فصل: قال الخازن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقرأ ابن كثِير: {إنَّهُ مَنْ يَتَّقيِ} بإثبات الياء؛ والقراءة بها جائزة على أن تجعل: {مَنْ} بمعنى الذي، وتدخل: {يَتَّقيِ} في الصلة، فتثبت الياء لا غير، وترفع: {ويصبر}.
وقد يجوز أن تجزم: {ويصبر} على أن تجعل: {يتقي} في موضع جزم و: {من} للشرط، وتثبت الياء، وتجعل علامة الجزم حذف الضمة التي كانت في الياء على الأصل؛ كما قال:
ثم نادِي إذا دَخلتَ دِمَشْقًا ** يا يزيدُ بنَ خالدِ بنِ يزيد

وقال آخر:
ألم يأتيكَ والأنباءُ تَنْمِي ** بما لاَقَتْ لَبُونُ بنيِ زيادِ

وقراءة الجماعة ظاهرة، والهاء في: {إنَّهُ} كناية عن الحديث، والجملة الخبر.
قوله تعالى: {قَالُواْ تالله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنَا} الأصل همزتان خفّفت الثانية، ولا يجوز تحقيقها، واسم الفاعل مُؤثِر، والمصدر إيثار.
ويقال: أثَرْتُ التراب إثارةً فأنا مُثير؛ وهو أيضًا على أَفْعَل ثم أُعِلَّ، والأصل أَثْيَر نقلت حركة الياء على الثاء، فانقلبت الياء ألفًا، ثم حذفت لالتقاء الساكنين.
وأَثَرْتُ الحديث على فَعَلْتُ فأنا آثِرٌ؛ والمعنى: لقد فضّلك الله علينا، واختارك بالعلم والحلم والحكم والعقل والملك.
{وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ} أي مذنبين من خَطِئ يَخْطَأ إذا أتى الخطيئة، وفي ضمن هذا سؤال العفو.
وقيل لابن عباس: كيف قالوا: {وَإنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} وقد تعمدوا لذلك؟ قال: وإن تعمّدوا لذلك، فما تعمدوا حتى أخطؤوا الحق، وكذلك كل من أتى ذنبًا تَخطّى المنهاج الذي عليه من الحق، حتى يقع في الشبهة والمعصية.
قوله تعالى: {لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ اليوم} أي قال يوسف وكان حليمًا موفَّقًا: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} وتمّ الكلام.
ومعنى: {اليوم}: الوقت.
والتثريب التَّعيير والتوبيخ، أي لا تعيير ولا توبيخ ولا لوم عليكم اليوم؛ قاله سفيان الثوري وغيره؛ ومنه قوله عليه السلام: {إذا زنت أمة أحدكم فليجلِدها الحدّ ولا يُثَرِّب عليها} أي لا يعيرها؛ وقال بشر:
فعَفَوتُ عنهم عَفْوَ غَيرِ مُثَرِّبٍ ** وتركتهم لعقابِ يومٍ سَرْمَدِ

وقال الأَصمعي: ثَرَّبْتُ عليه وعَرَّبْتُ عليه بمعنى إذا قبحتَ عليه فعله.
وقال الزجاج: المعنى لا إفساد لما بيني وبينكم من الحرمة، وحقّ الإخوة، ولكم عندي العفو والصفح؛ وأصل التثريب الإفساد، وهي لغة أهل الحجاز.
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بُعضادَتَي الباب يوم فتح مكة، وقد لاَذَ الناسُ بالبيت فقال: «الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده».
ثم قال: «ماذا تظنون يا معشر قريش» قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم وقد قَدَرت؛ قال: «وأنا أقول كما قال أخي يوسف: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ}» فقال عمر رضي الله عنه: ففِضتُ عَرقًا من الحياء من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ذلك أني قد كنت قلت لهم حين دخلنا مكة: اليوم ننتقم منكم ونفعل، فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال استحييت من قولي.
{يَغْفِرُ الله لَكُمْ} مستقبل فيه معنى الدعاء؛ سأل الله أن يستر عليهم ويرحمهم.
وأجاز الأخفش الوقف على: {عَلَيْكُمُ} والأوّل هو المستعمل؛ فإن في الوقف على: {عليكم} والابتداء ب: {الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} جَزْم بالمغفرة في اليوم، وذلك لا يكون إلا عن وحي، وهذا بيّن.
وقال عطاء الخراساني: طلب الحوائج من الشباب أسهل منه من الشيوخ؛ ألم تر قول يوسف: {لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} وقال يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي}. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {فلما دخلوا عليه}
فيه حذف واختصار تقديره فخرجوا من عند أبيهم قاصدين مصر فلما دخلوا عليه يعني على يوسف: {قالوا يا أيها العزيز} يعنون يا أيها الملك والعزيز القادر الممتنع وكان العزيز لقب ملك مصر يومئذ: {مسنا وأهلنا الضر} أي الشدة والفقر والجوع وأرادوا بأهلهم من خلفهم ومن وراءهم من العيال: {وجئنا ببضاعة مزجاة} أي ببضاعة رديئة كاسدة لا تنفق في ثمن الطعام إلا بتجوز من البائع.
وأصل الإزجاء في اللغة: الدفع قليلًا قليلًا والتزجية دفع الشيء لينساق كتزجية الريح السحاب ومنه قول الشاعر:
وحاجة غير مزجاة من الحاج

يعني هي قليلة يسيرة يمكن دفعها وسوقها لقلة الاعناء بها وإنما وصفوا تلك البضاعة بأنها مزجاة إما لنقصانها أو لرداءتها أو لمجموعهما فلذلك اختلفت عبارات المفسرين في معنى هذه البضاعة المزجاة، فقال ابن عباس: كانت دراهم رديئة زيوفًا وقيل كانت خلق الغرائر والحبال، وقيل: كانت من متاع الأعراب من الصوف والأقط، وقال الكلبي ومقاتل: كانت حبة الخضراء وقيل كانت سويق المقل وقيل كانت الأدم والنعال، وقال الزجاج: سميت هذه البضاعة القليلة الرديئة مزجاة من قولهم: فلان يزجي العيش أي يدفع الزمان بالقليل من العيش والمعنى جئنا ببضاعة مزجاة لندافع بها الزمان وليست مما يتسع بها، وقيل: إنما قيل للدراهم الرديئة مزجاة لأنها مردودة مدفوعة غير مقبولة ممن يدفعها: {فأوف لنا الكيل} يعني أعطنا ما كنت تعطينا من قبل بالثمن الجيد الوافي والمعنى إنا نريد أن تقيم لنا الزائد مقام الناقص والجيد مقام الرديء: {وتصدق علينا} يعني وتفضل علينا بما بين الثمين الجيد والرديء ولا تنقصنا، هذا قول أكثر المفسرين قال ابن الأنباري: وكان الذي يسألونه من المسامحة يشبه الصدقة وليس به واختلف العلماء هل كانت الصدقة حلالًا للأنبياء قبل نبينا أم لا فقال سفيان بن عيينة: إن الصدقة كانت حلالًا للأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم واستدل بهذه الآية وأنكر جمهور العلماء ذلك وقالوا إن حال الأنبياء كلهم واحد في تحريم الصدقة عليهم لإنهم ممنوعون من الخضوع للمخلوقين والأخذ منهم، والصدقة أوساخ الناس فلا تحل لهم لأنهم مستغنون بالله عمن سواه.
وأجيب عن قوله وتصدق علينا أنهم طلبوا منه أن يجريهم على عادتهم من المسامحة وإيفاء الكيل ونحو ذلك مما كان يفعل بهم من الكرامة وحسن الضيافة لا نفس الصدقة وكره الحسن ومجاهد ان يقول الرجل في دعائه اللهم تصدق علينا لأن الصدقة لا تكون إلا ممن يبتغي الثواب وروي أن الحسن سمع رجلًا يقول اللهم تصدق عليّ فقال إن الله لا يتصدق إنما يتصدق من يبغي الثواب قل اللهم أعطني وتفضل عليّ، وقال ابن جريج والضحاك وتصدق علينا يعني برد أخينا علينا: {إن الله يجزي المتصدقين} يعني بالثواب الجزيل وقال الضحاك لم يقولوا إن الله يجزيك لأنهم لم يعلموا أنه مؤمن: {قال} يعني قال يوسف لإخوته: {هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه} وقد اختلفوا في السبب الذي من أجله حمل يوسف وهيجه على هذا القول، فقال ابن إسحاق: ذكر لي أنهم لما كلموه بهذا الكلام أدركته رقة على إخوته فباح بالذي كان يكتم، وقيل: إنه أخرج لهم نسخة الكتاب الذي كتبوه ببيعه من مالك وفي آخره وكتبه يهوذا فلما قرؤوا الكتاب اعترفوا بصحته وقالوا يا أيها الملك إنه كان لنا عبد فبعناه منه فغاظ ذلك يوسف وقال: إنكم تستحقون العقوبة وأمر بقتلهم فلما ذهبوا بهم ليقتلوهم قال يهوذا كان يعقوب يبكي ويحزن لفقد واحد منا فكيف إذا أتاه الخبر بقتل بنيه كلهم ثم قالوا إن كنت فاعلًا ذلك فابعث بأمتعتنا إلى أبينا فإنه بمكان كذا وكذا فذلك حين أدركته الرقة عليهم والرحمة فبكى، وقال هذا القول، وقيل: إن يوسف لما قرأ كتاب أبيه لم يتمالك أن بكى وقال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه وهذا استفهام يفيد تعظيم أمر هذه الواقعة ومعناه ما أعظم ما ارتكبتم من أمر يوسف وما أقبح ما أقدمتم عليه من قطيعة الرحم وتفريقه من أبيه وهذا كما يقال للمذنب هل تدري من عصيت وهل تعرف من خالفت ولم يرد بهذا نفس الاستفهام ولكنه أراد تفظيع الأمر وتعظيمه ويجوز أن يكون المعنى هل علمتم عقبى ما فعلتم بيوسف وأخيه من تسليم الله إياهما من المكروه.
واعلم أن هذه الآية تصديق لقوله تعالى: {وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون} فإن قلت الذي فعلوه بيوسف معلوم ظاهر فما الذي فعلوه بأخيه من المكروه حتى يقول لهم هذه المقالة فإنهم لم يسعوا في حبسه ولا أرادوا ذلك.
قلت: إنهم لما فرقوا بينه وبين أخيه يوسف نغصوا عليه عيشه وكانوا يؤذونه كلما ذكر يوسف، وقيل: إنهم قالوا له لما اتهم بأخذ الصواع ما رأينا منكم يا بني راحيل خيرًا: {إذ أنتم جاهلون} هذا يجري مجرى العذر لهم يعني أنكم أقدمتم على هذا الفعل القبيح المنكر حال كونكم جاهلين وهو وقت الصبا وحالة الجهل وقيل جاهلون بما يؤول إليه أمر يوسف.
قوله: {قالوا أئنك لأنت يوسف}
قرئ على سبيل الاستفهام وحجة هذه القراءة قال ابن عباس لما قال لهم هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه تبسم فرأوا ثناياه كاللؤلؤ تشبه ثنايا يوسف فشبهوه بيوسف فقالوا استفهامًا أئنك لأنت يوسف؟، وقرئ على الخب وحجته ما قال ابن عباس أيضًا في رواية أخرى عنه: إن إخوة يوسف لم يعرفوه حتى وضع التاج على رأسه وكان له في قرنه علامة تشبه الشامة وكان ليعقوب مثلها ولإسحاق مثلها ولسارة مثلها فعرفوه بها وقالوا أنت يوسف، وقيل: قالوه على سبيل التوهم ولم يعرفوه حتى: {قال أنا يوسف} قال بعض العلماء إنما أظهر الاسم في قوله أنا يوسف ولم يقل أنا هو تعظيمًا لما نزل به من ظلم إخوته له وما عوضه الله من النصر والظفر والملك فكأنه قال أنا يوسف المظلوم الذي ظلمتموني وقصدتم قتلي بأن ألقيتموني في الجب ثم بعتموني بأبخس الأثمان ثم صرت إلى ما ترون فكانت تحت ظهور الاسم هذه المعاني كلها ولهذا قال: {وهذا أخي} وهم يعرفونه لأنه قصد به أيضًا وهذا أخي المظلوم كما ظلمتموني ثم صرت أنا وهو إلى ما ترون وهو قوله: {قد منَّ الله علينا} بأن جمع بيننا وقيل منَّ علينا بكل عز وخير في الدنيا والآخرة، وقيل: منَّ علينا بالسلامة في ديننا ودنيانا: {إنه من يتق ويصبر} يعني يتقي الزنا ويصبر على العزوبة قاله ابن عباس، وقال مجاهد: يتقي المعصية ويصبر على السجن، وقيل: يتقي الله بأداء فرائضه ويصبر عما حرم الله: {فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} يعني أجر من كان هذا حاله: {قالوا} يعني قال إخوة يوسف معتذرين إليه مما صدر منهم في حقه: {تالله لقد آثرك الله علينا} أي اختارك وفضلك علينا يقال آثرك الله إيثارًا أي اختارك ويستعار الأثر للفضل والإيثار للتفضيل والمعنى لقد فضلك الله علينا بالعلم والعقل وقال الضحاك عن ابن عباس بالملك وقال أبو صالح عنه بالصبر وقيل بالحلم والصفح علينا وقيل بالحسن وسائر الفضائل التي أعطاها الله له دون إخوته وقيل: فضله عليهم بالنبوة وأورد على هذا القول أن إخوته كانوا أنبياء أيضًا فليس له عليهم فضل في ذلك وأجيب عنه بأن يوسف فضل عليهم بالرسالة مع النبوة فكان أفضل منهم بهذا الاعتبار لأن من جمعت له النوبة والرسالة كان أفضل ممن خص بالنبوة فقط: {وإن كنا لخاطئين} يعني وما كنا في صنعنا بك إلا خاطيئن ولهذا اختير لفظ الخاطئ على المخطئ والفرق بينهما أن يقال خطئ خطأ إذا تعمد وأخطأ إذا كان غير متعمد وقيل يجوز أني كون آثر لفظ خاطئين على مخطيئن لموافقة رؤوس الآي لأن خاطيئن أشبه بما قبلها: {قال} يعني يوسف: {لا تثريب عليكم} يعني لا تعيير ولا توبيخ عليكم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يوبخها ولا يثرب» أي لا يعيرها بالزنا بعد إقامة الحد عليها وفي محل قوله: {اليوم} قولان أحدهما أنه يرجع إلى ما قبله فيكون التقدير لا تثريب عليكم اليوم والمعنى أن هذا اليوم هو يوم التثيرب والتقريع والتوبيخ وأنا لا أقرعكم اليوم ولا أوبخكم ولا أثرب عليكم، فعلى هذا يحسن الوقف على قوله لا تثريب عليكم اليوم ويبتدئ بقوله: {يغفر الله لكم}.
والقول الثاني: أن اليوم متعلق بقوله يغفر الله لكم فعلى هذا يحسن الوقف على قوله لا تثريب عليكم ويبتدئ باليوم يغفر الله لكم كأنه لما نفى عنهم التوبيخ والتقريع بقوله لا تثريب عليكم بشرهم بقوله اليوم يغفر الله لكم: {وهو أرحم الراحمين} ولما عرفهم يوسف نفسه سألهم عن حال أبيه فقال ما حال أبي بعدي؟ قالوا ذهب بصره من كثرة البكاء عليك فأعطاهم قميصه. اهـ.

.قال أبو حيان:

{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ}
المزجاة: المدفوعة يدفعها كل تاجر رغبة عنها واحتقارًا من أزجيته إذا دفعته وطردته، والريح تزجي السحاب.
وقال حاتم الطائي:
لبيك على ملحان ضيف مدفع ** وأرملة تزجي مع الليل أرملا

{فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون}: في الكلام حذف تقديره: فذهبوا من الشام إلى مصر ودخلوها، فلما دخلوا عليه، والضمير في عليه عائد على يوسف، وكان آكد ما حدثوه فيه شكوى ما أصابهم من الجهد قبل ما وصاهم به من تحسس نبأ يوسف وأخيه.
والضر: الهزال من الشدة والجوع، والبضاعة كانت زيوفًا قاله ابن عباس.
وقال الحسن: قليلة.
وقال ابن جبير: ناقصة.
وقيل: كانت عروضًا.
قيل: كانت ضوفًا وسمنًا.
وقيل: صنوبرًا وحبة الخضراء وهي الفستق قاله: أبو صالح، وزيد بن أسلم، وقيل: سويق المقل والأقط، وقيل: قديد وحش.
وقيل: حبالًا وأعدالًا وأقتابًا، ثم التمسوا منه إيفاء الكيل.
وقد استدل بهذا على أن الكيل على البائع ولا دليل فيه.
وتصدق علينا أي: بالمسامحة والإغماض عن رداءة البضاعة، أو زدنا على حقنا، فسموا ما هو فضل وزيادة لا تلزمه صدقة.
قيل: لأن الصدقات محرمة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
وقيل: كانت تحل لغير نبينا صلى الله عليه وسلم.
وسئل ابن عيينة عن ذلك فقال: ألم تسمع وتصدق علينا، أراد أنها كانت حلالًا لهم.
وقال الزمخشري: والظاهر أنهم تمسكنوا له وطلبوا أن يتصدق عليهم، ومن ثم رق لهم وملكته الرحمة عليهم، فلم يتمالك أن عرفهم نفسه.
وقوله إنّ الله يجزي المتصدقين شاهد، لذلك لذكر الله وجزائه انتهى.
وقيل: كانت الصدقة محرمة، ولكن قالوها تجوز استعطافًا منهم له في المبايعة كما تقول لمن ساومته في سلعة: هبني من ثمنها كذا، فلم يقصد أن يهبك، وإنما حسنت معه الأفعال حتى يرجع منك إلى سومك.