فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7)}
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات} قال عبرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} يقول: من سأل عن ذلك، فهو كذا ما قص الله عليكم وأنبأكم به.
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين} قال: من كان سائلًا عن يوسف وإخوته، فهذا نبؤهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق رضي الله عنه قال: إنما قص الله على محمد صلى الله عليه وسلم خبر يوسف وبغي إخوته عليه، وحسدهم إياه، حين ذكر رؤياه. لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بغي قومه عليه وحسدهم إياه، وحين أكرمه الله بنبوّته ليتأسى به.
{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن السدي رضي الله عنه قال: كان يعقوب عليه السلام نازلًا بالشام، وكان ليس له هم إلا يوسف وأخوه بنيامين، فحسده إخوته مما رأوا من حب أبيه له. ورأى يوسف عليه السلام في النوم رؤيا إن أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر ساجدين له، فحدث أباه بها فقال له يعقوب عليه السلام: {يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا} فبلغ إخوة يوسف الرؤيا فحسدوه، فقالوا: {ليوسف وأخوه} بنيامين: {أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة}- كانوا عشرة-: {إن أبانا لفي ضلال مبين} قالوا: في ضلال من أمرنا. {اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضًا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قومًا صالحين} يقول: تتوبون مما صنعتم به. {قال قائل منهم...} وهو يهوذا: {لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابة الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين} فلما أجمعوا أمرهم على ذلك أتوا أباهم فقالوا له: {يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف} قال: لن أرسله معكم إني: {أخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنَّا إذًا لخاسرون} فأرسله معهم فأخرجوه وبه عليه كرامة. فلما برزوا إلى البرية أظهروا له العداوة فجعل يضربه أحدهم فيستغيث بالآخر فيضربه، فجعل لا يرى منهم رحيمًا، فضربوه حتى كادوا يقتلونه، فجعل يصيح ويقول: يا أبتاه، يا يعقوب، لو تعلم ما صنع بابنك بنو الإماء. فلما كادوا يقتلونه قال يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه؟... فانطلقوا به إلى الجب ليطرحوه فيه، فجعلوا يدلونه في البئر، فيتعلق بشفير البئر، فربطوا يديه ونزعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه، ردوا عليّ قميصي أتوارى به في الجب. فقالوا له: ادع الأحد عشر كوكبًا والشمس والقمر يؤنسوك. قال: فإني لم أر شيئًا. فدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت، فكان في البئر ماء، فسقط فيه فلم يضره، ثم أوى إلى صخرة في البئر فقام عليها، فجعل يبكي فناداه إخوته، فظن إنها رقة أدركتهم فأجابهم، فأرادوا أن يرضخوه بصخرة، فقام يهوذا فمنعهم وقال: قد أعطيتموني موثقًا أن لا تقتلوه، فكان يهوذا يأتيه بالطعام، ثم إنهم رجعوا إلى أبيهم فأخذوا جديًا من الغنم فذبحوه ونضحوا دمه على القميص، ثم أقبلوا إلى أبيهم عشاء يبكون، فلما سمع أصواتهم فزع وقال: يا بني، ما لكم؟ هل أصابكم في غنمكم شيء؟!... قالوا لا. قال: فما فعل يوسف: {قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وما أنت بمؤمن لنا} يعني بمصدق لنا: {ولو كنا صادقين} فبكى الشيخ وصاح بأعلى صوته ثم قال: أين القميص؟ ثم جاؤوا بقميصه وعليه دم كذب، فأخذ القميص وطرحه على وجهه، ثم بكى حتى خضب وجهه من دم القميص، ثم قال: إن هذا الذئب يا بني لرحيم، فكيف أكل لحمه ولم يخرق قميصه؟!... وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه فتعلق يوسف عليه السلام بالحبل، فخرج، فلما رآه صاحب الدلو، دعا رجلًا من أصحابه يقال له بشراي فقال: يا بشراي، هذا غلام. فسمع به إخوة يوسف عليه السلام فجاؤوا فقالوا: هذا عبد لنا آبق، ورطنوا له بلسانهم فقالوا: لئن أنكرت إنك عبد لنا لنقتلنك، أترانا نرجع بك إلى يعقوب عليه السلام، وقد أخبرناه إن الذئب قد أكلك؟... قال: يا إخوتاه، ارجعوا بي إلى أبي يعقوب. فأنا أضمن لكم رضاه ولا أذكر لكم هذا أبدًا. فأبوا، فقال الغلام: أنا عبد لهم. فلما اشتراه الرجلان فرقا من الرفقة أن يقولا اشتريناه، فيسألونهما الشركة فيه، فقالا: نقول إن سألونا ما هذا؟ نقول هذه بضاعة استبضعناها على البئر. فذلك قوله: {وأسروه بضاعة}، {وشروه بثمن بخس دراهم معدودة}- وكانت عشرين درهمًا- وكانوا في يوسف من الزاهدين، فانطلقوا به إلى مصر فاشتراه العزيز- ملك مصر- فانطلق به إلى بيته فقال لامرأته: {أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا} فأحبته امرأته فقالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك؟.. قال: هو أوّل ما يتناثر من جسدي. قالت: يا يوسف، ما أحسن عينيك؟ قال: هما أوَّل ما يسيلان إلى الأرض من جسدي. قالت: يا يوسف، ما أحسن وجهك؟ قال: هو للتراب يأكله: {قالت هيت لك} قال هلم لك؟- وهي بالقبطية- قال معاذ الله، إنه ربي، قال: سيدي أحسن مثواي فلا أخونه في أهله. فلم تزل به حتى أطمعها، فهمّت به وهمّ بها، فدخلا البيت: {وغلقت الأبواب} فذهب ليحل سراويله فإذا هو بصورة يعقوب عليه السلام قائمًا في البيت قد عض على أصبعه يقول: يا يوسف، لا تواقعها، فإنما مثلك مثل الطير في جوّ السماء لا يطاق، ومثلك إذا وقعت عليها مثله إذا مات فوقع على الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، ومثلك مثل الثور الصعب الذي لم يعمل عليه، ومثلك إذا واقعتها مثله إذا مات فدخل الماء في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويله وذهب ليخرج، فأدركته فأخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته حتى أخرجته منه وسقط وطرحه يوسف، واشتد نحو الباب، والفيا سيدها جالسًا عند الباب هو وابن عم المرأة، فلما رأته المرأة: {قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن أو عذاب أليم} إنه راودني عن نفسي فدفعته عني فشققت قميصه. فقال يوسف: لا بل هي راودتني عن نفسي، فأبيت وفررت منها فأدركتني فأخذت بقميصي فشقّته علي، فاقل ابن عمها: في القميص تبيان الأمر، انظروا إن كان القميص قدّ من قبل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قدّ من دُبر فكذبت وهو من الصادقين، فلما أتي بالقميص وجده قد قدّ من دُبر، فقال: {إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك} يقول: لا تعودي لذنبك. {وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبًا} والشغاف جلدة على القلب يقال لها لسان القلب. يقول دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب- فلما سمعت بمكرهن- يقول بقولهن- أرسلت إليهن واعتدت لهن متكأً يتكئن عليه، وآتت كل واحدة منهن سكينًا وأترجًا تأكله وقالت ليوسف: أخرج عليهن. فلما خرج ورأى النسوة يوسف، أعظمنه وجعلن يحززن أيديهن وهن يحسبن إنهن يقطعن الأترج، ويقلن: {حاشا لله ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم}. قالت: {فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم} بعدما كان حل سراويله ثم لا أدري ما بدا له. قال يوسف: {رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه} من الزنا. ثم إن المرأة قالت لزوجها: إن العبد العبراني قد فضحني في الناس، إنه يعتذر إليهم ويخبرهم أني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي فأخرج فاعتذر كما يعتذر، وإما أن تحبسه كما حبستني، فذلك قوله: {ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات...} وهو شق القميص وقطع الأيدي: {ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان...} غضب الملك على خَبّازه، أنه يريد أن يسمه، فحبسه وحبس الساقي وظن أنه مالأه على السم، فلما دخل يوسف عليه السلام السجن قال: إني أعبّر الأحلام قال أحد الفتيين: هلم فَلْنُجَرِّب هذا العبد العبراني، فتراءيا من غير أن يكونا رأيا شيئًا، ولكنهما خرصا فعبر لهما يوسف خرصهما فقال الساقي: رأيتني أعصر خمرًا. وقال الخباز: رأيتني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه. قال يوسف عليه السلام: لا يأتيكما طعام ترزقانه في النوم إلا نبأتكما بتأويله في اليقظة، ثم قال: {يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا} فيعاد على مكانه،: {وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه}. ففزعا وقالا: والله ما رأينا شيئًا. قال يوسف عليه السلام: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} إن هذا كائن لابد منه، وقال يوسف عليه السلام للساقي: {اذكرني عند ربك}. ثم أن الله أرى الملك رؤيا في منامه هالته، فرأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر يأكلهن سبع يابسات، فجمع السحرة والكهنة والعافة- وهم القافة- والحاذة،- وهم الذين يزجرون الطير- فقصها عليهم فقالوا: أضغاث أحلام، وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين.
{وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون}.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يكن السجن في المدينة، فانطلق الساقي إلى يوسف عليه السلام فقال: {أفتنا في سبع بقرات...} إلى قوله: {لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون} تأويلها: {قال تزرعون سبع سنين دأبًا فما حصدتم فذروه في سنبله} قال هو أبقى له: {إلا قليلًا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلًا مما تحصنون} قال: مما ترفعون: {ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} قال: العنب فلما أتى الملك الرسول وأخبره قال: {ائتوني به فلما جاءه الرسول} فأمره أن يخرج إلى الملك، أبى يوسف وقال: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن}.
قال السدي: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه، ما زالت في نفس العزيز منه حاجة، يقول هذا الذي راود امرأته. قال الملك ائتوني بهن،: {قال ما خطبكن إذ راودتُنَّ يوسف عن نفسه قلن حاشا لله ما علمنا عليه من سوء}، ولكن امرأة العزيز أخبرتنا أنها راودته عن نفسه ودخل معها البيت وحل سراويله ثم شده بعد ذلك، ولا تدري ما بدا له. فقالت امرأة العزيز: {الآن حصحص الحق} قال تبين. {أنا راودته عن نفسه}، قال يوسف- وقد جيء به- ذلك ليعلم العزيز: {أني لم أخنه بالغيب} في أهله،: {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين}. فقالت امرأة العزيز: يا يوسف، ولا حين حللت السراويل؟ قال يوسف عليه السلام: {وما أبرئ نفسي}. فلما وجد الملك له عذرًا قال: {ائتوني به استخلصه لنفسي} فأستعمله على مصر، فكان صاحب أمرها هو الذي يلي البيع والأمر، فأصاب الأرض الجوع وأصاب بلاد يعقوب التي كان فيها، فبعث بنيه إلى مصر وأمسك بنيامين أخا يوسف، فلما دخلوا على يوسف: {عرفهم وهم له منكرون}، فلما نظر إليهم أخذهم وأدخلهم الدار- دار الملك- وقال لهم: أخبروني، ما أمركم؟ فإني أنكر شأنكم. قالوا: نحن من أرض الشام. قال: فما جاء بكم؟ قالوا نمتار طعامًا. قال: كذبتم، أنتم عيون، كم أنتم؟ قالوا نحن عشرة. قال أنتم عشرة آلاف، كل رجل منكم أمير ألف، فأخبروني خبركم. قالوا: إنا إخوة بنو رجل صديق، وإنا كنا إثني عشر فكان يحب أخًا لنا وأنه ذهب معنا إلى البرية فهلك منا وكان أحبنا إلى أبينا. قال: فإلى من يسكن أبوكم بعده؟... قالوا إلى أخ له أصغر منه. قال: كيف تحدثوني أن أباكم صدّيق وهو يحب الصغير منكم دون الكبير، ائتوني بأخيكم هذا حتى أنظر إليه،: {فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون قالوا سنراود عنه أباه وإنا لفاعلون} قال: فإني أخشى أن لا تأتوني به، فضعوا بعضكم رهينة حتى ترجعوا. فارتهن شمعون عنده، فقال لفتيته وهو يكيل لهم: اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم، لعلهم يرجعون إليَّ. فلما رجعٍ القوم إلى أبيهم كلموه فقالوا: يا أبانا، إن ملك مصر أكرمنا كرامة لو كان رجلًا منا من بني يعقوب ما أكرمنا كرامته، وإنه ارتهن شمعون وقال: ائتوني بأخيكم هذا الذي عطف عليه أبوكم بعد أخيكم الذي هلك حتى أنظر إليه، فإن لم تأتوني به فلا تقربوا بلادي أبدًا. فقال لهم يعقوب عليه السلام: إذا أتيتم ملك مصر فاقرؤوه مني السلام وقولوا: إن أبانا يصلي عليك ويدعو لك بما أوليتنا، ولما فتحوا رحالهم وجدوا بضاعتهم ردت إليهم، أتوا أباهم: {قالوا يا أبانا ما نبغي هذه بضاعتنا ردت إلينا} فقال أبوه حين رأى ذلك: {لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقًا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم}. فحلفوا له،: {فلما آتوه موثقهم} قال يعقوب: {الله على ما نقول وكيل}. ورهب عليهم أن يصيبهم العين إن دخلوا مصر فيقال هؤلاء لرجل واحد، قال: {يا بني لا تدخلوا من باب واحد}- يقول من طريق واحد- فلما دخلوا على يوسف عرف أخاه فأنزلهم منزلًا وأجرى عليهم الطعام والشراب، فلما كان الليل أتاهم بمثل، قال: لينم كل أخوين منكم على مثال حتى بقي الغلام وحده، فقال يوسف عليه السلام: هذا ينام معي على فراشي، فبات مع يوسف، فجعل يشم ريحه ويضمه إليه حتى أصبح وجعل يقول روبيل: ما رأينا رجلًا مثل هذا! إن نحن نجونا منه،: {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه}، والأخ لا يشعر، فلما ارتحلوا: {أذن مؤذّن} قبل أن يرتحل العير: {أيتها العير إنكم لسارقون}، فانقطعت ظهورهم: {وأقبلوا عليهم} يقولون: {ماذا تفقدون} إلى قوله: {فما جزاؤه قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه}
يقول تأخذونه فهو لكم،: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه} فلما بقي رحل أخيه الغلام قال: ما كان هذا الغلام ليأخذها. قالوا والله لا يترك حتى تنظروا في رحله ونذهب وقد طابت نفوسكم، فأدخل يده في رحله فاستخرجها من رحل أخيه. يقول الله: {كذلك كدنا ليوسف} يقول صنعنا ليوسف: {ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} يقول في حكم الملك: {إلا أن يشاء الله} ولكن صنعنا لشأنهم قالوا فهذا جزاؤه. قال فلما استخرجها من رحل الغلام انقطعت ظهورهم وهلكوا وقالوا: ما يزال لنا منكم بلاء يا بني راحيل، حتى أخذت هذا الصواع. قال بنيامين: بنو راحيل، لا يزل لنا منكم بلاء، ذهبتم بأخي فأهلكتموه في البرية وما وضع هذا الصواع في رحلي إلا الذي وضع الدراهم في رحالكم، قالوا لا تذكر الدراهم فتؤخذ بها، فوقعوا فيه وشتموه، فما أدخلوهم على يوسف دعا بالصواع، ثم نقر فيه، ثم أدناه من أذنه ثم قال: إن صواعي هذا يخبرني أنكم كنتم إثني عشر أخًا، وأنكم انطلقتم بأخٍ لكم فبعتموه.