فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال العلامة النيسابوري رحمه الله:

.القراءات:

{سلم} بكسر السين بلا ألف فيهما. حمزة وعلي: {ويعقوب} بالنصب: ابن عامر وحمزة وحفص، الآخرون بالرفع: {سيء بهم} وبابه كضرب مجهولًا: أبو جعفر ونافع وابن عامر وعلي ورويس. الآخرون: {سيء} مثل: {قيل}، {تخزوني} بالياء في الحالين: سهل ويعقوب وابن شنبوذ عن قنبل. وافق أبو عمرو ويزيد وإسماعيل في الوصل: {ضيفي} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وأبو عمرو: {فاسر} وبابه بهمزة الوصل: أبو جعفر ونافع وابن كثير وعباس من طريق الموصلي وحمزة في الوقف وإن شاء لين الهمزة: {إلا امرأتك} بالرفع: ابن كثير وأبو عمرو. الباقون بالنصب.

.الوقوف:

{سلامًا} ط {حنيذ} o {خيفة} ط {قوم لوط} o ط {بإسحق} ط لمن قرأ: {يعقوب} بالرفع: {يعقوب} o {شيخًا} ط {عجيب} o {أهل البيت} ط {مجيد} o {في قوم لوط} ط {منيب} o {عن هذا} ج لاحتمال التعليل: {أمر ربك} ج للاتبداء بأن مع اتصال المعنى: {مردود} o {عصيب} o {إليه} ج للعطف ولاختلاف النظم: {السيئات} ط {ضيفي} ط {رشيد} o {من حق} ج لما مر: {ما نريد} o {شديد} ه: {إلا امرأتك} ط {أصابهم} ط {الصبح} ط {بقريب} o {منضود} o لا لأن ما بعده صفة حجارة: {عند ربك} ط {ببعيد} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا}
اعلم أن هذا هو القصة الرابعة من القصص المذكورة في هذه السورة وهاهنا مسائل:
المسألة الأولى:
قال النحويون: دخلت كلمة قد هاهنا لأن السامع لقصص الأنبياء عليهم السلام يتوقع قصة بعد قصة، وقد للتوقع، ودخت اللام في لقد لتأكيد الخبر، ولفظ: {رُسُلُنَا} جمع وأقله ثلاثة فهذا يفيد القطع بحصول ثلاثة، وأما الزائد على هذا العدد فلا سبيل إلى إثباته إلا بدليل آخر، وأجمعوا على أن الأصل فيهم كان جبريل عليه السلام، ثم اختلفت الروايات فقيل: أتاه جبريل عليه السلام ومعه اثنا عشر ملكًا على صورة الغلمان الذين يكونون في غاية الحسن وقال الضحاك كانوا تسعة.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: كانوا ثلاثة جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام، وهم الذين ذكرهم الله في سورة والذاريات في قوله: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إبراهيم} [الذاريات: 24] وفي الحجر: {وَنَبّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الحجر: 51].
المسألة الثانية:
اختلفوا في المراد بالبشرى على وجهين: الأول: أن المراد ما بشره الله بعد ذلك بقوله: {فبشرناها بإسحاق وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ} الثاني: أن المراد منه أنه بشر إبراهيم عليه السلام بسلامة لوط وبإهلاك قومه.
وأما قوله: {قَالُواْ سلاما قَالَ سلام}
ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ حمزة والكساني: {قَالُواْ سلام قَالَ سلام} بكسر السين وسكون اللام بغير ألف، وفي والذاريات مثله.
قال الفراء: لا فرق بين القراءتين كما قالوا حل وحلال وحرم وحرام لأن في التفسير أنهم لما جاؤا سلموا عليه.
قال أبو علي الفارسي: ويحتمل أن يكون سلم خلاف العدو والحرب كأنهم لما امتنعوا من تناول ما قدمه إليهم نكرهم وأوجس منهم خيفة قال إنا سلم ولست بحرب ولا عدو فلا تمتنعوا من تناول طعامي كما يمتنع من تناول طعام العدو، وهذا الوجه عندي بعيد، لأن على هذا التقدير ينبغي أن يكون تكلم إبراهيم عليه السلام بهذا اللفظ بعد إحضار الطعام، إلا أن القرآن يدل على أن هذا الكلام إنما وجد قبل إحضار الطعام لأنه تعالى قال: {قَالُواْ سلاما قَالَ سلام فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] والفاء للتعقيب، فدل ذلك على أن مجيئه بذلك العجل الحنيذ كان بعد ذكر السلام.
المسألة الثانية:
قالوا سلامًا تقديره: سلمنا عليك سلامًا قال سلام تقديره: أمري سلام، أي لست مريدًا غير السلامة والصلح.
قال الواحدي: ويحتمل أن يكون المراد: سلام عليكم، فجاء به مرفوعًا حكاية لقوله كما قال: وحذف عنه الخبر كما حذف من قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف: 18] وإنما يحسن هذا الحذف إذا كان المقصود معلومًا بعد الحذف، وهاهنا المقصود معلوم فلا جرم حسن الحذف، ونظيره قوله تعالى: {فاصفح عَنْهُمْ وَقُلْ سلام} [الزخرف: 89] على حذف الخبر.
واعلم أنه إنما سلم بعضهم على بعض، رعاية للإذن المذكور في قوله تعالى: {لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ على أَهْلِهَا}.
المسألة الثالثة:
أكثر ما يستعمل: {سلام عَلَيْكُمُ} بغير ألف ولام، وذلك لأنه في معنى الدعاء، فهو مثل قولهم: خير بين يديك.
فإن قيل: كيف جاز جعل النكرة مبتدأ؟
قلنا: النكرة إذا كانت موصوفة جاز جعلها مبتدأ، فإذا قلت سلام عليكم: فالتنكير في هذا الموضع يدل على التمام والكمال، فكأنه قيل: سلام كامل تام عليكم، ونظيره قولنا: سلام عليك، وقوله تعالى: {قَالَ سلام عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِي} [مريم: 47] وقوله: {سَلاَمٌ قَوْلًا مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [ياس: 58]: {سلام على نُوحٍ في العالمين} [الصافات: 79]: {الملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سلام عَلَيْكُمُ} [الرعد: 23، 24] فأما قوله تعالى: {والسلام على مَنِ اتبع الهدى} [طه: 47] فهذا أيضًا جائز، والمراد منه الماهية والحقيقة.
وأقول: قوله: {سلام عَلَيْكُمُ} أكمل من قوله: السلام عليكم، لأن التنكير في قوله: {سلام عَلَيْكُمُ} يفيد الكمال والمبالغة والتمام.
وأما لفظ السلام: فإنه لا يفيد إلا الماهية.
قال الأخفش: من العرب من يقول: سلام عليكم فيعرى قوله: سلام عن الألف واللام والتنوين، والسبب في ذلك كثرة الاستعمال أباح هذا التخفيف، والله أعلم.
ثم قال تعالى: {فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} قالوا: مكث إبراهيم خمس عشرة ليلة لا يأتيه ضيف فاغتم لذلك، ثم جاءه الملائكة فرأى أضيافًا لم ير مثلهم، فعجل وجاء بعجل حنيذ، فقوله: {فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} معناه: فما لبت في المجيء به بل عجل فيه، أو التقدير: فما لبث مجيئه والعجل ولد البقرة.
أما الحنيذ: فهو الذي يشوى في حفرة من الأرض بالحجارة المحماة، وهو من فعل أهل البادية معروف، وهو محنوذ في الأصل كما قيل: طبيخ ومطبوخ، وقيل: الحنيذ الذي يقطر دسمه.
يقال: حنذت الفرس إذا ألقيت عليه الجل حتى تقطر عرقًا.
ثم قال تعالى: {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ} أي إلى العجل، وقال الفراء: إلى الطعام، وهو ذلك العجل: {نَكِرَهُمْ} أي أنكرهم.
يقال: نكره وأنكره واستنكره.
واعلم أن الأضياف إنما امتنعوا من الطعام لأنهم ملائكة والملائكة لا يأكلون ولا يشربون، وإنما أتوه في صورة الأضياف ليكونوا على صفة يحبها، وهو كان مشغوفًا بالضيافة.
وأما إبراهيم عليه السلام.
فنقول: إما أن يقال: إنه عليه السلام ما كان يعلم أنهم ملائكة، بل كان يعتقد فيهم أنهم من البشر، أو يقال: إنه كان عالمًا بأنهم من الملائكة.
أما على الاحتمال الأول فسبب خوفه أمران: أحدهما: أنه كان ينزل في طرف من الأرض بعيد عن الناس، فلما امتنعوا من الأكل خاف أن يريدوا به مكروهًا، وثانيها: أن من لا يعرف إذا حضر وقدم إليه طعام فإن أكل حصل الأمن وإن لم يأكل حصل الخوف.
وأما الاحتمال الثاني: وهو أنه عرف أنهم ملائكة الله تعالى، فسبب خوفه على هذا التقدير أيضًا أمران: أحدها: أنه خاف أن يكون نزولهم لأمر أنكره الله تعالى عليه: والثاني: أنه خاف أن يكون نزولهم لتعذيب قومه.
فإن قيل: فأي هذين الاحتمالين أقرب وأظهر؟
قلنا: أما الذي يقول إنه ما عرف أنهم ملائكة الله تعالى فله أن يحتج بأمور: أحدها: أنه تسارع إلى إحضار الطعام، ولو عرف كونهم من الملائكة لما فعل ذلك.
وثانيها: أنه لما رآهم ممتنعين من الأكل خافهم، ولو عرف كونهم من الملائكة لما استدل بترك الأكل على حصول الشر، وثالثها: أنه رآهم في أول الأمر في صورة البشر، وذلك لا يدل على كونهم من الملائكة.
وأما الذي يقول: إنه عرف ذلك احتج بقوله: {لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ} وإنما يقال هذا لمن عرفهم ولم يعرف بأي سبب أرسلوا، ثم بين تعالى أن الملائكة أزالوا ذلك الخوف عنه فقالوا: {لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ} ومعناه: أرسلنا بالعذاب إلى قوم لوط، لأنه أضمر لقيام الدليل عليه في سورة أخرى، وهو قوله: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً} [الذاريات: 32، 33].
ثم قال تعالى: {وامرأته قَائِمَةٌ} يعني سارة بنت آزر بن باحورا بنت عم إبراهيم عليه السلام، وقوله: {قَائِمَةً} قيل: كانت قائمة من وراء الستر تستمع إلى الرسل، لأنها ربما خافت أيضًا.
وقيل: كانت قائمة تخدم الأضياف وإبراهيم عليه السلام جالس معهم، ويأكد هذا التأويل قراءة ابن مسعود: {وامرأته قَائِمَةٌ} وهو قاعد.
ثم قال تعالى: {فَضَحِكَتْ فبشرناها بإسحاق} واختلفوا في الضحك على قولين: منهم من حمله على نفس الضحك، ومنهم من حمل هذا اللفظ على معنى آخر سوى الضحك.
أما الذين حملوه على نفس الضحك فاختلفوا في أنها لم ضحكت، وذكروا وجوهًا: الأول: قال القاضي إن ذلك السبب لابد وأن يكون سببًا جرى ذكره في هذه الآية، وما ذاك إلا أنها فرحت بزوال ذلك الخوف عن إبراهيم عليه السلام حيث قالت الملائكة: {لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ} وعظم سرورها بسبب سروره بزوال خوفه، وفي مثل هذه الحالة قد يضحك الإنسان، وبالجملة فقد كان ضحكها بسبب قول الملائكة لإبراهيم عليه السلام: {لاَ تَخَفْ} فكان كالبشارة، فقيل لها: نجعل هذه البشارة بشارتين، فكما حصلت البشارة بزوال الخوف، فقد حصلت البشارة أيضًا بحصول الولد الذي كنتم تطلبونه من أول العمر إلى هذا الوقت وهذا تأويل في غاية الحسن.
الثاني: يحتمل أنها كانت عظيمة الإنكار على قوم لوط لما كانوا عليه من الكفر والعمل الخبيث، فلما أظهروا أنهم جاؤا لإهلاكهم لحقها السرور فضحكت.
الثالث: قال السدي قال إبراهيم عليه السلام لهم: {أَلا تَأْكُلُونَ} قالوا: لا نأكل طعامًا إلا بالثمن، فقال: ثمنه أن تذكروا اسم الله تعالى على أوله وتحمدوه على آخره، فقال جبريل لميكائيل عليهما السلام: «حق لمثل هذا الرجل أن يتخذه ربه خليلًا» فضحكت امرأته فرحًا منها بهذا الكلام.
الرابع: أن سارة قالت لإبراهيم عليه السلام أرسل إلى ابن أخيك وضمه إلى نفسك، فإن الله تعالى لا يترك قومه حتى يعذبهم، فعند تمام هذا الكلام دخل الملائكة على إبراهيم عليه السلام، فلما أخبروه بأنهم إنما جاؤا لإهلاك قوم لوط صار قولهم موافقًا لقولها، فضحكت لشدة سرورها بحصول الموافقة بين كلامها وبين كلام الملائكة.
الخامس: أن الملائكة لما أخبروا إبراهيم عليه السلام أنهم من الملائكة لا من البشر وأنهم إنما جاؤا لإهلاك قوم لوط طلب إبراهيم عليه السلام منهم معجزة دالة على أنهم من الملائكة فدعوا ربهم بإحياء العجل المشوي فطفر ذلك العجل المشوي من الموضع الذي كان موضوعًا فيه إلى مرعاه، وكانت امرأة إبراهيم عليه السلام قائمة فضحكت لما رأت ذلك العجل المشوي قد طفر من موضعه.
السادس: أنها ضحكت تعجبًا من أن قومًا أتاهم العذاب وهم في غفلة.
السابع: لا يبعد أن يقال إنهم بشروها بحصول مطلق الولد فضحكت، إما على سبيل التعجب فإنه يقال إنها كانت في ذلك الوقت بنت بضع وتسعين سنة وإبراهيم عليه السلام ابن مائة سنة، وإما على سبيل السرور.
ثم لما ضحكت بشرها الله تعالى بأن ذلك الولد هو إسحق ومن وراء إسحق يعقوب.
الثامن: أنها ضحكت بسبب أنها تعجبت من خوف إبراهيم عليه السلام من ثلاث أنفس حال ما كان معه حشمه وخدمه.
التاسع: أن هذا على التقديم والتأخير والتقدير: وامرأته قائمة فبشرناها بإسحق فضحكت سرورًا بسبب تلك البشارة فقدم الضحك، ومعناه التأخير.
الثاني: هو أن يكون معنى فضحكت حاضت وهو منقول عن مجاهد وعكرمة قالا: ضحكت أي حاضت عند فرحها بالسلامة من الخوف، فلما ظهر حيضها بشرت بحصول الولد، وأنكر الفراء وأبو عبيدة أن يكون ضحكت بمعنى حاضت، قال أبو بكر الأنباري هذه اللغة إن لم يعرفها هؤلاء فقد عرفها غيرهم، حكى الليث في هذه الآية: {فَضَحِكَتْ} طمثت، وحكى الأزهري عن بعضهم أن أصله من ضحاك الطلعة يقال ضحكت الطلعة إذا انشقت.
واعلم أن هذه الوجوه كلها زوائد.
وإنما الوجه الصحيح هو الأول.
ثم قال تعالى: {وَمِن وَرَاء إسحاق يَعْقُوبَ}
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم ويعقوب بالنصب والباقون بالرفع أما وجه النصب، فهو أن يكون التقدير: بشرناها بإسحق ومن وراء إسحق وهبنا لها يعقوب، وأما وجه الرفع فهو أن يكون التقدير: ومن وراء إسحق يعقوب مولود أو موجود.
المسألة الثانية:
في لفظ وراء قولان: الأول: وهو قول الأكثرين أن معناه بعد أي بعد إسحق يعقوب وهذا هو الوجه الظاهر.
والثاني: أن الوراء ولد الولد، عن الشعبي أنه قيل له هذا ابنك، فقال نعم من الوراء، وكان ولد ولده، وهذا الوجه عندي شديد التعسف، واللفظ كأنه ينبو عنه.