فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويجوز أن يكون المكظوم بمعنى الكاظم؛ وهو المشتمل على حزنه.
وعن ابن عباس: كظيم مغموم؛ قال الشاعر:
فإنْ أَكُ كاظِمًا لِمُصَابِ شَاسٍ ** فإني اليومَ مُنطلقٌ لسانيِ

وقال ابن جُريج عن مجاهد عن ابن عباس قال: ذهبت عيناه من الحزن {فَهُوَ كَظِيمٌ} قال: فهو مكروب.
وقال مقاتل بن سليمان عن عطاء عن ابن عباس في قوله: {فَهُوَ كَظِيمٌ} قال: فهو كَمِد؛ يقول: يعلم أن يوسف حيّ، وأنه لا يدري أين هو؛ فهو كَمِد من ذلك.
قال الجوهري: الكَمَد الحزن المكتوم؛ تقول منه كَمِد الرجلُ فهو كَمِدٌ وكَمِيدٌ.
النحاس.
يقال فلان كظِيم وكاظِم؛ أي حزين لا يشكو حزنه؛ قال الشاعر:
فَحَضضْتُ قَوْمي واحتسبت قِتالَهُم ** والقومُ من خوف المَنَايا كُظَّم

قوله تعالى: {قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} أي قال له ولده: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} قال الكسائي: فَتَأْتُ وفَتِئْتُ أفعل ذلك أي ما زلتُ.
وزعم الفراء أن لا مضمرة؛ أي لا تفتأ، وأنشد:
فقلتُ يمينُ الله أبرحُ قاعِدًا ** ولو قَطعوا رأسِي لدَيكِ وأَوصَاليِ

أي لا أبرح؛ قال النحاس: والذي قال حسن صحيح.
وزعم الخليل وسيبويه أن لا تضمر في القسم، لأنه ليس فيه إشكال؛ ولو كان واجبًا لكان باللام والنون؛ وإنما قالوا له ذلك لأنهم علموا باليقين أنه يداوم على ذلك؛ يقال: ما زال يفعل كذا، وما فتئ وَفَتَأَ فهما لغتان، ولا يستعملان إلا مع الجحد قال الشاعر:
فما فَتِئتْ حتّى كأنّ غُبَارَهَا ** سُرَادِقُ يومٍ ذي رياحٍ تُرفَّعُ

أي ما برحت فتفتأ تبرح.
وقال ابن عباس: تزال.
{حتى تَكُونَ حَرَضًا} أي تالفًا.
وقال ابن عباس ومجاهد: دَنفا من المرض، وهو ما دون الموت؛ قال الشاعر:
سَرَى هَمِّي فأمرضَني ** وقِدْمًا زادني مَرَضًا

كذاكَ الحبُّ قبلَ اليو ** مِ ممَّا يُورِث الحَرَضَا

وقال قَتَادة: هرِمًا.
الضحّاك: بالِيًا داثِرًا.
محمد بن إسحق: فاسدًا لا عقل لك.
الفراء: الحارض الفاسد الجسم والعقل؛ وكذا الحَرَض.
ابن زيد: الحَرَض الذي قد رُدّ إلى أرذلِ العمر.
الربيع بن أنس: يابس الجلد على العظم.
المؤرِّج: ذائبًا من الْهم.
وقال الأخفش: ذاهبًا.
ابن الأنباريّ: هالكًا، وكلها متقاربة.
وأصل الحَرَض الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهَرَم، عن أبي عُبيدة وغيره؛ وقال العَرْجِيّ:
إنى امرؤ لَجَّ بِي حُبٌّ فأحْرَضَنيِ ** حتّى بَلِيتُ وحتّى شَفَّنيِ السَّقَمُ

قال النحاس: يقال حَرَض حَرَضًا وحَرُض حُرُوضًا وحُرُوضة إذا بليِ وسقم، ورجل حارِض وحَرَض، إلا أن حَرَضًا لا يثنّى ولا يجمع، ومثله قَمِن وحَرِيّ لا يثنيان ولا يجمعان.
الثّعلبيّ: ومن العرب من يقول حارِض للمذكر، والمؤنثة حارِضة، فإذا وصف بهذا اللفظ ثَنّي وجمع وأنّث.
ويقال: حَرِض يحَرَض حَرَاضةً فهو حَريض وحَرِضٌ.
ويقال: رجل مُحْرَض، ويُنْشَد:
طَلَبَتْهُ الخيلُ يومًا كاملًا ** ولَوْ الفته لأَضْحَى مُحْرَضَا

وقال امرؤ القيس:
أَرَى المرءَ ذا الأَذْوَاد يُصبِحُ مُحْرَضًا ** كإحْرَاضِ بِكْرٍ في الدّيارِ مَرِيض

قال النحاس: وحكى أهل اللغة أحرضه الهمّ إذا أسقمه، ورجل حارض أي أحمق.
وقرأ أنس: {حُرْضًا} بضم الحاء وسكون الراء، أي مثل عود الأشْنان.
وقرأ الحسن بضم الحاء والراء.
قال الجوهري: الحَرَض والحُرُض الأَشْنَان.
{أَوْ تَكُونَ مِنَ الهالكين} أي الميّتين، وهو قول الجميع؛ وغرضهم منع يعقوب من البكاء والحزن شفقةً عليه، وإن كانوا السبب في ذلك.
قوله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي} حقيقة البثّ في اللغة ما يرد على الإنسان من الأشياء المهلكة التي لا يتهيأ له أن يخفيها؛ وهو من بثثته أي فرّقته، فسميت المصيبة بَثًّا مجازًا، قال ذو الرُّمّة:
وقَفْتُ على رَبْع لِميَّةَ نَاقَتي ** فما زِلْتُ أَبْكي عِندهُ وأُخَاطِبهْ

وأَسْقِيه حتى كاد مما أُبِثُّهُ ** تُكَلِّمُني أَحْجارُهُ ومَلاَعِبُهْ

وقال ابن عباس: {بَثّي} هَمِّي.
الحسن: حاجتي.
وقيل: أشد الحزن، وحقيقته ما ذكرناه.
{وَحُزْنِي إِلَى الله} معطوف عليه، أعاده بغير لفظه.
{وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} أي أعلم أن رؤيا يوسف صادقة، وأني سأسجد له.
قاله ابن عباس.
قتادة: إني أعلم من إحسان الله تعالى إليّ ما يوجب حسن ظنِّي به.
وقيل: قال يعقوب لملَك الموت هل قبضت رُوح يوسف؟ قال: لا، فأكّد هذا رجاءه.
وقال السدّي: أعلم أن يوسف حيّ، وذلك أنه لما أخبره ولده بسيرة الملك وعدله وخُلُقه وقوله أحسّت نَفْس يعقوب أنه ولده فطمع، وقال: لعله يوسف.
وقال: لا يكون في الأرض صديق إلا نبئ.
وقيل: أعلم من إجابة دعاء المضطرين ما لا تعلمون.
قوله تعالى: {يا بني اذهبوا فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ}
هذا يدلّ على أنه تيقن حياته؛ إما بالرؤيا، وإما بإنطاق الله تعالى الذئب كما في أوّل القصة، وإما بإخبار ملك الموت إياه بأنه لم يقبض رُوحه؛ وهو أظهر.
والتَّحسُّس طلب الشيء بالحواسّ؛ فهو تفعّل من الحِّس، أي اذهبوا إلى هذا الذي طلب منكم أخاكم، واحتال عليكم في أخذه فاسألوا عنه وعن مذهبه.
ويروى أن ملَك الموت قال له: اطلبه من هاهنا وأشار إلى ناحية مصر.
وقيل: إن يعقوب تنبه على يوسف بردّ البضاعة، واحتباس أخيه، وإظهار الكرامة؛ فلذلك وجّههم إلى جهة مصر دون غيرها.
{وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ الله} أي لا تقنطوا من فرج الله؛ قاله ابن زيد؛ يريد: أن المؤمن يرجو فرج الله، والكافر يقنط في الشدّة.
وقال قَتَادة والضحاك: من رحمة الله.
{إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلاَّ القوم الكافرون} دليل على أن القنوط من الكبائر، وهو اليأس، وسيأتي في الزُّمَر بيانه إن شاء الله تعالى. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {وتولى عنهم} يعني وأعرض يعقوب عن بنيه حين بلغوه خبر بنيامين فحينئذ تناهى حزنه واشتد بلاؤه وبلغ جهده وهيج حزنه على يوسف فعند ذلك أعرض عنهم: {وقال يا أسفى على يوسف} الأسف أشد الحزن وإنما جدد حزنه على يوسف عند وجود هذه الواقعة لأن الحزن القديم إذا صادفه حزن آخر كان ذلك أوجع للقلب وأعظم لهيجان الحزن الأول كما قال متمم بن نويرة لما رأى قبرًا جيدًا جدد حزنه على أخيه مالك:
يقول أتبكي كل قبر رأيته ** لقد ثوى بين اللوى والدكادك

فقلت له إن الأسى يبعث الأسى ** فدعني فهذا كله قبر مالك

فأجاب بأن الحزن يجدد الحزن، وقيل: إن يوسف وبنيامين لما كانا من أم واحدة كان يعقوب يتسلى عن يوسف ببنيامين فلما حصل فراق بنيامين زاد حزنه عليه ووجده وجدد حزنه على يوسف لأن يوسف كان أصل المصيبة، وقد اعترض بعض الجهال على يعقوب عليه السلام في قوله يا أسفا على يوسف فقال هذه شكاية وإظهار جزع فلا يليق بعلو منصبه ذلك وليس الأمر كما قال هذا الجاهل المعترض لأن يعقوب شكا إلى الله لا منه فقوله يا أسفا على يوسف معناه يا رب ارحم أسفي على يوسف وقد ذكر ابن الأنباري عن بعض اللغويين أنه قال: نداء يعقوب بالأسف في اللفظ من المجاز يعني به غير المظهر في اللفظ وتلخيصه يا إلهي ارحم أسفي أو أنت رائي أسفي أو هذا أسفي فنادى الأسف في اللفظ والمنادى سواه في المعنى ولا مأثم إذ لم ينطلق اللسان بكلام مؤثم لأنه لم يشك إلا إلى ربه فلما كان قوله يا أسفًا على يوسف شكوى إلى ربه كان غير ملوم في شكواه وقيل إن يعقوب لما عظمت مصيبته واشتد بلاؤه وقويت محنته قال يا أسفا على يوسف أي أشكوا إلى الله شدة أسفي على يوسف ولم يشكه إلى أحد من الخلق بدليل قوله إنما أشكو بثي وحزني إلى الله: {وابيضت عيناه من الحزن} أي عمي من شدة الحزن على يوسف قال مقاتل لم يبصر شيئًا ست سنين، وقيل: إنه ضعف بصره من كثرة البكاء وذلك أن الدمع يكثر عند غلبة البكاء فتصير العين كأنها بيضاء من ذلك الماء الخارج من العين: {فهو كظيم} أي مكظوم وهو الممتلئ من الحزن الممسك عليه لا يبثه، قال قتادة: وهو الذي يردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرًا، وقال الحسن: كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقيا ثمانون سنة لم تجف عينا يعقوب وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله منه.
وقال ثابت البناني ووهب بن منبه والسدي: إن جبريل دخل على يوسف وهو في السجن فقال له تعرفني أيها الصديق قال يوسف أرى صورة طاهرة قال إني رسول رب العالمين وأنا الروح الأمين فقال يوسف فما أدخلك مدخل المذنبين وأنت أطيب الطيبين ورأس المقربين وأمين رب العالمين قال ألم تعلم يا يوسف أن الله يطهر الأرض بطهر النبيين وأن الأرض التي يدخلونها هي أطهر الأرضين وأن الله قد طهر بك الأرض والسجن وما حوله يا أطهر الطاهرين وابن الصالحين المخلصين قال يوسف كيف لي بإسم الصديقين وتعدني من الصالحين المخلصين الطاهرين وقد أدخلت مدخل المذنبين قال له إنه لم يفتتن قلبك ولم تطع سيدتك في معصية ربك فلذلك سماك الله من الصديقين وعدك من المخلصين وألحقك بآبائك الصالحين قال يوسف فهل لك علم من يعقوب أيها الروح الأمين قال نعم قد ذهب بصره وابتلاه الله بالحزن عليك فهو كظيم ووهب له الصبر الجميل قال فما قدر حزنه قال حزن سبعين ثكلاء قال فما له من الأجر يا جبريل قال أجر مائة شهيد قال أفتراني لاقيه قال نعم فطابت نفس يوسف وقال ما أبالي مما لقيت إن رأيته.
قوله: {قالوا} يعني إخوة يوسف لأبيهم: {تالله تفتأ تذكر يوسف} يعني لا تزال تذكر يوسف ولا تفتر عن حبه يقال ما فتئ يفعل كذا أي ما زال ولا محذوفة في جواب القسم لأن موضعها معلوم فحذفت للتخفيف كقول امرئ القيس:
فقلت يمين الله أبرح قاعدًا ** ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي

أي لا أبرح قاعدًا وقوله: {حتى تكون حرضًا} قال ابن عباس يعني دنفًا وقال مجاهد الحرض ما دون الموت يعني قريبًا من الموت، وقال ابن إسحاق: يعني فاسدًا لا عقل له والحرض الذي فسد جسمه وعقله وقيل ذائبًا من الهم وأصل الحرض الفساد في الجسم والعقل من الحزن أو الهم ومعنى الآية حتى تكون دنف الجسم مخبول العقل يعني لا تنتفع بنفسك من شدة الحزن والهم والأسف: {أو تكون من الهالكين} يعني من الأموات.
فإن قلت كيف حلفوا على شيء لم يعلموا حقيقته قطعيًا؟.
قلت: إنهم بنوا الأمر على الأغلب الظاهر أي نقوله ظنًا منا أن الأمر يصير إلى ذلك: {قال} يعني يعقوب عند ما رأى قولهم له وغلظتهم عليه: {إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله} أصل البث إثارة الشيء وتفريقه وبث النفس ما انطوت عليه من الغم والشر، قال ابن قتيبة: البث أشد الحزن وذلك لأن الإنسان إذا ستر الحزن وكتمه كان همًا فإذا ذكره لغيره كان بثًا فالبث أشد الحزن والحزن الهم فعلى هذا يكون المعنى إنما أشكوا حزني العظيم وحزني القليل إلى الله لا إليكم.
قال ابن الجوزي: روى الحاكم أبو عبد الله في صحيحه من حديث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «كان ليعقوب أخ مؤاخ فقال له ذات يوم يا يعقوب ما الذي أذهب بصرك وما الذي قوس ظهرك قال أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين فأتاه جبريل فقال يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك أما تستحي أن تشكو إلى غيري فقال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله فقال جبريل الله أعلم بما تشكو» وقيل: إنه دخل على يعقوب جار له فقال له يا عقوب مالي أراك قد تهشمت بالضعف وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك فقال هشمني وأفناني ما ابتلاني الله به من هم يوسف أفوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي فقال يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي قال قد غفرتها لك فكان بعد ذلك إذا سئل يقول إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله تعالى وقيل إن الله أوحى إليه وعزتي وجلالي لا أكشف ما بك حتى تدعوني فعند ذلك قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله تعالى ثم قال أي رب أما ترحم الشيخ الكبير أذهبت بصري وقوست ظهري فاردد على ريحانتي أشممها شمة قبل أن أموت ثم اصنع ما شئت فأتاه جبريل فقال يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك أبشر فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك أتدري لم وجدت عليك لأنكم ذبحتم شاة فقام على بابكم فلان المسكين وهو صائم فلم تطعموه منها شيئًا وإن أحب عبادي إلي الأنبياء ثم المساكين إصنع طعامًا وادع إليه المساكين فصنع طعامًا ثم قال من كان صائمًا فليفطر الليلة عند آل يعقوب وكان بعد ذلك إذا تغدى أمر مناديًا ينادي من أراد أن يتغدى فليأت آل يعقوب وإذا أفطر أمر أن ينادي من أراد أن يفطر فليأت آل يعقوب فكان يتغدى ويتعشى مع المساكين، وقال وهب بن منبه أوحى الله تعالى إلى يعقوب أتدري لم عاقبتك وحبست عنك يوسف ثمانين سنة قال يا رب لا قال لأنك شويت عناقًا وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه وقيل إن سبب ابتلاء يعقوب أنه ذبح عجلًا بين يدي أمه وهي تخور فلم يرحمها.
فإن قلت هل في هذه الروايات ما يقدح في عصمة الأنبياء؟
قلت: لا وإنما عوقبت يعقوب بهذا لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين وإنما يطلب من الأنبياء من الأعمال على قدر منصبهم وشريف رتبتهم ويعقوب من أهل بيت النبوة والرسالة ومع ذلك فقد ابتلى الله كل واحد من أنبيائه بمحنة فصبر وفوض أمره إلى الله فإبراهيم ألفي في النار فصبر ولم يشك إلى أحد وإسماعيل ابتلي بالذبح فصبر وفوض أمره إلى الله وإسحاق ابتلي بالعمى فصبر ولم يشك إلى أحد ويعقوب ابتلي بفقده ولده يوسف وبعده بنيامين ثم عمي بعد ذلك أو ضعف بصره من كثرة البكاء على فقدهما وهو مع ذلك صابر لم يشك إلى أحد شيئًا مما نزل به وإنما كانت شكايته إلى الله بدليل قوله إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فاستوجب بذلك المدح العظيم والثناء الجميل في الدنيا والدرجات العلى في الآخرة مع من سلف من أبويه إبراهيم وإسحاق عليهما الصلاة والسلام.