فصل: بعض جوانب الإعجاز العلمي في سورة يوسف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



بحث بعنوان:

.بعض جوانب الإعجاز العلمي في سورة يوسف:

أ. د/ صلاح أحمد حسن
أستاذ العيون بكلية الطب جامعة أسيوط

.ملاحظات عامة حول سورة يوسف عليه السلام:
1- خط القصة الدرامي الأساسي متصل.
2- القصة مكتملة البناء الدرامي، من حيث التمهيد، ثم الثروة، ثم الانفراج.
3- وقائع القصة وأماكن حدوثها محددة.
4- أحداثها لا تمثل صراعًا عقائديًا (مثل فرعون/ موسى)، ولكن صراعًا سلوكيًا داخل أفراد الأسرة الواحدة.
5- ولأن شخصيتها المحورية والثانوية معدودة (يعقوب/ يوسف/ الإخوة/ عزيز مصر وامرأته، صاحبا السجن/ الملك).
/2/ الإشارة القرآنية المعجزة إلى ذكر القصة في كتاب الله بالعربية (لكون أبطالها لا يتكلمون العربية)، لتكون وقائعها، والعبر المستخلصة منها، في غاية الوضوح: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2].
/3/ ولأن الهدف الأساسي من سورة يوسف هو العظة والعبرة، فقد حوت العديد من قواعد العلوم: طب، علم نفس، زراعة، إدارة، اجتماع، قانون، تشريع، عقيدة، وغيرها..
/4/ السورة بلغت الإعجاز في النهاية الدرامية: فبعض الشخصيات ذكرت في نهاية مطافها (كيعقوب وإخوة يوسف)، وبعض النهايات تركت مفتوحة (كيوسف وامرأة العزيز).
/5/ يجب ملاحظة أن إخوة يوسف- برغم كل ما ارتكبوه من جرائم- كانوا مسلمين، لقوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133].
لماذا هو أحسن القصص؟
يقول الله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ...} [يوسف: 3]، فلماذا هو أحسن القصص؟
/1/- لأنه من عند الله تعالى رب العالمين: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}.
/2/- ولأنه عبرة لأصحاب العقول: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي} [يوسف: 111]
/3/- ولأن فيه صدق الحديث، والحدث، والأحداث: {مَا كَانَ حَدِيثًا...} [يوسف: 111].
/4/- ولأن فيه التفصيل والإحاطة بجوانب كثيرة (اجتماع- علم نفس- طب- قانون- اقتصاد- سياسة- غدارة- دين- أخلاق): {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} [يوسف: 111].
/5/- ثم الهدى والرحمة للمؤمنين: {... وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111].
أولًا: يعقوب عليه السلام:
* تحذير يوسف عليه السلام من قصّ رؤياه على إخوته: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]، لأسباب عديدة:
أ- لأن الإخوة ليسوا أشقاء: {إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ}.
ب- لتدلل يوسف على أبيه الشيخ الكبير (عمر يوسف كان وقتها ما بين: 8-10 سنوات): {أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا} [يوسف: 8].
ج- لتواجد يوسف الدائم مع أبيه وعدم قيامه بالرعي مع إخوته: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} [يوسف: 13].
* الأدب النبوي في رد المكائد إلى الشيطان: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5].
* النبوءة:
أ- ببشارة النبوة: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} [يوسف: 6].
ب- وكذا علم تفسير الأحلام: {وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 6].
ج- وإتمام نعمة النبوة على آل يعقوب وختمًا بيوسف: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} [يوسف: 6].
* الإيحاء لأبنائه بالذئب: {قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} [يوسف: 13].
* موقف يعقوب من محنة يوسف عليهما السلام:
أ- فراسة المؤمن: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}.
ب- الاسترجاع والتسليم بقضاء الله والاستعانة بالله عند الابتلاء: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ} [يوسف: 18]
ج- تم تفويض الأمر لله: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 64]، أي فالله خير حافظًا ليوسف من كل مكروه.
* محنة المجاعة:
أ- تقرير حقيقة الحسد وأخذ الحيطة للوقاية منه: {وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [يوسف: 67].
ب- ثم ترك النتائج لله: {وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 67]
ج- إحاطة يعقوب عليه السلام مسبقًا بالأحداث: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف: 68].
د- صدق إحساس يعقوب بعودة يوسف وأخيه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: 83].
* محنة العمى: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84].
ملاحظات:
/1/- العلاقة بين الانفعالات النفسية والأمراض العضوية (كالمياه البيضاء والمياه الزرقاء): {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ}، وكظم غيظ شديد: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: 84].
/2/- الركون إلى حصن الله المتين عند الشدائد: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86].
/3/- سلوكيات الكفيف:
1. الاعتماد على حاسة اللمس: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ}.
2. الظلام الحسي (العمى) والظلام المعنوي (عدم معرفة أي شيء عن يوسف).
3. تأهيل الكفيف.
4. اقتران الإحباط واليأس بالكفر: {وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
5. رهافةحواس أخرى عند الكفيف، كاللمس والشم: {وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ} [يوسف: 94].
* معجزة استرجاع الإبصار: {فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا} [يوسف: 96].
* تأكيد يعقوب عليه السلام على سبق علمه بالأحداث: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 96].
* نقاء وسماحة النبوة في كل الأحوال: {قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: 98].
ثانيًا: يوسف عليه السلام:
تفرد الرؤيا عند الطفل يوسف عليه السلام: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: 4].
1- عدم تناسب الرؤيا من المرحلة السنية للطفل.
2- جدية تلقي الرؤيا من الأب.
المحنة الأولى:
الجب: {فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ..} [يوسف: 15].
المحنة الثانية:
الاسترقاق: {وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً} [يوسف: 19]، {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ} [يوسف: 20]. على اعتقاد أنه عبد آبق أو لخوفهم من سماسرة العزيز.
ملاحظات:
1- كيف وصل يوسف إلى عزيز مصر؟ هل عن طريق البصاصين أم سماسرة تجار الرقيق الذين أحاطهم بطلبه؟
2- فراسة عزيز (وزير) مصر في يوسف: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ}
3- الإشارة ضمنًا إلى قضية الإنجاب: {عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا}. نفس قول امرأة فرعون في موسى: {وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص: 9].
4- التمكين ليوسف في الأرض: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ} [يوسف: 21].
5- تعليم تفسير الأحلام، إما وحيًا وإما عن طريق معلمين في القصر: {وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ} [يوسف: 21].
6- هبة الحكم والعلم: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 22].
7- قانون رد الإحسان بالإحسان: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 22].
المحنة الثالثة:
الغواية: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف: 23].
ملاحظات:
1- هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ الأصل الطيب: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23].
2- دلالة ثانية للطب الشرعي في التاريخ: فحص ملابس المجني عليه: {وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ} [يوسف: 25].