فصل: مطلب أقسام الخطأ ومراتب الحب ومعنى الفتى والمتكأ والإكبار:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هذا وبعد أن سمع العزيز كلام الشاهد نظر زوجها إليه وعاينه قال تعالى: {فَلَمَّا رَأى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} أيها الماكرات المحتالات {إِنَّ كَيْدَكُنَّ} أيتها النساء {عَظِيمٌ 28} جدا يعجز عنه الرجال جانحا بهذا إلى تصديق شهادة الشاهد المكذبة لا دعاء زوجته والمحققة صدق دفاع يوسف، وقد خاطبها بلفظ عام بمقابلة خطابها له به إذ قالت: {ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا}، وتنبيها إلى أن الكيد خلق لهن عريق، والمكر من شأنهن قديم، والحيل من عاداتهن والخداع دأبهن، والفتنة من ديدنهن، قال أبو تمام:
ولا تحسبا هندا لها الغدر وحدها ** سجيّة نفس كل غانية هند

وإنما وصف اللّه كيدهن بالعظم أشدّ تأثيرا في النفس ولأنه منهن يورث العار بخلاف صدور لكونه من الرجال، ولربات القصور منهن القدح المعلّى لأنهن أكثر تفرغا من غيرهنّ، ولأن أحدا لا يجسر على فضيحتهن غالبا.
هذا ولعظم كيد النساء اتخذهن إبليس عليه اللعنة وسائل لإغواء من صعب عليه إغوائه، ففي الخبر ما أيس الشيطان من أحد إلا أتاه من جهة النساء، وفي خبر آخر: اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن إبليس طلاع رصاد وما بشيء من فخوخه بأوثق لصيده في الأتقياء بالنساء، قال بعض العلماء إن الشيطان يوسوس مسارقة وهن يواجهنن به.
وقال آخر أنا أخاف من النساء أكثر من الشيطان لقوله تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفًا} الآية 75 من سورة النساء.
وقال هنا {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} وجاء في الحديث: «اطلعت إلى النار فوجدت أكثر أهلها النساء». إلخ يكفرن العشير. وجاء، «النساء حبائل الشيطان». وقال عليه السلام: «لا تطلعوا النساء على حال، ولا تأمنوهن على مال، ولا تذروهن إلا لتدبير العيال، إن تركن وما يردن أوردن المهالك، وأفسدن الممالك، ينسين الخير، ويحفظن الشر، يتهافتن بالبهتان، ويتمادين في الطغيان». وقال سليمان عليه السلام امش وراء الأسد ولا تمش وراء المرأة.
وقال صلى اللّه عليه وسلم: «إياكم ومحادثة المرأة فإنه لا يخلو رجل بامرأة ليس لها محرم إلا هم بها».
وقال علي كرم اللّه وجهه: إياك ومشاورة النساء فإن رأيهنّ إلى أفن (ضعف ونقص) وغرمهن إلى وهن (ضعف في الأمر والعمل والبدن) اكفف أبصارهن بالحجاب، فإن شدة الحجاب خير لهن من الارتياب، وليس خروجهن بأضرّ من دخول من لا يوثق به عليهن، فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فافعل، ويأتي الأفن بمعنى الأحمق ضعيف الرأي قليل التدبير، والوهن الضعف والفتور.
وقال أبو بكر رضي اللّه عنه: ذل من أسند أمره إلى امرأة. وقال عمر رضي اللّه عنه: أكثروا لهن من قول لا، فإن نعم تغريهن على المسألة وقال استعيذوا باللّه من شر النساء وكونوا من خيارهن على حذر.
وجاء في حكمة داود عليه السلام وجدت في الرجال واحدا بألف ولم أجد واحدة في جمع النساء.
وقال الحكماء لا تثق بامرأة ولا تغتر بمال وإن كثر.
وقال النخعي من اقتراب الساعة طاعة النساء، ويقال من أطاع عرسه فقد أضاع نفسه، وقال بعض الحكماء: إياك ومخالطة النساء فإن لحظات المرأة سهم ولفظها مهم.
وورد: ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان رسولها إليه ورسوله إليها وللنساء حيل في إتمام مرادهن لا يقدر على بعضه عظام الرجال، فالمرأة إذا أحبتك أكلتك، وإذا أبغضتك أهلكتك، وهي الشر كله فاتقها بكلك.
ثم التفت العزيز إلى يوسف وقال يا {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا} الذي وقع لك مع سيّدتك لا تذكره واطو حديثه، والتفت إليها وقال توبي {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ} اقترفتيه مضاعفا بتهمتك غلامك من إرادة السوء الذي أنت مصدره، واندمي على تعديك عليه بما رميته به {إِنَّكِ كُنْتِ} بعملك هذا {مِنَ الْخاطِئِينَ 29} لخيانتك زوجك والبهت على غلامك، ولم يقل الخاطئات تغليبا للرجال على النساء.
واعلم أن الحكم الماهر بجملته تلك التي حكم بها قد عرف زوجها منها خيانتها من وجوه: لأن يوسف مملوك عندهم والمملوك لا يتجاسر على سيدته، ولأنه شاهدهما هو هارب وهي طالبة والطالب لا يهرب، ولأنه رآها مزينة بأكمل الزينة ويوسف بدرعه لا غير، ولم ير عليه شيئا من علائم الرغبة، بل عليه علامة الرهبة منها والخوف من اللّه، ولأنه خبره في هذه المدة الطويلة خمس عشرة سنة ووقف على حاله وكمال أدبه وأحاسن أخلاقه وحيائه وخجله وعدم اطلاعه على حالة تناسب إقدامه على مثل تلك الحالة، وقد أيد عدم رغبته قد قميصه من دبر، ولذلك ألصق التهمة فيها، هو وابن عمه على القول بأنه هو الشاهد وبرأه مما عزي إليه، وإذا كان الشاهد صغيرا وهو ما يركن إليه الضمير فإن براءته قطعية لا ظن فيها، لأنها من اللّه معجزة له عليه السلام، واللّه خير الشاهدين، وبما أن اللّه تعالى لم يبين لنا هذا الشاهد فقد جمعنا بين أقوال المفسرين في هذا الشأن ووكلنا العلم إلى اللّه، وإنما ملنا إلى القول الثاني لأن الشاهد الكبير ابن عم زوجها والصغير ابن خالها أو أختها، واللّه تعالى يقول من أهلها، تدبر.

.مطلب أقسام الخطأ ومراتب الحب ومعنى الفتى والمتكأ والإكبار:

واعلم أن الخطأ ثلاثة أقسام: الأول أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله وهذا الخطأ التام المأخوذ به، والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد وهذا أصاب في الإرادة وأخطأ بالعمل، وعليه قوله صلى اللّه عليه وسلم من اجتهد فأخطأ فله أجر، والثالث أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه فهذا مخطئ بالإرادة مصيب بالفعل.
وما نحن فيه راجع إلى الأول.
قالوا وكان العزيز مع حلمه قليل الغيرة فقد اقتصر على هذا القول وكان عليه بعد أن قنع بخطأ زوجته أن يفعل بها ما يفعل غيره بمثلها من أهل المروءة والشرف، وقد جاء في البحر أن تربة إقليم العزيز أي في زمنه اقتضت ذلك ولكونه وثنيا لا يعبأ به، وأين هذا مما جرى لبعض الملوك في المغرب، وذلك أنه كان مع ندمائه المختصين به في مجلس أنس وجاريته تغتيهم من وراء ستار، فاستعاد بعض خلصائه ببيتين من الجارية كانت غنت بهما، فما لبث أن جيء برأس الجارية مقطوعا في دست، وقال له الملك استعد البيتين من هذا الرأس فأسقط في يده ومرض مدة حياته.
ولهذا فإن المصريين تركوا المدينة التي كان فيها العزيز وشيدوا غيرها وسكنوا فيها لما هم عليه من المروءة والشهامة والغيرة، قالوا وشاع الكلام بين خدم القصر وانتقل لغيرهم كما قال الشاعر:
وكل سرّ جاوز الاثنين شاع

قال تعالى: {وَقالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} جماعة من النساء لما سمعن الخبر من امرأة الساقي والخباز وامرأة صاحب الدواب وصاحب السجن والحاجب وغيرهن من ملازمي القصر اللاتي أشعن الخبر للنساء اللاتي اتصلن بهن من أهل المدينة، قيل هي الأقصر أو عين الشمس أو غيرهما في ذلك الزمن، وسرى الخبر لأشراف النساء من صنف امرأة العزيز وصرن يتحدثن به بكون {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا} علقها حبه والشغاف جارة معلقة بالقلب تسمى غلافه ولسانه، يعني أن حبها دخل هذه الجلدة ووصل إلى القلب فأحاط به، فصارت مغرمة به لا تعقل شيئا سواه، وقيل الشغاف سويداء القلب، وقال الحسن باطنه، وقرئ {شعفها} بالعين أي حرق فؤادها حبه وعليه قول الأعشى:
يعصي الوشاة وكان الحب آونة ** مما يزيّن للمشعوف ما صنعا

وقال بعضهم الشعف الجنون ويأتي الشعف بمعنى البغض وليس مرادا هنا، وللحب مراتب أولها الهوى ثم العلاقة وهي الحب الملازم للقلب، ثم الكلف وهو شدة الحب، ثم العشق وهو اسم لما فضل عن المقدار المسمى بالحب، ثم الشغف وهو احتراق القلب مع لذة يجدها، وكذلك اللوعة واللاعج ثم الشعف بالعين وهو كذلك أيضا، وزيد فيه أن يبلغ الحب شفاف القلب فيخترقه إلى الفؤاد، ثم الجوى وهو الهوى الباطن، ثم اليتم وهو أن يستعبده الحب، ثم النّيل وهو أن يسقمه الحب بأن ينال من قواه فيهلكها، ثم التوله وهو ذهاب العقل من الحب، ثم الهيوم وهو أن يذهب على وجهه لغلبة الهوى عليه فلا يدري أين هو، ولهذا قالوا الهاثم لا يقصر الصلاة لأنه لا جهة له معينة ولا مدة معلومة، قال ابن الفارض:
هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى ** سهل فما اختاره مضنى به وله عقل

الأبيات، إلى أن قال: فأوله سقم وآخره قتل.
راجع هذه القصيدة فقيها ما تريده من معاني الحب وأنواعه ومباديه ونتائجه.
وجاء في الآية تراود بالمضارع مع أن المراودة انقطعت والمقام يناسبه الماضي دلالة على دوام المراودة كأنها بقيت مستمرة حتى صارت سجية لها، وهو كذلك، واللّه أعلم بما في القلوب.
والفتى الطري من الشباب والسخي والكريم، ويطلق على المملوك والخادم، رجاء في الحديث لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي.
ويطلق على الشهم ذي المروءة، وأطلق على يوسف لأنه جامع لهذه الصفات كلها، وإنما عبروا عنه بلفظ فتى مبالغة باللوم عليها، لأن التي لها زوج عظيم مثل زليخا لا يليق بها أن تراود غيره ممن هو دونه في زعمهنّ، لأنه كان يخدمها وليس بينه وبينها كفاءة، يرون أن جنوحها إلى عبدها في غاية الغي ونهاية الضلال، لذلك قلن كما ذكر اللّه عز ذكره {إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 30 في إقدامها على ذلك وخيانتها لزوجها الرجل الجليل بمراودتها خادمها، وذلك من الخسة بمكان، قالوا هذا لأنهن لم يعلمن أنه أشرف من على وجه الأرض في زمنه.
قال تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ} قولهن واغتيابهن لها وسمته مكرا لشبهه له في الإخفاء عنها، لأنهن لم يصارحنها به لما بلغهن عن يوسف وأردن بقولهنّ هذا اغضابها تعمدا كي تريهن يوسف لما بلغهن من جماله وكماله حيلة منهن لهذه الغاية، ولذلك {أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ} كي تريهنّ إياه فتقطعن اللوم عنها، وقد عرفت ذلك لأنها تعرف من أمرها ما تعرفه من أمر غيرها عند ما تراه {وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً} أترجا هو نوع من البرتقال، وما قيل إنه تفاح ينفيه قوله تعالى: {وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا} لأن التفاح يغسل ويؤكل بقشره لما فيه من النفع الذي لا يوجد بلبّه، والأترج لا يؤكل قشره لأنه مفصول عنه وليس من لونه وطعمه، وهكذا جعل اللّه تعالى كل قشر لا يؤكل مع اللب مفصول عنه كالموز والرمان وأنواع البرتقال والجوز واللوز والفستق والبندق وأنواعه وما شابهه، وإنما قلنا يغسل لأن القشر قد يحمل جراثيم كثيرة تعرضه الذرات الممتزجة بالهواء والسّم الذي فيه وهي لا تخلو من ضرر للوجود الذي أوجب اللّه تعالى عليه محافظته، وقد جاء في الخبر: من أكل التراب فقد أعان على قتل نفسه، وجاء في خبر آخر: اتقوا الغبار فإن فيه النسمة وهي ما يعبرون عنها بالميكروب وبما أن قشور الفواكه لا يخلو من التراب وهو قد لا يخلو من النسم فقد اعتادوا تقشيرها زيادة في الترف ووقاية من الضرر، وإذا كان قشر الفاكهة أو الخضرة المتصل بها مخالفا للبّها في اللون أو الطعم كالبطيخ الأخضر والخيار وما يشبههما فإن شاء قشره وإن شاء أكله بقشره لأنه غالبا لا يكون بينه وبين لبه مباينة في الطعم تمنع من الأكل كالباذنجان والقرع والقثاء والعجور وما ضاهى ذلك، وإذا لم يكن عاسيا فطبخه وأكله مع لبه أحسن فائدة للوجود، والبطيخ الأصفر يؤكل بقشره أيضا ويجوز بغيره للمترفين إذ يأكله خدمهم وأنعامهم، روي أن الإمام أحمد بن حنبل رضي اللّه عنه لم يأكل البطيخ الأصفر إذ لم يبلغه أن حضرة الرسول أكله بقشره أو بغير قشره، لأنه غالبا يكون قشره من لونه وطعمه وليعلم أن تقشير التفاح والإجاص والخوخ والكمثرى والمشمش وما شاكلها يكون من البطر وازدراء النعمة وإظهار العظمة، وقد يكون كسلا عن القيام بغسله غسلا جيدا.
هذا وإنما أتتهم بالسكاكين لأنهن مترفات لينات البنان لا يقدرن أن يزلن القشر بأيديهن، وما قيل إن المتكأ هنا كناية عما يتكأ عليه من النمارق والوسائد يرده الإتيان بالسكاكين لعدم الحاجة إليها فيه، وقال بعضهم إنه نفس الأكل إذ يقال اتكأنا عند فلان، أي أكلنا عنده، وعليه قول جميل:
فظللنا بنعمة واتكأنا ** وشربنا الحلال من قلله

وعلى هذا فقد اختلف في نوعه هل كان لحما أو ورقا ملفوفا بجبين أو بلحم أو بلوز، وشبهه من الحلويات التي تقص بالسكين وتؤكل بالشوكة، ولكن الأول أولى وأليق بالمقام، لأن ما يقدم للزائرين عادة فاكهة أو حلو مقطع ناسف لا طعام.
ثم تركنهن حتى باشرن بتقشيره وأشغلتهن به وكانت قد ألبست يوسف عليه السلام من الديباج الأبيض، لأن الجميل أحسن ما يكون في البياض صيفا والسواد شتاء كما قيل:
إذا لبس البياض حسبت بدرا ** وإن ليس السواد سبى العبادا

والتفتت إليه بما يتنبهن له {وَقالَتِ اخْرُجْ} للسلام {عَلَيْهِنَّ} فخرج، فإذا هو كالبدر ليلة تمامه {فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ} أعظمته بأعينهن ودهشن لما هو عليه من الحسن والجمال المزينين بحلل الكمال، قالوا إنه كان يشبه آدم عليه السلام حين خلقه ربه قبل أكله من الشجرة وإهباطه للأرض، وجاء في الحديث إن اللّه خلق آدم على صورته، وفي رواية على صورة الرحمن وناهيك بذلك، وما قيل إن أكبرن بمعنى حضن بالاستناد لقول القائل:
يأتي النساء على أطهارهن ولا ** يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا

أي حضن فقد أنكره أبو عبيده وقال لا نعرف ذلك في اللغة، والبيت مصنوع مختلق لا يعرفه العلماء بالشعر.
ونقل مثل هذا عن الطبري وابن عطية، وقد أخرج رواية أكبرن بمعنى حضن جرير وابن المنذر من طريق عبد الصمد عن ابن عباس، وهو أي عبد الصمد وإن كان روى ذلك عن أبيه علي عن أبيه ابن عباس، فلا يعول عليه لقولهم إنه عليه الرحمة ليس من رواة العلم.
وقال الكميت إن أكبرن بمعنى أمنين، ولعل الكلام فيه كالكلام في الذي قبله، نعم له أصل في اللغة إذ قال المتنبي:
خف اللّه واستر ذا الجمال ببرقع ** إذا لحت حاضت في الخدور العواتق

إلا أنه لا دليل على ذلك، لأنه قال حاضت ولم يقل أكبرت أو أمنت، ولا يبعد أن تحيض أو تمني المرأة إذا اشتد شبقها، وكذلك الرجل قد يمني بمجرد النظر إلى المرأة، ولكن ما في الآية لا يراد منه ذلك، على أنه لو فرض مجيء أكبرن بمعنى حضن فهو لازم لا يتعدى إلى المفعول به لأنه من الطبائع والنعوت، وكل ما كان كذلك فهو لازم، وما في الآية متعد، فيكون بمعنى أعظم المتعدى كما جرينا عليه، واللّه أعلم.