فصل: قال العلامة الدمياطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وحكى الفراء أن بعضهم قرأ: {كشجرةٍ خَبِيثَةٌ اجْتِثَّتْ} بضم تنوين: {خبيثة} وكسر تاء: {اجتثت}. ومن أبيات الكتاب قول الفرزدق:
وما حِل من جهل حُبَا حلمائنا ** ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنِّفُ

بإشمام ضمة الحاء كسرًا كما ترى.
ومن ذلك قراءة أبي رجاء بخلاف: {صَوْع الْمَلِكِ} بفتح الصاد. وقرأ: {صُوعَ} بضم الصاد بغير ألف عبد الله بن عون بن أبي أَرْطَبَان. وقرأ: {صَوْغَ الملِكِ} بفتح الصاد وبالغين معجمة يحيى بن يعمر. وقرأ: {صاعَ الملِكِ} أبو هريرة ومجاهد بخلاف، وقراءة الناس: {صُوَاعَ الْمَلِكِ}.
قال أبو الفتح: الصَّاعُ والصُّواعُ والصَّوْعُ والصُّوعُ واحد، وكلها مكيال. وقيل: الصُّواعُ: إناء للملِك يشرب فيه. وأما الصَّوْغُ فمصدر وُضع موضع اسم المفعول؛ يراد به الْمَصُوغُ، كالخلق في معنى المخلوق، والصيد في معنى الْمَصِيدِ، وقد تقدم ذكره.
ومن ذلك قراءة ابن مسعود: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عَالِمٍ عَلِيمٌ}.
قال أبو الفتح: تحتمل هذه القراءة ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون من باب إضافة المسمى إلى الاسم؛ أي: وفوق كل شخص يسمى عالمًا عليم. وقد كثر عنهم إضافة المسمى إلى اسمه، منه قول الكميت:
إلَيكُم ذَوِي آلِ النَّبِيِّ تَطَلَّعَتْ ** نَوَازِعُ من نَفْسِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ

أي: إليكم يا آل النبي؛ أي: يا أصحاب هذا الاسم الذي هو آل النبي، وعليه قول الأعشى:
فَكَذَّبُوهَا بما قالت فصبَّحهم ذُو ** آلِ حَسَّانَ يُزْجِي الموتَ والشِّرعَا

أي: صبحهم الجيش الذي يقال له: آل حسان. ومنه قول الآخر:
وحيّ بَكْرٍ طعنَّا طعنة بَحَرَا

أي: الإنسان الحي- الذي يسمى بقولهم: بكرٌ- طعنَّا. وقال الآخر:
أَلَا قَبَحَ الإلهُ بني زياد ** وحيّ أبيهم قَبْحَ الحِمَار

أي: وقبح أباهم الحيَّ الذي يقال له: أبوهم، وليس الحي هنا كقولنا: حيّ مُضَر ونحوه. وهو باب من العربية واسع قد تقصيناه في كتاب الخصائص.
والوجه الثاني: أن يكون: {عالم} مصدرًا كالفالج والباطل فكأنه قال: وفوق كل ذي علم عليم.
والوجه الثالث: أن يكون على مذهب مَن يعتقد زيادة: {ذي}؛ فكأنه قال: وفوق كل عالم عليم.
وقراءة الجماعة: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} قراءة حسنة محتاط فيها؛ وذلك أنه إذا قال القائل: وفوق كل ذي عالم عليم، كان لفظه لفظ العموم ومعناه الخصوص؛ وذلك لأن الله عز وجل عالم ولا عالم فوقه، وإذا قال: وفوق كل ذي علم عليم، فذلك مستقيم وسليم؛ لأن القديم تعالى خارج منه، ألا تراه- عز وعلا- عالمًا لنفسه بلا علم، والكلام ملاقٍ ظاهره لباطنه، وليس لفظه على شيء ومعناه على غيره.
ومن ذلك قراءة الحسن: {ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وُعَاءِ أَخِيهِ} بضم الواو.
قال أبو الفتح: وقرأ سعيد بن جبير: {إِعاءِ أخيه} بهمزة، وأصله: وِعاء، فأبدلت الواو وإن كانت مكسورة همزة، كما قالوا في وِسَادة: إِسَادة، وفي وِجَاح، إِجَاح؛ وهو السِّتر. وهمز وُعاء بالضم أقيس من همز المكسور الواو؛ فعليه يحسن بل يقول أُعاء أخيه. ومثله: {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ}، وقالوا في وجوه: أُجُوه، وفي وُعِد: أُعِد، وقالوا: أُجْنَةَ، قال أبو حاتم: ولم يقولوا: وُجْنَة؛ بل ألزموها الهمز، وقد هُمزت الواو المفتوحة، قالوا: أَحَد، وأصله: وَحَد؛ أعني: أحد عشر ونحوها: من أحد وعشرين إلى فوق.
وأما قولهم: ما بالدار أحد، فقال شيخنا أبو علي: إن الهمزة فيه أصلية؛ لأنه للعموم لا للأَفراد. وقالوا في وَنَاة: أَنَاة، وفي وَجم: أَجم، وفي وَجٍّ للطائف: أَجٌّ، وقال أبو عبيدة: قالوا في وَبَلَةِ الطعام: أَبَلَة. وقال أبو بكر في أسماء اسم امرأة: أصلها وَسْمَاء، فَعْلَاءُ من الوَسامَة، كما قيل لها: حسناء.
ومن ذلك قراءة الحسن وقتادة وعمر بن عبد العزيز: {مِنْ رُوْحِ اللَّهِ}.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون- والله أعلم- من الرُّوح الذي من الله، ويعني به رُوح ابن آدم، وقد أضيف نحو ذلك إلى الله تعالى. قال لنا أبو علي في قولهم:
إذا رَضِيتْ عليَّ بنو قُشَيْر ** لعمر الله أعجبني رضاها

أي: وحق العمر الذي وهبه الله لي. وكذلك من رُوح الله: أي من الروح الذي هو من عند الله وبِلُطفه ونعمته.
ومن ذلك قراءة أُبي: {أَئِنَّك أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ}.
قال أبو الفتح: ينبغي أن يكون هذا على حذف خبر إن، حتى كأنه قال: أئنك لغير يوسف، أو أنت يوسف؟ فكأنه قال: بل أنت يوسف، فلما خرج مخرج التوقف قال: أنا يوسف، وقد جاء عنهم حذف خبر إن، قال الأعشى:
إنَّ مَحَلًّا وإِنَّ مُرْتَحَلَا ** وإنَّ في السَّفْر إذ مضى مَهَلَا

أراد: إن لنا محلًّا، وإن لنا مرتحلًا، فحذف الخبر. والكوفيون لا يجيزون حذف خبر إن إلا إذا كان اسمها نكرة؛ ولهذا وجه حسن عندنا وإن كان أصحابنا يجيزونه مع المعرفة.
ومن ذلك قراءة عمر بن ذر، وكان يقرأ قراءة ابن مسعود: {قَدْ أَتَيْتَنِ مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِ}. قال أبو الفتح: أراد الياء فيهما جميعًا، فحذفها تخفيفًا ولطول الاسم، كقول الأعشى:
فهل يَمعنِّي ارتياد البلا ** دِ من حذر الموت أن يَأْتِينْ

وهو كثير، وقد مضى مثله.
ومن ذلك قراءة عكرمة وعمرو بن فائد: {والأرضُ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا}5 بالرفع، وقرأ: {الأرضَ} نصبًا السدي، قراءة الناس: {والْأَرْضِ}.
قال أبو الفتح: الوقف فيمن رفع أو نصب على السماوات، ثم تبتدئ فتقول: والأرضُ، والأرضَ؛ فأما الرفع الابتداء، والجملة بعدها خبر عنها، والعائد منها على الأرض: ها من عليها، و: ها من عنها عائدة على الآية. وأما من نصب فقال: {والأرضَ يمرون عليها} فبفعل مضمر؛ أي: يطئون الأرض، أو يدوسون الأرض، ونحو ذلك.
وعليه قراءة ابن مسعود: {يَمْشُون عليها}، فلما أضمر الفعل الناصب فسره بقوله: {يمرون عليها}. والنصب هنا دليل جواز قولنا: زيد عندك وعمرًا مررت به، فهو كقولك: زيدًا مررت به في الابتداء. ومَن جر: {الأرض} على قراءة الجماعة، فإن شاء وقف على: {الأرض}، وإن شاء على قوله: {معرضون}.
ومن ذلك قراءة ابن عباس ومجاهد والضحاك، بخلاف عنهم: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذبُوا} بفتح الكاف والذال خفيفة.
قال أبو الفتح: تقديره: حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذَبوا فيما أَتوا به من الوحي إليهم جاءهم نصرنا.
ومن ذلك قراءة عيسى الثقفي: {وَلَكِنْ تَصْدِيقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ} برفع الثلاثة الأحرف.
قال أبو الفتح: أي ولكن هو تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة، فحُذف المتبدأ وبقي الخبر. ويجوز على هذا الرفع في قوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ النَّبِيِّينَ} أي: ولكن هو رسول الله. اهـ.

.قال العلامة الدمياطي:

سورة يوسف عليه السلام:
مكية.
وآيها مائة وأحد عشر.
وفيها مشبه الفاصلة اثنا عشر:
{الر} {سكينا} {السجن} {فتيان} {يابسات} معا.
{حمل} {بعير} {كيل} {بعير} {فصبر} {جميل} ما {يأت} {بصيرا} {لأولى الألباب}.
وعكسه:
{عشاء يبكون} {بضع سنين}.
القراآت:
سبق سكت أبي جعفر على حروف {الر} كإمالة {الر} لأبي عمرو وابن عامر وابي بكر حمزة والكسائي وخلف وتقليلها للأزرق ونقل قرانا والقران لابن كثير.
واختلف في: {يا أبت} الآية 4 هنا ومريم الآية 42، 43، 44، 45 والقصص الآية 26 والصافات الآية 102 فابن عامر وأبو جعفر بفتح التاء في السور الأربعة والباقون بالكسر فيهن وأصله يا أبي فعوض عن الياء تاء التأنيث فالكسر ليدل على الياء والفتح لأنها حركة أصلها ووقف بالهاء ابن كثير وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب.
وسهل همز {رأيت} و{رأيتهم} الأصبهاني.
وقرأ: {أحد عشر} الآية 4 بسكون العين أبو جعفر كأنه نبه بذلك على أن الاسمين جعلا اسما واحدا ومر بالتوبة وسبق فتح يا بني لحفص والكسر للباقين بهود.
وأبدل همز {رؤياك} الأصبهاني وأبو عمرو بخلفه وكذا أبو جعفر لكنه إذا أبدل قلب الواو المبدلة ياء وأدغمها في الياء بعدها وأمالها الدوري عن الكسائي وإدريس من طريق الشطبي عن خلف قال في الطيبة:
وخلف إدريس برؤيا لا بأل

وبالفتح الصغرى أبو عمرو والأزرق ويوقف عليه لحمزة بإبدال الهمزة واوا على القياسي وعلى الرسمي بياء مشددة كأبي جعفر ونقل في النشر جوازه عن الهذلي وغيره ثم ذكر أن الإظهار أولى وأقيس وعليه أكثر أهل الأداء.
واختلف في: {آيات للسائلين} الآية 6 فابن كثير بالإفراد على إرادة الجنس وافقه ابن محيصن والباقون بالجمع تصريحا بالمراد.
وكسر التنوين من {مبين} {اقتلوا}، وصلا أبو عمرو وعاصم وحمزة ويعقوب وقنبل من طريق ابن شنبوذ وابن ذكوان من طريق الأخفش.
واختلف في: {غيابة} الآية 10، 15 معا فنافع وأبو جعفر بالجمع في الحرفين كأنه كان لتلك الجب غيابات وهي أي الغيابة قعره أو حفرة في جانبه والباقون بالإفراد لأنه لم يلق إلا في واحدة والجب البئر التي لم تطو وعن الحسن وكسر الغين وسكون الياء بلا ألف فيهما وتلتقطه بالتاء من فوق لإضافته لمؤنث يقال قطعت بعض أصابعه.
واختلف في: {لا تأمنا} الآية 11 فأبو جعفر بالإدغام المحض بلا إشمام ولا روم فينطق بنون مفتوحة مشددة وتقدم أنه يبدل الهمزة الساكنة قولا واحدا والباقون الإدغام مع الإشارة واختلفوا فيها فبعضهم يجعلها روما فيكون حينئذ إخفاء فيمتنع معه بالإدغام الصحيح لأن الحركة لا تسكن رأسا وإنما يضعف صوت الحركة وبعضهم يجعلها إشماما فيشير بضم شفيته إلى ضم النون بعد الإدغام فيصح معه حينئذ كمال الإدغام وبالأول قطع الشاطبي واختاره الداني وبالثاني قطع سائر الأئمة واختاره صاحب النشر قال لأني لم أجد نصا يقتضي خلافه ولأنه أقرب إلى حقيقة الإدغام وأصرح في اتباع الرسم وبه ورد نص الأصبهاني وانفرد ابن مهران عن قالون بالإدغام المحض كأبي جعفر والجمهور على خلافه ولم يعول عليه في الطيبة على عادته.
واختلف في: {نرتع ونلعب} الآية 12 فنافع وأبو جعفر بالياء من تحت فيهما إسنادا إلى يوسف عليه السلام وكسر عين يرتع من غير ياء جزم بحذف حرف العلة من ارتعى افتعل من الرباعي والفعلان مجزومان على جواب الشرط المقدر.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف بالياء كذلك فيهما لكن مع سكون العين وافقهم الحسن والأعمش وقرأ أبو عمرو وابن عامر بالنون فيهما وسكون العين مضارع رتع انبسط في الخصب فيكون صحيح الآخر جزمه بالسكون وافقهما اليزيدي وقرأ البزي بالنون فيهما وكسر العين من غير ياء وقرأ قنبل كذلك إلا أنه أثبت الياء من طريق ابن شنبوذ وصلا ووقفا على لغة من يثبت حرف العلة في الجزم ويقدر حذف الحركة المقدرة على حرف العلة واصلة من رعي فوزنه يفتعل وحذفها من طريق ابن مجاهد والوجهان في الشاطبية كأصلها لكن الإثبات ليس من طريقهما كما نبه عليه في النشر لأن طريقهما عن قنبل إنما هو طريق ابن مجاهد.
وعن ابن محيصن {يرتع} بضم الياء وكسر التاء وسكون العين.