فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال يعقوب: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى}. أقول: وفي هذا الكلام نظر فإنهم طلبوا من يوسف أن يعفو عنهم بقولهم: {لقد آثرك الله علينا}، فقال: لا تثريب عليكم اليوم، لأن مقصودهم صدور العفو منه عنهم، وطلبوا من أبيهم يعقوب أن يستغفر الله لهم وهو لا يكون إلاّ بطلب ذلك منه إلى الله عزّ وجلّ، وبين المقامين فرق، فلم يكن وعد يعقوب لهم بخلًا عليهم بسؤال الله لهم، ولاسيما إذا صح ما تقدّم من أنه أخر ذلك إلى وقت الإجابة.
فإنه لو طلبه لهم في الحال لم يحصل له علم بالقبول.
وأخرج الحكيم الترمذي، وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال: لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان، كتب يعقوب إلى يوسف وهو لا يعلم أنه يوسف: بسم الله الرحمن الرحيم، من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون: سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلاّ هو، أما بعد: فإنا أهل بيت مولع بنا أسباب البلاء، كان جدّي إبراهيم خليل الله ألقي في النار في طاعة ربه، فجعلها الله عليه بردًا وسلاما، وأمر الله جدّي أن يذبح له أبي ففداه الله بما فداه، وكان لي ابن وكان من أحبّ الناس إليّ ففقدته، فأذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري فأذهب عني بعض وجدي، وهوالمحبوس عندك في السرقة، وإني أخبرك أني لم أسرق، ولم ألد سارقًا؛ فلما قرأ يوسف الكتاب بكى وصاح وقال: {اذهبوا بِقَمِيصِى هذا فَأَلْقُوهُ على وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا}.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله: {اذهبوا بِقَمِيصِى هذا} أن نمروذ لما ألقى إبراهيم في النار نزل إليه جبريل بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة، وقعد معه يتحدّث، فأوحى الله إلى النار: {كُونِى بَرْدًا وسلاما} [الأنبياء: 69] ولولا أنه قال: {وسلامًا} لآذاه البرد.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس مرفوعًا: إن الله كسا إبراهيم ثوبًا من الجنة، فكساه إبراهيم إسحاق، وكساه إسحاق يعقوب، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة من حديد وعلقه في عنق يوسف، ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه، فلما أراد الله أن يردّ يوسف على يعقوب كان بين رؤياه وتعبيره أربعون سنة، أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل، فوجد يعقوب ريحه فقال: {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون}، فلما ألقاه على وجهه ارتدّ بصيرًا، وليس يقع شيء من الجنة على عامة من عاهات الدنيا إلاّ أبرأها بإذن الله.
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وأحمد في الزهد، وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {وَلَمَّا فَصَلَتِ العير} قال: لما خرجت العير هاجت الريح، فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف فقال: {إِنّى لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنّدُونِ} تسفهون، فوجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عنه قال: وجد ريحه من مسيرة عشرة أيام.
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عنه قال: وجده من مسيرة ثمانين فرسخًا.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عنه أيضًا: {لَوْلاَ أَن تُفَنّدُونِ} قال: تجهلون.
وأخرج ابن جرير عنه أيضًا: قال: تكذبون.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن مجاهد قال: تهرمون، يقولون: قد ذهب عقلك.
وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن الربيع قال: لولا أن تحمقون.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس: {إِنَّكَ لَفِى ضلالك القديم} يقول: خطئك القديم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال: جنونك القديم.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال: حبك القديم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: البشير: البريد.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عن الضحاك مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن سفيان قال: البشير هو يهوذا بن يعقوب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: لما أن جاء البشير إلى يعقوب فألقى عليه القميص قال: على أيّ دين خلفت يوسف؟ قال: على الإسلام، قال: الآن تمت النعمة.
وأخرج أبو عبيد، وسعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني عن ابن مسعود في قوله: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى} قال: إن يعقوب أخر بنيه إلى السحر.
وأخرج ابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عباس قال: أخرهم إلى السحر، وكان يصلي بالسحر.
وأخرج أبو الشيخ، وابن مردويه عنه قال: أخرّهم إلى السحر لأن دعاء السحر مستجاب.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ عنه أيضًا قال: قال النبيّ صلى الله عليه وسلم في قصه «هو قول أخي يعقوب لبنيه: سوف أستغفر لكم ربي»، يقول: «حتى تأتي ليلة الجمعة». اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (88)}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر} أي الضر في المعيشة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {وجئنا ببضاعة} قال: دراهم: {مزجاة} قال: كاسدة غير طائلة.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: رثة المتاع، خلق الحبل والغرارة والشيء.
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: {ببضاعة مزجاة} قال: الورق الردية الزيوف، التي لا تنفق حتى يوضع فيها.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: قليلة.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: دراهم زيوف.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن سعيد بن جبير وعكرمة- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال أحدهما: ناقصة. وقال الآخر: فلوس رديئة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: متاع الإِعراب، الصوف والسمن.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: حبة الخضراء، وصنوبر وقطن.
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: ببعيرات وبقرات عجاف.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {مزجاة} قال: كاسدة.
وأخرج ابن النجار، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {ببضاعة مزجاة} قال: سويق المقل.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مالك بن أنس- رضي الله عنهما- أنه سئل عن أجر الكيالين: أيؤخذ من المشتري؟ قال: الصواب- والذي يقع في قلبي- أن يكون على البائع. وقد قال إخوة يوسف عليهم السلام: {أوف لنا الكيل وتصدق علينا}. وكان يوسف عليه السلام هو الذي يكيل.
وأخرج ابن جرير، عن إبراهيم رضي الله عنه قال: في مصحف عبد الله: {فأوف لنا الكيل وأوقر ركابنا}.
وأخرج ابن جرير، عن سفيان بن عيينة- رضي الله عنه، أنه سئل: هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ألم تسمع قوله: {فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير قال: الأنبياء عليهم السلام لا يأكلون الصدقة، إنما كانت دراهم نفاية لا تجوز بينهم، فقالوا: تجوّز عنا ولا تُنْقِصْنا من السعر لأجل رديء دراهمنا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {وتصدق علينا} قال: اردد علينا أخانا.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أن رجلًا قال له: تصدق عليَّ، تصدق الله عليك بالجنة، فقال: ويحك، إن الله لا يتصدق، ولكن الله يجزي المتصدقين.
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه أنه سئل: أيكره أن يقول الرجل في دعائه: اللهم تصدق علي؟ فقال نعم إنما الصدقة لمن يبتغي الثواب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال: قيل لبني يعقوب: إن بمصر رجلًا يطعم المسكين ويملأ حجر اليتيم. قالوا: ينبغي أن يكون هذا منا أهل البيت، فنظروا فإذا هو يوسف بن يعقوب.
{قَالَ هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)}
أخرج أبو الشيخ عن الأعمش رضي الله عنه قال: قرأ يحيى بن وثاب- رضي الله عنه: {أنك لأنت يوسف} بهمزة واحدة.
وأخرج أبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه قال: في حرف عبدالله: {قال أنا يوسف وهذا أخي} بيني وبينه قربى: {قد منّ الله علينا}.
وأخرج أبو الشيخ في قوله: {إنه من يتق} الزنا: {ويصبر} على العزوبة فإن الله: {لا يضيع أجر المحسنين}.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال: مكتوب في الكتاب الأول، أن الحاسد لا يضر بحسده إلا نفسه، ليس ضارًا من حسد. وإن الحاسد ينقصه حسده، وإن المحسود إذا صبر، نجاه الله بصبره؛ لأن الله يقول: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}.
{قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ (91)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {قالوا تالله لقد آثرك الله علينا} وذلك بعدما عرفهم نفسه، لقوا رجلًا حليمًا لم يبث ولم يثرب عليهم أعمالهم.
{قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (92) اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {لا تثريب} قال لا تعيير.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {لا تثريب} قال لا إباء.
وأخرج أبو الشيخ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده قال: لما استفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، التفت إلى الناس فقال: «ماذا تقولون، وماذا تظنون؟... قالوا: ابن عم كريم. فقال: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم}».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: «يا أهل مكة، ماذا تظنون، ماذا تقولون؟ قالوا: نظن خيرًا ونقول خيرًا: ابن عم كريم قد قدرت، قال: فإني أقول كما قال أخي يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}».
وأخرج البيهقي في الدلائل، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة، طاف بالبيت وصلى ركعتين، ثم أتى الكعبة فأخذ بعضادتي الباب، فقال: «ماذا تقولون، وماذا تظنون؟ قالوا: نقول ابن أخ وابن عم حليم رحيم، فقال: أقول كما قال يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} فخرجوا كأنما نشروا من القبور فدخلوا في الإِسلام».
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال: طلب الحوائج إلى الشباب، أسهل منها إلى الشيوخ. ألم تر إلى قول يوسف: {لا تثريب عليكم اليوم} وقال يعقوب عليه السلام: {سوف أستغفر لكم ربي}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال: أما والله، ما سمعنا بعفو قط مثل عفو يوسف.
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان، كتب يعقوب إلى يوسف- وهو لا يعلم أنه يوسف- بسم الله الرحمن الرحيم. من يعقوب بن إسحق بن إبراهيم إلى عزيز آل فرعون، سلام عليك. فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد: فإنا أهل بيت، مولع بنا أسباب البلاء. كان جدي إبراهيم، خليل الله عليه السلام ألقي في النار في طاعة ربه، فجعلها عليه الله بردًا وسلامًا. وأمر الله جدي أن يذبح له أبي، ففداه الله بما فداه الله به. وكان لي ابن وكان من أحب الناس إلي ففقدته.
فأذهب حزني عليه نور بصري، وكان له أخ من أمه، كنت إذا ذكرته ضممته إلى صدري. فأذهب عني وهو المحبوس عندك في السرقة، وأني أخبرك أني لم أسرق ولم ألد سارقًا. فلما قرأ يوسف عليه السلام الكتاب، بكى وصاح وقال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا}.
وأخرج أبو الشيخ، عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله: {اذهبوا بقميصي هذا} «إن نمرود لما ألقى إبراهيم في النار، نزل إليه جبريل بقميص من الجنة، وطنفسة من الجنة، فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة، وقعد معه يتحدث، فأوحى الله إلى النار: {كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم} [الأنبياء: 69] ولولا أنه قال: وسلامًا، لأذاه البرد ولقتله البرد».
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا خير البشر، فقال: «ذاك يوسف صديق الله ابن يعقوب إسرائيل الله ابن اسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله. إن الله كسا إبراهيم ثوبًا من الجنة، فكساه إبراهيم إسحاق، فكساه اسحاق يعقوب، فأخذه يعقوب فجعله في قصبة حديد، وعلقه في عنق يوسف، ولو علم إخوته إذ ألقوه في الجب لأخذوه، فلما أراد الله أن يرد يوسف على يعقوب وكان بين رؤياه وتعبيرها أربعين سنة، أمر البشير أن يبشره من ثمان مراحل، فوجد يعقوب ريحه فقال: {إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون} فلما ألقاه على وجهه ارتد بصيرًا، وليس يقع شيء من الجنة على عاهة من عاهات الدنيا إلا أبرأها بإذن الله تعالى».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب رضي الله عنه قال: لما ألقي إبراهيم في النار، كساه الله تعالى قميصًا من الجنة، فكساه إبراهيم اسحاق، وكساه اسحاق يعقوب، وكساه يعقوب يوسف، فطواه وجعله في قصبة فضة، فجعله في عنقه وكان في عنقه حين ألقي في الجب، وحين سجن، وحين دخل عليه إخوته. وأخرج القميص من القصبة فقال: {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرًا} فشم يعقوب عليه السلام ريح الجنة وهو بأرض كنعان، بأرض فلسطين، فقال: {إني لأجد ريح يوسف}.