فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأما دمع العين وحزن القلب فلا يستوجب به ذمًا ولا عقوبة لأن ذلك ليس إلى اختيار الإنسان فلا يدخل تحت التكليف بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم بكى على ولده إبراهيم عند موته وقال: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وما نقول إلا ما يرضي ربنا» فهذا القدر لا يقدر الإنسان على دفعه عن نفسه فصار مباحًا لا حرج فيه على أحد من الناس وقوله: {وأعلم من الله ما لا تعلمون} يعني أنه تعالى من رحمته وإحسانه يأتي بالفرج من حيث لا أحتسب وفيه إشارة إلى أنه كان يعلم حياة يوسف ويتوقع رجوعه إليه وروى أن ملك الموت زار يعقوب فقال له يعقوب أيها الملك الطيب ريحه الحسن صورته الكريم على ربه هل قبضت روح ابني يوسف في الأرواح فقال لا فطابت نفس يعقوب وطمع في رؤيته فلذلك قال وأعلم من الله ما لا تعملون وقيل معناه وأعلم أن رؤيا يوسف حق وصدق وإني وأنتم سنسجد له وقال السدي لما أخبره بنوه بسيرة ملك مصر وكمال حاله في جميع أقواله وأفعاله أحسست نفس يعقوب وطمع أن يكون هو يوسف فعند ذلك قال يعني يعقوب.
{يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه}
التحسس طلب الخبر بالحاسة وهو قريب من التجسس بالجيم وقيل إن التحسس بالحاء يكون في الخير وبالجيم يكون في الشر ومنه الجاسوس وهو الذي يطلب الكشف عن عورات الناس قال ابن عباس التمسوا قال ابن الأنباري يقال تحسست عن فلان ولا يقال من فلان وقال هنا من يوسف وأخيه لأنه أقيم من مقام عن قال ويجوز أن يقال من للتبعيض ويكون المعنى تحسسوا خبرًا من أخبار يوسف وأخيه، روي عن عبد الله بن يزيد عن أبي فروة أن يعقوب كتب كتابًا إلى يوسف عليهما الصلاة والسلام حين حبس عنده بنيامين: من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى ملك مصر أما بعد فإنا أهل بيت وكل بنا البلاء أما جدي إبراهيم فشدت يداه ورجلاه وألقي في النار فجعلها الله بردًا وسلامًا وأما أبي فشدت يداه ورجلاه ووضع السكين على قفاه ففداه الله وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إليّ فذهب به إخوته إلى البرية ثم أتوني بقميصه ملطخًا بالدم وقالوا قد أكله الذئب فذهبت عيناي ثم كان لي ابن آخر وكان أخاه من أمه وكنت أتسلى به وإنك حبسته وزعمت أنه سرق وأنا أهل بيت لا نسرق ولا نلد سارقًا فإن رددته إليّ وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك فلما قرأ يوسف كتاب أبيه اشتد بكاؤه وعيل صبره وأظهر نفسه لأخوته على ما سنذكره إن شاء الله تعالى فذلك قوله تعالى: {يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا} أي ولا تقنطوا: {من روح الله} يعني من رحمة الله وقيل من فضل الله وقيل من فرج الله: {إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرين} يعني أن المؤمن على خير يرجوه من الله فيصبر عند البلاء فينال به خيرًا ويحمد عند الرخاء فينال به خيرًا والكافر بضد ذلك. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ}
فتئ من أخوات كان الناقصة قال أوس بن حجر:
فما فتئت حي كان غبارها ** سرادق بوم ذي رياح يرفع

وقال أيضًا:
فما فتئت خيل تثوب وتدعي ** ويلحق منها لاحق وتقطع

ويقال فيها: فتأ على وزن ضرب، وأفتأ على وزن أكرم.
وزعم ابن مالك أنها تكون بمعنى سكن وأطفأ، فتكون تامة.
ورددنا عليه ذلك في شرح التسهيل، وبينا أن ذلك تصحيف منه.
صحف الثاء بثلاث، بالتاء بثنتين من فوق، وشرحها بسكن وأطفأ.
الحرض: المشفي على الهلاك يقال: حرض فهو حرض بكسر الراء، حرضًا بفتحها وهو المصدر، ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع.
وأحرضه المرض فهو محرض قال:
أرى المرء كالأزواد يصبح محرضا ** كاحراض بكر في الديار مريض

وقال الآخر:
إني امرؤ لج بي حب فأحرضني ** حتى بليت وحتى شفني السقم

وقال: رجل حرض بضمتين كجنب وشلل.
{وتولى عنهم وقال يأسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضًا أو تكون من الهالكين قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}: وتولى عنهم أي أعرض عنهم كراهة لما جاؤوا به، وأنه ساء ظنه بهم، ولم يصدق قولهم، وجعل يتفجع ويتأسف.
قال الحسن: خصت هذه الأمة بالاسترجاع.
ألا ترى إلى قول يعقوب: يا أسفي، ونادى الأسف على سبيل المجاز على معنى: هذا زمانك فاحضر.
والظاهر أنه يضاف إلى ياء المتكلم قلبت ألفًا، كما قالوا: في يا غلامي يا غلاما.
وقيل: هو على الندبة، وحذف الهاء التي للسكت.
قال الزمخشري: والتجانس بين لفظتي الأسف ويوسف مما يقع مطبوعًا غير مستعمل فيملح ويبدع، ونحوه: اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم، وهم ينهون عنه وينأون عنه يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، من سبأ بنبإ انتهى.
ويسمى هذا تجنيس التصريف، وهو أن تنفرد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف.
وذكر يعقوب ما دهاه من أمر بنيامين، والقائل لن أبرح الأرض فقدانه يوسف، فتأسف عليه وحده، ولم يتأسف عليهما، لأنه هو الذي لا يعلم أحيّ هو أم ميت؟ بخلاف أخوته.
ولأنه كان أصل الرزايا عنده، إذ ترتبت عليه، وكان أحب أولاده إليه، وكان دائمًا يذكره ولا ينساه.
وابيضاض عينيه من توالي العبرة، فينقلب سواد العين إلى بياض كدر.
والظاهر أنه كان عمي لقوله: فارتد بصيرًا.
وقال: {وما يستوي الأعمى والبصير} فقابل البصير بالأعمى.
وقيل: كان يدرك ادراكًا ضعيفًا، وعلل الابيضاض بالحزن، وإنما هو من البكاء المتوالي، وهو ثمرة الحزن، فعلل بالأصل الذي نشأ منه البكاء وهو الحزن.
وقرأ ابن عباس ومجاهد: {من الحزن} بفتح الحاء والزاي، وقتادة: بضمها، والجمهور: بضم الحاء وإسكان الزاي.
والكظيم إما للمبالغة وهو الظاهر اللائق بحال يعقوب أي: شديد الكظم كما قال: {والكاظمين الغيظ} ولم يشك يعقوب إلى أحد، وإنما كان يكتمه في نفسه، ويمسك همه في صدره، فكان يكظمه أي: يرده إلى قلبه ولا يرسله بالشكوى والغضب والضجر.
وإما أن يكون فعيلًا بمعنى مفعول، وهو لا ينقاس، وقاله قوم كما قال في يونس: {إذ نادى وهو مكظوم} قال ابن عطية: وإنما يتجه على تقدير أنه مليء بحزنه، فكأنه كظم حزنه في صدره.
وفسر ناس الكظيم بالمكروب وبالمكمود.
وروي: أنه ما جفت عيناه من فراق يوسف إلى لقائه ثمانين عامًا، وأنّ وجده عليه وجد سبعين ثكلى، وأجره أجر مائة شهيد.
وقال الزمخشري: فهو كظيم، فهو مملوء من الغيظ على أولاده، ولا يظهر ما يسوؤهم انتهى.
وقد ذكرنا أنّ فعيلًا بمعنى مفعول لا ينقاس، وجواب القسم تفتؤ حذفت منه، لا لأنّ حذفها جائز، والمعنى: لا تزال.
وقال مجاهد: لا تفتر من حبه، كأنه جعل الفتوء والفتور أخوين، والحرض الذي قدرنا موته.
قال مجاهد: ما دون الموت.
وقال قتادة: البالي الهرم، وقال نحوه: الضحاك والحسن.
وقال ابن إسحاق: الفاسد الذي لا عقل له.
وكأنهم قالوا له ذلك على جهة تفنيد الرأي أي: لا تزال تذكر يوسف إلى حال القرب من الهلاك، أو إلى أنْ تهلك فقال هو: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله أي: لا أشكو إلى أحد منكم، ولا غيركم.
وقال أبو عبيدة وغيره: البث أشدّ الحزن، سمي بذلك لأنه من صعوبته لا يطيق حمله، فيبثه أي ينشره.
وقرأ الحسن وعيسى: {وحزني} بفتحتين.
وقرأ قتادة: بضمتين.
وأعلم من الله ما لا تعلمون أي: أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به أنه يأتي بالفرج من حيث لا أحتسب، قاله الزمخشري.
وقال ابن عطية: ويحتمل أنه أشار إلى الرؤيا المنتظرة، أو إلى ما وقع في نفسه من قول ملك مصر إني أدعو له برؤيته ابنه قبل الموت.
وقيل: رأى ملك الموت في منامه فسأله: هل قبضت روح يوسف؟ فقال: لا، هو حي فاطلبه.
اذهبوا: أمر بالذهاب إلى الأرض التي جاؤوا منها وتركوا بها أخويهم بنيامين والمقيم بها، وأمرهم بالتحسس وهو الاستقصاء، والطلب بالحواس، ويستعمل في الخير والشر.
وقرئ: بالجيم، كالذي في الحجرات: {ولا تجسسوا} والمعنى: فتحسسوا نبأ من أمر يوسف وأخيه، وإنما خصهما لأن الذي أقام وقال: فلن أبرح الأرض، إنما أقام مختارًا.
وقرأ الجمهور: {تيأسوا} وفرقة: {تأيسوا}.
وقرأ الأعرج: {تئسوا} بكسر التاء.
وروح الله رحمته، وفرجه، وتنفيسه.
وقرأ عمر بن عبد العزيز، والحسن، وقتادة: {من روح الله} بضم الراء.
قال ابن عطية: وكان معنى هذه القراءة لا تيأسوا من حي معه روح الله الذي وهبه، فإنّ من بقي روحه يرجى.
ومن هذا قول الشاعر:
وفي غير من قدورات الأرض فاطمع

ومن هذا قول عبيد بن الأبرص:
وكل ذي غيبة يؤوب ** وغائب الموت لا يؤوب

وقال الزمخشري: من روح الله بالضم أي من رحمته التي تحيا بها العباد انتهى.
وقرأ أبيّ {من رحمة الله} من صفات الكافر، إذ فيه التكذيب بالربوبية، أو الجهل بصفات الله. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وتولى} أي أعرض: {عَنْهُمْ} كراهةً لما سمع منهم: {وَقَالَ يَا أَسَفًا على يُوسُفَ} الأسفُ أشدُّ الحزن والحسرةُ، أضافه إلى نفسه والألفُ بدلٌ من الياء فناداه أي يا أسفي تعالَ فهذا أوانُك وإنما تأسف على يوسف مع أن الحادثَ مصيبةٌ أخويه لأن رُزْأَه كان قاعدةَ الأرزاءِ غضًا عنده وإن تقادم عهده آخذًا بمجامع قلبه لا ينساه ولأنه كان واثقًا بحياتهما عالمًا بمكانهما طامعًا في إيابهما، وأما يوسفُ فلم يكن في شأنه ما يحرك سلسلةَ رجائِه سوى رحمةِ الله وفضلِه.
وفي الخبر: «لم تُعطَ أمةٌ من الأمم {إنا لله وإنا إليه راجعون} إلا أمةُ محمدٍ عليه الصلاة والسلام ألا يُرى إلى يعقوبَ حين أصابه ما أصابه لم يسترجِعْ بل قال ما قال» والتجانسُ بين لفظي الأسَف ويوسف مما يزيد النظمَ الكريم بهجةً كما في قوله عز وجل: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} وقوله: {اثاقلتم إِلَى الأرض أَرَضِيتُم} وقوله: {ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثمرات}، {وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} ونظائرها: {وابيضت عَيْنَاهُ مِنَ الحزن} الموجبِ للبكاء فإن العَبْرة إذا كثُرت محقَت سوادَ العين وقلبتْه إلى بياض كدِر. قيل: قد عميَ بصرُه، وقيل: كان يدرك إدراكًا ضعيفًا. روي أنه ما جفّت عينا يعقوبَ من يوم فراقِ يوسفَ إلى حين لقائه ثمانين عامًا وما على وجه الأرض أكرمُ على الله عز وجل من يعقوب عليه السلام، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه سأل جبريلَ عليه السلام: «ما بلغ من وجد يعقوبَ عليه السلام على يوسف؟» قال: وجْدَ سبعين ثكلى، قال: «فما كان له من الأجر؟» قال: «أجرُ مائةِ شهيد وما ساء ظنُّه بالله ساعةً قط» وفيه دليل على جواز التأسف والبكاءِ عند النوائبِ فإن الكفَّ عن ذلك مما لا يدخل تحت التكليف فإنه قل من يملك نفسه عند الشدائد، ولقد بكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على ولده آبراهيمَ وقال: «القلبُ يحزن والعين تدمَع ولا نقول ما يُسخِط الربَّ وإنا عليك يا إبراهيمُ لمحزونون» وإنما الذي لا يجوز ما يفعله الجهلةُ من الصياح والنياحة ولطْمِ الخدودِ والصدور وشقِّ الجيوبِ وتمزيقِ الثياب، وعن النبي عليه السلام أنه بكى على ولد بعضِ بناتِه وهو يجود بنفسه، فقيل: يا رسول الله تبكي وقد نَهَيتنا عن البكاء؟ فقال: «ما نهيتُكم عن البكاء وإنما نهيتُكم عن صوتين أحمقين صوتٍ عند الفرَح وصوت عند الترَح»: {فَهُوَ كَظِيمٌ} مملوءٌ من الغيظ على أولاده مُمسِكٌ له في قلبه لا يُظهره، فعيل بمعنى مفعول بدليل قوله تعالى: {وَهُوَ مَكْظُومٌ} من كظمَ السِّقاءَ إذا شده على ملئه أو بمعنى فاعل كقوله: {والكاظمين الغيظ} من كظم الغيظَ إذا اجترعه وأصله كظم البعيرُ جِرَّتَه إذا ردها في جوفه.
{قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ} أي لا تفتأ ولا تزال: {تَذْكُرُ يُوسُفَ} تفجّعًا عليه فحُذف النفي كما في قوله:
فَقُلْتُ يَمينُ الله أَبْرَحُ قَاعِدًا

لعدم الالتباس بالإثبات فإن القسمَ إذا لم يكن معه علامةُ الإثبات يكون على النفي ألبتةَ: {حتى تَكُونَ حَرَضًا} مريضًا مُشْفيًا على الهلاك، وقيل: الحَرضُ مَنْ أذابه هم أو مرض وهو في الأصل مصدرٌ ولذلك لا يؤنث ولا يثنى ولا يجمع والنعت منه بالكسر كدنِف وقد قرئ به وبضمتين كجُنُب وغَرِب: {أَوْ تَكُونَ مِنَ الهالكين} أي الميتين: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثّى} البثّ أصعبُ الهم الذي لا يصبر عليه صاحبُه فيبثّه إلى الناس أي ينشره فكأنهم قالوا له ما قالوا بطريق التسلية والإشكاءِ، فقال لهم: إني لا أشكو ما بي إليكم أو إلى غيركم حتى تتصدّوا لتسليتي وإنما أشكو همي: {وَحُزْنِى إِلَى الله} تعالى ملتجئًا إلى جنابه متضرِّعًا لدى بابه في دفعه وقرئ بفتحتين وضمتين: {وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} من لطفه ورحمته فأرجو أن يرحمني ويلطُفَ بي ولا يُخيِّب رجائي أو أعلمَ وحيًا أو إلهامًا من جهته ما لا تعلمون من حياة يوسف. قيل: رأى ملكَ الموتِ في المنام فسأله عنه فقال: هو حي، وقيل: علم من رؤيا يوسف عليه السلام أنه سيخرّ له أبواه وإخوتُه سجّدًا.
{يبَنِىَّ اذهبوا فَتَحَسَّسُواْ} أي تعرّفوا وهو تفعُّلٌ من الحَسّ وقرئ بالجيم من الجسّ وهو الطلب أي تطلبوا: {مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ} أي من خبرهما ولم يذكر الثالثِ لأن غَيبته اختياريةٌ لا يعسُر إزالتها: {وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن رَّوْحِ الله} لا تقنَطوا من فرجه وتنفيسه وقرئ بضم الراء أي من رحمته التي يُحيي بها العبادَ وهذا إرشادٌ لهم إلى بعض ما أُبهم في قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ} ثم حذرهم عن ترك العمل بموجب نهيه بقوله: {يبَنِىَّ اذهبوا فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَايْئَسُواْ مِن} لعدم علمِهم بالله تعالى وصفاتِه فإن العارفَ لا يقنط في حال من الأحوال. اهـ.