فصل: قال أبو السعود:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والذي يظهر أنّ الآية إنما يعبر بها عن الواضح الجلي، وجمعها يدل على ظهور أمور واضحة دلت على براءته، وقد تكون الآيات التي رأوها لم ينص على جميعها في القرآن، بل رأوا قول الشاهد.
وقد القميص وغير ذلك مما لم يذكره.
وأما ما ذكره عكرمة أن من الآيات خمش وجهها، والسدي من حز أيديهن، فليس في ذلك دلالة على البراءة فلا يكون آية.
وليسجننه جواب قسم محذوف والقسم وجوابه معمول لقول محذوف تقديره قائلين.
وقرأ الحسن: {لتسجننه} بالتاء على خطاب بعضهم العزيز ومن يليه، أو العزيز وحده على وجه التعظيم.
وقرأ ابن مسعود: {عتى} بإبدال حاء حتى عينا، وهي لغة هذيل.
وأقرأ بذلك فكتب إليه يأمره أن يقرئ بلغة قريش حتى لا بلغة هذيل، والمعنى: إلى زمان.
والحين يدل على مطلق الوقت، ومن عين له هنا زمانًا فإنما كان ذلك باعتبار مدة سجن يوسف، لا أنه موضوع في اللغة كذلك، وكأنها اقترحت زمانًا حتى تبصر ما يكون منه.
وفي سجنهم ليوسف دليل على مكيدة النساء، واستنزال المرأة لزوجها ومطاوعته لها، وعشقه لها، وجعله زمام أمره بيدها، هذا مع ظهور خيانتها وبراءة يوسف.
روي أنه لما امتنع يوسف من المعصية، ويئست منه امرأة العزيز قالت لزوجها: إن هذا الغلام العبراني قد فضحني في الناس، وهو يعتذر إليهم ويصف الأمر بحسب اختياره، وأنا محبوسة محجوبة، فأما أذنت لي فخرجت إلى الناس فاعتذرت وكذبته، وإلا حبسته كما أنا محبوسة، فحينئذ بدا لهم سجنه، قال ابن عباس: فأمر به فحمل على حمار، وضرب بالطبل، ونودي عليه في أسواق مصر أنّ يوسف العبراني أراد سيدته، فهذا جزاؤه أن يسجن.
قال أبو صالح: ما ذكر ابن عباس هذا الحديث إلا بكي.
{وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}
عصر العنب وغيره أخرج ما فيه من المائع بقوة.
الخبر: معروف، وجمعه اخباز، ومعانيه خباز.
{ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرًا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين}: في الكلام حذف تقديره: فسجنوه، فدخل معه السجن غلامان.
وروي أنهما كانا للملك الأعظم الوليد بن الريان، أحدهما خبازه، والآخر ساقيه.
وروي أن الملك اتهمهما بأن الخابز منهما أراد سمه ووافقه على ذلك الساقي، فسجنهما قاله: السدي.
ومع تدل على الصحبة واستحداثها، فدل على أنهم سجنوا الثلاثة في ساعة واحدة.
ولما دخل يوسف السجن استمال الناس بحسن حديثه وفضله ونبله، وكان يسلي حزينهم، ويعود مريضهم، ويسال لفقيرهم، ويندبهم إلى الخير، فأحبه الفتيان ولزماه، وأحبه صاحب السجن والقيم عليه وقال له: كن في أي البيوت شئت فقال له يوسف: لا تحبني يرحمك الله، فلقد أدخلت على المحبة مضرات، أحبتني عمتي فامتحنت بمحبتها، وأحبني أبي فامتحنت بمحبته، وأحبتني امرأة العزيز فامتحنت بمحبتها بما ترى.
وكان يوسف عليه السلام قد قال لأهل السجن: إني أعبر الرؤيا وأجيد.
وروي أن الفتيين قالا له: إنا لنحبك من حين رأيناك فقال: أنشدكما الله أنْ لا تحباني، وذكر ما تقدم.
وعن قتادة: كان في السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم، فجعل يقول: اصبروا وابشروا تؤجروا إن لهذا لأجرًا فقالوا: بارك الله عليك، ما أحسن وجهك، وما أحسن خلقك! لقد بورك لنا في جوارك فمن أنت يا فتى؟ قال يوسف: ابن صفي الله يعقوب، ابن ذبيح الله إسحاق بن خليل الله ابراهيم.
فقال له عامل السجن: لو استطعت خليت سبيلك.
وهذه الرؤيا التي للفتيين قال مجاهد: رأيا ذلك حقيقة فأراد سؤاله.
وقال ابن مسعود والشعبي: استعملاها ليجرباه.
والذي رأى عصر الخمر اسمه بنو قال: رأيت حبلة من كرم لها ثلاثة أغصان حسان، فيها عناقيد عنب حسان، فكنت أعصرها وأسقي الملك.
والذي رأى الخبز اسمه ملحب قال: كنت أرى أن أخرج من مطبخة الملك وعلى رأسي ثلاث سلال فيها خبز، والطير تأكل من أعلاه، ورأى الحلمية جرت مجرى أفعال القلوب في جواز كون فاعلها ومفعولها ضميرين متحدي المعنى، فأراني فيه ضمير الفاعل المستكن، وقد تعدى الفعل إلى الضمير المتصل وهو رافع للضمير المتصل، وكلاهما لمدلول واحد.
ولا يجوز أن يقول: اضربني ولا أكرمني.
وسمى العنب خمرًا باعتبار ما يؤول إليه.
وقيل: الخمر بلغة غسان اسم العنب.
وقيل: في لغة ازد عمان.
وقال المعتمر: لقيت أعرابيًا يحمل عنبًا في وعاء فقلت: ما تحمل؟ قال: خمرًا، أراد العنب.
وقرأ أبي وعبد الله: {أعصر عنبًا} وينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لمخالفته سواد المصحف، وللثابت عنهما بالتواتر قراءتهما أعصر خمرًا.
قال ابن عطية: ويجوز أن يكون وصف الخمر بأنها معصورة، إذ العصر لها ومن أجلها.
وفي مصحف عبد الله: فوق رأسي ثريدًا تأكل الطير منه، وهو أيضًا تفسير لا قراءة.
والضمير في تأويله عائدًا إلى ما قصا عليه، أجرى مجرى اسم الإشارة كأنه قيل: بتأويل ذلك.
وقال الجمهور: من المحسنين أي في العلم، لأنهما رأيا منه ما علما به أنه عالم.
وقال الضحاك وقتادة: من المحسنين في حديثه مع أهل السجن وإجماله معهم.
وقال ابن إسحاق: أرادا إخباره أنهما يريان له إحسانًا عليهما ويدًا، إذا تأول لهما ما رأياه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ} أي ظهر للعزيز وأصحابه المتصدّين للحل والعقد ريثما اكتفَوا بأمر يوسف بالكتمان والإعراض عن ذلك: {مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات} الصارفةَ لهم عن ذلك البداءِ وهي الشواهدُ الدالة على براءته عليه السلام، وفاعل بدا إما مصدرُه أو الرأي المفهوم من السياق أو المصدر المدلول عليه بقوله: {لَيَسْجُنُنَّهُ} والمعنى بدا لهم بداءٌ أو رأيٌ أو سَجنُه المحتومُ قائلين: والله ليسجُنُنّه فالقسم المحذوف وجوابه معمول للقول المقدر حالًا من ضميرهم، وما كان ذلك البداءُ إلا باستنزال المرأةِ لزوجها وقتلها منه في الذروة والغارب وكان مطواعةً لها تقوده حيث شاءت، قال السدي إنها قالت للعزيز: إن هذا العبدَ العبراني فد فضحني في الناس يخبرهم بأني راودتُه عن نفسه فإما أن تأذن لي فأخرجَ فأعتذرَ إلى الناس وإما أن تحبِسه فحبسه، ولقد أرادت بذلك تحقيقَ وعيدِها لتُلين به عريكتَه وتنقادَ لها قرونته لمّا انصرمت حبالُ رجائها عن استتباعه بعرض الجمالِ والترغيبِ بنفسها وبأعوانها. وقرئ {لتسجُنُنه} على صيغة الخطاب بأن خاطب بعضُهم العزيزَ ومن يليه أو العزيزَ وحده على وجه التعظيم أو خاطب العزيزَ ومَن عنده مِن أصحاب الرأي المباشرين للسجن والحبس: {حتى حِينٍ} إلى حين انقطاعِ قالةِ الناسِ وهذا بادي الرأي عند العزيز وذويه، وأما عندها فحتى يذلِّلَه السجنُ ويسخره لها ويحسبَ الناسُ أنه المجرمُ وقرئ {عتى حين} بلغة هذيل.
{وَدَخَلَ مَعَهُ}
أى في صحبته: {السجن فَتَيَانَ} من فتيان الملك ومماليكه أحدهما شرابيه والآخر خبازه. روى أن جماعة من أهل مصر ضمنوا لهما مالا ليسما الملك في طعامه وشرابه فأجابهم إلى ذلك ثم إن الساقى نكل عن ذلك ومضى عليه الخباز فسم الخبز فلما حضر الطعام قال الساقى لا تأكل أيها الملك فإن الخبز مسموم وقال الخباز لا تشرب أيها الملك فإن الشراب مسموم فقال الملك للساقى اشربه فشربه فلم يضره وقال للخباز كله فأبى فجرب بدابة فهلكت فأمر بحبسهما فانفق أن أدخلاه معه وتأخير الفاعل عن المفعول لما مر غير مرة من الاهتمام بالمقدم والتشويق إلى المؤخر ليتمكن عند النفس حين وروده عليها فضل تمكن ونظيره تقديم الظرف على المفعول الصريح في قوله تعالى: {فأوجَسَ في نفسه خِيفة} وتأخير السجن عن الظرف لإيهام العكس أن يكون الظرف خبرًا مقدما على المبتدأ وتكون الجملة حالا من فاعل دخل فتأمل: {قَالَ أَحَدُهُمَا} استئناف مبنى على سؤال من يقول ما صنعا بعد ما دخلا معه السجن فأجيب بأنه قال أحدهما وهو الشرابى: {إني أرانيا} أي رأيتنى والتعبير بالمضارع لاستحضار الصورة الماضية: {أَعْصِرُ خَمْرًا} أي عنبًا سماه بما يؤول إليه لكونه المقصود من العصر وقيل الخبر بلغة عمان اسم للعنب وفى قراءة ابن مسعود رضى الله عنه أعصر عنبًا: {وَقَالَ الآخر} وهو الخباز: {إِنِّي أراني أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا} تأخير المفعول عن الظرف لما مر آنفًا وقوله: {تَأْكُلُ الطير مِنْهُ} أي تنهس منه صفة للخبز أو استئناف مبنى على السؤال: {نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ} بتأويل ما ذكر من الرؤ بين أو ما رئى بإجراء الضمير مجرى ذلك بطريق الاستعارة فإن اسم الإشارة يشار به إلى متعدد كما في قوله:
فيها خطوط من سواد وبلق ** كأنه في الجلد توليع البهق

أى كائن ذلك والسر في المصير إلى إجراء الضمير مجرى اسم الإشارة مع أنه لا حاجة إليه بعد تأويل المرجع بما ذكر أو بما رئى أن الضمير إنما يتعرض لنفس المرجع من حيث هو من غير تعرض لحال من أحواله فلا يتسنى تأويله بأحد الاعتبارين إلا بإجرائه مجرى اسم الإشارة الذي يدل على المشار إليه بالاعتبار الذي جرى عليه في الكلام فتأمل هذا إذا قالاه معًا أو قاله أحدهما من جهتهما ليتعدد المرجع بل عبارة كل منهما نبئنى بتأويله مستفسرًا لما رآه وصيغة المتكلم مع الغير واقعة في الحكاية دون المحكى على طريقة قوله عز وجل: {يَأيُّها الرُّسل كُلُوا من الطيبات} فإنَّهم لم يخاطبوا بذلك دفعة بل خوطب كل منهم في زمانه بصيغة مفردة خاصة به: {إِنَّا نَرَاكَ} تعليل لعرض رؤياهما عليه واستفسارها منه عليه السلام: {مِنَ المحسنين} من الذين يحيدون عبارة الرؤيا لما رأياه يقص عليه بعض أهل السجن رؤياه فيؤو لها له تأويلا حسنًا أو من العلماء لما سمعاه يذكر للناس ما يدل على علمه وفضله أو من المحسنين إلى أهل السجن أي فأحسن إلينا بكشف غمتنا إن كنت قادرًا على ذلك.
روى أنه عليه السلام كان إذا مرض منهم رجل قام عليه وإذا ضاق مكانه أوسع له وإذا احتاج جمع له وعن قتادة رضى الله عنه كان في السجن ناس قد انقطع رجاؤهم وطال حزنهم فجعل يقول أبشروا واصبروا تؤجروا فقالوا بارك الله عليك ما أحسن وجهك وما أحسن خلقك لقد بورك لنا في جوارك فمن أنت يا فتى فقال أنا يوسف بن صفى الله يعقوب بن ذبيح الله إسحق بن خليل الله إبراهيم فقال له عامل السجن لو استطعت خليت سبيلك ولكنى أحسن جوارك فكن في أي بيوت السجن شئت وعن الشعبى أنهما تحالما له ليمتحناه فقال الشرابى أرانى في بستان فإذا بأصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فقطعتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته وقال الخباز إنى أرانى وفوق رأسى ثلاث سلال فيها أنواع الأطعمة وإذا سباع الطير تنهس منها. اهـ.

.قال الألوسي:

{ثُمَّ بَدَا لَهُمْ} أي ظهر للعزيز وأصحابه المتصدين للحل والعقد ريثما اكتفوا بأمر يوسف عليه السلام بالكتمان والإعراض عن ذلك: {مِّن بَعْد مَا رَأَوُاْ الآيَات} الصارفة لهم عن ذلك البداء وهي الشواهد الدالة على براءته عليه السلام وطهارته من قد القميص وقطع النساء أيديهن، وعليهما اقتصر قتادة فيما أخرجه عنه ابن جرير، وفيه إطلاق الجمع على اثنين والأمر فيه هين، وعن مجاهد الاقتصار على القد فقط لأن القطع ليس من الشواهد الدالة على البراءة في شيء حينئذ للتعظيم، ويحمل الجمع حينئذ على التعظيم أو أل على الجنسية وهي تبطل معنى الجمعية كذا قيل، وهو كما ترى.
ووجه بعضهم عدّ القطع من الشواهد بأن حسنه عليه الصلاة والسلام الفاتن للنساء في مجلس واحد، وفي أول نظرة يدل على فتنتها بالطريق الأولى وأن الطلب منها لا منه، وعدّ بعضهم استعصامه عليه السلام عن النسوة إذ دعونه إلى أنفسهن فإن العزيز وأصحابه قد سمعوه وتيقنوا به حتى صار كالمشاهد لهم، ودلالة ذلك على البراءة ظاهرة.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال: سألت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن الآيات فقال: ما سألني عنها أحد قبلك من الآيات: قد القميص وأثرها في جسده وأثر السكين فعدَّ رضي الله تعالى عنه الأثر من الآيات ولم يذكر فيما سبق، ومن هنا قيل: يجوز أن يكون هناك آيات غير ما ذكر ترك ذكرها كما ترك ذكر كثير من معجزات الأنبياء عليهم السلام.
وفاعل: {بدا} ضمير يعود إما للبداء مصدر الفعل المذكور أو بمعنى الرأي كما في قوله:
لعلك والموعود حق لقاؤه ** بدا لك في تلك القلوص بداء

وإما للسجن بالفتح المفهوم من قوله سبحانه: {لَيَسْجُنُنَّهُ} وجملة القسم وجوابه إما مفعول لقول مضمر وقع حالًا من ضميرهم وإلى ذلك ذهب المبرد، وإما مفسرة للضمير المستتر في: {بدا} فلا موضع لها.
وقيل: إن جملة: {ليسجننه} جواب- لبدا- لأنه من أفعال القلوب، والعرب تجريها مجرى القسم وتتلقاها بما يتلقى به، وزعم بعضهم أن مضمون الجملة هو فاعل: {بدا} كما قالوا في قوله سبحانه: {أو لم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون} [السجدة: 26] وقوله تعالى: {وتبين لكم كيف فعلنا بهم} [إبراهيم: 45] أن الفاعل مضمون الجملة أي كثرة إهلاكنا وكيفية فعلنا، وظاهر كلام ابن مالك في شرح التسهيل أن الفاعل في ذلك الجملة لتأويلها بالمفرد حيث قال: وجاز الإسناد في هذا الباب باعتبار التأويل كما جاز في باب المبتدأ نحو: {سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم} [البقرة: 6] وجمهور النحاة لا يجوزون ذلك كما حقق في موضعه.
واختار المازني في الفاعل الوجه الأول.
قيل: وحسن بدا لهم بداء وإن لم يحسن ظهر لهم ظهور لأن البداء قد استعمل في غير المصدرية كما علمت، واختار أبو حيان الوجه الأخير وكونه ضمير السجن السابق على قراءة من فتح السين، والأولى كونه ضمير السجن المفهوم من الجملة أي بدا لهم سجنه المحتوم قائلين: والله ليسجننه.
وكان ذلك البداء باستنزال المرأة لزوجها ومطاوعته لها وحبه إياها وجعله زمام أمره بيدها.
روي أنه عليه السلام لما استعصم ع نها ويئست منه قالت للعزيز: إن هذا الغلام العبراني قد فضحني في الناس يخبرهم بأني راودته عن نفسه فأبى ويصف الأمر حسبما يختار، وأنا محبوسة محجوبة فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر إلى الناس وأكذبه وإما أن تحبسه كما أني محبوسة فحبس، قال ابن عباس: إنه أمر به عليه السلام فحمل على حمار وضرب معه الطبل ونودي عليه في أسواق مصر أن يوسف العبراني راود سيدته فهذا جزاؤه، وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما قال أبو صالح: كلما ذكر هذا بكى.
وأرادت بذلك تحقيق وعيدها لتلين به عريكته وتنقاد لها قرونته لما انصرمت حبال رجائها عن استتباعه بعرض الجمال بنفسها وبأعوانها.
وقرأ الحسن {لتسجننه} على صيغة الخطاب بأن خاطب بعضهم العزيز ومن يليه أو العزيز وحجه على وجه التعظيم، أو خاطب به العزيز ومن عنده من أصحاب الرأي المباشرين للسجن والحبس.