فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما كان المعنى أنها من مكان هو في غاية العلو ليعظم وقعها، حسن كل الحسن اتباع ذلك قوله: {وما هي} على شدة بعد مكانها: {من الظالمين} أي من أحد من العريقين في الظلم في ذلك الزمان ولا هذا ولا زمن من الأزمان: {ببعيد} لئلا يتوهم الاحتياج في وصولها إلى المرمى بها إلى زمن طويل.
ذكر هذه القصة من التوراة: قال في السفر الأول بعد ما مضى في قصة بشرى إبراهيم عليه السلام: فأتى الملكان إلى سدوم عشاء، وكان لوط جالسًا على باب سدوم، فنظر إليهما لوط فتلقاهما، ثم خرّ على وجهه ساجدًا على الأرض وقال: إني طالب إليكما يا سيدي، اعدلا إلى منزل عبدكما فبيتا فيه واغسلا أقدامكما وبكرا فانطلقا في طريقكما، فقالا: كلا! ولكنا نبيت في السوق، فألح عليهما لوط إلحاحًا شديدًا فانصرفا معه ودخلا منزله فأعد لهما طعامًا، ومن قبل وقت الهجوع إذا أهل القرية أهل سدوم قد أحاطوا بالباب من الشبان إلى المشايخ جميع الشعب بأسره، فدعوا بلوط وقالوا له: أين الرجلان اللذان أتياك ممسيين أخرجهما إلينا فنعرفهما- وفي نسخة: حتى نواقعهما- فخرج لوط إليهم وأغلق الباب خلفه، فقال لهم لوط: لا تسيئوا بي يا إخوة! هذا لي بنتان لم يمسهما رجل، أخرجهما إليكم فاصنعوا بهما ما حسن في أعينكم، ولا ترتكبوا من هذين الرجلين شيئًا لأنهما ولجا ظلال بيتي، فقالوا له: تنح عنا، إن واحدًا أتى ليسكن بيتنا فصار يحكم فينا، فالآن نسيء إليك أكثر منهما، فجاهد لوط القوم جدًا فدنوا ليكسروا الباب فمد الرجلان أيديهما فأدخلا لوطًا إليهما إلى منزله، ثم إن القوم الذين كانوا بالباب ضربوا بالعشى من كبيرهم حتى صغيرهم فأعيوا في طلب الباب، فقال الملكان للوط: ماتصنع هاهنا؟ اعمد إلى أختانك وبينك وبناتك وجميع ما لك في هذه القرية فأخرجهم من هذه البلدة لأنا نريد الخسف بالبلدة لأن فعالهم وخبث صنيعهم قد بلغ الرب، فأرسلنا الرب لنفسدها، فخرج لوط وكلم أختانه وأزواج بناته وقال لهم: قوموا فاخرجوا من هذه القرية فإن الرب مزمع لخرابها، وكان عند أختانه كالمستهزئ بهم، فلما كان عند طلوع الصبح ألح الملكان على لوط وقالا له: قم فأخرج امرأتك وابنتيك اللتين معك لكيلا تبتلي بخطايا أهل هذه القرية، فابطأ لوط فأخذ الملكان بيده وبيد امرأته وابنتيه لأن الله رحمه فأخرجاه وصيراه خارجًا عن القرية، فلما أخرجاهم خارجًا قالا له: انج بنفسك ولا تلتفتن إلى خلفك ولا تقف في شيء من جميع القاع، والتجئ إلى جبل وخلص نفسك، فقال لهما لوط: أطلب إليكما يا سيدي أن أظفر الآن لأن عبدكما برحمة ورأفة وكثرت نعماكما إليّ لتحيي نفسي، لست أقدر أن أنجو إلى الجبل، لعل الشر يرهقني فأموت، وهذه القرية هي قريبة للهرب إليها وهي صغيرة، أتأذنان لي بالهرب إليها لأنها حقيرة، فلتحييا نفسي، فقال له: قد شفعتك في هذا أيضًا فلا أقلب هذه القرية التي سألت، أسرع فانج نفسك إلى هناك، لأنا لسنا نقدر أن نعمل شيئًا حتى تدخلها، ولذلك سميت تلك القرية صاغار- وفي نسخة: زغر- فشرقت الشمس على الأرض وقد دخل لوط صاغار، وفي نسخة: زغر- فأهبط الرب على سدوم وعامورا نارًا وكبريتًا من بين يدي الرب من السماء فقلب هذه القرى والقاع بأسره، وأهلك جميع سكانها وجميع من فيها وجمع نبت الأرض، فالتفتت امرأته إلى خلفها لتنظر فصارت نصبة ملح، فأدلج إبراهيم باكرًا إلى الموضع الذي كان يقف فيه بين يدي الرب؛ فمد بصره نحو سدوم وعامورا وإلى جميع أرض القاع فنظر فإذا دخان القرية يرتفع كدخان الأخدود، فلما خسف الله قرى القاع ذكر الله إبراهيم فأرسل لوطًا من المأفوكة إذ قلب الله القرى التي كان ينزلها لوط فطلع لوط من صاغار- وفي نسخة: زغر- فسكن الجبل هو وابنتاه معه لأنه تخوف أن يسكن صاغرا، فجلس في مغارة. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ}
اعلم أن قوله تعالى مخبرًا عن لوط عليه السلام أنه قال: {لَوْ أَنَّ لِى بِكُمْ قُوَّةً أَوْ اوِى إلى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: 80] يدل على أنه كان في غاية القلق والحزن بسبب إقدام أولئك الأوباش على ما يوجب الفضيحة في حق أضيافه، فلما رأت الملائكة تلك الحالة بشروه بأنواع من البشارات: أحدها: أنهم رسل الله.
وثانيها: أن الكفار لا يصلون إلى ما هموا به.
وثالثها: أنه تعالى يهلكهم.
ورابعها: أنه تعالى ينجيه مع أهله من ذلك العذاب.
وخامسها: إن ركنك شديد وإن ناصرك هو الله تعالى فحصل له هذه البشارات، وروي أن جبريل عليه السلام قال له إن قومك لن يصلوا إليك فافتح الباب فدخلوا فضرب جبريل عليه السلام بجناحه وجوههم فطمس أعينهم فأعماهم فصاروا لا يعرفون الطريق ولا يهتدون إلى بيوتهم، وذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ} [القمر: 37] ومعنى قوله: {لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ} أي بسوء ومكروه فإنا نحول بينهم وبين ذلك.
ثم قال: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ} قرأ نافع وابن كثير: {فَأَسْرِ} موصولة والباقون بقطع الألف وهما لغتان، يقال سريت بالليل وأسريت وأنشد حسان:
أسرت إليك ولم تكن تسري

فجاء باللغتين فمن قرأ بقطع الألف فحجته قوله سبحانه وتعالى: {سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] ومن وصل فحجته قوله: {واليل إِذَا يَسْرِ} [الفجر: 4] والسرى السير في الليل.
يقال: سرى يسري إذا سار بالليل وأسرى بفلان إذا سير به بالليل، والقطع من الليل بعضه وهو مثل القطعة، يريد اخرجوا ليلًا لتسبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح.
قال نافع بن الأزرق لعبدالله بن عباس رضي الله عنهما: أخبرني عن قول الله: {بِقِطْعٍ مّنَ الليل} قال هو آخر الليل سحر، وقال قتادة: بعد طائفة من الليل، وقال آخرون هو نصف الليل فإنه في ذلك الوقت قطع بنصفين.
ثم قال: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} نهى من معه عن الالتفات والالتفات نظر الإنسان إلى ما وراءه، والظاهر أن المراد أنه كان لهم في البلدة أموال وأقمشة وأصدقاء، فالملائكة أمروهم بأن يخرجوا ويتركوا تلك الأشياء ولا يلتفتوا إليها ألبتة، وكان المراد منه قطع القلب عن تلك الأشياء وقد يراد منه الانصراف أيضًا.
كقوله تعالى: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا} [يونس: 78] أي لتصرفنا، وعلى هذا التقدير فالمراد من قوله: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} النهي عن التخلف. ثم قال: {إِلاَّ امرأتك} قرأ ابن كثير وأبو عمر: {إِلاَّ امرأتك} بالرفع والباقون بالنصب.
قال الواحدي: من نصب وهو الاختيار فقد جعلها مستثناة من الأهل على معنى فأسر بأهلك إلا امرأتك والذي يشهد بصحة هذه القراءة أن في قراءة عبد الله: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلاَّ امرأتك} فأسقط قوله: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} من هذا الموضع، وأما الذين رفعوا فالتقدير: {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امرأتك}.
فإن قيل: فهذه القراءة توجب أنها أمرت بالالتفات لأن القائل إذا قال لا يقم منكم أحد إلا زيد كان ذلك أمرًا لزيد بالقيام.
وأجاب أبو بكر الأنباري عنه فقال: معنى: {إِلا} هاهنا الاستثناء المنقطع على معنى، لا يلتفت منكم أحد، لكن امرأتك تلتفت فيصيبها ما أصابهم، وإذا أن هذا الاستثناء منقطعًا كان التفاتها معصية ويتأكد ما ذكرنا بما روي عن قتادة أنه قال إنها كانت مع لوط حين خرج من القرية فلما سمعت هذا العذاب التفتت وقالت يا قوماه فأصابها حجر فأهلكها.
واعلم أن القراءة بالرفع أقوى، لأن القراءة بالنصب تمنع من خروجها مع أهله لكن على هذا التقدير الاستثناء يكون من الأهل كأنه أمر لوطًا بأن يخرج بأهله ويترك هذه المرأة فإنها هالكة مع الهالكين وأما القراءة بالنصب فإنها أقوى من وجه آخر، وذلك لأن مع القراءة بالنصب يبقى الاستثناء متصلًا ومع القراءة بالرفع يصير الاستثناء منقطعًا.
ثم بين الله تعالى أنهم قالوا: إنه مصيبها ما أصابهم.
والمراد أنه مصيبها ذلك العذاب الذي أصابهم.
ثم قالوا: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح} روي أنهم لما قالوا: للوط عليه السلام: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح} قال أريد أعجل من ذلك بل الساعة فقالوا: {أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ} قال المفسرون: إن لوطًا عليه السلام لما سمع هذا الكلام خرج بأهله في الليل.
{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ}
في الآية مسائل:
المسألة الأولى:
في الأمر وجهان: الأول: أن المراد من هذا الأمر ما هو ضد النهي ويدل عليه وجوه: الأول: أن لفظ الأمر حقيقة في هذا المعنى مجاز في غيره دفعًا للاشتراك.
الثاني: أن الأمر لا يمكن حمله هاهنا على العذاب، وذلك لأنه تعالى قال: {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا} وهذا الجعل هو العذاب، فدلت هذه الآية على أن هذا الأمر شرط والعذاب جزاء، والشرط غير الجزاء، فهذا الأمر غير العذاب، وكل من قال بذلك قال إنه هو الأمر الذي هو ضد النهي.
والثالث: أنه تعالى قال: قبل هذه الآية: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 70] فدل هذا على أنهم كانوا مأمورين من عند الله تعالى بالذهاب إلى قوم لوط وبإيصال هذا العذاب إليهم.
إذا عرفت هذا فنقول: إنه تعالى أمر جمعًا من الملائكة بأن يخربوا تلك المدائن في وقت معين، فلما جاء ذلك الوقت أقدموا على ذلك العمل، فكان قوله: {فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا} إشارة إلى ذلك التكليف.
فإن قيل: لو كان الأمر كذلك، لوجب أن يقال: فلما جاء أمرنا جعلوا عاليها سافلها، لأن الفعل صدر عن ذلك المأمور.
قلنا: هذا لا يلزم على مذهبنا، لأن فعل العبد فعل الله تعالى عندنا.
وأيضًا أن الذي وقع منهم إنما وقع بأمر الله تعالى وبقدرته، فلم يبعد إضافته إلى الله عز وجل، لأن الفعل كما تحسن إضافته إلى المباشر، فقد تحسن أيضًا إضافته إلى السبب.
القول الثاني: أن يكون المراد من الأمر هاهنا قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْء إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [النحل: 40] وقد تقدم تفسير ذلك الأمر.
القول الثالث: أن يكون المراد من الأمر العذاب وعلى هذا التقدير فيحتاج إلى الإضمار، والمعنى: ولما جاء وقت عذابنا جعلنا عاليها سافلها.
المسألة الثانية:
اعلم أن ذلك العذاب قد وصفه الله تعالى في هذه الآية بنوعين من الوصف فالأول: قوله: {جَعَلْنَا عاليها سَافِلَهَا} روي أن جبريل عليه السلام أدخل جناحه الواحد تحت مدائن قوم لوط وقلعها وصعد بها إلى السماء حتى سمع أهل السماء نهيق الحمير ونباح الكلاب وصياح الديوك، ولم تنكفئ لهم جرة ولم ينكب لهم إناء، ثم قلبها دفعة واحدة وضربها على الأرض.
واعلم أن هذا العمل كان معجزة قاهرة من وجهين: أحدهما: أن قلع الأرض وإصعادها إلى قريب من السماء فعل خارق للعادات.
والثاني: أن ضربها من ذلك البعد البعيد على الأرض بحيث لم تتحرك سائر القرى المحيطة بها ألبتة، ولم تصل الآفة إلى لوط عليه السلام وأهله مع قرب مكانهم من ذلك الموضع معجزة قاهرة أيضًا.
الثاني: قوله: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مّن سِجّيلٍ} واختلفوا في السجيل على وجوه: الأول: أنه فارسي معرب وأصله سنككل وأنه شيء مركب من الحجر والطين بشرط أن يكون في غاية الصلابة، قال الأزهري: لماعربته العرب صار عربيًا وقد عربت حروفًا كثيرة كالديباج والديوان والاستبرق.
والثاني: سجيل، أي مثل السجل وهو الدلو العظيم.
والثالث: سجيل، أي شديد من الحجارة.
الرابع: مرسلة عليهم من أسجلته إذا أرسلته وهو فعيل منه.
الخامس: من أسجلته، أي أعطيته تقديره مثل العطية في الإدرار، وقيل: كان كتب عليها أسامي المعذبين.
السادس: وهو من السجل وهو الكتاب تقديره من مكتوب في الأزل أي كتب الله أن يعذبهم بها، والسجيل أخذ من السجل وهو الدلو العظيمة لأنه يتضمن أحكامًا كثيرة، وقيل: مأخوذ من المساجلة وهي المفاخرة.
والسابع: من سجيل أي من جهنم أبدلت النون لامًا، والثامن: من السماء الدنيا، وتسمى سجيلًا عن أبي زيد، والتاسع: السجيل الطين، لقوله تعالى: {حِجَارَةً مّن طِينٍ} [الذاريات: 33] وهو قول عكرمة وقتادة.
قال الحسن كان أصل الحجر هو من الطين، إلا أنه صلب بمرور الزمان، والعاشر: سجيل موضع الحجارة، وهي جبال مخصوصة، ومنه قوله تعالى: {مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ} [النور: 43].
واعلم أنه تعالى وصف تلك الحجارة بصفات:
فالصفة الأولى: كونها من سجيل، وقد سبق ذكره.
الصفة الثانية: قوله تعالى: {مَّنْضُودٍ} قال الواحدي: هو مفعول من النضد، وهو موضع الشيء بعضه على بعض، وفيه وجوه: الأول: أن تلك الحجارة كان بعضها فوق بعض في النزول فأتى به على سبيل المبالغة.
والثاني: أن كل حجر فإن ما فيه من الأجزاء منضود بعضها ببعض، وملتصق بعضها ببعض.
والثالث: أنه تعالى كان قد خلقها في معادنها ونضد بعضها فوق بعض، وأعدها لإهلاك الظلمة.
واعلم أن قوله: {مَّنْضُودٍ} صفة للسجيل.
الصفة الثالثة: مسومة، وهذه الصفة صفة للأحجار ومعناها المعلمة، وقد مضى الكلام فيه في تفسير قوله: {والخيل المسومة} [آل عمران: 14] واختلفوا في كيفية تلك العلامة على وجوه: الأول: قال الحسن والسدي: كان عليها أمثال الخواتيم.
الثاني: قال ابن صالح: رأيت منها عند أم هانئ حجارة فيها خطوط حمر على هيئة الجزع.
الثالث: قال ابن جريج: كان عليها سيما لا تشارك حجارة الأرض، وتدل على أنه تعالى إنما خلقها للعذاب.
الرابع: قال الربيع: مكتوب على كل حجر اسم من رمى به.
ثم قال تعالى: {عِندَ رَبّكَ} أي في خزائنه التي لا يتصرف فيها أحد إلا هو.
ثم قال: {وَمَا هِى مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ} يعني به كفار مكة، والمقصود أنه تعالى يرميهم بها.
عن أنس أنه قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام عن هذا فقال: يعني عن ظالمي أمتك، ما من ظالم منهم إلا وهو بمعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة.
وقيل: الضمير في قوله: {وَمَا هِىَ} للقرى.
أي وما تلك القرى التي وقعت فيها هذه الواقعة من كفار مكة ببعيد، وذلك لأن القرى كانت في الشام، وهي قريب من مكة. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {قالوا يا لوط إنا رُسُل ربِّك لن يصلوا إليك}
وفي اسمه وجهان:
أحدهما: أنه اسم أعجمي وهو قول الأكثيرين. الثاني: أنه اسم عربي مأخوذ من قولهم: لطتُ الحوض إذا ملسته بالطين. وقيل إن لوطًا كان قائمًا على بابه يمنع قومه من أضيافه، فلما أعلموه أنهم رسل ربه مكّن قومه من الدخول فطمس جبريل عليه السلام على أعينهم فعميت، وعلى أيديهم فجفت.
{فأسْرِ بأهلك} أي فسِرْ بأهلك ليلًا، والسُري سير الليل، قال عبد الله بن رواحة:
عند الصباح يحمد القوم السُرَى ** وتنجلي عنهم غيابات الكرى

يقال وأسرى وفيها وجهان:
أحدهما: أن معناهما في سير الليل واحد.