا} أي مكان القول الذي أمروا به.
ولما كان التبديل وإن كان يفهم التغيير لكنه يصدق بأدنى تغيير ولو أنه في اللفظ وإن اتّحد المعنى بيّن أنه مضاد له بحيث لا يمكن اجتماعهما بقوله: {غير الذي قيل لهم} فإن غيرًا كما قال الحرالي كلمة تفهم انتفاء وإثبات ضد ما انتفى، وقال: ذكر تعالى عدولهم عن كل ذلك واشتغالهم ببطونهم وعاجل دنياهم فطلبوا طعام بطونهم التي قد فرغ منها التقدير وأظهر لهم الغناء عنها في حال التيه بإنزال المن والسلوى إظهارًا لبلادة طباعهم وغلبة حب العاجلة عليهم فبدلوا كلمة التوحيد وهي لا إله إلاّ الله وهي الحطة بطلب الحنطة {ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم} [المائدة: 66] {ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض} [الأعراف: 96] «من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين» انتهى.
وبيّن أنه خصّ المبدلين بالعتاب نعمة منه مع أن له أن يعم فقال: {فأنزلنا} أي بعظمتنا بسبب ذلك {على الذين ظلموا} أي خاصة {رجزًا} قال الحرالي: هو أشد العذاب، وما جره أيضًا يسمى رجزًا مما يجب أن يزجر عنه والزجر كف البهائم عن عدواها- انتهى.
ولما كان الإنزال مفهمًا للسماء حققه تعظيمًا له بقوله: {من السماء بما} أي بسبب ما {كانوا يفسقون} أي يجددون الخروج من الطاعة إلى المعصية في كل وقت.
ففي إفهامه أنهم يعودون إلى الطاعة بعد الخروج منها وذلك مقتض لأن يكون يظلمون أشد منه كما يأتي.
قال الحرالي: فبحق يجب على من دخل من باب جبل أو قرية أن يقول في وصيدها: لا إله إلاّ الله، ليحط عنه ماضي ذنوبه، فكأنّ ذكر الله في باب المدينة والشعب ذكاة لذلك المدخل، فمن لم يدخله مذكيًا دخله فاسقًا {لا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} [الأنعام: 121] فلذلك ما انختم ذكرهم في الآية بالفسق- انتهى. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

أما قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ} ففيه قولان:
الأول: قال أبو مسلم قوله تعالى: {فَبَدَّلَ} يدل على أنهم لم يفعلوا ما أمروا به، لا على أنهم أتوا له ببدل، والدليل عليه أن تبديل القول قد يستعمل في المخالفة، قال تعالى: {سَيَقُولُ المخلفون مّنَ الأعراب} [الفتح: 11] إلى قوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدّلُواْ كلام الله} [الفتح: 15] ولم يكن تبديلهم إلا الخلاف في الفعل لا في القول فكذا هاهنا، فيكون المعنى أنهم لما أمروا بالتواضع وسؤال المغفرة لم يمتثلوا أمر الله ولم يلتفتوا إليه.
الثاني: وهو قول جمهور المفسرين: إن المراد من التبديل أنهم أتوا ببدل له لأن التبديل مشتق من البدل، فلابد من حصول البدل، وهذا كما يقال: فلان بدل دينه، يفيد أنه انتقل من دين إلى دين آخر، ويؤكد ذلك قوله تعالى: {قَوْلًا غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ} ثم اختلفوا في أن ذلك القول والفعل أي شيء كان؟ فروي عن ابن عباس أنهم دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدًا زاحفين على أستاههم، قائلين حنطة من شعيرة، وعن مجاهد أنهم دخلوا على أدبارهم وقالوا: حنطة استهزاء، وقال ابن زيد: استهزاء بموسى.
وقالوا: ما شاء موسى أن يلعب بنا إلا لعب بنا حطة حطة أي شيء حطة.
أما قوله تعالى: {الذين ظَلَمُواْ} فإنما وصفهم الله بذلك إما لأنهم سعوا في نقصان خيراتهم في الدنيا والدين أو لأنهم أضروا بأنفسهم، وذلك ظلم على ما تقدم.
أما قوله تعالى: {فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزًا مّنَ السماء} ففيه بحثان:
الأول: أن في تكرير: {الذين ظَلَمُواْ} زيادة في تقبيح أمرهم وإيذانًا بأن إنزال الرجز عليهم لظلمهم.
الثاني: أن الرجز هو العذاب والدليل عليه قوله تعالى: {وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرجز} أي العقوبة، وكذا قوله تعالى: {لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرجز} [الأعراف: 134] وذكر الزجاج أن الرجز والرجس معناهما واحد وهو العذاب.
وأما قوله: {وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشيطان} [الأنفال: 11] فمعناه لطخه وما يدعوا إليه من الكفر، ثم إن تلك العقوبة أي شيء كانت لا دلالة في الآية عليه، فقال ابن عباس: مات منهم بالفجأة أربعة وعشرون ألفًا في ساعة واحدة، وقال ابن زيد: بعث الله عليهم الطاعون حتى مات من الغداة إلى العشي خمس وعشرون ألفًا، ولم يبق منهم أحد.
أما قوله تعالى: {بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}، فالفسق من الخروج المضر، يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها وفي الشرع عبارة عن الخروج من طاعة الله إلى معصيته، قال أبو مسلم: هذا الفسق هو الظلم المذكور في قوله تعالى: {عَلَى الذين ظَلَمُواْ} وفائدة التكرار التأكيد والحق أنه غير مكرر لوجهين.
الأول: أن الظلم قد يكون من الصغائر، وقد يكون من الكبائر، ولذلك وصف الله الأنبياء بالظلم في قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا} [الأعراف: 23] ولأنه تعالى قال: {إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] ولو لم يكن الظلم إلا عظيمًا لكان ذكر العظيم تكريرًا والفسق لابد وأن يكون من الكبائر فلما وصفهم الله بالظلم أولًا: وصفهم بالفسق، ثانيًا: ليعرف أن ظلمهم كان من الكبائر لا من الصغائر.
الثاني: يحتمل أنهم استحقوا اسم الظالم بسبب ذلك التبديل فنزل الرجز عليهم من السماء بسبب ذلك التبديل بل للفسق الذي كانوا فعلوه قبل ذلك التبديل وعلى هذا الوجه يزول التكرار.
النوع الثاني من الكلام في هذه الآية: اعلم أن الله تعالى ذكر هذه الآية في سورة الأعراف وهو قوله: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسكنوا هذه القرية وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وادخلوا الباب سُجَّدًا نَّغْفِرْ لَكُمْ خطيئاتكم سَنَزِيدُ} [الأعراف: 161، 162] واعلم أن من الناس من يحتج بقوله تعالى: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ} على أن ما ورد به التوقيف من الأذكار أنه غير جائز تغييرها ولا تبديلها بغيرها، وربما احتج أصحاب الشافعي رضي الله عنه في أنه لا يجوز تحريم الصلاة بلفظ التعظيم والتسبيح ولا تجوز القراءة بالفارسية وأجاب أبو بكر الرازي بأنهم إنما استحقوا الذم لتبديلهم القول إلى قول آخر يضاد معناه معنى الأول، فلا جرم استوجبوا الذم، فأما من غير اللفظ مع بقاء المعنى فليس كذلك والجواب أن ظاهر قوله: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلًا غَيْرَ الذي قِيلَ لَهُمْ} يتناول كل من بدل قولًا بقول آخر سواء اتفق القولان في المعنى أو لم يتفقا. اهـ.

.قال البغوي:

{فَبَدَّل} فغير {الَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم وقالوا {قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ} وذلك أنهم بدلوا قول الحطة بالحنطة، فقالوا بلسانهم: حطانا سمقاثا أي حنطة حمراء، استخفافا بأمر الله تعالى، وقال مجاهد: طؤطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم فأبوا أن يدخلوها سجدا فدخلوا على أستاههم مخالفة في الفعل كما بدلوا القول وقالوا قولا غير الذي قيل لهم.
أخبرنا عبد الواحد المليحي أنا أحمد بن عبد الله النعيمي أنا محمد بن يوسف أنا محمد بن إسماعيل أنا إسحاق بن نصر أنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فبدلوا فدخلوا يزحفون على أستاهم وقالوا حبة في شعرة».
{فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ} قيل: أرسل الله عليهم طاعونا فهلك منهم في ساعة واحدة سبعون ألفا {بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} يعصون ويخرجون من أمر الله تعالى. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

اعلم أَن الله عز وجل أمرهم في دخولهم بفعل وقول، فالفعل السجود، والقول: حطة، فغير القوم الفعل والقول.
فأما تغيير الفعل؛ ففيه خمسة أقوال:
أحدها: أنهم دخلوا متزحفين على أوْراكهم. رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنهم دخلوا من قبل أستاههم، قاله ابن عباس وعكرمة.
والثالث: أنهم دخلوا مقنعي رؤوسهم، قاله ابن مسعود.
والرابع: أنهم دخلوا على حروف عيونهم، قاله مجاهد.
والخامس: أنهم دخلوا مستقلين، قاله مقاتل.
وأما تغيير القول؛ ففيه خمسة أقوال:
أحدها: أنهم قالوا مكان حطة حبة في شعرة، رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أنهم قالوا: حنطة، قاله ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، ووهب، وابن زيد.
والثالث: أنهم قالوا: حنطة حمراء فيها شعرة، قاله ابن مسعود.
والرابع: أنهم قالوا: حبة حنطة مثقوبة فيها شعيرة سوداء، قاله السدي عن أشياخه.
والخامس: أنهم قالوا سنبلاثا، قاله أبو صالح.
فأما الرجز؛ فهو العذاب، قاله الكسائي وأبو عبيدة والزجاج.
وأنشدوا لرؤبة:
حتى وقمنا كيده بالرجز

وفي ماهية هذا العذاب ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ظلمة وموت، مات منهم في ساعة واحدة، أربعة وعشرون ألفًا، وهلك سبعون ألفا عقوبة، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه أصابهم الطاعون، عذبوا به أربعين ليلة ثم ماتوا، قاله وهب بن منبه.
والثالث: أنه الثلج، هلك به منهم سبعون ألفًا، قاله سعيد بن جبير. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلًا}.
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {فَبَدَّلَ الذين ظَلَمُواْ قَوْلًا} الذين في موضع رفع؛ أي فبدّل الظالمون منهم قولا غير الذي قيل لهم.
وذلك أنه قيل لهم: قولوا حِطّة؛ فقالوا حنطة، على ما تقدم؛ فزادوا حرفًا في الكلام فلقوا من البلاء ما لقوا؛ تعريفًا أن الزيادة في الدِّين والابتداع في الشريعة عظيمة الخطر شديدة الضرر.
هذا في تغيير كلمة هي عبارة عن التوبة أوجبت كل ذلك من العذاب؛ فما ظنك بتغيير ما هو من صفات المعبود! هذا والقول أنقص من العمل، فكيف بالتبديل والتغيير في الفعل.
الثانية: قوله تعالى: {فَبَدَّلَ} تقدم معنى بدّل وأبدل؛ وقرئ {عَسَى رَبُّنَا أَنْ يُبْدِلَنَا} على الوجهين.
قال الجوهري: وأبدلت الشيء بغيره.
وبدّله الله من الخوف أمْنًا.
وتبديل الشيء أيضًا تغييره وإن لم يأت ببدَل.
واستبدل الشيء بغيره، وتبدّله به إذا أخذه مكانه.
والمبادلة التبادل.
والأبدال: قوم من الصالحين لا تخلو الدنيا منهم؛ إذا مات واحد منهم أبدل الله مكانه بآخر.
قال ابن دُرَيد: الواحد بديل.
والبدِيل: البدل.
وبدَلُ الشيء: غيره؛ يقال: بَدَلٌ وبِدْلٌ، لغتان؛ مثل: شَبَه وشِبْه، ومَثَل ومِثْل، ونَكَل ونِكْل.
قال أبو عبيد: لم يُسمع في فَعَل وفِعْل غير هذه الأربعة الأحرف.
والبَدَل: وَجَع يكون في اليدين والرجلين.
وقد بَدِل بالكسر يَبْدَلُ بَدَلًا.
الثالثة: قوله تعالى: {فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ} كرر لفظ {ظلموا} ولم يضمره تعظيمًا للأمر.
والتكرير يكون على ضربين؛ أحدهما: استعماله بعد تمام الكلام؛ كما في هذه الآية وقوله: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ}، ثم قال بعدُ: {فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: 79] ولم يقل: مما كتبوا.
وكرر الويل تغليظًا لفعلهم؛ ومنه قول الخنساء:
تَعَرّقني الدهرُ نَهْسًا وحَزّا ** وأوجعني الدهرُ قَرْعًا وغَمْزَا

أرادت أن الدهر أوجعها بكبريات نوائبه وصغرياتها.
والضرب الثاني: مجيء تكرير الظاهر في موضع المضمر قبل أن يتم الكلام؛ كقوله تعالى: {الحاقة مَا الحآقة} [الحاقة: 1 2] و{القارعة مَا القارعة} [القارعة: 1 2] كان القياس لولا ما أريد به من التعظيم والتفخيم: الحاقة ما هي، والقارعة ما هي، ومثله: {فَأَصْحَابُ الميمنة مَا أَصْحَابُ الميمنة وَأَصْحَابُ المشأمة مَا أَصْحَابُ المشأمة} [الواقعة: 8 9].
كرر {فَأَصْحَابُ الميمنة} تفخيمًا لما ينيلهم من جزيل الثواب؛ وكرر لفظ {أصحاب المشأمة} لما ينالهم من أليم العذاب.
ومن هذا الضرب قول الشاعر:
ليتَ الغرابَ غداةَ ينعَبُ دائبًا ** كان الغرابُ مقطّع الأوداج

وقد جمع عَدِيّ بن زيد المعنيين فقال:
لا أرى الموتَ يسبِقُ الموتَ شيءٌ ** نغَّص الموتُ ذا الغِنَى والفقيرا

فكرر لفظ الموت ثلاثًا، وهو من الضرب الأوّل؛ ومنه قول الآخر:
ألا حبّذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ ** وهندٌ أتى مِن دونها النّأْيُ والبُعْدُ

فكرر ذكر محبوبته ثلاثًا تفخيمًا لها.
الرابعة: قوله تعالى: {رِجْزًا} قراءة الجماعة {رِجْزًا} بكسر الراء، وابن مُحَيْصِن بضم الراء.
والرجز: العذاب بالزاي، وبالسين: النَّتْن والقَذَر؛ ومنه قوله تعالى: {فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إلى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 125] أي نَتْنًا إلى نَتْنِهم؛ قاله الكِسائي.
وقال الفرّاء: الرَّجْز هو الرِّجْس.
قال أبو عبيد: كما يقال السُّدْغ والزُّدْغ، وكذا رِجْس ورِجْز بمعنًى.
قال الفرّاء: وذكر بعضهم أن الرُّجز بالضم: اسم صنم كانوا يعبدونه؛ وقرئ بذلك في قوله تعالى: {والرجز فاهجر} [المدثر: 5].
والرَّجَز بفتح الراي والجيم: نوع من الشِّعْر؛ وأنكر الخليل أن يكون شِعرًا.
وهو مشتق من الرَّجَز؛ وهو داء يصيب الإبل في أعجازها، فإذا ثارت ارتعشت أفخاذها.
{بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ} أي بفسقهم.
والفِسْق الخروج، وقد تقدّم.
وقرأ ابن وَثّاب والنَّخَعِيّ: {يَفْسِقُونَ} بكسر السين. اهـ.