فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{مزجاة} بالإمالة: حمزة وعلي وخلف: {حزني} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وابن عامر وأبو عمرو. {قالوا إنك} على الخبر أو على حذف حرف الاستفهام: ابن كثير ويزيد. {أئنك} بهمزتين: عاصم وحمزة وعلي وخلف وهشام يدخل بينهما مدة. {أينك} بهمز ثم ياء: نافع غير قالون وسهل ويعقوب غير زيد: {آينك} بهمزة ممدودة ثم ياء: أبو عمرو وزيد وقالون. {من يتقي} بالياء في الحالين: ابن مجاهد وأبو عون عن قنبل. الباقون بغير ياء: {إني أعلم} بفتح الياء: أبو جعفر ونافع وابن كثير وأبو عمرو: {ربي إنه} بالفتح أيضًا: أبو جعفر وأبو عمرو: {أبي إذ} بالفتح أيضًا عندهم: {إخوتي}، {ربي} بفتح الياء أيضًا: يزيد والنجاري عن ورش وقالون غير الحلواني والله أعلم.

.الوقوف:

{كظيم} o {الهالكين} o {لا تعلمون} o {ولا تيأسوا من روح الله} ط {الكافرون} o {وتصدق علينا} ط {المتصدقين} o {جاهلون} o {لأنت يوسف} ط {أخي} ز لتعجيل الشكر مع اختلاف الجملتين. {علينا} ط لاحتمال أنه ابتداء إخبار من الله، وإن كان من قول يوسف جاز الوقوف أيضًا لاتحاد القائل مع الابتداء بأن: {المحسنين} o {الخاطئين} o {اليوم} ط لاختلاف الجملتين نفيًا وإثباتًا أو خبرًا ودعاء: {لكم} ط لاحتمال الاستئناف والحال أوضح: {الراحمين} o {يأتي بصيرًا} ج لطول الكلام واعتراض الجواب مع اتفاق الجملتين: {أجمعين} o {تفندون} o {القديم} o {بصيرًا} ج لاحتمال أن يكون ما بعده جواب لما وقوله: {ألقاه} حالًا بإضمار قد: {ما لا تعلمون} o {خاطئين} o {ربي} ط {الرحيم} o {آمنين} o {سجدًا} ج: {من قبل} ز لتمام الجملة لفظًا دون المعنى. {حقًا} ط لتمام بيان الجملة الأولى وابتداء جملة عظمى: {إخوتي} ط {لما يشاء} ط {الحكيم} o {الأحاديث} ج لحق حذف حرف النداء مع اتصال الكلام: {والآخرة} ج لانقطاع النظم مع اتصال الثناء بالدعاء: {الصالحين} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} واعلم أن يعقوب عليه السلام لما سمع كلام أبنائه ضاق قلبه جدًا وأعرض عنهم وفارقهم ثم بالآخرة طلبهم وعاد إليهم.
أما المقام الأول: وهو أنه أعرض عنهم، وفر منهم فهو قوله: {وتولى عَنْهُمْ وَقَالَ ياأسفى على يُوسُفَ}.
واعلم أنه لما ضاق صدره بسبب الكلام الذي سمعه من أبنائه في حق بنيامين عظم أسفه على يوسف عليه السلام: {وَقَالَ يأَبَتِ دَخَلُواْ على يُوسُفَ} وإنما عظم حزنه على مفارقة يوسف عند هذه الواقعة لوجوه:
الوجه الأول: أن الحزن الجديد يقوي الحزن القديم الكامن والقدح إذا وقع على القدح كان أوجع وقال متمم بن نويرة:
وقد لامني عند القبور على البكا ** رفيقي لتذراف الدموع السوافك

فقال أتبكي كل قبر رأيته ** لقبر ثوى بين اللوى والدكادك

فقلت له إن الأسى يبعث الأسى ** فدعني فهذا كله قبر مالك

وذلك لأنه إذا رأى قبرًا فتجدد حزنه على أخيه مالك فلاموه عليه، فأجاب بأن الأسى يبعث الأسى.
وقال آخر:
فلم تنسني أو في المصيبات بعده ** ولكن نكاء القرح بالقرح أوجع

والوجه الثاني: أن بنيامين ويوسف كانا من أم واحدة وكانت المشابهة بينهما في الصورة والصفة أكمل، فكان يعقوب عليه السلام يتسلى برؤيته عن رؤية يوسف عليه السلام، فلما وقع ما وقع زال ما يوجب السلوة فعظم الألم والوجد.
الوجه الثالث: أن المصيبة في يوسف كانت أصل مصائبه التي عليها ترتب سائر المصائب والرزايا، وكان الأسف عليه أسفًا على الكل.
الرابع: أن هذه المصائب الجديدة كانت أسبابها جارية مجرى الأمور التي يمكن معرفتها والبحث عنها.
وأما واقعة يوسف فهو عليه السلام كان يعلم كذبهم في السبب الذي ذكروه، وأما السبب الحقيقي فما كان معلومًا له، وأيضًا أنه عليه السلام كان يعلم أن هؤلاء في الحياة وأما يوسف فما كان يعلم أنه حي أو ميت، فلهذه الأسباب عظم وجده على مفارقته وقويت مصيبته على الجهل بحاله.
المسألة الثانية:
من الجهال من عاب يعقوب عليه السلام على قوله: {ياأسفى على يُوسُفَ} قال: لأن هذا إظهار للجزع وجار مجرى الشكاية من الله وأنه لا يجوز، والعلماء بينوا أنه ليس الأمر كما ظنه هذا الجاهل، وتقريره أنه عليه السلام لم يذكر هذه الكلمة ثم عظم بكاؤه، وهو المراد من قوله: {وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن} ثم أمسك لسانه عن النياحة، وذكر مالا ينبغي، وهو المراد من قوله: {فَهُوَ كَظِيمٌ} ثم إنه ما أظهر الشكاية مع أحد من الخلق بدليل قوله: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله} وكل ذلك يدل على أنه لما عظمت مصيبته وقويت محنته فإنه صبر وتجرع الغصة وما أظهر الشكاية فلا جرم استوجب به المدح العظيم والثناء العظيم.
روي أن يوسف عليه السلام سأل جبريل هل لك علم بيعقوب؟ قال نعم قال: وكيف حزنه؟ قال: حزن سبعين ثكلى وهي التي لها ولد واحد ثم يموت.
قال: فهل له فيه أجر؟ قال: نعم أجر مائة شهيد.
فإن قيل: روي عن محمد بن علي الباقر قال: مر بيعقوب شيخ كبير فقال له أنت إبراهيم فقال: أنا ابن ابنه والهموم غيرتني وذهبت بحسني وقوتي، فأوحى الله تعالى إليه: حتى متى تشكوني إلى عبادي وعزتي وجلالي لو لم تشكني لأبدلنك لحمًا خيرًا من لحمك ودمًا خيرًا من دمك فكان من بعد يقول: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كان ليعقوب أخ مواخ» فقال له: ما الذي أذهب بصرك وقوس ظهرك فقال الذي أذهب بصري البكاء على يوسف وقوس ظهري الحزن على بنيامين، فأوحى الله تعالى إليه «أما تستحي تشكوني إلى غيري» فقال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله، فقال يا رب أما ترحم الشيخ الكبير قوست ظهري، وأذهبت بصري، فاردد عليَّ ريحانتي يوسف وبنيامين فأتاه جبريل عليه السلام بالبشرى وقال: لو كانا ميتين لنشرتهما لك فاصنع طعامًا للمساكين، فإن أحب عبادي إلي الأنبياء والمساكين، وكان يعقوب عليه السلام إذا أراد الغداء نادى مناديه من أراد الغداء فليتغد مع يعقوب، وإذا كان صائمًا نادى مثله عند الإفطار.
وروي أنه كان يرفع حاجبيه بخرقة من الكبر، فقال له رجل: ما هذا الذي أراه بك، قال طول الزمان وكثرة الأحزان، فأوحى الله إليه «أتشكوني يا يعقوب» فقال: يارب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي.
قلنا: إنا قد دللنا على أنه لم يأت إلا بالصبر والثبات وترك النياحة.
وروي أن ملك الموت دخل على يعقوب عليه السلام فقال له: جئت لتقبضني قبل أن أرى حبيبي فقال: لا، ولكن جئت لأحزن لحزنك وأشجو لشجوك، وأما البكاء فليس من المعاصي.
وروي أن النبي عليه الصلاة والسلام: بكى على ولده إبراهيم عليه السلام وقال: «إن القلب ليحزن والعين تدمع، ولا نقول: ما يسخط الرب وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون» وأيضًا فاستيلاء الحزن على الإنسان ليس باختياره، فلا يكون ذلك داخلًا تحت التكليف وأما التأوه وإرسال البكاء فقد يصير بحيث لا يقدر على دفعه، وأما ما ورد في الروايات التي ذكرتم فالمعاتبة فيها إنما كانت لأجل أن حسنات الأبرار سيئات المقربين.
وأيضًا ففيه دقيقة أخرى وهي أن الإنسان إذا كان في موضع التحير والتردد لابد وأن يرجع إلى الله تعالى، فيعقوب عليه السلام ما كان يعلم أن يوسف بقي حيًا أم صار ميتًا، فكان متوقفًا فيه وبسبب توقفه كان يكثر الرجوع إلى الله تعالى وينقطع قلبه عن الالتفات عن كل ما سوى الله تعالى إلا في هذه الواقعة، وكان أحواله في هذه الواقعة مختلفة، فربما صار في بعض الأوقات مستغرق الهم بذكر الله تعالى، فإن عن تذكر هذا الواقعة، فكان ذكرها كلا سواها، فلهذا السبب صارت هذا الواقعة بالنسبة إليه، جارية مجرى الإلقاء في النار للخليل عليه السلام ومجرى الذبح لابنه الذبيح.
فإن قيل: أليس أن الأولى عند نزول المصيبة الشديدة أن يقول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون} [البقرة: 156] حتى يستوجب الثواب العظيم المذكور في قوله: {أولئك عَلَيْهِمْ صلوات مّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ وأولئك هُمُ المهتدون} [البقرة: 157].
قلنا: قال بعض المفسرين إنه لم يعط الاسترجاع أمة إلا هذه الأمة فأكرمهم الله تعالى إذا أصابتهم مصيبة وهذا عندي ضعيف لأن قوله: {إِنَّا لِلَّهِ} إشارة إلى أنا مملوكون لله وهو الذي خلقنا وأوجدنا، وقوله: {وَإِنَّا إِلَيْهِ راجعون} إشارة إلى أنه لابد من الحشر والقيامة، ومن المحال أن أمة من الأمم لا يعرفون ذلك فمن عرف عند نزول بعض المصائب به أنه لابد في العاقبة من رجوعه إلى الله تعالى، فهناك تحصل السلوة التامة عند تلك المصيبة، ومن المحال أن يكون لمؤمن بالله غير عارف بذلك.
المسألة الثالثة:
قوله: {فَلَمَّا دَخَلُواْ على يُوسُفَ} نداء الأسف وهو كقوله: يا عجبًا والتقدير كأنه ينادي الأسف ويقول: هذا وقت حصولك وأوان مجيئك وقد قررنا هذا المعنى في مواضع كثيرة منها في تفسير قوله: {حَاشَ للَّهِ} [يوسف: 31] والأسف الحزن على ما فات.
قال الليث: إذا جاءك أمر فحزنت له ولم تطقه فأنت أسيف أي حزني ومتأسف أيضًا.
قال الزجاج: الأصل: {يا أسفى} إلا أن ياء الإضافة يجوز إبدالها بالألف لخفة الألف والفتحة.
ثم قال تعالى: {عَلَى يُوسُفَ وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن} وفيه وجهان:
الوجه الأول: أنه لما قال يا أسفى على يوسف غلبه البكاء، وعند غلبة البكاء يكثر الماء في العين فتصير العين كأنها ابيضت من بياض ذلك الماء وقوله: {وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن} كناية عن غلبة البكاء، والدليل على صحة هذا القول أن تأثير الحزن في غلبة البكاء لا في حصول العمى فلو حملنا الابيضاض على غلبة البكاء كان هذا التعليل حسنًا ولو حملناه على العمى لم يحسن هذا التعليل، فكان ما ذكرناه أولى وهذا للتفسير مع الدليل رواه الواحدي في البسيط عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والوجه الثاني: أن المراد هو العمى قال مقاتل: لم يبصر بهما ست سنين حتى كشف الله تعالى عنه بقميص يوسف عليه السلام وهو قوله: {فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا} [يوسف: 93] قيل إن جبريل عليه السلام دخل على يوسف عليه السلام حينما كان في السجن فقال إن بصر أبيك ذهب من الحزن عليك فوضع يده على رأسه وقال: ليت أمي لم تلدني ولم أك حزنًا على أبي، والقائلون بهذا التأويل قالوا: الحزن الدائم يوجب البكاء الدائم وهو يوجب العمى، فالحزن كان سببًا للعمى بهذه الواسطة، وإنما كان البكاء الدائم يوجب العمى، لأنه يورث كدورة في سوداء العين، ومنهم من قال: ما عمي لكنه صار بحيث يدرك إدراكًا ضعيفًا.
قيل: ما جفت عينا يعقوب من وقت فراق يوسف عليه السلام إلى حين لقائه، وتلك المدة ثمانون عامًا، وما كان على وجه الأرض عبدًا أكرم على الله تعالى من يعقوب عليه السلام.
أما قوله تعالى: {مِنَ الحزن} فاعلم أنه قرئ: {مِنَ الحزن} بضم الحاء وسكون الزاي، وقرأ الحسن بفتح الحاء والزاي.
قال الواحدي: واختلفوا في الحزن والحزن فقال قوم: الحزن البكاء والحزن ضد الفرح، وقال قوم: هما لغتان يقال أصابه حزن شديد، وحزن شديد، وهو مذهب أكثر أهل اللغة، وروى يونس عن أبي عمرو قال: إذا كان في موضع النصب فتحوا الحاء والزاي كقوله: {تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع حَزَنًا} [التوبة: 92] وإذا كان في موضع الخفض أو الرفع ضموا الحاء كقوله: {مِنَ الحزن} وقوله: {أَشْكُو بَثّى وَحُزْنِى إِلَى الله} قال هو في موضع رفع الابتداء.
وأما قوله تعالى: {فَهُوَ كَظِيمٌ} فيجوز أن يكون بمعنى الكاظم وهو الممسك على حزنه فلا يظهره قال ابن قتيبة: ويجوز أن يكون بمعنى المكظوم، ومعناه المملوء من الحزن مع سد طريق نفسه المصدور من كظم السقاء إذا اشتد على ملئه، ويجوز أيضًا أن يكون بمعنى مملوء من الغيظ على أولاده.
واعلم أن أشرف أعضاء الإنسان هذه الثلاثة، فبين تعالى أنها كانت غريقة في الغم فاللسان كان مشغولًا بقوله: {يا أسفى} والعين بالبكاء والبياض والقلب بالغم الشديد الذي يشبه الوعاء المملوء الذي شد ولا يمكن خروج الماء منه وهذه مبالغة في وصف ذلك الغم.
أما قوله تعالى: {قَالُواْ تالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حتى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الهالكين}
ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
قال ابن السكيت يقال: ما زلت أفعله وما فتئت أفعله وما برحت أفعله ولا يتكلم بهن إلا مع الجحد. قال ابن قتيبة يقال: ما فتيت وما فتئت لغتان فتيا وفتوأ إذا نسيته وانقطعت عنه قال النحويون وحرف النفي هاهنا مضمر على معنى قالوا: ما تفتؤا ولا تفتؤ وجاز حذفه لأنه لو أريد الإثبات لكان باللام والنون نحو والله لتفعلن فلما كان بغير اللام والنون عرف أن كلمة لا مضمرة وأنشدوا قول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا

والمعنى: لا أبرح قاعدًا ومثله كثير.
وأما المفسرون فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة لا تزال تذكره، وعن مجاهد لا تفتر من حبه كأنه جعل الفتور والفتوء أخوين.
المسألة الثانية:
حكى الواحدي عن أهل المعاني أن أصل الحرض فساد الجسم والعقل للحزن والحب، وقوله: حرضت فلانًا على فلان تأويله أفسدته وأحميته عليه، وقال تعالى: {حَرّضِ المؤمنين عَلَى القتال} [الأنفال: 65].