فصل: (سورة يوسف: الآيات 50- 51)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة يوسف: الآيات 50- 51]

{وَقالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51)}
إنما تأنى وتثبت في إجابة الملك، وقدّم سؤال النسوة ليظهر براءة ساحته عما قرف به وسجن فيه، لئلا يتسلق به الحاسدون إلى تقبيح أمره عنده، ويجعلوه سلمًا إلى حط منزلته لديه، ولئلا يقولوا ما خلد في السجن سبع سنين إلا لأمر عظيم وجرم كبير حق به أن يسجن ويعذب ويستكف شرّه.
وفيه دليل على أنّ الاجتهاد في نفى التهم واجب وجوب اتقاء الوقوف في مواقفها، قال عليه السلام: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقفنّ مواقف التهم». ومنه قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- للمارّين به في معتكفه وعنده بعض نسائه: «هي فلانة» اتقاء للتهمة، وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم: «لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره- واللّه يغفر له- حين سئل عن البقرات العجاف والسمان، ولو كنت مكانه ما أخبرتهم حتى أشترط أن يخرجونى. ولقد عجبت منه حين أتاه الرسول فقال: ارجع إلى ربك. ولو كنت مكانه ولبثت في السجن ما لبث، لأسرعت الإجابة وبادرتهم الباب ولما ابتغيت العذر، إن كان لحليما ذا أناة». وإنما قال: سل الملك عن حال النسوة ولم يقل سله أن يفتش عن شأنهن، لأنّ السؤال مما يهيج الإنسان ويحركه للبحث عما سئل عنه، فأراد أن يورد عليه السؤال ليجدّ في التفتيش عن حقيقة القصة وفصّ الحديث حتى يتبين له براءته بيانًا مكشوفًا يتميز فيه الحق من الباطل. وقرئ: {النِّسْوَةِ} بضم النون ومن كرمه وحسن أدبه: أنه لم يذكر سيدته مع ما صنعت به وتسببت فيه من السجن والعذاب، واقتصر على ذكر المقطعات أيديهنّ {إِنَّ رَبِّي} إنّ اللّه تعالى: {بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} أراد أنه كيد عظيم لا يعلمه إلا اللّه، لبعد غوره. أو استشهد بعلم اللّه على أنهنّ كدنه، وأنه بريء مما قرف به. أو أراد الوعيد لهنّ، أي: هو عليم بكيدهنّ فمجازيهنّ عليه {ما خَطْبُكُنَّ} ما شأنكنّ {إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ} هل وجدتنّ منه ميلا إليكنّ {قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ} تعجبًا من عفته وذهابه بنفسه عن شيء من الريبة ومن نزاهته عنها {قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} أي ثبت واستقرّ وقرئ: {حَصْحَصَ} على البناء للمفعول، وهو من حصحص البعير إذا ألقى ثفناته للإناخة. قال:
فَحَصْحَصَ في صُمِّ الصَّفَا ثَفَنَاتِهِ ** وَنَاءَ بِسَلْمَى نَوْءَةً ثُمَّ صَمَّمَا

ولا مزيد على شهادتهنّ له بالبراءة والنزاهة واعترافهنّ على أنفسهنّ بأنه لم يتعلق بشيء مما قرفنه به، لأنهنّ خصومه. وإذا اعترف الخصم بأنّ صاحبه على الحق وهو على الباطل، لم يبق لأحد مقال. وقالت المجبرة والحشوية نحن قد بقي لنا مقال، ولابد لنا من أن ندق في فروة من ثبتت نزاهته.

.[سورة يوسف: آية 52]

{ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (52)}
{ذلِكَ لِيَعْلَمَ} من كلام يوسف، أي ذلك التثبت والتشمر لظهور البراءة ليعلم العزيز {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ} بظهر الغيب في حرمته. ومحل بِالْغَيْبِ الحال من الفاعل أو المفعول، على معنى: وأنا غائب عنه خفى عن عينه أو وهو غائب عنى خفى عن عينى. ويجوز أن يكون ظرفا، أي بمكان الغيب، وهو الخفاء والاستتار وراء الأبواب السبعة المغلقة {وَ} ليعلم {أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ} لا ينفذه ولا يسدّده، وكأنه تعريض بامرأته في خيانتها أمانة زوجها، وبه في خيانته أمانة اللّه حين ساعدها بعد ظهور الآيات على حبسه. ويجوز أن يكون تأكيدًا لأمانته، وأنه لو كان خائنًا لما هدى اللّه كيده ولا سدّده.

.[سورة يوسف: آية 53]

{وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)}
ثم أراد أن يتواضع للّه ويهضم نفسه، لئلا يكون لها مزكيا وبحالها في الأمانة معجبًا ومفتخرًا، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم ولا فخر» وليبين أنّ ما فيه من الأمانة ليس به وحده، وإنما هو بتوفيق اللّه ولطفه وعصمته فقال: {وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي} من الزلل، وما أشهد لها بالبراءة الكلية ولا أزكيها. ولا يخلو، إمّا أن يريد في هذه الحادثة، لما ذكرنا من الهمّ الذي هو ميل النفس عن طريق الشهوة البشرية لا عن طريق القصد والعزم. وإمّا أن يريد به عموم الأحوال {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} أراد الجنس، أي إنّ هذا الجنس يأمر بالسوء ويحمل عليه بما فيه من الشهوات {إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي} إلا البعض الذي رحمه ربى بالعصمة كالملائكة. ويجوز أن يكون ما رَحِمَ في معنى الزمن، أي: إلا وقت رحمة ربى، يعنى أنها أمّارة بالسوء في كل وقت وأوان، إلا وقت العصمة. ويجوز أن يكون استثناء منقطعًا، أي: ولكن رحمة ربى هي التي تصرف الإساءة، كقوله: {وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ إِلَّا رَحْمَةً} وقيل معناه: ذلك ليعلم أنى لم أخنه لأنّ المعصية خيانة. وقيل: هو من كلام امرأة العزيز، أي ذلك الذي قلت ليعلم يوسف أنى لم أخنه ولم أكذب عليه في حال الغيبة وجئت بالصحيح والصدق فيما سئلت عنه وما أبرئ نفسي مع ذلك من الخيانة، فإنى قد خنته حين قرفته وقلت جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن وأودعته السجن- تريد الاعتذار مما كان منها- إنّ كل نفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربى: إلا نفسًا رحمها اللّه بالعصمة كنفس يوسف {إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} استغفرت ربها واسترحمته مما ارتكبت. فإن قلت: كيف صح أن يجعل من كلام يوسف ولا دليل على ذلك؟
قلت: كفى بالمعنى دليلا قائدا إلى أن يجعل من كلامه. ونحوه قوله: {قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ} ثم قال: {فَماذا تَأْمُرُونَ} وهو من كلام فرعون يخاطبهم ويستشيرهم. وعن ابن جريج: هذا من تقديم القرآن وتأخيره، ذهب إلى أن ذلِكَ لِيَعْلَمَ متصل بقوله: {فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ} ولقد لفقت المبطلةروايات مصنوعة، فزعموا أن يوسف حين قال: {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} قال له جبريل: ولا حين هممت بها، وقالت له امرأة العزيز: ولا حين حللت تكة سراويلك يا يوسف، وذلك لتهالكهم على بهت اللّه ورسله. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

{وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (30)}
قال المفسرون: ثم شاع ذلك الحديث في مصر حتى تحدَّث بذلك النساء، وهو قوله: {وقال نسوة في المدينة}، وفي عددهن قولان:
أحدهما: أنهن كن أربعًا: امرأة ساقي الملك، وامرأة صاحب دواته، وامرأة خبَّازه، وامرأة صاحب سجنه، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهن خمس، امرأة الخبَّاز، وامرأة الساقي، وامرأة السجَّان، وامرأة صاحب الدواة، وامرأة الآذن، قاله مقاتل.
فأما العزيز، فهو بلغتهم الملك، والفتى بمعنى العبد.
قال الزجاج: كانوا يسمون المملوك فتى.
وإِنما تكلم النسوة في حقها، طعنًا فيها، وتحقيقًا لبراءة يوسف.
قوله تعالى: {قد شغفها حبًا} أي: بلغ حبُّه شَغاف قلبها.
وفي الشَّغاف أربعة أقوال:
أحدها: أنه جلدةٌ بين القلب الفؤاد، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: أنه غلاف القلب، قاله أبو عبيدة.
قال ابن قتيبة: ولم يُرِدِ الغلاف، إِنما أراد القلب، يقال: شغفت فلانًا: إِذا أصبت شغافه، كما يقال: كبدته: إِذا أصبت كبده، وبطنته: إِذا أصبت بطنه.
والثالث: أنه حَبَّة القلب وسويداؤه.
والرابع: أنه داءٌ يكون في الجوف في الشراسيف، وأنشدوا:
وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُوْنَ ذَلِكَ دَاخِلٌ ** دُخُوْلَ الشَّغافِ تَبْتَغِيْهِ الأَصَابِعُ

ذكر القولين الزجاج.
وقال الأصمعي: الشَّغاف عند العرب: داءٌ يكون تحت الشراسيف في الجانب الأيمن من البطن، والشَّراسيف: مقاطّ رؤوس الأضلاع، واحدها: شُرسوف.
وقرأ عبد الله بن عمرو، وعلي بن الحسين، والحسن البصري، ومجاهد، وابن محيصن، وابن أبي عبلة {قد شعفها} بالعين.
قال الفراء: كأنه ذهب بها كل مذهب، والشَّعَف: رؤوس الجبال.
قوله تعالى: {إِنا لنراها في ضلال مبين} أي: عن طريق الرشد، لحبها إِياه.
والمبين: الظاهر.
قوله تعالى: {فلما سمعت} يعني: امرأة العزيز،: {بمكرهن} وفيه قولان:
أحدهما: أنه قولهن وعيبهن لها، قاله ابن عباس، وقتادة، والسدي، وابن قتيبة قال الزجاج: وإِنما سمي هذا القول مكرًا، لأنها كانت أطلعتهن على أمرها، واستكتمتهن، فمكرن وأفشين سرها.
والثاني: أنه مكر حقيقة، وإِنما قلن ذلك مكرًا بها لتريَهنّ يوسف، قاله ابن إِسحاق.
قوله تعالى: {وأعتدت} قال الزجاج: أفعلت من العتاد، وكل ما اتخذته عُدَّةً لشيء فهو عتاد، والعتاد: الشيء الثابت اللازم.
وقال ابن قتيبة: أعتدت بمعنى أعدَّت.
فأما المتكأ، ففيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه المجلس، فالمعنى: هيأت لهن مجلسًا، قاله الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أنه الوسائد اللائي يتكئن عليها، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
وقال الزجاج: المتكأ: ما يُتَّكأ عليه لطعام أو شراب أو حديث.
والثالث: أنه الطعام، قاله الحسن، ومجاهد، وقتادة.
قال ابن قتيبة: يقال: اتكأنا عند فلان: إِذا طعمنا، قال جميل بن معمر:
فَظَلِلْنَا في نَعْمةٍ واتَّكأْنا ** وَشَرِبْنَا الحَلاَلَ مِنْ قُلَلِهْ

والأصل في هذا أن من دَعَوْتَه ليطعم، أعددت له التُّكأة للمقام والطمأنينة، فسمي الطعام متَّكأً على الاستعارة.
قال الأزهري: إِنما قيل للطعام: متكأ، لأن القوم إِذا قعدوا على الطعام اتكؤوا، ونُهيت هذه الأمة عن ذلك.
وقرأ مجاهد {مُتْكًا} بإسكان التاء خفيفة، وفيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه الأُتْرُجّ، قاله ابن عباس، ومجاهد، ويحيى بن يعمر في آخرين، ومنه قول الشاعر:
نَشْرَبُ الإِثْمَ بالصُّواعِ جِهَارًا ** وترى المُتْكَ بَيْنَنَا مُسْتَعَارَا

يريد: الأُتْرُجّ.
والثاني: أنه الطعام أيضًا، قاله عكرمة.
الثالث: أنه كل شيء يُحَزُّ بالسكاكين، قاله الضحاك.
والرابع: أنه الزُّماورد، روي عن الضحاك أيضًا.
وقد روي عن جماعة أنهم فسروا المتَّكأَ بما فسروا به المُتك، فروي عن ابن جريج أنه قال: المتَّكأُ: الأترج، وكل ما يُحَزُّ بالسكاكين.
وعن الضحاك قال: المتَّكأُ: كل ما يُحَزُّ بالسكاكين.
وفرق آخرون بين القراءتين، فقال مجاهد: من قرأ {متَّكَأً} بالتثقيل، فهو الطعام، ومن قرأ بالتخفيف، فهو الأُتْرُجُّ.
قال ابن قتيبة: من قرأ {مُتْكًا} فإنه يريد الأترج، ويقال: الزُّماورد.
وأيًا ما كان، فإني لا أحسبه سمي مُتْكًا إِلا بالقطع، كأنه مأخوذ من البَتْك، فأبدلت الميم منه باءً، كما يقال: سَمَد رأسه وسَبَده: إِذا استأصله، وشر لازم، ولازب، والميم تبدل من الباء كثيرًا، لقرب مخرجيهما.
قوله تعالى: {وآتت كلَّ واحدة منهن سكينًا} إِنما فعلت ذلك، لأن الطعام الذي قدمتْ لهن يحتاج إِلى السكاكين.
وقيل: كان مقصودها افتضاحهن بتقطيع أيديهن كما فضحنها.
قال وهب بن منبه: ناولت كل واحدة منهن أُتْرُجَّةً وسكينًا، وقالت لهن: لا تقطعن ولا تأكلن حتى أُعلمكن، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن.
قال الزجاج: إِن شئت ضممت التاء من قوله: {وقالت}.
وإِن شئت كسرت، والكسر الأصل لسكون التاء والخاء، ومن ضم التاء، فلثقل الضمة بعد الكسرة.
ولم يمكنه أن لا يخرج، لأنه بمنزلة العبد لها.
وذكر بعض أهل العلم أنها إِنما قالت: {اخرج} وأضمرت في نفسها {عليهن}، فأخبر الحق عما في النفس كأن اللسان قد نطق به، ومثله: {إِنما نطعمكم لوجه الله...} الآية [الانسان 9]، لم يقولوا ذلك، إِنما أضمروه، ويدل على صحة هذا أنها لو قالت له وهو شاب مستحسَن: اخرج على نسوة من طبعهن الفتنة، مافعل.
وفي قوله: {أَكْبَرْنَهُ} قولان:
أحدهما: أَعْظَمْنَهُ، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال قتادة، وابن زيد.
والثاني: حِضْنَ، رواه الضحاك عن ابن عباس.
وروى علي بن عبد الله ابن عباس عن أبيه قال: حضن من الفَرَح، قال: وفي ذلك يقول الشاعر:
نَأْتي النساءَ لدى أطهارِهِنَّ ولا ** نأتي النساءَ إِذا أكبرنَ إِكبارا

وقد روى هذا المعنى ليث عن مجاهد، واختاره ابن الأنباري، وردّه بعض اللغويين، فروي عن أبي عبيدة أنه قال: ليس في كلام العرب أكبرن بمعنى حِضن، ولكن عسى أن يكنّ من شدة ما أعظمنه حضن، وكذلك روي عن الزجاج أنه أنكره.
قوله تعالى: {وقطَّعن أيدَيهن} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: حَزَزْنَ أيديَهن، وكن يحسبن أنهن يقطّعن طعامًا، قاله ابن عباس، وابن زيد.
والثاني: قطّعن أيدَيهن حتى ألقينها، قاله مجاهد، وقتادة.
والثالث: كلَمن الأكُفَّ وأبنَّ الأنامل، قاله وهب بن منبه.
قوله تعالى: {وقلن حاشا لله} قرأ أبو عمرو {حاشا} بألف في الوصل في الموضعين، واتفقوا على حذف الألف في الوقف، وأبو عمرو جاء به على التمام والأصل، والباقون حذفوا.
وهذه الكلمة تستعمل في موضعين.
أحدهما: الاستثناء، والثاني: التبرئة من الشر.
والأصل حاشا وهي مشتقة من قولك: كنت في حشا فلان، أي: في ناحيته.