فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشعراوي:

{قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ}
وكأنها وجدت الفرصة لتثبت لنفسها العذر في مراودتها له، فيوسف باعترافهن قد بلغ من الجمال ما لا يوجد مثله في البشر.
وقولها: {فذلكن} [يوسف: 32]، مُكوَّن من {ذا} إشارة ليوسف، و{ذلِكُنَّ} خطاب للنسوة، والإشارة تختلف عن الخطاب.
وهنا موقف أسلوبي؛ لأن الكلام حين يُنطق به، أو حين يُكتب لِيُقْرأ؛ له ألوان متعددة، فمرة يكون نثرًا لا يجمعه وزن أو قافية؛ وقد يكون نثرًا مسجوعًا أو مُرْسَلًا، ومرة يكون الكلام شعرًا محكومًا بوزن وقافية.
والمثل على النثر المسجوع هو قول الحق سبحانه: {والطور وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ والبيت المعمور} [الطور: 1-4].
وهذا نثر مسجوع بلا تكلُّف، وأنت إذا سمعت أو قرأت كلامًا؛ فأذنك تأخذ منه على قدر سُمُوِّ أسلوبه، لكنك إن انتقلت من أسلوب إلى أسلوب، فأذنك تلتقط الفارق بين الأسلوبين.
والمثل نجده في الرسالة التي كتبها ابن زيدون مُسْتعطفًا ابن جهور: هذا العَتْب محمودٌ عواقبه، وهذه الغَمْرة نَبْوة ثم تنجلي، ولن يريبني من سيدي إنْ أبطأ سببه أو تأخر، غير ضنين ضناه، فأبطأ الدِّلاء قَبْضًا أملؤها، وأثقلُ السحابِ مشيًا أعقلها، ومع اليوم غد. ولكل أجل كتاب، له الحمد على اهتباله، ولا عَتْب عليه في اغتفاله.
فإنْ يَكُن الفعلُ الذي سَاء واحدًا ** فَأفْعالُه اللاتي سَرَرْنَ أُلوفُ

وهكذا تشعر انتقال ابن زيدون من النثر إلى الشعر، ولكنك وأنت تقرأ القرآن، تنتقل من النثر المُرْسل إلى النثر المسجوع إلى النظم الشعري على وزن بحور الشعر، فلا تكاد تفرق في الأسلوب بين شعر أو نثر.
والمثل نجده في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي} [يوسف: 32].
فهي موزونه من بحر البسيط، ولكنك لا تشعر أنك انتقلت من نثر إلى شعر.
وكذلك قول الحق: {والله يَهْدِي مَن يَشَاءُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [النور: 46].
وأيضًا قول الحق: {نَبِّئ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الغفور الرحيم} [الحجر: 49].
وتأتي تلك الآيات في مواقع قد يكون ما قبلها نثرًا، مما يدلُّ على أن النغم الذي قاله الله نَظْمًا أو شعرًا أو نثرًا لا نشاز فيه، ويكاد أن يكون سَيْلًا واحدًا.
وهذا لا يتأتَّى إلا من كلام الحق تبارك وتعالى، وأنت لن تشعر بهذا الأمر لو لم يُنبِّهْك أحد لِمَا في بعض الآيات من وزن شعري.
أما كلام البشر؛ فأنت إنْ قرأتَ الموزون؛ ثم انتقلت إلى المنثور؛ أحسَّتْ أُذنك بهذا الانتقال؛ ونفس المسألة تشعر بها حين تقرأ المنثور، ثم تنتقل إلى الموزون؛ وستشعر أذنك بهذا الانتقال.
{قَالَتْ فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فاستعصم} [يوسف: 32].
قالت ذلك بجراءة مَنْ رأت تأثير رؤيتهن ليوسف، وأعلنت أنه {استعصم}، وهذا يعني أنه قد تكلَّف المشقة في حجز نفسه عن الفعل، وهو قول يثبت أن رجولة يوسف غير ناقصة، فقد جاهد نفسه لِيكبتَها عن الفعل.
ويتابع الحق سبحانه ما جاء على لسان امرأة العزيز: {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّن الصاغرين} [يوسف: 32].
قالت ذلك وكأنها هي التي تُصدِر الأحكام، والسامعات لها هُنَّ من أكبرْنَ يوسف لحظة رؤيته؛ تعلن لهُنَّ أنه إن لم يُطِعْها فيما تريد؛ فلسوف تسجنه وتُصغِّر من شأنه لإذلاله وإهانته.
أما النِّسْوة اللاتي سَمِعْنَها؛ فقد طمعتْ كل منهن أن تطرد امرأة العزيز يوسف من القصر؛ حتى تنفرد أي منهن به.
ولذلك يُورِد لنا الحق سبحانه قول يوسف عليه السلام: {قَالَ رَبِّ...}.
ولسائل أن يقول: ولماذا جاء قول يوسف بالجمع، وقال: {السجن أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} [يوسف: 33].
على الرغم من أن امرأة العزيز هي التي قالت: {وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ} [يوسف: 32].
ونقول: لابد أن يوسف عليه السلام قد رأى منهن إشاراتٍ أو غمزات تُوحي له بألاّ يُعرض نفسه لتلك الورطة التي ستؤدي به إلى السجن؛ لذلك أدخل يوسف عليه السلام في قوله المفرد امرأة العزيز في جمع النسوة اللاتي جمعتُهنَّ امرأة العزيز، وهُنَّ اللاتي طلبْنَ منه غَمْزًا أو إشارة أن يُخرج نفسه من هذا الموقف.
ولعل أكثر من واحدة منهن قد نظرت إليه في محاولة لاستمالته، وللعيون والانفعالات وقَسَمات الوجه تعبير أبلغ من تعبير العبارات، وقد تكون إشارات عُيونهن قد دَلَّتْ يوسف على المراد الذي تطلبه كل واحدة منهن، وفي مثل هذه الاجتماعات تلعب لغة العيون دورًا هامًا.
وها هو ذا أبو دلامة الشاعر وقد جلس في مجلس الخليفة، وكان أبو دلامة مشهورًا بقدرة كبيرة على الهجاء. وأراد الخليفة أن يداعبه فقال له: عزمتُ عليك إلا هجوتَ واحدًا منا.
ودارت عيون في المجلس، وأشار له كل مَنْ حضر المجلس خُفيةً بأنه سيُجزل له العطاء إن ابتعد أبو دلامة عن هجائه؛ ولأن أبا دلامة معروفٌ بالطمع، وخشي أن يضيع منه أيُّ شيء من العطايا؛ لذلك قام بهجاء نفسه؛ وقال:
ألا أبلغْ لدَيْك أباَ دلامة ** فليسَ منَ الكِرامِ ولاَ كرامه

إذَا لَبِسَ العِمَامةَ كان قِردًا ** وخِنْزِيرًا إذا خلَع العِمَامه

وهكذا خرج من قسم الأمير؛ وكسب العطايا التي وعده بها من حضروا المجلس.
وهنا في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها نجد يوسف عليه السلام قد جمع امرأة العزيز مع النسوة؛ فقال: {رَبِّ السجن أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ} [يوسف: 33].
أي: أن السجن أفضل لديه من أن يوافق امرأة العزيز على فعل الفحشاء، أو يوافق النسوة على دعوتهن له أن يُحرِّر نفسه من السجن بأن يستجيب لها، ثم يخرج إليهن من القصر من بعد ذلك.
ولكن يوسف عليه السلام دعا ربه، فقال: {وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الجاهلين} [يوسف: 33].
ولسائل أن يقول: ولماذا لم يَقُلْ يوسف يا إلهي وهو يعلم أن مناط التكليف في الألوهية بافعل ولا تفعل؟
نقول: أراد يوسف أن يدعو ربه باسم الربوبية اعترافًا بفضله سبحانه؛ لأنه هو جَلَّ وعلا مَنْ ربَّاه وتعهّده؛ وهو هنا يدعوه باسم الربوبية ألاَّ يتخلى عنه في هذا الموقف.
فيوسف عليه السلام يعرف أنه من البشر؛ وإنْ لم يصرف الله عنه كيدهُنَّ؛ لاستجاب لغوايتهن، ولأصبح من الجاهلين الذين لا يلتفون إلى عواقب الأمور.
وعلى الرغم من أن السجن أمر كريه؛ إلا أنه قد فضَّله على معصية خالقه، ولأنه لجأ إلى المُربِّي الأول. لتأتي الاستجابة منه سبحانه.
يقول الحق: {فاستجاب لَهُ...}.
وهكذا تفضَّل عليه الله الذي خلقه وتولّى تربيته وحمايته، فصرف عنه كيدهُنَّ؛ الذي تمثل في دَعْوتِهنَّ له أن يستسلم لِمَا دَعتْه إليه امرأة العزيز، ثم غُوايتهن له بالتلميح دون التصريح.
تلك الغواية التي تمثلت في قول الملك من بعد ذلك: {قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سواء...} [يوسف: 51].
وهكذا أنجاه الله من مَكْر النسوة؛ وهو جَلَّ وعَلا له مُطْلق السمع ومُطْلق العلم، ولا يخفى عليه شيء، ويستجيب لأهل الصدق في الدعاء. اهـ.

.قال صاحب الميزان في الآيات السابقة:

{ولما بلغ اشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قال معاذ الله إنه ربى احسن مثواى إنه لا يفلح الظالمون} بيان تتضمن الآيات قصته عليه السلام ايام لبثه في بيت العزيز وقد ابتلي فيها بحب امرأة العزيز له ومراودتها اياه عن نفسه ومني بتعلق نساء المدينة به ومراودتهن اياه عن نفسه وكان ذلك بلوى وقد ظهر خلال ذلك من عفة نفسه وطهارة ذيله أمر عجيب ومن تولهه في محبة ربه ما هو اعجب.
قوله تعالى: {ولما بلغ اشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزى المحسنين} بلوغ الاشد ان يعمر الإنسان ما تشتد به قوى بدنه وتتقوى به اركانه بذهاب آثار الصباوة ويأخذ ذلك من ثمانية عشر من عمره إلى سن الكهولة التي عندها يكمل العقل ويتم الرشد.
والظاهر ان المراد به الانتهاء إلى اول سن الشباب دون التوسط فيه أو الانتهاء إلى آخره كالاربعين والدليل عليه قوله تعالى في موسىعليه السلام: {ولما بلغ اشده واستوى آتيناه حكما وعلما} القصص: 14 حيث دل على التوسط فيه بقوله: {استوى} وقوله: {حتى إذا بلغ اشده وبلغ اربعين سنة قال رب اوزعنى ان اشكر نعمتك} الآية الاحقاف: 15 فلو كان بلوغ الاشد هو بلوغ الاربعين لم تكن حاجة إلى تكرار قوله بلغ.
فلا مجال لما ذكره بعضهم ان المراد ببلوغ الاشد بلوغ الثلاثين أو الثلاث والثلاثين وكذا ما قاله آخرون ان المراد به بلوغ الاربعين وهو سن الاربعين على ان من المضحك ان تصبر امرأة العزيز عن يوسف مدى عنفوان شبابه وريعان عمره حتى إذا بلغ الاربعين من عمره واشرف على الشيخوخة تعلقت به وراودته عن نفسه.
وقوله: {آتيناه حكما} الحكم هو القول الفصل وازالة الشك والريب من الأمور القابلة للاختلاف على ما يتحصل من اللغة ولازمه اصابة النظر في عامة المعارف الإنسانية الراجعة إلى المبدأ والمعاد والاخلاق النفسانية والشرائع والاداب المرتبطة بالمجتمع البشرى.
وبالنظر إلى قوله عليه السلام لصاحبيه في السجن {ان الحكم الا لله} الآية: 40 من السورة وقوله بعد {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} الآية: 41 من السورة يعلم ان هذا الحكم الذي اوتيه كان هو حكم الله فكان حكمه حكم الله وهذا هو الذي سأله إبراهيم عليه السلام من ربه إذ قال: {رب هب لى حكما والحقني بالصالحين} الشعراء: 83.
وقوله: {وعلما} وهذا العلم المذكور المنسوب إلى ايتائه تعالى كيفما كان واى مقدار كان علم لا يخالطه جهل كما ان الحكم المذكور معه حكم لا يخالطه هوى نفساني ولا تسويل شيطاني كيف؟ والذى آتاهما هو الله سبحانه وقد قال تعالى: {والله غالب على امره} الآية 21 من السورة وقال: {ان الله بالغ امره} الطلاق: 3 فما آتاه من الحكم لا يخالطه تزلزل الريب والشك وما يؤتيه من العلم لا يكون جهلا البتة.
ثم من المعلوم ان هذه المواهب الإلهية ليست بأعمال جزافية ولا لغوا أو عبثا منه تعالى فالنفوس التي تؤتى هذا الحكم والعلم لا تستوى هي والنفوس الخاطئة في حكمها المنغمرة في جهلها وقد قال تعالى: {والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذى خبث لا يخرج الا نكدا} الأعراف: 58 والى ذلك الإشارة بقوله: {وكذلك نجزى المحسنين} حيث يدل على ان هذا الحكم والعلم اللذين آتاهما الله اياه لم يكونا موهبتين ابتدائيتين لا مستدعى لهما اصلا بل هما من قبيل الجزاء جزاه الله بهما لكونه من المحسنين.
وليس من البعيد ان يستفاد من قوله: {وكذلك نجزى المحسنين} ان الله تعالى يجزى كل محسن على اختلاف صفات الاحسان شيئا من الحكم والعلم يناسب موقعه في الاحسان وقد قال تعالى: {يا ايها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به} الحديد: 28 وقال تعالى: {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس} الأنعام: 122.
وهذا العلم المذكور في الآية يتضمن ما وعد الله سبحانه تعليمه ليوسف من تأويل الاحاديث فانه واقع بين قوله تعالى في الآيات السابقة: {وليعلمه من تأويل الاحاديث} وقوله حكاية عن يوسف في قوله لصاحبيه في السجن: {ذلكما مما علمني ربى} فافهم ذلك.
قوله تعالى: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربى احسن مثواى انه لا يفلح الظالمون} قال في المفردات الرود هو التردد في طلب الشيء برفق ومنه الرائد لطالب الكلاء قال والإرادة منقولة من راد يرود إذا سعى في طلب شيء قال: والمراودة ان تنازع غيرك في الإرادة فتريد غير ما يريد أو ترود غير ما يرود وراودت فلانا عن كذا قال تعالى: {هي راودتني عن نفسي} وقال: {تراود فتاها عن نفسه} أي تصرفه عن رأيه وعلى ذلك قوله: {ولقد راودته عن نفسه} {سنراود عنه اباه} انتهى.
وفي المجمع المراودة المطالبة بأمر بالرفق واللين ليعمل به ومنه المرود لأنه يعمل به ولا يقال في المطالبة بدين راوده واصله من راد يرود إذا طلب المرعى وفى المثل الرائد لا يكذب اهله والتغليق اطباق الباب بما يعسر فتحه وانما شدد ذلك لتكثير الاغلاق أو للمبالغة في الايثاق انتهى.
وهيت لك اسم فعل بمعنى هلم ومعاذ الله أي اعوذ بالله معاذا فهو مفعول مطلق قائم مقام فعله.
والآية الكريمة: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الابواب وقالت هيت لك قال معاذ الله انه ربى احسن مثواى انه لا يفلح الظالمون} على ما فيها من الايجاز تنبئ عن اجمال قصة المراودة غير ان التدبر في القيود المأخوذة فيها والسياق الذي هي واقعة فيه وسائر ما يلوح من اطراف قصته الموردة في السورة يجلى عن حقيقة الحال ويكشف القناع عن تفصيل ما خبئ من الأمر.
يوسف هو ذا طفل صغير حولته ايدى المقادير إلى بيت العزيز عليه سيما العبيد ولعله لم يسأل الا عن اسمه ولم يتكلم إلا أن قال اسمى يوسف أو قيل عنه ذلك ولم يلح من لهجته الا انه كان قد نشأ بين العبريين ولم يسأل عن بيته ونسبه فليس للعبيد بيوت ولم يكن من المعهود ان يحفظ للارقاء انساب وهو ساكت مختوم على لسانه لا يتكلم بشئ وكم من حديث بين جوانحه فلم يعرف نسبه الا بعد سنين من ذلك حينما قال لصاحبيه في السجن {واتبعت ملة آبائى إبراهيم واسحاق ويعقوب} ولا كشف عما في سره من توحيد العبودية لله بين اولئك الوثنيين الا ما ذكره لامرأة العزيز حين راودته عن نفسه بقوله: {معاذ الله انه ربى} إلخ.
هو اليوم حليف الصمت والسكوت لكن قلبه ملئ بما يشاهده من لطيف صنع الله به فهو على ذكر مما بثه إليه ابوه يعقوب النبي من حقيقة التوحيد ومعنى العبودية ثم ما بشر به من الرؤيا ان الله سيخلصه لنفسه ويلحقه بآبائه إبراهيم واسحاق ويعقوب وليس ينسى ما فعله به اخوته ثم ما وعده به ربه في غيابة الجب حين ما انقطع عن كافة الأسباب: انه تحت الولاية الإلهية والتربية الربوبية معني بأمره وسينبؤ اخوته بأمرهم هذا وهم لا يشعرون.