فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومنها ما تعلمه بأدنى التفات، ومن هنا قالوا: إن ذلك من باب اعتبار الأمارة، ولذلك احتج بالآية كما قال ابن الفرس: من يرى الحكم من العلماء بالأمارات والعلامات فيما لا تحضره البينات كاللقطة والسرقة والوديعة ومعاقد الحيطان والسقوف وغير ذلك.
وذكر الإمام أن علامات كذب المرأة كانت كثيرة بالغة مبلغ اليقين فضموا إليها هذه العلامة الأخرى لا لأجل أن يعوّلوا في الحكم عليها بل لأجل أن يكون ذلك جاريًا مجرى المقويات والمرجحات والله تعالى أعلم.
وقرأ الحسن وأبو عمرو في رواية: {مِن قَبْلُ وَمِن دُبُرٍ} بسكون الباء فيهما والتنوين وهي لغة الحجاز وأسد، وقرأ أبو يعمر وابن أبي إسحاق والعطاردي وأبو الزناد وآخرون: {مِن قَبْلُ وَمِن دُبُرٍ} بثلاث ضمات، وقرأ الأولان والجارود في رواية عنهم بإسكان الباء فيهما مع بنائهما على الضم جعلوهما كقبل.
وبعد بعد حذف المضاف إليه ونية معناه، وتعقب ذلك أو حاتم بأن هذا رديء في العربية وإنما يقع بعد البناء في الظروف، وهذان اللفظان اسمان متمكنان وليسا بظرفين، وعن ابن إسحاق أنه قرأ {من قبل} و{من دبر} بالفتح قيل: كأنه جعلهما علمين للجهتين فمنعهما الصرف للعلمية والتأنيث باعتبار الجهة.
{فَلَمَّا رَأَى} أي السيد، وقيل: الشاهد، والفعل من الرؤية البصرية أو القبلية أي فلما علم: {قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ} أي هذا القد والشق كما قال الضحاك: {مِن كَيْدِكُنَّ} أي ناشى من احتيالكن أيتها النساء ومكركن ومسبب عنه، وهذا تكذيب لها وتصديق له عليه السلام على ألطف وجه كأنه قيل: أنت التي راودتيه فلم يفعل وفرّ فاجتذبتيه فشققت قميصه فهو الصادق في إسناد المراودة إليك وأنت الكاذبة في نسبة السوء إليه، وقيل: الضمير للأمر الذي وقع فيه التشاجر وهو عبارة عن إرادة السوء التي أسندت إلى يوسف عليه السلام وتدبير عقوبته بقولها: {مَا جَزَاء مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءا} [يوسف: 25] الخ أي إن ذلك من جنس مكركن واحتيالكن، وقيل: هو للسوء وهو نفسه وإن لم يكن احتيالًا لكنه يلازمه، وقال الماوردي: هو لهذا الأمر وهو طمعها في يوسف عليه السلام؛ وجعله من الحيلة مجاز أيضًا كما في الوجه الذي قبله، وقال الزجاج: هو لقولها: {مَا جَزَاء} [يوسف: 25] الخ فقط، واختار العلامة أبو السعود القيل الأول وتكلف له بما تكلف واعترض على ما بعده من الأقوال بما اعترض.
ولعل ما ذكرناه أقرب للذوق وأقل مؤنة مما تكلف له؛ وأيًا مّا كان فالخطاب عام للنساء مطلقًا وكونه لها ولجواريها كما قيل ليس بذاك، وتعميم الخطاب للتنبيه على أن الكيد خلق لهن عريق:
ولا تحسبا هندًا لها الغدر وحدها ** سجية نفس كل غانية هند

{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} فإنه ألطف وأعلق بالقلب وأشد تأثيرًا في النفس ولأن ذلك قد يورث من العار ما لا يورثه كيد الرجال، ولربات القصور منهن القدح المعلى من ذلك لأنهن أكثر تفرغًا من غيرهن مع كثرة اختلاف الكيادات إليهن فهن جوامع كوامل، ولعظم كيد النساء اتخذهن إبليس عليه اللعنة وسائل لإغواء من صعب عليه إغواؤه، ففي الخبر «ما أيس الشيطان من أحد إلا أتاه من جهة النساء» وحكي عن بعض العلماء أنه قال: أنا أخاف من النساء ما لا أخاف من الشيطان فإنه تعالى يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشيطان كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76] وقال للنساء: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} [يوسف: 82] ولأن الشيطان يوسوس مسارقة وهن يواجهن به، ولا يخفى أن استدلاله بالآيتين مبني على ظاهر إطلاقهما، ومثله ما تنقبض له النفس وتنبسط يكفي فيه ذلك القدر فلا يضر كون ضعف كيد الشيطان إنما هو في مقابلة كيد الله تعالى، وعظيم كيدهن إنما هو بالنسبة إلى كيد الرجال، وما قيل: إن ما ذكر لكونه محكيًا عن قطفير لا يصلح للاستدلال به بوجه من الوجوه ليس بشيء لأنه سبحانه قصه من غير نكير فلا جناح في الاستدلال به كما لا يخفى.
{يُوسُفَ} حذف منه حرف النداء لقربه وكمال تفطنه للحديث، وفي ندائه باسمه تقريب له عليه السلام وتلطيف.
وقرأ الأعمش: {يُوسُفَ} بالفتح، والأشبه على ما قال أبو البقاء: أن يكون أخرجه على أصل المنادي كما جاء في الشعر:
يا عديًا لقد وقتك الأواقي

وقيل: لم تضبط هذه القراءة عن الأعمش، وقيل: إنه أجرى الوقف مجرى الوصل ونقل إلى الفاء حركة الهمزة من قوله تعالى: {أَعْرِضْ عَنْ هذا} أي عن هذا الأمر واكتمه ولا تتحدث به فقد ظهر صدقك وطهارة ثوبك، وهذا كما حكى الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله بالوصل والفتح، وقرئ: {أَعْرَضَ} بصيغة الماضي فيوسف حينئذٍ مبتدأ والجملة بعده خبر، ولعل المراد الطلب على أتم وجه فيؤول إلى معنى: {أَعْرَضَ}، {واستغفرى} أنت أيتها المرأة، وضعف أبو البقاء هذه القراءة بأن الأشبه عليها أن يقال: فاستغفري: {لِذَنبِكِ} الذي صدر عنك وثبت عليك: {إِنَّكَ كُنتَ} بسبب ذلك: {مِنَ الخاطئين} أي من جملة القوم المتعمدين للذنب، أو من جنسهم يقال: خطئ يخطئ خطأ وخطأ إذا أذنب متعمدًا، وأخطأ إذا أذنب من غير تعمد، وذكر الراغب أن الخطأ العدول عن الجهة وهو أضرب: الأول: أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله، وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان، والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد وهذا قد أصاب في الإرادة وأخطأ في الفعل، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «من اجتهد فأخطأ فله أجر» الثالث: أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه فهذا مخطئ في الإرادة مصيب في الفعل، ولا يخفى أن المعنى الذي ذكرناه راجع إلى الضرب الأول من هذه الضروب، والجملة المؤكدة في موضع التعليل لأمر والتذكير لتغليب الذكور على الإناث واحتمال أن يقال: المراد إنك من نسل الخاطئين فمنهم سرى ذلك العرق الخبيث فيك بعيد جدًا، وهذا النداء قيل: من الشاهد الحكيم، وروي ذلك عن ابن عباس، وحمل الاستغفار على طلب المغفرة والصفح من الزوج، ويحتمل أن يكون المراد به طلب المغفرة من الله تعالى ويقال: إن أولئك القوم وإن كانوا يعبدون الأوثان إلا أنهم مع ذلك يثبتون الصانع ويعتقدون أن للقبائح عاقبة سوء من لديه سبحانه إذا لم يغفرها، واستدل على أنهم يثبتون الصانع أيضًا بأن يوسف عليه السلام قال لهم: {أأرباب مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار مَا} [يوسف: 39]، والظاهر أن قائل ذلك هو العزيز، ولعله كما قيل: كان رجلًا حليمًا، وروي ذلك عن الحسن، ولذا اكتفى بهذا القدر من مؤاخذتها، وروي أنه كان قليل الغيرة وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام، وفي البحر أن تربة إقليم قطفير اقتضت ذلك، وأين هذا مما جرى لبعض ملوك المغرب أنه كان مع ندمائه المختصين به في مجلس أنس وجارية تغنيهم من وراء ستر فاستعاد بعض خلصائه بيتين من الجارية كانت قد غنت بهما فما لبث أن جئ برأس الجارية مقطوعًا في طست، وقال له الملك: استعد البيتين من هذا الرأس فسقط في يد ذلك المستعيد ومرض مدة حياة الملك. اهـ.

.قال القاسمي:

{قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ}
لأن قدَّه منه أمارة الدفع عن نفسها به، أو تعثره في مقادم قميصه بسبب إقباله عليها، فقدَّ لإسراعه خلفها.
{وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ} لأنه أمارة إدباره عنها بسب أنها تبعته، واجتذبت ثوبه إليها فقدَّته.
ومن اللطائف ما قيل: إن هذا الشاهد أراد ألا يكون هو الفاضح لها، ووثق بأن انقطاع قميصه إنما كان من دبر، فنصبه أمارة لصدقه وكذبها. ثم ذكر القسم الآخر، وهو قدَّه من قُبل، على علم بأنه لم ينقدَّ من قبل حتى ينفي عن نفسه التهمة في الشهادة، وقصد الفضيحة، وينصفهما جميعًا، فيذكر أمارة على صدقها المعلوم نفيه، كما ذكره أمارة على صدقه المعلوم وجوده. ومن ثم قدم أمارة على صدقها، على أمارة صدقه في الذكر؛ إزاحة للتهمة، ووثوقًا بأن الأمارة الثانية هي الواقعة، فلا يضره تأخيرها. وهذه اللطيفة بعينها- والله أعلم- هي التي راعاها مؤمن آل فرعون في قوله: {وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} [غافر: من الآية 28]. فقدم قسم الكذب على قسم الصدق، إزاحة للتهمة التي خشي أن تتطرق إليه في حق موسى عليه السلام، ووثوقًا بأن القسم الثاني وهو صدقه، هو الواقع، فلا يضره تأخيره في الذكر لهذه الفائدة، ومن ثم قال: {بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ} ولم يقل: كل ما يعدكم، تعريضًا بأنه معهم عليه، وأنه حريص على أن يبخسه حقه، وينحو هذا النحو تأخير يوسف عليه السلام، لكشف وعاء أخيه الآتي ذكره، لأنه لو بدأ به لفطنوا أنه الذي أمر بوضع السقاية فيه- والله أعلم-.
{فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} يعني بالكيد: الحيلة والمكر. وإنما استعظم كيدهن؛ لأنه ألطف وأعلق بالقلب، وأشد تأثيرًا في النفس، ولهن فيه نيقة ورفق، وبذلك يغلبن الرجال.
تنبيه:
قال ابن الفرس: يحتج بالآية من يرى الحكم بالأمارات والعلامات، فيما لا تحضره البينات، كاللقطة، والسرقة، والوديعة، ومعاقد الحيطان، والسقوف وشبهها.
{يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}
نودي بحذف حرف النداء، لقربه وكمال تفطنه للحديث.
أي: يا يوسف أعرض عن هذا الأمر واكتمه، ولا تحدث به.
{وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ} أي: الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب، ثم قذفه بما هو بريء منه.
{إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ} أي: من جملة القوم المتعمدين للذنب. يقال: خطئ إذا أذنب متعمدًا، وأخطأ إذا فعله من غير تعمد. ولهذا يقال: أصاب الخطأ، وأخطأ الصواب، وأصاب الصواب. وإيثار جمع السالم تغليبًا للذكور على الإناث. ودل هذا على أن العزيز كان رجلًا حليمًا؛ إذ اكتفى من مؤاخذتها بهذا المقدار.
قال ابن كثير: أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه. ويقال: إنه كان قليل الغيرة.
قال الشهاب: وهو لطف من الله تعالى بيوسف عليه السلام.
وقال أبو حيان: إنه مقتضى تربة مصر. انتهى.
وقد تقرر لدى المحققين أن لاختلاف أحوال العمران في الخصب والجدب، وأقاليمه في الحرارة والبرودة وتوابعها؛ أثرًا في أخلاق البشر وأبدانهم. انظر المقدمة الرابعة والخامسة من مقدمة ابن خلدون. اهـ.

.قال ابن عاشور:

وجملة: {قال هي راودتني عن نفسي}
من قول يوسف عليه السّلام، وفصلت لأنها جاءت على طريقة المحاورة مع كلامها.
ومخالفة التعبير بين: {أن يسجن أو عذابٌ} دون أن يقول: إلا السجنُ أو عذاب، لأن لفظ السجن يطلق على البيت الذي يوضع فيه المسجون ويطلق على مصدر سجن، فقوله: {أن يسجن} أوضح في تسلط معنى الفعل عليه.
وتقديم المبتدأ على خبره الذي هو فعل يفيد القصر، وهو قصر قلب للرد عليها.
وكان مع العزيز رجل من أهل امرأته، وهو الذي شهد وكان فطنًا عارفًا بوجوه الدلالة.
وسمي قوله شهادة لأنه يؤول إلى إظهار الحق في إثبات اعتداء يوسف عليه السّلام على سيدته أو دحضه.
وهذا من القضاء بالقرينة البينة لأنها لو كانت أمسكت ثوبه لأجل القبض عليه لعقابه لكان ذلك في حال استقباله له إياها فإذا أراد الانفلات منها تخرق قميصه من قُبُل، وبالعكس إن كان إمساكه في حال فرار وإعراض.
ولا شك أن الاستدلال بكيفية تمزيق القميص نشأ عن ذكر امرأة العزيز وقوع تمزيق القميص تحاول أن تجعله حجة على أنها أمسكته لتعاقبه، ولولا ذلك ما خطر ببال الشاهد أن تمزيقًا وقع وإلا فمن أين علم الشاهد تمزيق القميص.
والظاهر أن الشاهد كان يظن صدقها فأراد أن يقيم دليلًا على صدقها فوقع عكس ذلك كرامة ليوسف عليه السّلام.
وجملة: {إن كان قميصه} مبينة لفعل: {شهد}.
وزيادة: {وهو من الكاذبين} بعد: {فصدقت}، وزيادة: {وهو من الصادقين} بعد: {فكذبت} تأكيد لزيادة تقرير الحق كما هو شأن الأحكام.
وأدوات الشرط لا تدل على أكثر من الربط والتسبب بين مضمون شرطها ومضمون جوابها من دون تقييد باستقبال ولا مضي.
فمعنى: {إن كان قميصه قدّ من قبل فصدقت} وما بعدها: أنه إن كان ذلك حصل في الماضي فقد حصل صدقها في الماضي.
والذي رأى قميصه قدّ من دبر وقال: إنه من كيدكن، هو العزيز لا محالة.
وقد استبان لديه براءة يوسف عليه السّلام من الاعتداء على المرأة فاكتفى بلوم زوجه بأن ادّعاءها عليه من كيد النساء؛ فضمير جمع الإناث خطاب لها فدخل فيه من هن من صنفها بتنزيلهن منزلة الحواضر.
والكيد: فعل شيء في صورة غير المقصودة للتوصل إلى مقصود.
وقد تقدم عند قوله تعالى: {إن كيدي متينٌ} في سورة الأعراف (183).
ثم أمر يوسفَ عليه السّلام بالإعراض عما رمتْه به، أي عدم مؤاخذتها بذلك، وبالكف عن إعادة الخوض فيه.
وأمر زوجه بالاستغفار من ذنبها، أي في اتهامها يوسف عليه السّلام بالجرأة والاعتداء عليها.
قال المفسرون: وكان العزيز قليل الغيرة.
وقيل: كان حليمًا عاقلًا.
ولعله كان مولعًا بها، أو كانت شبهة المِلك تخفف مؤاخذة المرأة بمراودة مملوكها.
وهو الذي يؤذن به حال مراودتها يوسف عليه السّلام حين بادرته بقولها: {هِيتَ لك} كما تقدم آنفًا.
والخاطئ: فاعل الخطيئة، وهي الجريمة.
وجَعَلَها من زمرة الذين خَطِئوا تخفيفًا في مؤاخذتها.
وصيغة جمع المذكر تغليب.
وجملة: {يوسف أعرض عن هذا} من قول العزيز إذ هو صاحب الحكم.
وجملة: {واستغفري لذنبك} عطف على جملة: {يوسف أعرض} في كلام العزيز عطف أمر على أمر والمأمور مختلف.
وكاف المؤنثة المخاطبة متعين أنه خطاب لامرأة العزيز، فالعزيز بعد أن خاطبها بأن ما دبّرته هو من كيد النساء وجه الخطاب إلى يوسف عليه السّلام بالنداء ثم أعاد الخطاب إلى المرأة.
وهذا الأسلوب من الخطاب يسمى بالإقبال، وقد يسمى بالالتفات بالمعنى اللغوي عند الالتفات البلاغي، وهو عزيز في الكلام البليغ.
ومنه قول الجَرمي من طي من شعراء الحماسة:
إخَالكَ مُوعدي ببني جفَيْف ** وهالةَ إنني أنْهَاككِ هَالا

قال المرزوقي في شرح الحماسة: والعرب تجمع في الخطاب والإخبار بين عدة ثم تقبل أو تلتفت من بينهم إلى واحد لكونه أكبرهم أو أحسنهم سماعًا وأخصّهم بالحال. اهـ.