فصل: قال القرطبى في الآيتين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ}.
وللعلماء في هذا الموضوع آراء واتجاهات كثيرة يجمل بنا أن نذكر الأقرب إلى الصواب الملتئم مع النسق العام للقرآن في نظرنا واللّه أعلم بمراده قال بعضهم: لقد همت به ليفعل بها، ولولا أن رأى برهان ربه وتذكر جلاله وأمره ومراقبته لهمّ بها وفعل.. ترى أنه لم يهم بها قط لأن رؤيته برهان ربه قد سبق الهم ومنعه.
وقال البعض: إن أساليب اللغة قد تمنع مثل هذا الفهم في الآية (إذ جواب لولا لابد أن يؤخر عنها) ولنا أن نجيب عن هذا بأن الجواب مقدر بقوله: لفعل ولفظ هم المتقدمة دليل الجواب. لا الجواب.. وبعضهم قال: إنما الرأي أن هذه الحادثة وقعت ليوسف قبل النبوة والرسالة على أن الهم الذي حصل إنما هو بمقتضى الطبيعة والفطرة الإنسانية البشرية ويوسف وقتئذ شاب يافع قوى فتى على أنه هم ولم يفعل إذ ما أن هم بمقتضى الطبيعة حتى تذكر ربه فكف نفسه بعد أن أثارتها الطبيعة، والعيب أن يرتكب الإنسان الخطيئة لا أن يهم بها فيمنعه دينه ولذا يقولون: إنه هم وما ألم، ومن هم بسيئة فلم يفعلها كتبها اللّه له عنده حسنة كاملة.
وخلاصة الرأيين، أن الكل متفق على أن يوسف لم يفعل سيئة قط وإنما الرأى الأول يقول إنه ما أهم لرؤية برهان ربه فرؤية البرهان منعت الهم والرأى الثاني أنه هم بدواعى الطبيعة ثم جاء الكف والمنع من وقوع المعصية برؤية البرهان {وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا} [سورة الإسراء آية 74].
وللمفسرين أقوال وأحاديث وروايات منقولة عن الإسرائيليين وغيرهم كثيرة وتتنافى مع مقام النبوة وشرف الرسالة أردنا أن نعرض عنها حتى تموت في بطون أصحابها.
مثل ذلك فعلنا وتصرفنا مع يوسف لأنا نعده لتحمل أعباء الرسالة في المستقبل ولنصرف عنه السوء يا سبحان اللّه لم يقل القرآن لنصرفه عن السوء إذ فرق العبارتين كبير!! ولنصرف عنه الفحشاء، إنه من عبادنا المصطفين الأخيار الذين اختارهم ربهم وأخلصهم من شوائب المعاصي: {وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ}[سورة ص 45- 47].
وللشيخ رشيد رضا- رحمه اللّه- وأجزل ثوابه رأى في هذه الآية خلاصته: ولقد همت بإيذائه وضربه بعد عصيانه أمرها وطلبها بلطف ولين وهذا شأن المرأة همت بضربه والبطش به لعصيانه أمرها وإفساده حيلها وهم هو برد الاعتداء وبمقابلته بالمثل لولا أن رأى برهان ربه، واستبقا الباب كل يريد أن يصل إليه فطلبه يوسف ليفر منها وطلبته لتمنعه من الفرار، ونشأ عن ذلك أن قدت قميصه من الخلف ووجدا سيدها وزوجها لدى الباب، وروى أنه كان معه قريب لها، وهنا يظهر لؤم الطبع وفساد النية وصحة قولهم: ضربني وبكى وسبقني واشتكى، قالت: ما جزاء من أراد بأهلك سوءا؟
ولم تعينه لأمر في نفسها ما جزاؤه إلا أن يسجن لتقتص من رجل أهان كبرياءها ومنعها من تنفيذ مؤامرتها الدنيئة لتريه أن في يدها إعزازه وإهانته، وما علمت أن ذلك كله سلسلة محكمة الأطراف وطريق موصل إلى غاية اللّه يعلمها، ويعد يوسف لها إلا أن يسجن أو يعذب عذابا مؤلما موجعا.
ولكن يوسف إزاء هذا لم ير بدا من إخبار زوجها وسيده بما حصل غير عابئ بما سيكون ما دام يرضى ربه ولم يخالفه.
وقال يوسف هي راودتني عن نفسي وسلكت في ذلك كل الطرق الممكنة وغير الممكنة واحتالت بأساليب الخداع والمكر ما شاء اللّه لها.
وشهد شاهد من أهلها في هذه القضية التي تحير قاضيها.. امرأته وزوجه تدعى دعوى، وغلامه وفتاه يناقضها، وهي دعوى تتعلق بالشرف والعرض شهد فيها شاهد قريب لها كان مع زوجها قائلا: إن كان قميص يوسف قد قدّ من قبل تكون صادقة في دعواها أنه أراد بها سوءا، فإنه لما وثب عليها ودفعته مزق القميص من قدام، وإن كان قميصه قد من الخلف تكون كاذبة في دعواها بالهجوم عليها، وهو من الصادقين في قوله أنها راودته وهو فر منها، فلما رأى سيده أن قميصه قد من دبر قال حاكما بهذا الحكم الذي يدل على ضعف الرجولة وذهاب الشهامة.
إنه من كيدكن أيها النساء إن كيدكن عظيم، فمحاولة التخلص بالاتهام من كيدك أيتها المرأة.
يا يوسف أعرض عن هذا الخبر لا تخبر أحدا أبدا وأنت استغفري ربك لذنبك، وتوبي من عملك إنك كنت من الخاطئين المذنبين. اهـ.

.قال القرطبى في الآيتين:

قوله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ}
وهي امرأة العزيز، طلبت منه أن يواقعها.
وأصل المراودة الإرادة والطلب برفق ولين.
والرَّوْد والرِّياد طلب الكلأ؛ وقيل: هي من رويد؛ يقال: فلان يمشي رُوَيْدًا، أي برفق؛ فالمراودة الرفق في الطلب؛ يقال في الرجل: راودها عن نفسها، وفي المرأة راودته عن نفسه.
والرّود التأنِّي؛ يقال: أرْوَدَني أمهلني.
{وَغَلَّقَتِ الأبواب} غلّق للكثير، ولا يقال: غَلَق البابَ؛ وأَغلقَ يقع للكثير والقليل؛ كما قال الفَرَزْدق في أبي عمرو بن العلاء:
ما زلتُ أُغلق أبوابًا وأفتحُهَا ** حتى أتيتُ أبا عمرو بن عمّارِ

يقال: إنها كانت سبعة أبواب غلّقتها ثم دعته إلى نفسها.
{وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} أي هَلُمَّ وأقْبِلْ وتَعالَ؛ ولا مصدر له ولا تصريف.
قال النحاس: فيها سبع قراءات؛ فمن أجلّ ما فيها وأصحّه إسنادًا ما رواه الأعمش عن أبي وائِل قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ: {هَيْتَ لَكَ} قال فقلت: إن قومًا يقرؤونها: {هِيتَ لك} فقال: إنما أقرأ كما عُلّمت.
قال أبو جعفر: وبعضهم يقول عن عبد الله بن مسعود عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يبعد ذلك؛ لأن قوله: إنما أقرأ كما علّمت يدلّ على أنه مرفوع، وهذه القراءة بفتح التاء والهاء هي الصحيحة من قراءة ابن عباس وسعيد بن جُبير والحسن ومجاهد وعكرمة؛ وبها قرأ أبو عمرو بن العلاء وعاصم والأعمش وحمزة والكسائيّ.
قال عبد الله بن مسعود: لا تقطعوا في القرآن؛ فإنما هو مثل قول أحدكم: هَلمّ وتَعالَ.
وقرأ ابن أبي إسحق النحوي: {قَالَتْ هَيْتِ لَكَ} بفتح الهاء وكسر التاء.
وقرأ أبو عبد الرحمن السُّلَميّ وابن كثير: {هَيْتُ لَكَ} بفتح الهاء وضم التاء؛ قال طَرَفة:
ليس قوميِ بالأبْعَدِين إذا ما ** قال داعٍ من العَشيرة هَيْتُ

فهذه ثلاث قراءات الهاء فيهنّ مفتوحة.
وقرأ أبو جعفر وشيبة ونافع: {وَقَالَتْ هِيتَ لَكَ} بكسر الهاء وفتح التاء.
وقرأ يحيى بن وثّاب: {وَقَالَت هِيْتُ لَكَ} بكسر الهاء وبعدها ياء ساكنة والتاء مضمومة.
ورُوي عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وابن عباس ومجاهد وعكرمة: {وَقَالَتْ هِئْتُ لَكَ} بكسر الهاء وبعدها همزة ساكنة والتاء مضمومة.
وعن ابن عامر وأهل الشام: {وَقَالَتْ هِئْتَ} بكسر الهاء وبالهمزة وبفتح التاء؛ قال أبو جعفر: {هئْتَ لَكَ} بفتح التاء لالتقاء الساكنين، لأنه صوت نحو مَهْ وصَهْ يجب ألاّ يعرب، والفتح خفيف؛ لأن قبل التاء ياء مثل أيْنَ وكيفَ؛ ومَن كسر التاء فإنما كسرها لأن الأصل الكسر؛ لأن الساكن إذا حرّك حرّك إلى الكسر، ومن ضم فلأن فيه معنى الغاية؛ أي قالت: دعائي لك، فلما حذفت الإضافة بني على الضم؛ مثل حيثُ وبعدُ.
وقراءة أهل المدينة فيها قولان: أحدهما أن يكون الفتح لالتقاء الساكنين كما مرّ.
والآخر أن يكون فعلًا من هَاءَ يَهِيء مثل جاء يجيء؛ فيكون المعنى في: {هِئْتَ} أي حسنت هيئتك، ويكون: {لَكَ} من كلام آخر، كما تقول: لكَ أعني.
ومن همز وضم التاء فهو فعل بمعنى تهيأتُ لك؛ وكذلك من قرأ: {هِيتُ لَكَ}.
وأنكر أبو عمرو هذه القراءة؛ قال أبو عبيدة مُعْمَر بن المُثَنَّى: سئل أبو عمرو عن قراءة من قرأ بكسر الهاء وضم التاء مهموزًا فقال أبو عمرو: باطل؛ جعلها من تهيأت! اذهب فاستعرِضِ العربَ حتى تنتهي إلى اليمن هل تعرف أحدًا يقول هذا؟ا وقال الكسائي أيضًا: لم تُحكَ: {هِئتُ} عن العرب.
قال عِكرمة: {هِئتُ لَكَ} أي تهيأت لك وتزينت وتحسنت، وهي قراءة غير مرضية، لأنها لم تسمع في العربية.
قال النحاس: وهي جيِّدة عند البصريين؛ لأنه يقال: هَاءَ الرجلُ يَهاء ويَهِيئ هيأةً فهاء يَهيء مثل جاء يجيء وهِئتُ مثل جئت.
وكسر الهاء في: {هيت} لغة لقوم يؤثرون كسر الهاء على فتحها.
قال الزجاج: أجود القراءات: {هَيْتَ} بفتح الهاء والتاء؛ قال طَرَفة:
ليس قومي بالأبعدين إذا ما ** قال داعٍ من العشيرة هَيْتَ

بفتح الهاء والتاء.
وقال الشاعر في علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أَبلغْ أمير المؤم ** نينَ أخا العراقِ إذا أَتيتَا

إنّ العراقَ وأهلُه ** سِلْمٌ إليك فَهَيْتَ هَيْتَا

قال ابن عباس والحسن: {هيت} كلمة بالسريانية تدعوه إلى نفسها.
وقال السُّديّ: معناها بالقبطية هلمّ لك.
قال أبو عبيد: كان الكسائي يقول: هي لغة لأهل حَوْران وقعت إلى أهل الحجاز معناه تعالَ؛ قال أبو عبيد: فسألت شيخًا عالمًا من حَوْرَان فذكر أنها لغتهم؛ وبه قال عِكْرمة.
وقال مجاهد وغيره: هي لغة عربية تدعوه بها إلى نفسها، وهي كلمة حثّ وإقبال على الأشياء؛ قال الجوهريّ: يقال هَوَّتَ به وهَيَّتَ به إذا صاح به ودعاه؛ قال:
قد رَابَنِي أَنَّ الْكَريَّ أَسْكَتَا ** لو كان مَعْنِيًّا بها لَهَيَّتَا

أي صاح؛ وقال آخر:
يَحْدو بها كلُّ فتًى هَيَّاتِ

قوله تعالى: {قَالَ مَعَاذَ الله} أي أعوذ بالله وأستجير به مما دعوتني إليه؛ وهو مصدر، أي أعوذ بالله مَعاذا؛ فيحذف المفعول وينتصب المصدر بالفعل المحذوف، ويضاف المصدر إلى اسم الله كما يضاف المصدر إلى المفعول، كما تقول: مررت بزيد مرورَ عمرو أي كمروري بعمرو.
{إِنَّهُ ربي} يعني زوجها، أي هو سيّدي أكرمني فلا أخونه؛ قاله مجاهد وابن إسحق والسدّي.
وقال الزجاج: أي إن الله ربي تولاني بلطفه، فلا أركب ما حرّمه.
{إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون} وفي الخبر أنها قالت له: يا يوسف! ما أحسن صورة وجهك! قال: في الرَّحِم صوّرني رَبِّي؛ قالت: يا يوسف ما أحسن شَعْرك! قال: هو أول شيء يَبْلَى منّي في قبري؛ قالت: يا يوسف! ما أحسن عينيك؟ قال: بهما أنظر إلى ربيّ.
قالت: يا يوسف! ارفع بصرك فانظر في وجهي، قال: إني أخاف العمى في آخرتي.
قالت يا يوسف! أدنو منك وتتباعد مني؟ قال: أريد بذلك القرب من ربيّ.
قالت: يا يوسف القَيْطون (فرشته لك) فادخل معي، قال: القَيْطُون لا يسترني من ربيّ.
قالت: يا يوسف فراش الحرير قد فرشته لك، قم فاقض حاجتي، قال: إذًا يذهب من الجنة نصيبي؛ إلى غير ذلك من كلامها وهو يراجعها؛ إلى أن همّ بها.
وقد ذكر بعضهم ما زال النساء يَمِلْن إلى يوسف مَيْل شهوة حتى نبأه الله، فألقى عليه هيبة النبوّة؛ فشغلت هيبته كل من رآه عن حسنه.
واختلف العلماء في همّه؛ ولا خلاف أن همّها كان المعصية، وأما يوسف فهمّ بها: {لولا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} ولكن لما رأى البرهان ما همّ؛ وهذا لوجوب العصمة للأنبياء؛ قال الله تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السوء والفحشاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين} فإذًا في الكلام تقديم وتأخير؛ أي لولا أن رأى برهان ربه همّ بها.
قال أبو حاتم: كنت أقرأ غريب القرآن على أبي عبيدة فلما أتيت على قوله: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} الآية، قال أبو عبيدة: هذا على التقديم والتأخير؛ كأنه أراد ولقد همّت به ولولا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها.
وقال أحمد بن يحيى: أي همت زليخاء بالمعصية وكانت مصِرّة، وهمّ يوسف ولم يواقع ما همّ به؛ فبين الهمتين فرق، ذكر هذين القولين الهرويّ في كتابه.
قال جميل:
هَمَمْتُ بِهَمٍّ من بُثَينةَ لو بَدَا ** شَفيتُ غَليلاتِ الهوَى من فُؤاديَا

آخر:
هَمَمْتُ ولم أفعلْ وكدتُ وليتني ** تَركتُ على عثمان تبكي حلائلهُ

فهذا كله حديث نفس من غير عزم.
وقيل: همّ بها تمنى زوجيتها.
وقيل: همّ بها أي بضربها ودفعها عن نفسه، والبرهان كفه عن الضرب؛ إذ لو ضربها لأوهم أنه قصدها بالحرام فامتنعت فضربها.
وقيل: إن همّ يوسف كان معصية، وأنه جلس منها مجلس الرجل من امرأته؛ وإلى هذا القول ذهب معظم المفسرين وعامتهم، فيما ذكر القُشيريّ أبو نصر، وابن الأنباريّ والنحاس والماورديّ وغيرهم.
قال ابن عباس: حلّ الهِمْيان وجلس منها مجلس الخاتن، وعنه: استلقت على قفاها وقعد بين رجليها ينزع ثيابه.
وقال سعيد بن جُبير: أطلق تِكَّة سراويله.
وقال مجاهد: حلّ السراويل حتى بلغ الأليتين، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته.
قال ابن عباس: ولما قال: {ذلك لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بالغيب} [يوسف: 52] قال له جبريل: ولا حين هممت بها يا يوسف؟ا فقال عند ذلك: {وَمَا أُبَرِّئ نفسي} [يوسف: 53].
قالوا: والانكفاف في مثل هذه الحالة دالٌّ على الإخلاص، وأعظم للثواب.
قلت: وهذا كان سبب ثناء الله تعالى على ذي الكِفل حسب ما يأتي بيانه في صاد إن شاء الله تعالى.
وجواب {لولا} على هذا محذوف؛ أي لولا أن رأى برهان ربه لأمضى ما همّ به؛ ومثله: {كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ اليقين} [التكاثر: 5] وجوابه لم تتنافسوا؛ قال ابن عطية: روي هذا القول عن ابن عباس وجماعة من السلف، وقالوا: الحكمة في ذلك أن يكون مثلًا للمذنبين ليروا أن توبتهم ترجع إلى عفو الله تعالى كما رجعت ممن هو خير منهم، ولم يوبقه القرب من الذنب، وهذا كله على أن همّ يوسف بلغ فيما روت هذه الفرقة إلى أن جلس بين رجلي زليخاء وأخذ في حلّ ثيابه وتِكَّته ونحو ذلك، وهي قد استلقت له؛ حكاه الطبريّ.