فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



101- وقوله جل وعز: {وتولى عنهم وقال يا أسفا على يوسف} (آية 84) قال ابن عباس أي يا حزنا وقال مجاهد أي يا جزعا.
102- ثم قال تعالى: {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} (آية 84) قال قتادة أي لم يقل باسا وكذلك هو في اللغة يقال فلان كظيم وكاظم أي حزين لا يشكو حزنه.
103- وقوله جل وعز: {قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف} (آية 85) روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس تفتأ أي لا تزال وقال مجاهد تفتؤ أي تفتر والأول المعروف عند أهل اللغة يقال ما فتئ وما فتأ أي ما زال.
104- ثم قال تعالى: {حتى تكون حرضا} (آية 85) قال ابن جريج عن مجاهد أي دون الموت وقال الضحاك أي باليا مبرا والقولان متقاربان يقال أحرضه المرض فحرض ويحرض إذا دام سقمه وبلي قال الفراء الحارض الفاسد الجسم والعقل وكذلك الحرض وقال أبو عبيدة الحرض الذي قد اذابه الحزن وقال غيره منه حرضت فلانا أي أفسدت قلبه.
105- ثم قال تعالى: {أو تكون من الهالكين} (آية 85) وقال الضحاك أي من الميتين.
106- وقوله جل وعز: {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} (آية 86) والبث أشد من الحزن قال قتادة ولا تيأسوا من روح الله أي من رحمته.
107- وقوله جل وعز: {قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة} (آية 88) وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال أي ورق رديئة لا تجوز إلا بوضيعة وقال مجاهد أي قليلة وقال قتادة أي يسيرة وقال عبد الله بن الحارث كان معهم متاع الأعراب من سمن وصوف وما أشبههما وهذه الأقوال متقاربة واصله من التزجية وهي الدفع والسوق يقال فلان يزجي العيس أي يدفع والمعنى أنها بضاعة تدفع ولا يقبلها كل أحد واحتج مالك بقوله تعالى: {فأوف لنا الكيل} في ان أجرة الكيال والوزان على البايع.
108- وقوله جل وعز: {قال لا تثرتب الله عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين} (آية 92) التثريب التعيير واللوم وإفساد الأمر ومنه ثربت أمره أي أفسدته ومنه الحديث إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب أي ولا يعيرها بالزنا.
109- وقوله جل وعز: {ولما فصلت العير قال ابوهم إني لأجد ريح يوسف} (آية 94) قال ابن عباس هاجت ريح فشم ريح القميص من مسيرة ثمانية أيام ثم قال: {لولا أن تفندون} (آية 94) قال ابن عباس تسفهون وقال عطاء والضحاك أي تكذبون والقول الأول هو المعروف يقال فنده تفنيدا إذا عجزه كما قال أهلكتني باللوم والتفنيد ويقال افند إذا تكلم بالخطأ والفند الخطأ من الكلام والرأي كما قال الشاعر:
إلا سليمان إذ قال المليك له ** قم في البرية فاحددها عن الفند

110- وقوله جل وعز: {وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين} (آية 99) قال ابن جريج أي سوف أستغفر لكم ربي إن شاء الله قال وهذا من تقديم القرآن وتأخيره يذهب ابن جريج إلى أنهم قد دخلوا مصر فكيف يقول ادخلوا مصر إن شاء الله.
111- ثم قال تعالى: {ورفع ابويه على العرش} (آية 100) قال قتادة أي على السرير ثم قال تعالى: {وخروا له سجدا} (آية 100) وقال قتادة وكان هذا من تحيتهم قال ابن جريج كانوا يفعلون هذا كما تفعل فارس والمعنى وخروا لله سجدا والقول الأول أشبه وهو سجود على غير عبادة وإن كان قد نهي المسلمون عن هذا فإنه على ماروي أنها تحية كانت لهم قال الحسن كان بين مفارقة يوسف اباه إلى ان اجتمع معه ثمانون سنة لا يهدأ يعقوب فيها ساعة عن البكاء وليس أحد في ذلك الوقت أكرم على الله من يعقوب صلى الله عليه وسلم والقي في الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وعاش بعد لقائه يعقوب ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن عشرين ومائة.
112- وقوله جل وعز: {رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث} (آية 101) ويجوز ان تكون من هاهنا للتبعيض أي قد آتيتني بعض الملك وعلمتني بعض التأويل ويجوز ان تكون لبيان الجنس أي أتيتني الملك وعلمتني تأويل الأحاديث ويدل على هذا الجواب تؤتي الملك من تشاء.
113- وقوله جل وعز: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} (آية 103) أي لست تقدر على هداية من أردت.
114- وقوله جل وعز: {وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون} (آية 105) أي فكم من آية في رفع السموات بغير عمد ومجاري الشمس والقمر والنجوم وفي الأرض من نخلها وزرعها أي يعلمونها.
115- ثم قال جل وعز: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (آية 106) قال عكرمة هو قوله تعالى: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله} فإذا سئلوا عن صفته وصفوة بغيرها ونسبوه إلى أن له ولدا وقال أبو جعفر يذهب عكرمة إلى أن الإيمان هاهنا إقرارهم.
116- ثم قال تعالى: {أفأمنوا ان تأتيهم غاشية من عذاب الله} (آية 107) قال مجاهد أي تغشاهم قال أبو جعفر ومعناه تجللهم عن ومنه {هل أتاك حديث الغاشية}.
117- ثم قال تعالى: {أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون} (آية 107) أي فجأة من حيث لا يقدروا.
118- وقوله جل وعز: {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة} (آية 108) أي على يقين ومنه فلان مستبصر بهذا.
119- وقوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا} (آية 109) روى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها في قوله جل وعز: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قالت استياس من الرسل من إيمان من كذبهم من قومهم وظنوا أن من آمن من قومهم قد كذبوهم لما لحقهم من البلاء والامتحان وروى ابن أبي مليكة عن عروة عن عائشة قالت لحق المؤمنين البلاء والضرر حتى ظن الرسل انهم قد كذبوهم لما لحقهم وقال قتادة {حتى إذا استيأس الرسل} من إيمان قومهم وأيقنوا أن قومهم قد كذبوهم جاءهم نصرنا يذهب قتادة إلى ان الظن هاهنا يقين وذلك معروف في اللغة والمعنى أن الرسل كانوا يترجون أن يؤمن قومهم ثم استياسوا من ذلك فجاءهم النصر والقول الأول اشبه بالمعنى وهو أعلى إسنادا والله أعلم بما أراد وقرأ عبد الله بن مسعود وابن عباس {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتخفيف وضم الكاف قال أبو جعفر في معناه عن ابن عباس روايتان:
أ- روى ابن أبى مليكة عنه انهم ضعفوا قال إنهم بشر.
ب- والقول الثاني أنه روي عن سفيان عن عطاء عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال: {حتى إذا استيأس الرسل} من إيمان قومهم وظن قومهم قد كذبوا جاءهم نصرنا قال أبو جعفر الضمير في كذبوا يعود على القوم على هذا وقرأ مجاهد {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتخفيف وفتح الكاف وفسره وظن قومهم انهم قد كذبوا وهو كالذي قبله في المعنى وروي عنه في قوله تعالى: {حتى إذا استيأس الرسل} قولان: أحدهما: حتى إذا استيأس الرسل أن يأتي قومهم العذاب والقول الثاني: أحسن وهو حتى إذا استيأس الرسل من إيمان قومهم.
120- وقوله جل وعز: {لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب} (آية 111) قال مجاهد يعني يوسف وإخوته.
121- ثم قال جل وعز: {ماكان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه} (آية 111) قال سفيان يعني التوراة والإنجيل والكتب وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون. اهـ.

.قال الفراء:

ومن سورة يوسف:
قول اللّه عز وجل: {بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ} [3]
{هذَا الْقُرْآنَ} منصوب بوقوع الفعل عليه. كأنك قلت: بوحينا إليك هذا القرآن.
ولو خفضت {هذا} و{القرآن} كان صوابا: تجعل {هذا} مكرورا على {ما} تقول: مررت بما عندك متاعك تجعل المتاع مردودا على {ما} ومثله في النحل: {وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ} و (الكذب) على ذلك.
وقوله: يا أبت لا تقف عليها بالهاء وأنت خافض لها في الوصل لأن تلك الخفضة تدلّ على الإضافة إلى المتكلّم. ولو قرأ قارئ (يا أبت) لجاز وكان الوقف على الهاء جائزا.
ولم يقرأ به أحد نعلمه. ولو قيل: يا أبت لجاز الوقوف عليها (بالهاء) من جهة، ولم يجز من أخرى. فأمّا جواز الوقوف على الهاء فأن تجعل الفتحة فيها من النداء ولا تنوى أن تصلها بألف الندبة فكأنه كقول الشاعر:
كلينى لهمّ يا أميمة ناصب

وأمّا الوجه الذي لا يجوز الوقف على الهاء فأن تنوى: يا أبتاه ثم تحذف الهاء والألف لأنها في النّيّة متّصلة بالألف كاتّصالها في الخفض بالياء من المتكلّم.
وأمّا قوله: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} [4] فإن العرب تجعل العدد ما بين أحد عشر إلى تسعة عشر منصوبا في خفضه ورفعه. وذلك أنهم جعلوا اسمين معروفين واحدا، فلم يضيفوا الأوّل إلى الثاني فيخرج من معنى العدد. ولم يرفعوا آخره فيكون بمنزلة بعلبكّ إذا رفعوا آخرها.
واستجازوا أن يضيفوا (بعل) إلى (بكّ) لأنّ هذا لا يعرف فيه الانفصال من ذا، والخمسة تنفرد من العشرة والعشرة من الخمسة، فجعلوهما بإعراب واحد لأن معناهما في الأصل هذه عشرة وخمسة، فلمّا عدلا عن جهتهما أعطيا إعرابا واحدا في الصرف كما كان إعرابهما واحدا قبل أن يصرفا.
فأمّا نصب كوكب فإنه خرج مفسّرا للنوع من كل عدد ليعرف ما أخبرت عنه. وهو في الكلام بمنزلة قولك: عندى كذا وكذا درهما. خرج الدرهم مفسرا لكذا وكذا لأنها واقعة على كلّ شئ. فإذا أدخلت في أحد عشر الألف واللام أدخلتهما في أوّلها فقلت: ما فعلت الخمسة عشر.
ويجوز ما فعلت الخمسة العشر، فأدخلت عليهما الألف واللام مرّتين لتوهّمهم انفصال ذا من ذا في حال. فإن قلت: الخمسة العشر لم يجز لأن الأوّل غير الثاني ألا ترى أن قولهم: ما فعلت الخمسة الأثواب لمن أجازه تجد الخمسة هي الأثواب ولا تجد العشر الخمسة. فلذلك لم تصلح إضافته بألف ولام. وإن شئت أدخلت الألف واللام أيضا في الدرهم الذي يخرج مفسرا فتقول: ما فعلت الخمسة العشر الدرهم؟. وإذا أضفت الخمسة العشر إلى نفسك رفعت الخمسة. فتقول: ما فعلت خمسة عشرى؟: ورأيت خمسة عشرى، (ومررت بخمسة عشرى) وإنما عرّبت الخمسة لإضافتك العشر، فلمّا أضيف العشر إلى الياء منك لم يستقم للخمسة أن تضاف إليها وبينهما عشر فأضيفت إلى عشر لتصير اسما، كما صار ما بعدها بالإضافة اسما. سمعتها من أبى فقعس الأسدى وأبى الهيثم العقيلىّ: ما فعلت خمسة عشرك؟ ولذلك لا يصلح للمفسر أن يصحبهما لأن إعرابيهما قد اختلفا. ب: اختلف، وإنما يخرج الدرهم والكوكب مفسرا لهما جميعا كما يخرج الدرهم من عشرين مفسرا لكلّها. فإذا أضفت العشرين دخلت في الأسماء وبطل عنها التفسير. فخطأ أن تقول: ما فعلت عشروك درهما، أو خمسة عشرك درهما. ومثله أنك تقول: مررت بضارب زيدا.
فإذا أضفت الضارب إلى غير زيد لم يصلح أن يقع على زيد أبدا.
ولو نويت بخمسة عشر أن تضيف الخمسة إلى عشر في شعر لجاز، فقلت: ما رأيت خمسة عشر قطّ خيرا منها، لأنك نويت الأسماء ولم تنو العدد. ولا يجوز للمفسّر أن يدخل هاهنا كما لم يجز في الإضافة أنشدنى العكليّ أبو ثروان:
كلّف من عنائه وشقوته ** بنت ثمانى عشرة من حجّته

ومن القرّاء من يسكّن العين من عشر في هذا النوع كلّه، إلّا اثنا عشر. وذلك أنهم استثقلوا كثرة الحركات، ووجدوا الألف في (اثنا) والياء في (اثنى) ساكنة فكرهوا تسكين العين وإلى جنبها ساكن (ولا يجوز تسكين العين في مؤنّث العدد لأن الشين من عشرة يسكن فلا يستقيم تسكين العين والشين معا).