فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.البلاغة:

1- في قوله تعالى: {ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم}
فنان متداخلان الأول ظاهر وهو التشبيه البليغ فقد شبهن يوسف بالملك من دون ذكر الأداة وهذا واضح كما قلنا يجري على غرار التشبيهات المألوفة المقصود منه إثبات الحسن لأنه تعالى ركب في الطبائع أن لا شيء أحسن من الملك وقد عاين ذلك قوم لوط في ضيف ابراهيم من الملائكة، كما ركب في الطباع أن لا شيء أقبح من الشيطان، وكذلك قوله تعالى في صفة جهنم: {طلعها كأنه رؤوس الشيطان} فكذلك قد تقرر أن لا شيء أحسن من الملك، فلما أرادت النسوة وصف يوسف بالحسن شبهنه بالملك. ولكن الأسلوب القرآني شاء أن يتجاوز المألوف من تشبيهات العرب لكل ما راعهم حسنه من البشر بالجن فأدخل فيه فنا آخر لا يبدو للناظر للوهلة الأولى وهو فن عرفوه بأنه سؤال المتكلم عما يعلمه حقيقة تجاهلا منه ليخرج كلامه مخرج المدح أو ليدل- كما هنا- على شدة الوله في الحب وقد يقصد به الذم أو التعجب أو التوبيخ أو التقرير ويسمى هذا الفن تجاهل العارف وهو على قسمين: موجب ومنفي.
أ- الموجب:
وهو ما يكون فيه الاستفهام عن شيئين أحدهما واقع والآخر غير واقع وللمتكلم أن ينطق بأحدهما ويسكت عن الآخر لدلالة الحال عليه ومن هذا الباب قوله تعالى: {أبشرا منا واحدا نتبعه} وهذا خارج مخرج التعجب وسيأتي بحثه عند الكلام على هذه الآية في سورة القمر وقوله تعالى: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يبعد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء} وهذا خارج مخرج التوبيخ وقد مر ذكره في سورة هود وقوله تعالى: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} وهذا خارج مخرج التقرير وجميعه موجب كما رأيت.
ب- المنفي:
وأما الآية التي نحن بصددها فهي من القسم المنفي فقد تجاوز التشبيه، كما قلنا، تشبيه العرب كل من راعهم حسنه من البشر بالجن إلى تشبيه يوسف حين كان حسنه بادي الروعة متجاوزا في ائتلاقه ووسامته المألوف المعهود من روائع الحسن وله مع روعته البادية نور ورأوة، وطلاقة وتهلل، وعليه مسحة من سكينة تؤمن ناظره من تلك الرعوة وتثبت قلبه بما يسري إليه من سكينة وايماءة بالخير واستهواء لما فيه راحة النفس ولذتها فكان كذلك تشبيهه بالملك الكريم.
التشبيه المصون عن الابتذال:
وما دام الكلام انجر معنا إلى هذه النواحي التي تدق فيها الصنعة وتعزب أسرارها إلا عن الملهمين الذين تذوقوا أسرار القوم فلا ندحة لنا عن الاشارة إلى أن هذا الفن انما يلجأ اليه في التشبيه بنوع خاص للخروج من التقليد والارتفاع بالتشبيه إلى أبعد الآفاق وصيانته من الابتذال فلو لم تعرض الآية تشبيه يوسف بالملك بهذا الأسلوب المسبوق بالنفي الموجب للغرابة لم يكن للتشبيه ذلك الوقع الحسن ومن ذلك قول شاعر الخلود المتنبي:
لم تلق هذا الوجه شمس نهارنا ** إلا بوجه ليس فيه حياء

فقد أراد تشبيه الوجه بالشمس ولكن هذا التشبيه شائع يكاد لشيوعه يسف إلى حضيض الابتذال فأراد صيانته بأن قدم له النفي متجاهلا فقال لا حاجة إلى الشمس مع ضيائك ونورك ولكنها لوقاحتها تطلع عليك.
تجاهل العارف في الشعر:
هذا ولتجاهل العارف وقع في النفوس كأخذة السحر ونشوة الخمر ولهذا قال السكاكي رحمة اللّه: لا أحب تسميته بالتجاهل لوروده كثيرا في كلام اللّه تعالى ثم أطلق عليه تسمية أخرى وهي سوق المعلوم مساق غيره لنكتة وقد طفحت أشعارنا به ولم تقتصر على المديح أو الغزل، كما قلنا، بل تجاوزتهما إلى أية مبالغة في أي موضوع من الموضوعات التي تعن للخواطر فاستمع إلى قول زهير ابن أبي سلمى تر العجب العجاب: قال يهجو حصن بن حذيفة الفزاري:
وما أدري وسوف إخال أدري ** أقوم آل حصن أم نساء

فانظر كيف خطر بباله أن ينفي الدراية بحال الآل، ثم قبل أن يكمل ذلك خطر بباله الجزم بأنه سوف يدري، ثم قبل أن يكمل ذلك قال إن حصول الدراية في المستقبل على سبيل التخيل والظن فحكى حال النفس عند ترددها في شأنه.
ويطربني قول أبي العباس النامي:
أحقا أن قاتلتي زرود ** وأن عهودها تلك العهود

وقفت وقد فقدت الصبر حتى ** تبين موقفي أني الفقيد

وشكك فيّ عذالي فقالوا ** لرسم الدار أيكما العميد؟

وصيحة ابن الرومي صيحة الوهل حين يرى الوجنة الحمراء إلى جانب الصدع الأدعج:
يا وجنتيه اللتين من بهج ** فيّ صدغييه اللذين من دعج

ما حمرة فيكما؟ أمن خجل ** أم صبغة اللّه أم دم المهج

وقد أطرفت ليلى بنت طريف الخارجية في رثاء أخيها:
أيا شجر الخابور مالك مورقا ** كأنك لم تجزع على ابن طريف

وأراد مهيار أن يشبه المحبوبة بالظبي وبالبدر وبغصن البان فتجاوز المألوف المعتاد وسما إلى سماء ما طاولتها سماء إذ قال:
سلا ظبية الوادي وما الظبي مثلها ** وإن كان مصقول الترائب أكحلا

أأنت أمرت البدر أن يصدع الدجى ** وعلمت غصن البان أن يتميّلا

ونختم هذا الباب المستطاب بقول البهاء زهير:
رعى الله ليلة وصل خلت ** وما خالط الصفو فيها الكدر

أتت بغتة ومضت سرعة ** وما قصرت بعد ذاك القصر

بغير احتيال ولا كلفة ** ولا موعد بيننا ينتظر

فقلت وقد كاد عقلي يطير ** سرورا بنيل المنى والوطر

أيا قلب تعرف من قد أتاك ** ويا عين تدرين من قد حضر

ويا قمر الأفق عد راجعا ** فقد حل في الدار عندي القمر

ويا ليلتي هكذا هكذا ** وباللّه قف يا سحر

فكانت كما أشتهي ليلة ** وطاب الحديث وطاب السهر

خلونا وما بيننا ثالث ** فأصبح عند النسيم الخبر

ويقول الشريف الرضي وهو غاية الغايات:
بين الأظاعن حاجة خلفتها ** أودعتها يوم الفراق مودعي

وأظنها لا بل يقيني أنها ** قلبي لأني لم أجد قلبي معي

2- الحذف:
وفي قوله: {فذلكن الذي لمتنني فيه} والتقدير في حبه لأن الذوات لا يتعلق بها لوم ودليل تقدير في حبه قوله: {قد شغفها حبا} في مراودته، ولعلها أولى بدليل قوله: {تراود فتاها عن نفسه} وإنما قلنا أولى لأنه فعلها بخلاف الحب فإنه أمر قهري لا يلام عليه إلا من حيث تعاطي أسبابه أما المراودة فهي حاصلة باكتسابها فهي قادرة على دفعها فيتأتى اللوم عليها بخلاف الحب فانه ليس فعلا لها ولا تقدر على دفعه لأن الحب المفرط قد يقهر صاحبه ولا يطيق أن يدفعه وحينئذ فلا يلام عليه وعلى كل حال فهو من أسبابه.
3- وفي قوله: {متكأ} تصوير لنوع من الطعام الذي انما يقدم تفكها وتبسطا وتجميلا للمجلس وتوفيرا لأسباب المتعة فيه حتى إن الشأن فيه أن يكون الإقبال عليه في حالة من الراحة والاتكاء، والكلمة بعد هذا من الألفاظ الكثيرة التي أبدع القرآن صياغتها فتعلق بها العرب فيما بعد ولولا ذلك لما اهتدوا إليها ولخاتنهم اللغة في هذا الباب عن تصوير ما يريدون انظر حينما يصف القرآن دعوة امرأة العزيز للنسوة اللائي تحدثن منتقدات عن مراودتها ليوسف عن نفسه إلى جلسة لطيفة رائعة في بيتها لتطلعهن فيها على يوسف وجماله فيعذرنها فيما أقدمت عليه، لقد قدمت لهن في ذلك المجلس طعاما ولا شك ولقد أوضح القرآن هذا ولكنه لم يعبر عن ذلك بالطعام فهذه الكلمة إنما تصور شهوة الجوع وتنتقل بالفكر إلى المطبخ بكل ما فيه من ألوان الطعام وروائحه وأسبابه.

.الفوائد:

1- (حاشا) تكون على ثلاثة أوجه:
1- فعلا متعديا متصرفا، تقول: حاشيته بمعنى استثنيته وان سبقتها ما تكون نافية.
2- تنزيهية نحو حاشا للّه فتكون اسما مرادفا للتنزيه منصوبا على المفعولية المطلقة وقيل هي فعل وتثبت الألف وتحذف.
3- أن تكون للاستثناء فتكون حرفا بمنزلة إلا لكنها تجر المستثنى وهناك تفاصيل أخرى يرجع إليها في المطولات.
2- المخالفة في نوني التوكيد:
جمهور البصريين يرى أن نوني التوكيد الثقيلة والخفيفة أصلان لتخالفهما في بعض أحكامهما كإبدال الخفيفة ألفا في نحو وليكونا وحذفها في نحو قوله:
لا تهين الفقير علك أن ** تركع يوما والدهر قد رفعه

وكلاهما ممتنع في الثقيلة، هذا ما قاله سيبويه وعورض بأن الفرع قد يختص بما ليس للأصل أحيانا وقد قال سيبويه نفسه في أن المفتوحة انها فرع المكسورة ولها إذا خففت أحكام تخصها أما الكوفيون فيرون أن الخفيفة فرع الثقيلة.
وذكر الخليل بن أحمد: ان التوكيد بالثقيلة أشد من التوكيد بالخفيفة يدل له {ليسجنن وليكونن} فإن امرأة العزيز كانت أشدّ حرصا على سجنه من كينونته صاغرا.
3- لا يخلو اسم التفضيل المجرد من أل والاضافة غالبا من مشاركة المفضل عليه في المعنى لفظا أو تقديرا والمراد بقولنا تقديرا مشاركته بوجه ما كقولهم في البغيضين: هذا أحب إلي من هذا وفي الشرين هذا خير من هذا وفي التنزيل: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} وتأويل ذلك هذا أقل بغضا وأقل شرا ومن غير الغالب العسل أحلى من الخل والصيف آخر من الشتاء.

.[سورة يوسف: الآيات 34- 41]

{فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شيء ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (39) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (41)}

.اللغة:

(كَيْدَهُنَّ): الكيد: يطلق على معان شتى منها المكر والخبث كالمكيدة والحيلة وهو المراد هنا ويطلق على الحرب وإخراج الزند النار والقيء واجتهاد الغراب في صياحه وكاد قاء وبنفسه جاد والمرأة حاضت، وكاد يفعل كذا قارب وهمّ.

.الإعراب:

{فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ} الفاء عاطفة واستجاب فعل ماض وله متعلقان به وربه فاعل، فصرف عطف على فاستجاب وعنه متعلقان بصرف وكيدهن مفعول به. {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ان واسمها وهو ضمير فصل أو مبتدأ ثان والسميع العليم خبر ان لإن أو لهو والجملة خبر ان. {ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} ثم حرف عطف وبدا فعل ماض وفاعله مضمر يفسره ليسجننه أي بدا لهم أن يسجنوه قال سيبويه: وفاعل بدا لهم هو ليسجننه أي ظهر لهم أن يسجنوه وقال المبرد: هذا غلط لأن الفاعل لا يكون جملة ولكن الفاعل ما دل عليه بدا وهو المصدر، قال الشاعر:
وحق لمن أبو موسى أبوه ** يوفقه الذي نصب الجبالا

أي وحق الحق، فحذف الفاعل لدلالة الفعل عليه، وعلى مذهب سيبويه فاعل حق هو يوفقه أي حق التوفيق، ولهم متعلقان ببدا ومن بعد حال وما مصدرية وهي مع ما في حيزها مضافة لبعد ورأوا فعل وفاعل والآيات مفعول به، ليسجننه اللام جواب قسم محذوف على تقدير القول المنصوب على الحال: أي ظهر لهم من بعد ما رأوا الآيات قائلين واللّه لنسجننه فجملة القسم وما بعده مقول القول ويسجننه فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة فاعل والنون المشددة نون التوكيد الثقيلة ولكنها لم تباشر الفعل فأعرب، والهاء مفعول به منصوب وحتى حرف جر وحين مجرور بحتى والجار والمجرور متعلقان بيسجننه أي إلى أن ينقطع كلام الناس وتسكن الاشاعات والأراجيف. {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ} الواو عاطفة على محذوف ودخل فعل ماض ومعه ظرف مكان متعلق بدخل والسجن مفعول به على السعة وفتيان فاعل أي غلامان للملك أحدهما ساقيه والآخر صاحب طعامه وكانا قد اتهما بأنهما حاولا أن يسما الملك فأمر بهما إلى السجن فأدخلا السجن ساعة دخول يوسف. {قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} قال فعل وأحدهما فاعل والجملة استئناف بياني وقد تقدم، وان واسمها وجملة أراني خبرها والياء مفعول أراني الأول وجملة أعصر خمرا في محل المفعول الثاني، وعبارة أبي حيان: ورأى الحلمية جرت مجرى أفعال القلوب في جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متحدي المعنى فأراني فيه ضمير الفاعل المستكن وقد تعدى الفعل إلى الضمير المتصل وهو رافع للضمير المتصل وكلاهما لمدلول واحد ولا يجوز أن تقول ضربني ولا أكرمني.
{وَقالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ} وقال الآخر فعل وفاعل وان واسمها وجملة أراني خبرها وجملة أحمل مفعول أراني الثاني وفوق رأسي ظرف متعلق بأحمل أو بمحذوف حال من خبزا لأنه كان في الأصل صفة له فلما تقدم أعرب حالا، وخبزا مفعول به وجملة تأكل الطير منه صفة لخبزا. {نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} فعل أمر ونا مفعوله والفاعل مستتر تقديره أنت وبتأويله متعلقان بنبئنا وان واسمها وجملة نراك خبرها ومن المحسنين متعلقان بنراك. {قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما} لا نافية ويأتيكما طعام فعل مضارع ومفعول به وفاعل وجملة ترزقانه صفة لطعام وإلا أداة حصر ونبأتكما فعل وفاعل ومفعول به والميم والألف حرفان دالان على التثنية وقيل ظرف متعلق بنبأتكما وان وما في حيزها مضافة للظرف وجملة إلا نبأتكما نعت لطعام أو حال منه لأنه وصف. {ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} اسم الاشارة مبتدأ ومما خبر وجملة علمني صلة وعلمني ربي فعل ومفعول به وفاعل. {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ} ان واسمها وجملة تركت خبرها، وملة قوم مفعول به وجملة لا يؤمنون صفة لقوم وباللّه متعلق بيؤمنون وهم مبتدأ وبالآخرة متعلقان بكافرون وهم تأكيد لهم وكافرون خبر هم وجملة إني تركت ابتدائية أو تعليلية وفي كلا الحالين لا محل لها من الاعراب. {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ} واتبعت عطف على تركت والتاء فاعله وملة آبائي مفعول به وإبراهيم بدل من آبائي واسحق ويعقوب عطف على ابراهيم. {ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شيء} ما نافية وكان فعل ماض ناقص ولنا خبرها المقدم وان وما في حيزها اسمها المقدم وباللّه متعلقان بنشرك ومن حرف جر زائد وشيء مجرور لفظا مفعول به منصوب محلا. {ذلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وَعَلَى النَّاسِ} ذلك مبتدأ ومن فضل اللّه خبر وعلينا متعلقان بفضل وعلى الناس معطوف على علينا. {وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ} الواو عاطفة ولكن واسمها وجملة لا يشكرون خبرها.
{يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ} يا حرف نداء وصاحبي السجن منادى مضاف وعلامة نصبه الياء والسجن مضاف اليه ويجوز أن تكون هذه الاضافة من باب الاضافة للظرف إذ الأصل يا صاحبي في السجن ويجوز أن تكون من باب الاضافة إلى الشبيه بالمفعول به والمعنى يا ساكني السجن وسيأتي مزيد بحث عن معنى الاضافة في باب الفوائد، أأرباب: الهمزة للاستفهام التقريري وأرباب مبتدأ ومتفرقون صفة وخير خبر وأم حرف عطف وهي هنا متصلة واللّه عطف على أرباب والواحد صفة والقهار صفة ثانية. {ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ} ما نافية وتعبدون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل ومن دونه حال وإلا أداة حصر وأسماء مفعول به وجملة سميتموها صفة والتاء فاعل وأنتم تأكيد للتاء وآباؤكم عطف على التاء قال صاحب الخلاصة:
وإن على ضمير رفع متصل ** عطفت فافصل بالضمير المنفصل

{ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ} ما نافية وأنزل اللّه فعل وفاعل وبها متعلقان بأنزل ومن حرف جر زائد وسلطان مجرور لفظا مفعول به منصوب محلا والجملة نعت أو حال لأن اسماء وصفت. {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إن نافية والحكم مبتدأ وإلا أداة حصر وللّه خبر الحكم وجملة أمر مستأنفة أو حالية والأول أضبط وأن مصدرية ولا نافية وتعبدوا فعل مضارع منصوب بأن وأن وما بعدها منصوب بنزع الخافض وهو متعلق بأمر أي أمركم بأن لا تعبدوا ويجوز أن تكون مفسرة، ولا ناهية وتعبدوا مجزوم بلا وإلا أداة حصر وإياه مفعول تعبدوا. {ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ذلك مبتدأ والدين خبر والقيم صفة ولكن الواو استئنافية أو حالية ولكن واسمها وجملة لا يعلمون خبرها. {يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} يا صاحبي السجن تقدم اعرابها وأما حرف شرط وتفصيل وأحدكما مبتدأ والفاء رابطة وجملة يسقي خبر أحدكما وربه مفعول به أول وخمرا مفعول به ثان وانما أبهم الساقي لكونه مفهوما أو لكراهة التصريح للخباز بأنه الذي سيصلب. {وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ} وأما الآخر عطف على أما الأولى والآخر مبتدأ والفاء رابطة وجملة يصلب خبر، فتأكل الطير: الفاء عاطفة وتأكل عطف على يصلب والطير فاعل وتأكل ومن رأسه متعلقان بتأكل.
{قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ} قضي الأمر فعل ماض مبني للمجهول والأمر نائب فاعل والذي صفة للأمر وفيه متعلقان بتستفتيان.

.البلاغة:

في قوله تعالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} مجاز مرسل علاقته ما يكون وما يئول اليه فقد سمى العنب خمرا لأنه يئول إلى الخمر ويقال فلان يطبخ الآجر أي يطبخ اللبن حتى يصير آجرا وقيل: الخمر هو العنب حقيقة في لغة غسان وأزد وعمان، وعن المعتمر: لقيت أعرابيا حاملا عنبا في وعاء فقلت ما تحمل؟ فقال خمرا وعلى هذا يكون الكلام حقيقيا لا مجازيا والأول أرجح.

.الفوائد:

معنى الاضافة:
تكون الاضافة على معنى اللام بأكثرية لأنها الأصل وعلى معنى من بكثرة ومن ذلك اضافة العدد إلى المعدودات والمقادير إلى المقدورات كثلاثة الأثواب ومائة درهم ومن ذلك اضافة عدد إلى آخر نحو ثلاثمائة وعلى معنى في بقلّة، وضابط الاضافة التي تكون بمعنى في أن يكون الثاني ظرفا للأول وهو المضاف سواء أكان زمانا أم مكانا فالزمان نحو مكر الليل وتربص أربعة أشهر والمكان نحو: {يا صاحبي السجن} فالليل ظرف للمكر والسجن ظرف للصاحبين والتقدير مكر في الليل وصاحبين في السجن وضابط الاضافة التي تكون بمعنى من ان يكون الاول وهو المضاف بعض الثاني وهو المضاف اليه كخاتم فضة ألا ترى أن الخاتم بعض جنس الفضة المضاف إليها وان يصح الاخبار بالمضاف اليه عن المضاف فانه يقال هذا الخاتم فضة. هذا وذهب الجمهور إلى أن الاضافة قسمان فقط: بمعنى اللام وبمعنى من ولا ثالث لهما، وما أوهم معنى في فهو على معنى اللام مجازا، وجعل الليل ماكرا والسجن صاحبا، لوقوع المكر والصحبة فيهما.