فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عاشور:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ}
لمّا أرادوا بالكلام الذي وجّهوه إليه تحذيره من الاستمرار على مخالفة دينهم، أجابهم بما يفيد أنه لم يكن قط معوّلًا على عزة رهطه ولكنّه متوكّل على الله الذي هو أعزّ من كل عزيز، فالمقصود من الخَبَر لازمه وهو أنّه يعلم مضمون هذا الخبر وليس غافلًا عنه، أي لقد علمتُ مَا رهطي أغلب لكم من الله فلا أحتاج إلى أن تعاملوني بأنّي غيرُ عزيز عليكم ولا بأنّ قرابتي فئة قليلة لا تعجزكم لو شئتم رجمي.
وإعادة النداء للتّنبيه لكلامه وأنه متبصّر فيه.
والاستفهام إنكاريّ، أي الله أعز من رهطي، وهو كناية عن اعتزازه بالله لا برهطه فلا يريبه عدم عزة رهطه عليهم، وهذا تهديد لهم بأنّ الله ناصره لأنّه أرسله فعزّته بعزّة مُرسله.
وجملة: {واتّخذتموه وراءَكم ظِهريًا} في موضع الحال من اسم الجلالة، أي الله أعز في حال أنكم نسيتم ذلك.
والاتّخاذ: الجعل، وتقدّم في قوله: {أتتّخذ أصْنامًا آلهةً} في سورة [الأنعام: 74].
والظِهريّ بكسر الظاء نسبة إلى الظهر على غير قياس، والتغييرات في الكلم لأجل النسبة كثيرة.
والمراد بالظهريّ الكناية عن النسيان، أو الاستعارة لأن الشيء الموضوع بالوراء ينسى لقلة مشاهدته، فهو يشبه الشيء المجعول خلف الظهر في ذلك، فوقَع: {ظهريًّا} حالًا مؤكّدة للظرف في قوله: {وراءكم} إغراقًا في معنى النسيان لأنّهم اشتغلوا بالأصنام عن معرفة الله أو عن ملاحظة صفاته. وجملة: {إنّ ربي بما تعملون محيط} استئناف، أو تعليل لمفهوم جملة: {أرهطي أعز عليكم من الله} الذي هو توكله عليه واستنصاره به. والمحيط: الموصوف بأنه فاعل الإحاطة. وأصل الإحاطة: حصار شيء شيئًا من جميع جهاته مثل إحاطة الظرف بالمظروف والسور بالبلدة والسِوار بالمعصم.
وفي المقامات الحريرية: وقد أحاطت به أخلاط الزمر، إحاطة الهالة بالقمر، والأكمام بالثمر. ويطلق مجازًا في قولهم: أحاط علمه بكذا، وأحاط بكل شيء علمًا، بمعنى علم كل ما يتضمّن أن يعلم في ذلك، ثم شاع ذلك فحذف التمييز وأسندت الإحاطة إلى العالم بمعنى: إحاطة علمه، أي شمول علمه لجميع ما يعلم في غرض مّا، قال تعالى: {وأحاط بما لديهم} [الجن: 28] أي علمه.
ومنه قوله هنا: {إنّ ربي بما تعملون محيط} والمراد إحاطة علمه. وهذا تعريض بالتهديد، وأنّ الله يوشك أن يعاقبهم على ما علمه من أعمالهم.
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} عطف نداء على نداء زيادة في التنبيه، والمقصود عطف ما بعد النداء الثاني على ما بعد النداء الأوّل.
وجملة: {اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون} تقدّم تفسير نظيرها في سورة الأنعام.
والأمر للتهديد.
والمعنى: اعملوا متمكّنين من مكانتكم، أي حالكم التي أنتم عليها، أي اعملوا ما تحبّون أن تعملوه بي.
وجملة: {إني عامل} مستأنفة.
ولم يقرن حرف: {سوف} في هذه الآية بالفاء وقرن في آية سورة الأنعام بالفاء؛ فجملة: {سوف تعلمون} هنا جعلت مستأنفة استئنافًا بيانيًّا إذ لمّا فاتحهم بالتّهديد كان ذلك ينشئ سؤالًا في نفوسهم عما ينشأ على هذا التّهديد فيجاب بالتهديد بـ: {سوف تعلمون}.
ولكونه كذلك كان مساويًا للتفريع بالفاء الواقع في آية الأنعام في المآل، ولكنّه أبلغ في الدّلالة على نشأة مضمون الجملة المستأنفة عن مضمون التي قبلها؛ ففي خطاب شعيب عليه السّلام قومه من الشدة ما ليس في الخطاب المأمور به النبيءُ صلى الله عليه وسلم في سورة الأنعام جريًا على ما أرسل الله به رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم من اللين لهم: {فبما رحمةٍ من الله لنت لهم} [آل عمران: 159].
وكذلك التفاوت بين معمولي: {تعلمون} فهو هنا غليظ شديد: {من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب} وهو هنالك لين: {مَن تكون له عاقبة الدّار} [الأنعام: 135].
و: {من} استفهام معلق لفعل العلم عن العمل، أي تعلمون جواب هذا السؤال.
والعذاب: خزي لأنّه إهانة.
والارتقاب: الترقّب، وهو افتعال من رقبه إذا انتظره.
والرّقيب هنا فعيل بمعنى فاعل، أي أني معكم راقب، أي كل يرتقب ما يجازيه الله به إن كان كاذبًا أو مكذّبًا.
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}
عُطف: {لما جاء أمرنا} هنا وفي قوله في قصة عاد: {ولمّا جاء أمرنا نجينا هودًا} [هود: 59] بالواو فيهما وعطف نظيراهما في قصة ثمود: {فلمّا جاء أمرنا نجينا صالحًا} [هود: 66] وفي قصة قوم لوط: {فلمّا جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها} [هود: 82] لأن قصتَيْ ثمود وقوم لوط كان فيهما تعيين أجل العذاب الذي تَوعّدَ به النبيئان قومَهما؛ ففي قصة ثمود: {فقال تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ذلك وعْدً غير مكذوبٍ} [هود: 65]، وفي قصة قوم لوط: {إن موعدهم الصّبح أليس الصّبح بقريب} [هود: 81]؛ فكان المقام مقتضيًا ترقب السّامع لما حل بهم عند ذلك الموعد فكان الموقع للفاء لتفريع ما حلّ بهم على الوعيد به.
وليس في قصة عاد وقصة مدين تعيين لموعد العذاب ولكنّ الوعيد فيهما مجمل من قوله: {ويستخلف ربّي قومًا غيركم} [هود: 57]، وقوله: {وارتقبوا إنّي معكم رقيب} [هود: 9].
وتقدم القول في معنى: {جاء أمرنا} إلى قوله: {ألاَ بُعْدًا لمدين} في قصة ثمود.
وتقدم الكلام على: {بُعْدًا} في قصة نوح في قوله: {وقيل بُعدًا للقوم الظالمين} [هود: 44].
وأما قوله: {كما بَعدت ثمود} فهو تشبيه البعد الذي هو انقراض مدين بانقراض ثمود.
ووجه الشبه التّماثل في سبب عقابهم بالاستئصال، وهو عذاب الصيحة، ويجوز أن يكون المقصود من التّشبيه الاستطراد بذمّ ثمود لأنهم كانوا أشدّ جرأة في مناواة رسل الله، فلمّا تهيأ المقام لاختتام الكلام في قصص الأمم البائدة ناسب أن يعاد ذكر أشدّها كفرًا وعنادًا فَشُبّهَ هلك مدين بهلكهم.
والاستطراد فَنّ من البديع.
ومنه قول حسّان في الاستطراد بالهجاء بالحارث أخي أبي جهل:
إن كنت كاذبة الذي حدثتني ** فنجوت منجَى الحارث بن هشام

ترك الأحبّة أن يقاتل دُونهم ** ونَجا برأس طمرّة ولجام

.اهـ.

.قال الشعراوي:

{قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ}
وهنا يتساءل شعيب عليه السلام باستنكار: أوضعتم رهطي في كفة؛ ومعزَّة الله تعالى في كفة؟ وغلَّبتم خوفكم من رهطي على خوفكم من الله؟! ولم يأبه شعيب عليه السلام باعتزازهم برهطه أمام اعتزازه بربه؛ لأنه أعلن من قبل توكله على الله؛ ولأنه يعلم أن العزة لله تعالى أولًا وأخيرًا.
ولم يكتفوا بذلك الاعتزاز بالرهط عن الاعتزاز بالله؛ بل طرحوا التفكير في الإيمان بالله وراء ظهورهم؛ لأن شعيبًا عليه السلام يقول لهم: {واتخذتموه وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} [هود: 92].
أي: لم يجعلوا الله سبحانه أمامهم، فلم يأبهوا بعزة الله؛ ولا بحماية الله؛ وجعلوا لبعض خلقه معزَّة فوق معزَّة الله.
ولم يقل: (ظِهْرِيًّا) نسبة إلى (الظهر)، فعندما ننسب تحدث تغييرات، فعندما ننسب إلى اليمن نقول: يمنيّ. ونقول: يمانيّ، فالنسب هنا إلى الظهري، وهي المنسي والمتروك، فأنت ساعة تقول: أنت طرحت فلانًا وراء ظهرك، يعني جعلته بعيدًا عن الصورة بالنسبة للأحداث، ولم تحسب له حسابًا. إذن: فهناك تغييرات تحدث في باب النسب.
ويذكِّرهم شعيب عليه السلام بقوله: {إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 92].
أي: أن كل ما تقولونه أو تفعلونه محسوب عليكم؛ لأن الحق سبحانه لا تخفَى عليه خافية، وقد سبق أن عرفنا أن القول يدخل في نطاق العمل؛ فكلُّ حدث يقال لهم: عمل؛ وعمل اللسان هو القول؛ وعمل بقية الجوارح هو الأفعال.
وقد شرَّف الحق سبحانه القول لأنه وسيلة الإعلام الأولى عنه سبحانه.
يقول الحق سبحانه من بعد ذلك ما جاء على لسان شعيب عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ}
إذن: فشعيب عليه السلام عنده القضية المخالفة؛ لأن الله تعالى عنده أعزُّ من رهطه؛ وباعتزازه بربه قد آوى إلى ركن شديد، وبهذا الإيمان يعلن لهم: افعلوا ما في وُسْعكم، وما في مُكْنتكم هو ما في مُكْنة البشر، وسأعمل ما في مُكْنتي، ولست وحدي، بل معي الله سبحانه وتعالى؛ ولن تتسامى قوتكم الحادثة على قدرة الله المطلقة.
ومهما فعلتم لمعارضة هذا الإصلاح الذي أدعوكم إليه؛ فلن يخذلني الذي أرسلني؛ وما دمتم تريدون الوقوف في نفس موقف الأمم السابقة التي تصدت لموجات الإصلاح السماوية؛ فهزمهم الله سبحانه بالصيحة، وبالرجفة، وبالريح الصرصر، وبالقذف بأي شيء من هذه الأشياء، وقال لهم: اعملوا على مكانتكم، وإياكم أن تتوهموا أني أتودد إليكم؛ فأنا على بينة من ربي، ولكني أحب الخير لكم، وأريد لكم الإصلاح.
ولم يَقُلْ شعيب عليه السلام هذا القول عن ضعف، ولكن قاله ردًّا على قولهم: {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: 91].
وأبرز لهم مكانته المستمدة من قوة مَنْ أرسله سبحانه وتعالى، وقال: {اعملوا على مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ} [هود: 93].
وهكذا أوضح لهم: أنا لن أقف مكتوف الأيدي، لأني سأعمل على مكانتي، و: {سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وارتقبوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هود: 93].
أي: أن المستقبل سوف يبيِّن مَنْ مِنَّا على الحق ومَنْ مِنَّا على الضلال، ولم سيكون النصر والغلبة، ومن الذي يأتيه الخزي؛ أي: أن يشعر باحتقار نفسه وهوانها؛ ويعاني من الفضيحة أمام الخلق؛ ومَنْ مِنَّا الكاذب، ومَنْ على الحق.
وكان لابد أن تأتي الآية التالية: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ}
ونلحظ أن الحق سبحانه قد أورد في هذه السورة: أسلوبين منطوقين أحدهما بالواو، والآخر بالفاء.
الأول: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} [هود: 94]، في قصة اثنين آخرين من الرسل.
الثاني: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} [هود: 66].
في قصة اثنين من الرسل.
وقصة شعيب هي إحدى القصتين اللتين جاء فيهما: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} ولم يأت بالفاء لأنها كما نعلم تقتضي التعقيب بسرعة، وبدون مسافة زمنية؛ وتسمى في اللغة فاء التعقيب، مثل قول الحق سبحانه: {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21]. أما ثم فتأتي لتعقيب مختلف؛ وهو التعقيب بعد مسافة زمنية؛ مثل قول الحق سبحانه: {ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنشَرَهُ} [عبس: 22]. وقد جاءت الفاء مرة في قصة قوم لوط؛ لأن الحق سبحانه قد حدد الموعد الذي ينزل فيه العذاب، وقال: {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ} [هود: 81].
فكان لابد أن تسبق الفاء هذا الحديث عن عذابهم، فقال: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ} [هود: 82].
أما هنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها، فقد قال الحق سبحانه: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا والذين آمَنُواْ مَعَهُ} [هود: 94]. ولم يذكر وعدًا ولم يحدد موعد العذاب. والحق سبحانه يقول: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} [هود: 94]. وكل أمر يقتضي آمرًا؛ ويقتضي مأمورًا؛ ويقتضي مأمورًا به.
والآمر هنا هو الله سبحانه؛ وهو القادر على إنفاذ ما يأمر به، ولا يجرؤ مأمور ما على مخالفة ما يأمر به الحق سبحانه؛ فالكون كله يأتمر بأمر خالقه.
إذن: فحين يخبرنا الحق سبحانه وتعالى أن العذاب قد جاء لقوم؛ فمعنى ذلك أن الأمر قد صدر؛ ولم يتخلف العذاب عن المجيء؛ لأن التخلف إنما ينشأ من مجازفة أمر لمأمور قد لا يطيعه، ولا يجرؤ العذاب على المخالفة لأنه مُسخَّر، لا اختيار له.
والقائل هنا هو الله سبحانه صاحب الأمر الكوني والأمر التشريعي؛ فإذا قال الحق سبحانه حكمًا من الأحكام وسجله في القرآن؛ فتيقن من أنه حادث لا محالة؛ لأن القضية الكونية هي من الحق سبحانه وتعالى، ولا تتخلف أو تختلف مع مشيئته سبحانه، والحكم التشريعي يسعد به مَنْ يُطِّبقه؛ ويشقى من يخالفه.
والحق سبحانه يعطينا مثالًا لهذا في قصة أم موسى.. يقول جَلَّ شأنه: {وَأَوْحَيْنَا إلى أُمِّ موسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليم} [القصص: 7].
فمنطق البشر يقول: كيف نقول لامرأة: إذا خِفْتِ على ابنك ألقيه في البحر؟ كيف ننجيه من موت مظنون إلى موت محقق؟ هذا وإن كان مخالفًا لسنن العادة إلا أن أم موسى سارعت لتنفيذ أمر الله سبحانه؛ لأن أوامر الله بالإلهام للمقربين، لا يأتي لها معارض في الذهن.
والحق سبحانه كما أمرها بإلقاء وليدها في اليم، فقال: {إِذْ أَوْحَيْنَا إلى أُمِّكَ مَا يوحى أَنِ اقذفيه فِي التابوت فاقذفيه فِي اليم} [طه: 38- 39].
كذلك أمر الحق سبحانه وتعالى اليمَّ بإلقاء التابوت، وفي داخله موسى للساحل، ولذلك فيقين أم موسى في أن أوامر الله لا تتخلف، جعلها تسارع في تنفيذ ما أمرها الله به.
والحق سبحانه يريد أن يُربِّبَ الإيمان، أي: يزيده في قلوب عباده، فَهَبْ أن الله قضى بقضية أو أمر بأمر، ثم لم يأت الكون على وفق ما أمر الله، فماذا يكون موقف الناس؟
فما دام رب العزة سبحانه قد قال فلابد أن يحدث ما أمر به، فعندما يقول الحق سبحانه: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 173].
فلابد أن تكون الغلبة لجنود الله، فإذا ما غُلبوا فافهموا أن شرط الجندية لله قد تخلَّف، وأن عنصرًا من عناصر الجندية قد تخلف وهو الطاعة.