فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ الحسن ومن تأول تأويله: {إنه عمل غير صالح} على هذا المعنى، وهي قراءة السبعة سوى الكسائي: وقراءة جمهور الناس، وقال من خالف الحسن بن أبي الحسن: المعنى: ليس من أهلك الذين عمهم الوعد لأنه ليس على دينك وإن كان ابنك بالولاء. فمن قرأ من هذه الفرقة: {إنه عمل غير صالح} جعله وصفًا له بالمصدر على جهة المبالغة، فوصفه بذلك كما قالت الخنساء تصف ناقة ذهب عنها ولدها: [البسيط]
ترتع ما غفلت حتى إذا ادكرت ** فإنما هي إقبال وإدبار

أي ذات إقبال وإدبار. وقرأ بعض هذه الفرقة: {إنه عمل غير صالح} وهي قراءة الكسائي، وروت هذه القراءة أم سلمة وعائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره أبو حاتم، وضعف الطبري هذه القراءة وطعن في الحديث بأنه من طريق شهر بن حوشب، وهي قراءة علي وابن عباس وعائشة وأنس بن مالك، ورجحها أبو حاتم وقرأ بعضها: {إنه عمل عملًا غير صالح}. وقالت فرقة: الضمير في قوله: {إنه عمل غير صالح} على قراءة جمهور السبعة على سؤال الذي يتضمنه الكلام وقد فسره آخر الآية؛ ويقوي هذا التأويل أن في مصحف ابن مسعود {إنه عمل غير صالح أن تسألني ما ليس لك به علم}. وقالت فرقة: الضمير عائد على ركوب ولد نوح معهم الذي يتضمنه سؤال نوح، المعنى: أن ركوب الكافر مع المؤمنين عمل غير صالح، وقال أبو علي: ويحتمل أن يكون التقدير أن كونك مع الكافرين وتركك الركوب معنا عمل غير صالح.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تأويل لا يتجه من جهة المعنى، وكل هذه الفرق قال: إن القول بأن الولد كان لغية وولد فراش خطأ محض وقالوا: إنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أنه ما زنت امرأة نبي قط».
قال القاضي أبو محمد: وهذا الحديث ليس بالمعروف، وإنما هو من كلام ابن عباس رضي الله عنه ويعضده شرف النبوة. وقالوا في قوله عز وجل: {فخانتاهما} إن الواحدة كانت تقول للناس: هو مجنون؛ والأخرى كانت تنبه على الأضياف، وأما غير هذا فلا، وهذه منازع ابن عباس وحججه؛ وهو قوله وقول الجمهور من الناس.
وقرأ ابن أبي مليكة: {فلا تسلْني} بتخفيف النون وإثبات الياء وسكون اللام دون همز. وقرأت فرقة بتخفيف النون وإسقاط الياء وبالهمز {فلا تسألن}، وقرأ أبو جعفر وشيبة بكسر النون وشدها والهمز وإثبات الياء {فلا تسألنِّي}، وقرأ نافع ذلك دون ياء {فلا تسألن} وقرأ ابن كثير وابن عامر {فلا تسألنَّ} بفتح النون المشددة، وهي قراءة ابن عباس، وقرأ أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: {فلا تسلْن} خفيفة النون ساكنة اللام، وكان أبو عمرو يثبت الياء في الوصل، وحذفها عاصم وحمزة في الوصل والوقف. ومعنى قوله: {فلا تسألني ما ليس لك به علم} أي إذ وعدتك فاعلم يقينًا أنه لا خلف في الوعد فإذ رأيت ولدك لم يحمل فكان الواجب عليك أن تقف وتعلم أن ذلك هو بحق واجب واجب عند الله.
قال القاضي أبو محمد: ولكن نوحًا عليه السلام حملته شفقة النبوة وسجية البشر على التعرض لنفحات الرحمة والتذكير، وعلى هذا القدر وقع عتابه، ولذلك جاء بتلطف وترفيع في قوله: {إني أعظك أن تكون من الجاهلين}، وقد قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم: {فلا تكونن} [البقرة: 147، الأنعام: 34-114، يونس: 94]، وذلك هنا بحسب الأمر الذي عوتب فيه وعظمته، فإنه لضيق صدره بتكاليف النبوة، وإلا فمتقرر أن محمدًا صلى الله عليه وسلم أفضل البشر وأولاهم بلين المخاطبة؛ ولكن هذا بحسب الأمرين لا بحسب النبيين. وقال قوم: إنما وقر نوح لسنة. وقال قوم: إنما حمل اللفظ على محمد صلى الله عليه وسلم كما يحمل الإنسان على المختص به الحبيب إليه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا كله ضعيف، ويحتمل قوله: {فلا تسألني ما ليس لك به علم}، أي لا تطلب مني أمرًا لا تعلم المصلحة فيه علم يقين، ونحا إلى هذا أبو علي الفارسي، وقال: إن: {به} يجوز أن يتعلق بلفظة: {علم} كما قال الشاعر: [الرجز].
كان جزائي بالعصا أن أجلدا

ويجوز أن يكون: {به} بمنزلة فيه، فتتعلق الباء بالمستقر.
قال القاضي أبو محمد: واختلاف هذين الوجهين إنما هو لفظي، والمعنى في الآية واحد، وروي أن هذا الابن إنما كان ربيبه وهذا ضعيف؛ وحكى الطبري عن ابن زيد أن معنى قوله: {إني أعظك أن تكون من الجاهلين} في أن تعتقد أني لا أفي لك بوعد وعدتك به.
قال القاضي أبو محمد: وهذا تأويل بشع، وليس في الألفاظ ما يقتضي أن نوحًا اعتقد هذا وعياذًا بالله، وغاية ما وقع لنوح عليه السلام أن رأى ترك ابنه معارضًا للوعد فذكر به، ودعا بحسب الشفقة ليكشف له الوجه الذي استوجب به ابنه الترك في الغرقى.
{قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ}
هذه الآية فيها إنابة نوح وتسليمه لأمر الله تعالى واستغفاره بالسؤال الذي وقع النهي عليه والاستعاذة والاستغفار منه هو سؤال العزم الذي معه محاجة وطلبة ملحة فيما قد حجب وجه الحكمة فيه؛ وأما السؤال في الأمور على جهة التعلم والاسترشاد فغير داخل في هذا.
وظاهر قوله: {فلا تسألنِ ما ليس لك به علم} [هود: 46] يعم النحويين من السؤال، فلذلك نبهت على أن المراد أحدهما دون الآخر، و{الخاسرون} هم المغبونون حظوظهم من الخير، وقوله تعالى: {قيل يا نوح اهبط بسلام} كان هذا عند نزوله من السفينة مع أصحابه للانتشار في الأرض، والسلام: هنا السلامة والأمن ونحوه، والبركات الخير والنمو في كل الجهات، وهذه العدة تعم جميع المؤمنين إلى يوم القيامة، قاله محمد بن كعب القرظي؛ وقوله: {ممن معك} أي من ذرية من معك ومن نسلهم، ف: {مَنْ}- على هذا- هي لابتداء الغاية، أي من هؤلاء تكون هذه الأمم، و: {من} موصولة، وصلتها: {معك} وما يتقدر معها نحو قولك: ممن استقر معك ونحوه ثم قطع قوله: {وأمم} على وجه الابتداء إذ كان أمرهم مقطوعًا من الأمر الأول، وهؤلاء هم الكفار إلى يوم القيامة. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ}
فيه خمس مسائل:
الأولى:
قوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ} أي دعاه.
{فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} أي من أهلي الذين وعدتهم أن تنجيهم من الغرق؛ ففي الكلام حذف.
{وَإِنَّ وَعْدَكَ الحق} يعني الصدق.
وقال علماؤنا: وإنما سأل نوح ربه ابنه لقوله: {وَأَهْلَكَ} وترك قوله: {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} فلما كان عنده من أهله قال: {رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} يدلّ على ذلك قوله: {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} أي لا تكن ممن لست منهم؛ لأنه كان عنده مؤمنًا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: {إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} إلا وذلك عنده كذلك؛ إذا محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في إنجاء بعضهم؛ وكان ابنه يُسِرّ الكفر ويظهر الإيمان؛ فأخبر الله تعالى نوحًا بما هو منفرد به من علم الغيوب؛ أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت. وقال الحسن: كان منافقًا؛ ولذلك استحل نوح أن يناديه. عنه أيضًا: كان ابن امرأته؛ دليله قراءة عليّ {وَنَادَى نُوحٌ ابنها}.
{وَأَنتَ أَحْكَمُ الحاكمين} ابتداء وخبر. أي حكمت على قوم بالنجاة، وعلى قوم بالغرق.
الثانية:
قوله تعالى: {قَالَ يا نوح إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي ليس من أهلك الذين وعدتهم أن أنجيهم؛ قاله سعيد بن جُبير.
وقال الجمهور: ليس من أهل دينك ولا ولايتك؛ فهو على حذف مضاف؛ وهذا يدلّ على أن حكم الاتفاق في الدِّين أقوى من حكم النسب.
{إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} قرأ ابن عباس وعُروة وعِكرمة ويعقوب والكسائي: {إِنَّهُ عَمِلَ غَيْرَ صَالِحٍ} أي من الكفر والتكذيب؛ واختاره أبو عبيد. وقرأ الباقون: {عَمَلٌ} أي ابنك ذو عمل غير صالح فحذف المضاف؛ قاله الزجاج وغيره.
قال:
تَرْتَعُ ما رَتَعتْ حتَّى إذا ادَّكَرتْ ** فَإنما هي إقبالٌ وإدبار

أي ذات إقبال وإدبار.
وهذا القول والذي قبله يرجع إلى معنى واحد.
ويجوز أن تكون الهاء للسؤال؛ أي إن سؤالك إياي أن أنجيه عمل غير صالح. قاله قتادة.
وقال الحسن: معنى عمل غير صالح أنه ولد على فراشه ولم يكن ابنه. وكان لغير رِشْدَة، وقاله أيضًا مجاهد.
قال قتادة سألت الحسن عنه فقال: والله ما كان ابنه؛ قلت إن الله أخبر عن نوح أنه قال: {إِنَّ ابني مِنْ أَهْليِ} فقال: لم يقل مني، وهذه إشارة إلى أنه كان ابن امرأته من زوج آخر؛ فقلت له: إن الله حكى عنه أنه قال: {إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي}، {وَنَادَى نُوحٌ ابنه} ولا يختلف أهل الكتابين أنه ابنه؛ فقال الحسن: ومن يأخذ دينه عن أهل الكتاب إنهم يكذِبون.
وقرأ: {فَخَانَتَاهُمَا}.
وقال ابن جريج: ناداه وهو يحسب أنه ابنه، وكان ولد على فراشه، وكانت امرأته خانته فيه؛ ولهذا قال: {فَخَانَتَاهُمَا} [التحريم: 10] وقال ابن عباس: ما بغت امرأة نبيّ قطّ، وأنه كان ابنه لصُلْبه.
وكذلك قال الضّحاك وعِكرمة وسعيد ابن جُبير وميمون بن مِهران وغيرهم، وأنه كان ابنه لصُلْبه.
وقيل لسعيد بن جُبير يقول نوح: {إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} أكان من أهله؟ أكان ابنه؟ فسبّح اللَّهَ طويلًا ثم قال: لا إله إلا الله يحدث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم أنه ابنه، وتقول إنه ليس ابنه نعم كان ابنه؛ ولكن كان مخالفًا في النية والعمل والدِّين، ولهذا قال الله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}؛ وهذا هو الصحيح في الباب إن شاء الله تعالى لجلالة من قال به، وإن قوله: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} ليس مما ينفي عنه أنه ابنه.
وقوله: {فَخَانَتَاهُمَا} يعني في الدِّين لا في الفِراش، وذلك أن هذه كانت تخبر الناس أنه مجنون، وذلك أنها قالت له: أما ينصرك ربك؟ فقال لها: نعم.
قالت: فمتى؟ قال: إذا فار التّنور؛ فخرجت تقول لقومها: يا قوم والله إنه لمجنون، يزعم أنه لا ينصره ربه إلا أن يفور هذا التّنور، فهذه خيانتها.
وخيانة الأخرى أنها كانت تدلّ على الأضياف على ما سيأتي إن شاء الله. والله أعلم.
وقيل: الولد قد يسمى عملًا كما يسمى كَسْبًا، كما في الخبر: «أولادكم من كَسْبكم». ذكره القشيريّ.
الثالثة:
في هذه الآية تسلية للخلق في فساد أبنائهم وإن كانوا صالحين.
وروي أن ابن مالك بن أنس نزل من فوق ومعه حمام قد غطّاه، قال: فعلم مالك أنه قد فهمه الناس؛ فقال مالك: الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات، والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات.
وفيها أيضًا دليل على أن الابن من الأهل لغة وشرعًا، ومن أهل البيت؛ فمن وصّى لأهله دخل في ذلك ابنه، ومن تضمنه منزلُه، وهو في عياله.
وقال تعالى في آية أخرى: {وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ المجيبون وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الكرب العظيم} [الصافات: 75-76] فسمى جميع من ضمه منزله من أهله.
الرابعة:
ودلّت الآية على قول الحسن ومجاهد وغيرهما: أن الولد للفراش؛ ولذلك قال نوح ما قال آخذًا بظاهر الفراش.
وقد روى سفيان بن عُيينة عن عمرو بن دينار أنه سمع عبيد بن عمير يقول: نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قضى بالولد للفراش من أجل ابن نوح عليه السلام؛ ذكره أبو عمر في كتاب التمهيد.
وفي الحديث الصحيح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الولدُ للفراش وللعاهِر الحَجَر». يريد الخيبة.
وقيل: الرّجم بالحجارة. وقرأ عُروة بن الزّبير.
{ونَادَى نُوحٌ ابنها} يريد ابن امرأته، وهي تفسير القراءة المتقدّمة عنه، وعن عليّ رضي الله عنه، وهي حجة للحسن ومجاهد؛ إلا أنها قراءة شاذة، فلا نترك المتفق عليها لها.
والله أعلم.
الخامسة:
قوله تعالى: {إني أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين} [هود: 46] أي أنهاك عن هذا السؤال، وأحذرك لئلا تكون، أو كراهية أن تكون من الجاهلين؛ أي الآثمين.
ومنه قوله تعالى: {يَعِظُكُمُ الله أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَدًا} [النور: 17] أي يحذركم الله وينهاكم.
وقيل: المعنى أرفعك أن تكون من الجاهلين.
قال ابن العربي: وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحًا عن مقام الجاهلين، ويعليه بها إلى مقام العلماء والعارفين؛ ف: {قَالَ} نوح: {رَبِّ إني أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} الآية وهذه ذنوب الأنبياء عليهم السلام، فشكر الله تذلله وتواضعه.
{وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي} ما فرط من السؤال.
{وترحمني} أي بالتوبة.
{أَكُن مِّنَ الخاسرين} أي أعمالًا.
فقال: {يا نوح اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا} [هود: 48].
قوله تعالى: {قِيلَ يا نوح اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا} أي قالت (له) الملائكة، أو قال الله تعالى له: اهبط من السفينة إلى الأرض، أو من الجبل إلى الأرض؛ فقد ابتلعت الماء وجفّت.
{بِسَلاَمٍ مِنَّا} أي بسلامة وأمن.
وقيل: بتحية.
{وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ} أي نعم ثابتة؛ مشتق من بروك الجمل وهو ثبوته وإقامته.
ومنه البِركة لثبوت الماء فيها.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: نوح آدم الأصغر، فجميع الخلائق الآن من نسله، ولم يكن معه في السفينة من الرجال والنساء إلا من كان من ذريته؛ على قول قَتَادة وغيره، حسب ما تقدّم؛ وفي التنزيل: {وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات: 77].
{وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ} قيل: دخل في هذا كل مؤمن إلى يوم القيامة.
ودخل في قوله: {وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} كل كافر إلى يوم القيامة؛ رُوي ذلك عن محمد بن كعب.
والتقدير على هذا: وعلى ذرية أمم ممن معك، وذرية أمم سنمتعهم.
وقيل: {مِن} للتبعيض، وتكون لبيان الجنس.
{وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ} ارتفع {وَأُمَمٌ} على معنى وتكون أمم.
قال الأخفش سعيد كما تقول: كلمت زيدًا وعمرو جالس.
وأجاز الفراء في غير القراءة وأممًا، وتقديره: ونمتّع أممًا.
وأعيدت {على} مع {أُمَمٌ} لأنه معطوف على الكاف من {عَلَيْكَ} وهي ضمير المجرور، ولا يعطف على ضمير المجرور إلا بإعادة الجار على قول سيبويه وغيره.
وقد تقدّم في النساء بيان هذا مستوفى في قوله تعالى: {واتقوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامِ} [النساء: 1] بالخفض.
والباء في قوله: {بِسَلاَمٍ} متعلقة بمحذوف؛ لأنها في موضع الحال؛ أي اهبط مسلَّمًا عليك.
و{مِنَّا} في موضع جر متعلق بمحذوف؛ لأنه نعت للبركات.
{وَعَلَى أُمَمٍ} متعلق بما تعلق به {عَلَيْكَ}؛ لأنه أعيد من أجل المعطوف على الكاف.
و{من} في قوله: {مِمَّنْ مَعَكَ} متعلق بمحذوف؛ لأنه في موضع جر نعت للأمم.
و{مَعَكَ} متعلق بفعل محذوف؛ لأنه صلة {لمن} أي ممن استقر معك، أو آمن معك، أو ركب معك. اهـ.