فصل: قال الأخفش:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ضلالك القديم} [95] محبتك. وقيل: عنائك. كما قال أوس:
إذا ناقة شدت برحل ونمرق ** إلى حكم بعدي فضل ضلالها

كأني حلوت الشعر يوم مدحته ** صفا صخرة صماء صلد بلالها

{خاطئين} [97] آثمين. قال ابن السكيت: خطئ خطأ تعمد الإثم، وأخطأ ثم لم يتعمد. قال:
قد علمت جلادها وخورها

إنك قد خطيت إذ تهورها

{وجاء بكم من البدو} [100] وكانوا بادية أهل وبر ومواش. والبادية: القوم المجتمعون الظاهرون للأعين. ومن قال: إن البادية بلد الأعراب فإنما غلطه فيه عادة العامة والسالكين طريق الحج، ألا ترى أن تنكير البادية، ولو كان بلدًا معروفًا لكان معرفة أبدًا قال النابغة الجعدي:
وبادية سؤم الجراد وزعتها ** تكلفتها سيدًا أزل مصدرا

{نزغ الشيطان} [100] أفسد ما بيني وبينهم.
{وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [106] هو إيمان المشركين بالله، وأنه الخالق والرازق، ثم يقولون إن الأصنام شركاؤه أو شفعاؤنا إليه. وقيل: مثل قول الرجل لولا الله وفلان لهلكت، كما أنشد أبو تمام في الوحشيات:
وأفلتنا هجين بني قريظ ** يفدي المهر من حب الإياب

فلولا الله والمهر المفدى ** لأبت وأنت غربال الإهاب

{ولدار الآخرة} [109] ولدار الحال الآخرة، كقوله: {وحب الحصيد} أي: الزرع الحصيد، قال:
ولو أقوت عليك ديار عبس ** عرفت الذل عرفان اليقين

أي: عرفان العلم اليقين.
{حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} [110] بالتشديد الضمير للرسل، والظن بمعنى اليقين، أي: لما استيأس الرسل من إيمان قومهم أن يصدقوهم، وأيقنوا أن القوم كذبوهم {جاءهم نصرنا}. وبالتخفيف، يكون الضمير للقوم، أي: حسب القوم أن الرسل كاذبون في وعد العذاب.
فهم على هذا مكذبون، لأن كل من كذبك فأنت مكذوبه، كما في صفة الرسول عليه السلام: الصادق المصدوق، أي: صدقه جبريل. وسئل سعيد بن جبير عنها-في دعوة حضرها الضحاك مكرهًا- قال: نعم حتى إذا استيأس الرسل من قومهم أن يصدقوهم، وظن قومهم أن الرسل كذبوهم. فقال الضحاك: ما رأيت كاليوم، رجل يدعى إلى علم فيتلكأ، لو رحلت في هذا إلى اليمن لكان يسيرًا. تمت سورة يوسف. اهـ.

.قال الأخفش:

{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هذا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}
وقال: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} يقول: {نَقُصُّ عَلَيْكَ} بوحينا: {إِلَيْكَ هذا الْقُرْآنَ} وجعل (ما) اسما للفعل وجعل {أَوْحَيْنا} صلة.
{إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ ياأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}
وقال: {إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} فكرر الفعل وقد يستغني باحدهما. وهذا على لغة الذين قالوا ضَرَبْتُ زَيْدًا ضَرَبْتُهُ وهو توكيد مثل: {فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} وقال بعضهم (أَحَدَ عْشَرَ) واسكن العين وكذلك (تِسْعَةَ عْشَرَ) الى العشرين لما طال الاسم وكثرت متحركاته اسكنوا. ولم يسكنوا في قولهم اثْنَيْ عَشَر واثْنَتا عَشْرَةَ للحرف الساكن الذي قبل العين وحركة العين في هذا كله هو الاصل.
وأَمَّا قوله: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} فانه لما جعلهم كمن يعقل في السجود والطواعية جعلهم كالانس في تذكيرهم اذا جمعهم كما قال: {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ}. وقال الشاعر: من الخفيف وهوة الشاهد الثالث والثلاثون بعد المئتين:
صَدَّها مَنْطِقُ الدَّجاجِ عَنِ القَصْدِ ** وَضَرْبُ الناقُوسِ فَاجْتُنِبا

وقال: {يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ} اذا تكلمت نملة فصارت كمن يعقل وقال: {فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} لما جعلهم يطيعون شبههم بالانس مثل ذلك: {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} على هذا القياس الا انه ذكر وليس مذكرا كما يذكر بعض المؤنث. وقال قوم: إنما قال: {طائِعين} لانهما اتتا وما فيهما فتوهم بعضهم مُذَكَّرا أَو يكون كما قال: {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ} وهو يريد أهلها. وكما تقول صَلى المَسْجِدُ وأنت تريد أَهْلَ المَسْجِد إلاّ أَنَّكَ تحمل الفعل على الآخِر، كما قالوا: اِجْتَمَعتْ أَهُلُ اليمامَةِ وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ تَسْجُدُواْ لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُواْ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ} لأن الجماعة من غير الانس مؤنثة. وقال بعضهم لِلَّذِي خَلَقَ الآياتِ ولا اراه قال ذلك الا لِجْهْلِهِ بالعربية. قال الشاعر: من البسيط وهو الشاهد الرابع والثلاثون بعد المئتين:
إِذْ أَشْرَفَ الديكُ يَدْعُوا بَعْضَ أُسْرَتِهِ ** إِلى الصِياحِ وَهُمْ قُوْمٌ مُعَازِيلٌ

فجعل الدجاج قوما في جواز اللغة. وقال الاخر وهو يغني الذيب: من الطويل وهو الشاهد الثاني والثلاثون بعد المئتين:
وَأَنْتَ امْرُؤٌ تَعْدُو عَلى كُلِّ غِرَّةٍ ** فَتُخْطِئ فِيها مَرَّةً وَتَصِيُبُ

وقال الآخر: من الرجز وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد المئتين:
فَصَبَّحَتْ وَالطَّيْرُ لَمْ تَكَلَّمِ ** جابِيَةً طُمَّتْ بِسَيْلٍ مُفعَم

{قَالَ يابُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}
وقال: {فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا} أي: فيتخذوا لك كيدا. وليست مثل: {إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}. أراد أن يوصل الفعل [138] اليها باللام كما يوصل بالى كما تقول: قَدَّمْتُ لَهُ طَعامًا تريد: قَدَّمْتُ إِلَيْهِ. وقال: {يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ} ومثلُه: {قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} وإِنْ شِئْتَ كان: {فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا} في معنى فَيَكِيدوك وتجعل اللام مثل: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} وقوله: {لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} إنِّما هو: لِمَكانِ رَبِّهِمْ يَرْهَبُون.
{اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ}
وقال: {أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ} وليس الأَرْضُ هاهنا بظرف. ولكن حذف منها في ثم أَعمل فيها الفعل كما تقول تَوَجَّهْتُ مَكَّةَ.
{قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ}
وقال: {وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} والعُصْبَةُ والعِصابَةُ جماعة ليس لها واحد كالقَوْم والرَّهْط.
{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}
وقال: {بِدَمٍ كَذِبٍ} فجعل الدَّمَ كذِبًا لأنه كُذِبَ فيه كما تقول الليلةُ الهِلالُ فترفع وكما قال: {فَمَا رَبِحَتْ تِّجَارَتُهُمْ}.
{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يابُشْرَى هذاغُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
وقال: {وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ} فذكّر بعدما أنّث لأنَّ السَيَّارة في المعنى للرجال.
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}
وقال: {مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي} أي: أَعُوذُ بالله معاذا. جعله بدلا من اللفظ بالفعل لانه مصدر وان كان غير مستعمل مثل سُبْحانَ وبعضهم يقول مَعاذَةَ اللهِ ويقول ما أَحْسَنَ مَعْناةَ هَذا الكلامِ يريد المعنى.
{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
وقال: {وَهَمَّ بِهَا} فلم يكن همّ بالفاحشة ولكن دون ذلك مما لا يقطع الولاية.
{وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
وقال: {إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يقول: {إلاَّ السِجْنُ أَوْ عَذابٌ أَليمٌ} لأن أنْ الخفيفة وما عملت فيه اسم بمنزلة السّجْن.
{قَالَتْ فَذالِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّن الصَّاغِرِينَ} وقال: {وَلَيَكُونًا مِّن الصَّاغِرِينَ} فالوقف علهيا {وَلِيَكُونا} لأن النون الخفيفة اذا انفتح ما قبلها فوقفت عليها جعلتها الفا ساكنة بمنزلة قولك: رَأَيْتُ زيدا ومثله: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} الوقف عليها {لَنَسْفَعا}.
{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} وقال: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} فادخل النون في هذا الموضع لأن هذا موضع تقع فيه أي فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه، دخلته النون لأن النون تكون في الاستفهام تقول بدا لَهُم أَيُّهُم يأخذون أي استبان لهم.
{قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ} وقال: {وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ} فاحدى الباءين أوصل بها الفعل الى الاسم والاخرى دخلت لما وهي الاخرة.
{وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ}
وقال: {وَاذَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} وانما هي اِفْتَعَل من ذُكَرْتُ فأصلها اِذْتَكَر، ولكن اجتمعا في كلمة واحدة ومخرجاهما متقاربان، وارادوا ان يدغموا والأول حرف مجهور وانما يدخل الأول في الاخر والاخر مهموس، فكرهوا ان يذهب منه الجهر فجعلوا في موضع التاء حرفا من موضعها مجهورا وهو الدال لأن الحرف الذي قبلها مجهور. ولم يجعلوا الطاء لأن الطاء مع الجهر مطبقة. وقد قال بعضهم (مُذّكِر) فابدل التاء ذالا ثم ادخل الذال فيها. وقد قرئت هذه الآية: {أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} وهي [139] أَنْ يَفْتَعِلا من الصُلْح فكانت التاء بعد الصاد فلم تدخل الصاد فيها للجهر والاطباق. فابدلوا التاء صادا وقال بعضهم (يَصْطَلِحا) وهي الجيدة. لما لم يُقْدَر على ادغام الصاد في التاء حُوِّلَ في موضع التاء حرفٌ مطبق.
{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدْتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}
قال: {إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ} وقال بعض اهل العِلم: انهن راودنه لا امرأة الملك وقد يجوز وان كانت واحدة ان تقول راوَدْتُنَّ كما [137] تقول {إِنَّ الناسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُم} وهذا هاهنا واحد يعنى بقوله لَكُمْ النبيَّ صلى الله عليه و (الناسَ) أَبا سُفْيان فيما ذكروا.
{فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ كَذلك كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}
وقال: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ} فانث وقال: {وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} لأنَّهُ عنى ثَمَّ الصُّواع والصُّواع مذكّر، ومنهم من يؤنثّ الصّواع وعنى هاهنا السِّقَايَةَ وهي مؤنثة. وهما اسمان لواحد مثل الثَّوْبُ والمِلْحَفَةُ مذكّر ومؤنّث لشيء واحد.
{فَلَمَّا اسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيًّا قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ}
وقال: {خَلَصُواْ نَجِيًّا} فجعل النَجِيَّ للجماعة مثل قولك: هُمْ لِي صديق.
وقال: {قَالَ كَبِيرُهُمْ} فزعموا انه اكبرهم في العقل لا في السن.
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}
وإنما قال: {عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} لانه عنى الذي تخلف عنهم معهما وهو كبيرهم في العقل.
{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}
وقال: {يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} فإذا سكت أَلْحقت في آخره الهاء لانها مثل أَلف الندبة.
{قَالُواْ تَ الله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ}
وقال: {تَالله تَفْتَؤُاْ تَذْكُرُ يُوسُفَ} فزعموا أَنَّ (تَفْتَأُ) تَزَالُ فلذلك وقعت عليهِ اليمين كانهم قالوا: {وَاللهِ ما تَزالُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}.
{قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} وقال: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} (اليومَ) وقَفٌ ثم استأنف فقال: {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} فدعا لهم بالمغفرة مستأنفا. اهـ.