فصل: كلام في عبادة الأصنام في فصول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فمن ذلك جزيرة بريطانية انقطعت في هذا الحين من فرنسا وانفصلت من أوربا بالكلية، وكانت أوربا من ناحية جنوبها وإفريقا من ناحية شمالها مرتبطتين برابط برى إلى هذا الحين فانفصلتا باتساع البحر المتوسط مديترانه وتكون بذلك شبه جزيرة إيطاليا وشبه جزيرة تونس من شمالها الشرقي وجزائر صقلية وسردينيا وغيرها وكانت جزائر أندونيسيا من ناحية جاوا وسوماترا إلى جنوبى جزيرة اليابان متصلة بآسيا من جهة الجنوب الشرقي إلى هذا الحين فانفصلت وتحولت إلى صورتها الفعلية، وكذا انقطاع إمريكا الشمالية من جهة شمالها عن شمال أوربا احد الاثار الباقية من هذا العهد عهد الطوفان.
وللحركات والتحولات الارضية الداخلية آثار في سير هذه المياه واستقرارها في البقاع الخافضة المنحدرة ولذلك كان ينكشف الماء عن بعض البقاع الساحلية المغمورة بماء البحار في حين كان الطوفان مستوليا على اكثر البسيط يكون بحيرات ويوسع بحارا، ومن هذا الباب سواحل خوزستان الجنوبية انكشف عنها ماء الخليج.
4- العوامل المؤثرة في ازدياد المياه وغزارة عملها في عهد الطوفان.
الشواهد الجيولوجية التى أشرنا إلى بعضها تؤيد أن النزولات الجوية كانت غير عادية في اوائل الدور الحاضر من ادوار الحياة الإنسانية وهو عهد الطوفان، وقد كان ذلك عن تغيرات جوية هامة خارقة للعادة قطعا.
فكان الهواء حارا في هذه الدورة نسبة لكن كان ذلك مسبوقا ببرد شديد وقد غطى معظم النصف الشمالي من الكرة الثلج والجمد والجليد فمن المحتمل قويا ان المتراكم من جمد الدورة السابقة عليه كان باقيا لم يذب بعد في النجود في اكثر بقاع المنطقة المعتدلة الشمالية.
فعمل الحرارة في سطح الأرض في دورتين متواليتين على ما به من متراكم الجمد والجليد يوجب تغيرا شديدا في الجو وانقلابا عظيما مؤثرا في ارتفاع بخار الماء إليه وتراكمه فيه تراكما هائلا غير عادى وتعقبه نزولات شديدة وأمطار غزيرة غير معهودة.
نزول هذه الامطار الغزيرة الهاطلة ثم استدامتها النزول على الارتفاعات والنجود وخاصة على سلاسل الجبال الجديدة الحدوث في جنوب آسيا ومغربها وجنوب أوربا وشمال إفريقا كجبال ألبرز وهيماليا وآلب وفي مغرب إمريكا عقب جريان سيول عظيمة هائلة عليها تنحت الصخور وتحفر الأرض وتقلع احجارا وتحملها إلى الاراضي والبقاع المنحدرة وتحدث اودية جديدة وتعمق أخرى قديمة وتوسعها ثم تبسط ما تحمله من الحجارة والحصى والرمل تجاهها قشورا رسوبية جديدة.
ومما كان يمد الطوفان السماوي في شدة عمله يزيد حجم السيول الجارية أن حفر الاودية الجديدة كان يكشف عن ذخائر مائية في بطن الأرض هي منابع غير أن الذخائر الارضية متناهية محدودة تنفد بالسيلان وبنفادها وإمساك السماء عن الامطار ينقضى الطوفان وتنحدر المياه إلى البحار والاراضي المنخفضة وإلى بعض الخلاء والسرب الموجود في داخل الأرض الذى أفرغته السيول بالتفجير والمص.
5- نتيجة البحث.
وعلى ما قدمناه من البحث الكلى يمكن أن ينطبق ما قصه الله تعالى من خصوصيات الطوفان الواقع في زمن نوح عليه السلام كقوله تعالى: {ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر} القمر: 12، وقوله: {حتى إذا جاء امرنا وفار التنور} هود: 40، وقوله: {وقيل يا ارض ابلعى ماءك ويا سماء اقلعي وغيض الماء وقضى والأمر} هود: 44. انتهى.
ومما يناسب هذا المقام ما نشره بعض جرائد طهران في هذه الايام وملخصه: ان جماعة من رجال العلم من إمريكا بهداية من بعض رجال الجند التركي عثروا في بعض قلل جبل آراراط في شرقي تركيا في مرتفع 1400 قدم على قطعات اخشاب يعطى القياس انها قطعات متلاشية من سفينة قديمة وقعت هناك تبلغ بعض هذه القطعات من القدمة 2500 قبل الميلاد.
والقياس يعطى انها قطعات من سفينة يعادل حجمه ثلثى حجم مركب (كوئين مارى) الانجليزية التى طولها 1019 قدما وعرضها 118 قدما، وقد حملت الاخشاب إلى سانفرانسيسكو لتحقيق امرها وانها هل تقبل الانطباق على ما تعتقده ارباب النحل من سفينة نوح؟ عليه السلام.
8- عمره عليه السلام الطويل: القرآن الكريم يدل على انه عليه السلام عمر طويلا، (هامش) جريدة كيهان المنتشرة اول سبتامبر 1962 المطابق لغرة ربيع الأول 1382 الهجرية القمرية عن لندن آسوشتيدبرس.
وانه دعا قومه الف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله سبحانه، وقد استبعده بعض الباحثين لما ان الاعمار الإنسانية لا تتجاوز في الاغلب المائة أو المائة والعشرين سنة حتى ذكر بعضهم ان القدماء كانوا يعدون كل شهر من الشهور سنة فالالف سنة إلا خمسين عاما يعدل ثمانين سنة إلا عشرة شهور.
وهو بعيد غايته.
وذكر بعضهم ان طول عمره عليه السلام كان كرامة له خارقة للعادة، قال الثعلبي في قصص الأنبياء في خصائصه عليه السلام: وكان اطول الأنبياء عمرا وقيل له اكبر الأنبياء وشيخ المرسلين، وجعل معجزته في نفسه لأنه عمر الف سنة ولم ينقص له سن ولم تنقص له قوة. انتهى.
والحق أنه لم يقم حتى الان دليل على امتناع أن يعمر الإنسان مثل هذه الاعمار بل الاقرب في الاعتبار أن يعمر البشر الأولى بأزيد من الاعمار الطبيعية اليوم بكثير لما كان لهم من بساطة العيش وقلة الهموم وقلة الامراض المسلطة علينا اليوم وغير ذلك من الأسباب الهادمة للحياة، ونحن كلما وجدنا معمرا عمر مائة وعشرين إلى مائة وستين وجدناه بسيط العيش قليل الهم ساذج الفهم فليس من البعيد أن يرتقى بعض الاعمار في السابقين إلى مئات من السنين.
على أن الاعتراض على كتاب الله في مثل عمر نوح عليه السلام وهو يذكر من معجزات الأنبياء الخارقة للعادة شيئا كثيرا لعجيب.
وقد تقدم كلام في المعجزة في الجزء الأول من الكتاب.
9- أين هو جبل الجودى: ذكروا انه بديار بكر من موصل في جبال تتصل بجبال أرمينية، وقد سماه في التوراة أراراط.
قال في القاموس: والجودى جبل بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح عليه السلام، ويسمى في التوراة (أراراط) انتهى، وقال في مراصد الاطلاع: الجودى مشددة جبل مطل على جزيرة ابن عمر في شرقي دجلة من اعمال الموصل استوت عليه سفينة نوح لما نضب الماء.
10- ربما قيل: هب إنه أغرق قوم نوح بذنبهم فما هو ذنب سائر الحيوان الذى على الأرض حيث هلكت بطاغية المياه؟ وهذا من أسقط الاعتراض فما كل هلاك ولو كان عاما عقوبة وانتقاما، والحوادث العامة التى تهلك الالوف ثم الألوف مثل الزلازل والطوفانات والوباء والطاعون كثير الوقوع في الدهر، ولله فيما يقضى حكم.

.كلام في عبادة الأصنام في فصول:

1- الإنسان واطمئنانه إلى الحس: الإنسان يجرى في حياته الاجتماعية على اعتبار قانون العلية والمعلولية الكلى وسائر القوانين الكلية التى اخذها من هذا النظام العام المشهود، وهو على خلاف ما نشاهده من اعمال سائر الحيوان وأفعاله يجرى في التفكر والاستدلال أعنى القياس والاستنتاج إلى غايات بعيدة.
وهو مع ذلك لا يستقر في فحصه وبحثه على قرار دون أن يحكم في علة هذا العالم المشهود الذى هو احد أجزائه بشئ من الاثبات والنفى لما يرى أن سعادة حياته التى لا بغية عنده أحب منها تختلف على تقديري إثبات هذه العلة الفاعلة المسماة بالاله عز اسمه ونفيه اختلافا جوهريا فمن البين أن لا مضاهاة بين حياة الإنسان المتأله الذى يثبت للعالم إلها حيا عليما قديرا لا مناص عن الخضوع لعظمته وكبريائه والجرى على ما يحبه ويرضاه، وبين حياة الإنسان الذى يرى العالم سدى لا مبدء له ولا غاية، وليس فيه للإنسان إلا الحياة المحدودة التى تفنى بالموت وتبطل بالفوت، ولا موقف للانسانية فيه إلا ما للحيوان العجم من موقف الشهوة والغضب وبغية البطن والفرج.
فهذه نزعة فكرية أولى للإنسان إلى الحكم بأنه: هل للوجود من إله؟ وتتلوه نزعة ثانية وهى القضاء الفطري بالاثبات، والحكم بأن للعالم إلها خلق كل شيء بقدرته وأجرى النظام العام بربوبيته فهدى كل شيء إلى غايته وكمال وجوده بمشيته وسيعود كل إلى ربه كما بدئ هذا.
ثم إن مزاولة الإنسان للحس والمحسوس مدى حياته وانكبابه على المادة وإخلاده إلى الأرض عوده أن يمثل كل ما يعقله ويتصوره تمثيلا حسيا وإن كان مما لا طريق للحس والخيال إليه البتة كالكليات والحقائق المنزهة عن المادة على أن الإنسان إنما ينتقل الى المعقولات من طريق الاحساس والتخيل فهو انيس الحس وأليف الخيال.
وقد قضت هذه العادة اللازمة على الإنسان أن يصور لربه صورة خيالة على حسب ما يألفه من الأمور المادية المحسوسة حتى أن اكثر الموحدين ممن يرى تنزه ساحة رب العالمين تعالى وتقدس عن الجسمية وعوارضها يثبت في ذهنه له تعالى صورة مبهمة خيالية معتزلة للعالم تبادر ذهنه إذا توجه إليه في مسألة أو حدث عنه بحديث غير أن التعليم الدينى أصلح ذلك بما قرر من الجمع بين النفى والاثبات والمقارنة بين التشبيه والتنزيه يقول الموحد المسلم: إنه تعالى شيء ليس كمثله شيء له قدرة لا كقدرة خلقه، وعلم لا كالعلوم وعلى هذا القياس.
وقل أن يتفق لانسان أن يتوجه إلى ساحة العزة والكبرياء ونفسه خالية عن هذه المحاكاة، وما أشذ أن يسمح الوجود برجل قد أخلص نفسه لله سبحانه غير متعلق القلب بمن دونه، ولا ممسوس بالتسويلات الشيطانية، قال تعالى: {سبحان الله عما يصفون إلا عباد الله المخلصين} الصافات: 160، وقال حكاية عن إبليس: {قال فبعزتك لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} ص: 83.
وبالجملة الإنسان شديد الولع بتخيل الأمور غير المحسوسة في صورة الأمور المحسوسة فإذا سمع أن وراء الطبيعة الجسمية ما هو أقوى وأقدر وأعظم وأرفع من الطبيعة وأنه فعال فيها محيط بها أقدم منها مدبر لها حاكم فيها لا يوجد شيء إلا بأمره ولا يتحول عن حال إلى حال إلا بإرادته ومشيته لم يتلق من جميع ذلك إلا ما يضاهى أوصاف الجسمانيات وما يتحصل من قياس بعضها إلى بعض.
وكثيرا ما حكاه في نفسه بصورة إنسان فوق السماوات جالس على عرش الملك يدبر أمر العالم بالتفكر ويتممه بالإرادة والمشية والأمر والنهى، وقد صرحت التوراة الموجودة بأن الله سبحانه كذلك، وأنه تعالى خلق الإنسان على صورته، وظاهر الاناجيل أيضا ذلك.
فقد تحصل أن الاقرب إلى طبع الإنسان وخاصة الإنسان الأولى الساذج أن يصنع لربه المنزه عن الشبه والمثل صورة يضاهى بها الذوات الجسمانية وتناسب الاوصاف والنعوت التى يصفها بها كما يمثل الثالوث بإنسان ذو وجوه ثلاثة كأن كلا من النعوت العامة وجه للرب يواجه به خلقه.
2- الاقبال إلى الله بالعبادة: إذا قضى الإنسان أن للعالم إلها خلقه بعلمه وقدرته لم يكن له بد من أن يخضع له خضوع عبادة اتباعا للناموس العالم الكونى وهو خضوع الضعيف للقوى ومطاوعة العاجز للقادر، وتسليم الصغير الحقير للعظيم الكبير فانه ناموس عام جار في الكون حاكم في جميع أجزاء الوجود، وبه يؤثر الأسباب في مسبباتها وتتأثر المسببات عن أسبابها.
وإذا ظهر الناموس المذكور لذوات الشعور والإرادة من الحيوان كان مبدء للخضوع والمطاوعة من الضعيف للقوى كما نشاهده من حال الحيوانات العجم إذا شعر الضعيف منها بقوة القوى آئسا من الظهور عليه والقدرة على مقاومته.
وظهوره في العالم الإنساني أوسع وأبين من سائر الحيوان لما في هذا النوع من عمق الادراك وخصيصة الفكر فهو متفنن في إجرائه في غالب مقاصده وأعماله جلبا للنفع أو دفعا للضرر كخضوع الرعية للسلطان والفقير للغنى والمرؤوس للرئيس والمأمور للامر والخادم للمخدوم والمتعلم للعالم والمحب للمحبوب والمحتاج للمستغنى والعبد للسيد والمربوب للرب.
وجميع هذه الخضوعات من نوع واحد وهو تذلل وهوان نفساني قبال عزة وقهر مشهود، والعمل البدني الذى يظهر هذا التذلل والهوان هي العبادة أيا ما كانت؟ وممن ولمن تحققت؟ ولا فرق في ذلك بين الخضوع للرب تعالى وبينه إذا تحقق من العبد بالنسبة إلى مولاه أو من الرعية بالنسبة إلى السلطان أو من المحتاج بالنسبة إلى المستغنى أو غير ذلك فالجميع عبادة.
وعلى أي حال لا سبيل إلى ردع الإنسان عن هذا الخضوع لاستناده إلى قضاء فطرى ليس للإنسان أن يتجافى عنه إلا أن يتبين له أن الذى كان يظنه قويا ويستضعف نفسه دونه ليس على ما كان يظنه بل هما سواء مثلا.
ومن هنا ما نرى أن الإسلام لم ينه عن اتخاذ آلهة دون الله وعبادتهم إلا بعد ما بين للناس أنهم مخلوقون مربوبون أمثالهم، وأن العزة والقوة لله جميعا قال تعالى: {إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم} الأعراف: 194 وقال: {والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون} الأعراف: 198 وقال تعالى: {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون} آل عمران: 64 ختم الآية بحديث التسليم لله تعالى بعد ما دعاهم إلى ترك عبادة غير الله تعالى من الالهة ورفض الخضوع لسائر المخلوقين المماثلين لهم وقال تعالى: {أن القوة لله جميعا} البقرة: 165، وقال: {فإن العزة لله جميعا} النساء: 139 وقال: {ما لكم من دونه من ولى ولا شفيع} ألم السجدة: 4 إلى غير ذلك من الآيات.
فليس عند غيره تعالى ما يدعو إلى الخضوع له فلا يسوغ الخضوع لاحد ممن دونه إلا أن يؤول إلى الخضوع لله ويرجع تعزيره أو تعظيمه وولايته إلى ناحيته قال تعالى: {الذين يتبعون الرسول النبي الأمي} إلى أن قال: {فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه اولئك هم المفلحون} الأعراف: 157، وقال: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} إلى قوله: {وهم راكعون} المائدة: 55، وقال: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} التوبة: 71، وقال: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب} الحج: 32.
فلا خضوع في الإسلام لاحد دون الله إلا ما يرجع إليه تعالى ويقصد به.
3- كيف نشأت الوثنية؟ وبما ذا بدأت؟ اتضح في الفصل المتقدم أن الإنسان في مزلة من تجسيم الأمور المعنوية وسبك غير المحسوس في قالب المحسوس بالتمثيل والتصوير وهو مع ذلك مفطور للخضوع أمام أي قوة فائقة قاهرة والاعتناء بشأنها.
ولذا كانت روح الشرك والوثنية سارية في المجتمع الإنساني سراية تكاد لا تقبل التحرز والاجتناب حتى في المجتمعات الراقية الحاضرة وحتى في المجتمعات المبنية على أساس رفض الدين فترى فيها من النصب وتماثيل الرجال وتعظيمها واحترامها والبلوغ في الخضوع لها ما يمثل لك وثنية العهود الأولى والإنسان الأولى.
على أن اليوم من الوثنية على ظهر الأرض ما يبلغ مآت الملايين قاطنين في شرقها وغربها.
ومن هنا يتأيد بحسب الاعتبار أن تكون الوثنية مبتدئة بين الناس باتخاذ تماثيل الرجال العظماء ونصب اصنامهم وخاصة بعد الموت ليكون في ذلك ذكرى لهم، وقد ورد في روايات أئمة اهل البيت ما يؤيد ذلك ففى تفسير القمى مضمر أو في علل الشرائع مسندا عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: {وقالوا لا تذرن آلهتكم} الآية، قال: كانوا يعبدون الله عز وجل فماتوا فضج قومهم وشق ذلك عليهم فجاءهم إبليس لعنه الله وقال لهم: أتخذ لكم أصناما على صورهم فتنظرون إليهم وتأنسون بهم وتعبدون الله، فأعد لهم اصناما على مثالهم فكانوا يعبدون الله عز وجل وينظرون إلى تلك الأصنام، فلما جاءهم الشتاء والامطار أدخلوا الأصنام البيوت.