فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الألوسي:

{قَالَ يَا قَوْمِ} أخبروني: {أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيّنَةٍ} حجة ظاهرة وبرهان وبصيرة: {مّن رَّبّى} مالكي ومتولي أموري: {الكتاب مِنْهُ} من قبله سبحانه: {رَحْمَةً} نبوة، وهذا من الكلام المنصف، والاستدراج إذ لا يتصور منه عليه السلام شك فيما في حيز إن، وأصل وضعها أنها لشك المتكلم: {فَمَن يَنصُرُنِى مِنَ الله} أي فمن يمنعني من عذابه، ففي الكلام مضاف مقدر والنصرة مستعملة في لازم معناها أو أنّ الفعل مضمن معنى المنع، ولذا تعدى بمن والعدول إلى الإظهار لزيادة التهويل والفاء لترتيب إنكار النصر على ما سبق من كونه على بينة وإيتاء الرحمة على تقدير العصيان حسبما يعرب عنه قوله: {إِنْ عَصَيْتُهُ} أي في المساهلة في تبليغ الرسالة والمنع عن الشرك به تعالى والمجاراة معكم فيما تشتهون فإن العصيان ممن ذلك شأنه أبعد والمؤاخذة عليه ألزم وإنكار نصرته أدخل: {فَمَا تَزِيدُونَنِى} إذن باستتباعكم إياي أي لا تفيدونني إذ لم يكن فيه أصل الخسران حتى يزيدوه: {غَيْرَ تَخْسِيرٍ} أي غير أن تجعلوني خاسرًا بإبطال أعمالي وتعريضي لسخط الله تعالى، أو: {فَمَا تَزِيدُونَنِى} بما تقولون غير أن أنسبكم إلى الخسران، وأقول لكم: إنكم لخاسرون لا أن أتبعكم.
وروي هذا عن الحسن بن الفضل، فالفاعل على الأول هم والمفعول صالح، وعلى الثاني بالعكس والتفعيل كثيرًا ما يكون للنسبة كفسقته وفجرته، والزيادة على معناها والفاء لترتيب عدم الزيادة على انتفاء الناصر المفهوم من إنكاره على تقدير العصيان مع تحقق ما ينفيه من كونه عليه السلام على بينة من ربه وإيتائه النبوة.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المعنى: {فَمَا تَزِيدُونَنِى غَيْرَ} مضارة في خسرانكم، فالكلام على حذف مضاف، وعن مجاهد ما تزدادون أنتم باحتجاجكم بعبادة آبائكم إلا خسارًا، وأضاف الزيادة إلى نفسه لأنهم أعطوه ذلك وكان قد سألهم الإيمان، وقال ابن عطية: المعنى فما تعطوني فيما اقتضيه منكم من الإيمان: {غَيْرَ تَخْسِيرٍ} لأنفسكم، وأضاف الزيادة إلى نفسه من حيث أنه مقتض لأقوالهم موكل بإيمانهم كما تقول لمن توصيه: أنا أريد بك خيرًا وأنت تريد بي سوءًا وكان الوجه البين أن تقول: وأنت تريد شرًا لكن من حيث كنت مريد خير ومقتضى ذلك حسن أن تضيف الزيادة إلى نفسك، وقيل: المعنى فما تزيدونني غير تخسيري إياكم حيث أنكم كلما ازددتم تكذيبًا إياي ازدادت خسارتكم، وهي أقوال كما ترى.
{وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ} الإضافة للتشريف والتنبيه على أنها مفارقة لسائر ما يجانسها خلقًا وخلقًا: {لَكُمْ ءايَةً} معجزة دالة على صدقي في دعوى النبوة، وهي حال من: {نَاقَةُ الله}، والعامل ما في اسم الإشارة من معنى الفعل.
وقيل: معنى التنبيه، والظاهر أنها حال مؤسسة، وجوز فيها أن تكون مؤكدة كهذا أبوك عطوفًا لدلالة الإضافة على أنها آية، و: {لَكُمْ} كما في البحر وغيره حال منها فقدمت عليها لتنكيرها ولو تأخرت لكانت صفة لها، واعترض بأن مجئ الحال من الحال لم يقل به أحد من النحاة لأن الحال تبين هينة الفاعل أو المفعول وليست الحال شيئًا منهما، وأجيب بأنها في معنى المفعول للإشارة لأنها متحدة مع المشار إليه الذي هو مفعول في المعنى ولا يخفى ما فيه من التكلف، وقيل: الأولى أن يقال: إن هذه الحال صفة في المعنى لكن لم يعربوها صفة لأمر تواضع النحويون عليه من منع تقدم ما يسمونه تابعًا على المتبوع فحديث إن الحال تبين الهيئة مخصوص بغير هذه الحال، واعترض بأن هذا ونحوه لا يحسم مادة الاعتراض لأن المعترض نفى قول أحد من النحاة بمجئ الحال من الحال، وبما ذكر لا يثبت القول وهو ظاهر، نعم قد يقال: إن اقتصار أبي حيان والزمخشري وهما من تعلم في العربية على هذا النحو من الإعراب كاف في الغرض على أتم وجه، وأراد الزمخشري بالتعلق في كلامه التعلق المعنوي لا النحوي فلا تناقض فيه على أنه بحث لا يضر.
وقيل: {لَكُمْ} حال من: {نَاقَةُ} و: {ءايَةً} حال من الضمير فيه فهي متداخلة، ومعنى كون الناقة للمخاطبين أنها نافعة لهم ومختصة بهم وهي منافعها فلا يرد أنه لا اختصاص لذات الناقة بهم، وإنما المختص كونها آية لهم، وقيل: {لَكُمْ} حال من الضمير في: {ءايَةً} لأنها بمعنى المشتق، والأظهر كون: {لَكُمْ} بيان من هي: {ءايَةً} له، وجوز كون: {نَاقَةُ} بدلًا أو عطف بيان من اسم الإشارة، و: {لَكُمْ} خبره، و: {ءايَةً} حال من الضمير المستتر فيه: {فَذَرُوهَا} دعوها: {تَأْكُلْ في أَرْضِ الله} فليس عليكم مؤنتها والفعل مجزوم لوقوعه في جواب الطلب، وقرئ بالرفع على الاستئناف أو على الحال كما في البحر والمتبادر من الأكل معناه الحقيقي لكن قيل: في الآية اكتفاءًا أي تأكل وتشرب، وجوز أن يكون مجازًا عن التغذي مطلقًا والمقام قرينة لذلك.
{وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء} أي بشيء منه فضلًا عن العقر والقتل، والنهي هنا على حدّ النهي في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} [الأنعام: 152] الخ: {فَيَأْخُذَكُمْ} لذلك: {عَذَابٌ قَرِيبٌ} عاجل لا يستأخر عن مسكم إياها بسوء إلا يسيرًا وذلك ثلاثة أيام ثم يقع عليكم، وقيل: أراد من وصفه بالقرب كونه في الدنيا، وإلى الأول ذهب غير واحد من المفسرين وكان الإخبار عن وحي من الله تعالى.
{فَعَقَرُوهَا} أي فخالفوا ما أمروا به فعقروها، والعقر قيل: قطع عضو يؤثر في النفس.
وقال الراغب: يقال: عقرت البعير إذا نحرته، ويجئ بمعنى الجرح أيضًا كما في القامومس وأسند العقر إليهم مع أن الفاعل واحد منهم وهو قدار كهمام في قول، ويقال له: أحمر ثمود، وبه يضرب المثل في الشؤم لرضاهم بفعله، وقد جاء أنهم اقتسموا لحمها جميعًا: {فَقَالَ} لهم صالح عليه السلام: {تَمَتَّعُواْ} عيشوا.
{فِى دَارِكُمْ} أي بلدكم، وتسمى البلاد الديار لأنها يدار فيها أي يتصرف يقال: ديار بكر لبلادهم، وتقول العرب الذي حوالى مكة: نحن من عرب الدار يريدون من عرب البلد، وإلى هذا ذهب الزمخشري، وقال ابن عطية: هو جمع دارة كساحة وساح وسوح، ومنه قول أمية بن أبي الصلت يمدح عبد الله بن جدعان:
له داع بمكة مشمعل ** وآخر فوق (دارته) ينادي

ويمكن أن يسمى جميع مسكن الحي دارًا وتطلق الدار وتطلق الدار على الدنيا أيضًا، وبذلك فسرها بعضهم هنا، وفسر الطبرسي التمتع بالتلذذ أي تلذذوا بما تريدون: {ثلاثة أَيَّامٍ} ثم يأخذكم العذاب، قيل: إنهم لما عقروا الناقة صعد فصيلها الجبل ورغا ثلاث رغوات فقال صالح عليه السلام: لكل رغوة أجل يوم، وابتداء الأيام على ما في بعض الروايات الأربعاء، وروي أنه عليه السلام قال لهم: تصبح وجوهكم غدًا مصفرة، وبعد غد محمرة، واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب فكان كما قال: {ذلك} إشارة إلى ما يدل عليه الأمر بالتمتع ثلاثة أيام من نزول العذاب عقيبها وما فيه من معنى البعد للتفخيم: {وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} أي غير مكذوب فيه فحذف الجار وصار المجرور مفعولًا على التوسع لأن الضمير لا يجوز نصبه على الظرفية والجار لا يعمل بعد حذفه، ويسمون هذا الحذف والإيصال، وهو كثير في كلامهم ويكون في الاسم كمشترك وفي الفعل كقوله:
ويوم شهدناه سليمًا وعامرا ** قليل سوى طعن النهار نوافله

أو {غير مكذوب} على المجاز كأن الواعد قال له: أفي بك فإن وفى به صدقه وإلا كذبه فهناك استعارة مكنية تخييلية، وقيل: مجاز مرسل بجعل: {مَكْذُوبٍ} بمعنى باطل ومتخلف، أو وعد غير كذب على أن مكذوب مصدر على وزن مفعول كمجلود ومعقول بمعنى عقل وجلد فإنه سمع منهم ذلك لكنه نادر، ولا يخفى ما في تسمية ذلك وعدًا من المبالغة في التهكم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}
جواب عن كلامهم فلذلك لم تعطف جملة: {قال} وهو الشّأن في حكاية المحاورات كما تقدّم غير مرة.
وابتداء الجواب بالنّداء لقصد التّنبيه إلى ما سيقوله اهتمامًا بشأنه.
وخاطبهم بوصف القوميّة له للغرض الذي تقدّم في قصة نوح.
والكلام في قوله: {أرأيتم إن كنت على بيّنة من ربّي وآتاني منه رحمة} كالكلام على نظيرها في قصة نوح.
وإنّما يتّجه هنا أن يسأل عن موجب تقديم: {منه} على: {رحمة} هنا، وتأخير: {من عنده} [هود: 28] عن: {رحمة} [هود: 28] في قصة نوح السابقة.
فالجواب لأنّ ذلك مع ما فيه من التّفنن بعدم التزام طريقة واحدة في إعادة الكلام المتماثل، هو أيضًا أسعد بالبيان في وضوح الدّلالة ودفع اللبس.
فلمّا كان مجرور (من) الابتدائية ظرفًا وهو (عند) كان صريحًا في وصف الرّحمة بصفة تدلّ على الاعتناء الربّانيّ بها وبمَن أوتيَهَا.
ولمّا كان المجرور هنا ضمير الجلالة كان الأحسن أن يقع عقب فعل: {آتاني} ليكون تقييدُ الإيتاء بأنّه من الله مشير إلى إيتاء خاص ذي عناية بالمؤتى إذ لولا ذلك لكان كونه من الله تحصيلًا لما أفيد من إسناد الإيتاء إليه، فتعيّن أن يكون المراد إيتاءً خاصًا، ولو أوقع: {منه} عقب: {رحمة} لتوهّم السامع أنّ ذلك عوض عن الإضافة، أي عن أن يقال: وآتاني رحمته، كقوله: {ولنجعله آيةً للنّاس ورحمةً منا} [مريم: 21] أي ورحمتنا لهم، أي لنعظَهم ونرحَمَهم.
وجملة: {فمن ينصرني من الله} جواب الشرط وهو: {إن كنت على بيّنة}.
والمعنى إلزام وجدل، أي إن كنتم تنكرون نبوءتي وتوبّخونني على دعوتكم فأنا مؤمن بأنّي على بيّنة من ربّي، أفترون أنّي أعدل عن يقيني إلى شكّكم، وكيف تتوقّعون منّي ذلك وأنتم تعلمون أنّ يقيني بذلك يجعلني خائفًا من عذاب الله إن عصيته ولا أحد ينصرني.
والكلام على قوله: {مَنْ ينصرني من الله إن عصيته} كالكلام على قوله: {من ينصرني من الله إن طردتهم} [هود: 30] في قصة نوح.
وفُرع على الاستفهام الإنكاري جملة: {فما تزيدونني غيرَ تخسير} أي إذ كان ذلك فما دعاؤكم إيّاي إلا سعي في خسراني.
والمراد بالزيادة حدوث حال لم يكن موجودًا لأنّ ذلك زيادة في أحوال الإنسان، أي فما يحدث لي إن اتّبعتُكم وعصيتُ الله إلاّ الخسرانُ، كقوله تعالى حكاية عن نوح عليه السّلام: {فلم يزدهم دعائي إلاّ فِرارا} [نوح: 6]، أي كنت أدعوهم وهم يسمعون فلمّا كرّرت دعوتهم زادوا على ما كانوا عليه ففرُّوا، وليس المعنى أنّهم كانوا يفرّون فزادوا في الفرار لأنّه لو كان كذلك لقيل هنالك: فلم يزدهم دعائي إلاّ من فرار، ولقيل هنا: فما تزيدونني إلاّ من تخسير.
والتّخسير، مصدر خسر، إذا جعله خاسرًا.
{وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ}
هذا جواب عن قولهم: {وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} [هود: 62] فأتاهم بمعجزة تزيل الشك.
وإعادة: {ويا قوم} لمثل الغرض المتقدّم في قوله في قصة نوح: {ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم} [هود: 30].
والإشارة بهذه إلى الناقة حين شاهدوا انفلاق الصّخرة عنها.
وإضافة النّاقة إلى اسم الجلالة لأنّها خُلقت بقدرة الله الخارقة للعادة.
و: {آية} و: {لكم} حالان من ناقة، وتقدّم نظير هذه الحال في سورة الأعراف.
وستجيء قصة في إعرابها عند قوله تعالى: {وهذا بعلي شيخًا} في هذه السورة: [72].
وأوصاهم بتجنب الاعتداء عليها لتوقّعه أنّهم يتَصَدّون لها من تصلبهم في عنادهم.
وقد تقدّم عقرها في سورة الأعراف.
والتمتع: الانتفاع بالمتاع.
وقد تقدّم عند قوله تعالى: {ومتاعٌ إلى حينٍ} في سورة [الأعراف: 24].
والدّار: البلد، وتقدّم في قوله تعالى: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} في سورة [الأعراف: 78]، وذلك التأجيل استقصاءٌ لهم في الدعوة إلى الحقّ.
والمكذوب: الذي يُخبر به الكاذب.
يقال: كذَب الخبرَ، إذا اختلقه. اهـ.

.قال الشعراوي:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي}
وكأن صالحًا قد ارتضاهم حكمًا فقال: أخبروني إذا كنت أنا على بينة من ربي ويقين بأنه أرسلني وأيَّدني، وأنا إن خدعت الناس جميعًا فلن أخدع نفسي، فهل أترك ما أكرمني به ربي وأنزل إليَّ منهجًا أدعوكم إليه؟ هل أترك ذلك وأستمع لكلامكم؟ هل أترك يقيني بأنه أرسلني بهذه الرسالة: {وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} [هود: 63] وهي النبوة؟
{فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِنْ عَصَيْتُهُ} [هود: 63].
وساعة يستفهم إنسان عن شيء في مثل هذا الموقف فهو لا يستفهم إلا عن شيء يثق أن الإجابة ستكون بما يرضيه.
ثم يقول الحق سبحانه وتعالى على لسان صالح عليه السلام: {فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ} [هود: 63].
ونحن نعلم أن الخسارة ضد المكسب، ومعنى الخسارة أن يقل رأس المال. فهل التخسير واقع منه عليهم أم واقع منهم عليه.
إن ثراء الأسلوب القرآني هنا يوضح لنا هذه المعاني كلها، فإن أطاعهم صالح عليه السلام وعصى ربه، فهو قد أزاد في خسارته، أو أنه ينسبهم إلى الخسران أكثر، لأنهم غير مهديين، ويريدون له أن يضل ويتبع ما يعبدون من دون الله تعالى.
إذن: فالتخسير إما أن يكون واقعًا عليهم من صالح عليه السلام وإما أن يكون واقعًا منهم على صالح.
ويقول الحق سبحانه بعد ذلك على لسان صالح عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آَيَةً}
وكان قوم صالح قد طلبوا آية، فقالوا له: إن كنت نبيًّا فأخرج لنا ناقة من تلك الصخرة، وأشاروا إلى صخرة ما، وهم قوم كانوا نابغين في نحتن بيوتهم في الجبال. ومن يَزُورْ المنطقة الواقعة بين الشام والمدينة، يمكنه أن يشاهد مدائن صالح، وهي منحوتة في الجبال.
وقد قال فيهم الحق سبحانه: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتًا فَارِهِينَ} [الشعراء: 149].
هم إذن قد حددوا الآية، وهي خروج ناقة من صخرة أشاروا إليها، فخرجت الناقة وهي حامل.
وبعد أن وُجدت الناقة على وفق ما طلبوها لم يطيقوا أن يعلنوا التصديق، وقد قال لهم صالح عليه السلام: {وياقوم هذه نَاقَةُ الله} [هود: 64].
وساعة تسمع شيئًا مضافًا إلى الله تعالى، فاعلم أن له عظمة بعظمة المضاف إليه.