فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}
اعلم أنه قرأ حفص عن عاصم: {نُوحِى} بالنون، والباقون بالياء: {أَفَلاَ يَعْقِلُونَ} قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو، ورواية حفص عن عاصم: {تَعْقِلُونَ} بالتاء على الخطاب، والباقون: بالياء على الغائب.
واعلم أن من جملة شبه منكري نبوته عليه الصلاة والسلام أن الله لو أراد إرسال رسول لبعث ملكًا، فقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِى إِلَيْهِمْ مّنْ أَهْلِ القرى} فلما كان الكل هكذا فكيف تعجبوا في حقك يا محمد والآية تدل على أن الله ما بعث رسولًا إلى الحق من النسوان وأيضًا لم يبعث رسولًا من أهل البادية.
قال عليه الصلاة والسلام: «من بدا جفا ومن اتبع الصيد غفل» ثم قال: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ في الأرض فَيَنظُرُواْ} إلى مصارع الأمم المكذبة وقوله: {وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ} والمعنى دار الحالة الآخرة، لأن للناس حالتين حال الدنيا وحال الآخرة، ومثله قوله صلاة الأولى أي صلاة الفريضة الأولى، وأما بيان أن الآخرة خير من الأولى فقد ذكرنا دلائله مرارًا. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا نوحي إليهم من أهل القرى} قال قتادة: من أهل الأمصار دون البوادي لأنهم أعلم وأحلم. وقال الحسن: لم يبعث الله تعالى نبيًا من أهل البادية قط، ولا من النساء، ولا من الجن.
{ولدار الآخرة خير} يعني بالدار الجنة، وبالآخرة القيامة، فسمى الجنة دارًا وإن كانت النار دارًا لأن الجنة وطن اختيار، والنار مسكن اضطرار. اهـ.

.قال ابن عطية:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}
هذه الآية تتضمن الرد على مستغربي إرسال الرسل من البشر كالطائفة التي قالت: أبعث الله بشرًا رسولًا، وكالطائفة التي اقترحت ملكًا وغيرهما.
وقرأ الجمهور: {يوحَى إليهم} بالياء وفتح الحاء، وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر، وقرأ في رواية حفص: {نوحِي} بالنون وكسر الحاء وهي قراءة أبي عبد الرحمن وطلحة.
و{القرى}: المدن، وخصصها دون القوم المنتوين- أهل العمود- فإنهم في كل أمة أهل جفاء وجهالة مفرطة، قال ابن زيد: {أهل القرى} أعلم وأحلم من أهل العمود.
قال القاضي أبو محمد: فإنهم قليل نبلهم ولم ينشئ الله فيهم رسولًا قط. وقال الحسن: لم يبعث الله رسولًا قط من أهل البادية ولا من النساء ولا من الجن.
قال القاضي أبو محمد: والتبدي مكروه إلا في الفتن وحين يفر بالدين، كقوله عليه السلام «يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمًا» الحديث. وفي ذلك أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسلمة بن الأكوع وقد قال صلى الله عليه وسلم: «لا تعرب في الإسلام» وقال: من «بدا جفا» وروى عنه معاذ بن جبل أنه قال: «الشيطان ذيب الإنسان كذيب الغنم يأخذ الشاة القاصية فإياكم والشعاب وعليكم بالمساجد والجماعات والعامة». قال القاضي أبو محمد: ويعترض هذا ببدو يعقوب، وينفصل عن ذلك بوجهين أحدهما: أن ذلك البدو لم يكن في أهل عمود بل هو بتقر في منازل وربوع.
والثاني: أنه إنما جعله بدوًا بالإضافة إلى مصر كما هي بنات الحواضر بدو بالإضافة إلى الحواضر.
ثم أحالهم على الاعتبار في الأمم السالفة في أقطار الأرض التي كذبت رسلها فحاق بها عذاب الله، ثم حض على الآخرة والاستعداد لها والاتقاء من الموبقات فيها، ثم وقفهم موبخًا بقوله: {أفلا تعقلون}.
وقوله: {ولدار الآخرة} زيادة في وصف إنعامه على المؤمنين، أي عذب الكفار ونجى المؤمنين، ولدار الآخرة أحسن لهم.
وأما إضافة الدار إلى: {الآخرة} فقال الفراء: هي إضافة الشيء إلى نفسه كما قال الشاعر: الوافر:
فإنك لو حللت ديار عبس ** عرفت الذل عرفان اليقين

وفي رواية:
فلو أقوت عليك ديار

إلخ.
وكما يقال: مسجد الجامع، ونحو هذا، وقال البصريون: هذه على حذف مضاف تقديره: ولدار الحياة الآخرة أو المدة الآخرة.
قال القاضي أبو محمد: وهذه الأسماء التي هي للأجناس كمسجد وثوب وحق وجبل ونحو ذلك- إذا نطق بها الناطق لم يدر ما يريد بها، فتضاف إلى معرف مخصص للمعنى المقصود فقد تضاف إلى جنس آخر كقولك: جبل أحد، وقد تضاف إلى صفة كقولك: مسجد الجامع وحق اليقين، وقد تضاف إلى اسم خاص كقولك جبل أحد ونحوه.
وقرأ الحسن والأعمش والأعرج وابن كثير وأبو عمرو وعاصم وعلقمة: {يعقلون} بالياء، واختلف عن الأعمش. قال أبو حاتم: قراءة العامة: {أفلا تعقلون} بالتاء من فوق.
ويتضمن قوله تعالى: {أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} أن الرسل الذين بعثهم الله من أهل القرى دعوا أممهم فلم يؤمنوا بهم حتى نزلت بهم المثلات، صاروا في حيز من يعتبر بعاقبته، فلهذا المضمن حسن أن تدخل: {حتى} في قوله: {حتى إذا استيأس الرسل}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نوحي إِلَيْهِمْ مِّنْ أَهْلِ القرى}
هذا ردّ على القائلين: {لولا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} [الأنعام: 8] أي أرسلنا رجالًا ليس فيهم امرأة ولا جِنِّيٌّ ولا مَلَك؛ وهذا يردّ ما يُروى عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن في النِّساء أربع نبيَّات حَوّاء وآسية وأمّ موسى ومريم». وقد تقدّم في آل عمران شيء من هذا.
{مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} يريد المدائن؛ ولم يبعث الله نبيًّا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة على أهل البدو؛ ولأن أهل الأمصار أعقل وأحلم وأفضل وأعلم.
قال الحسن: لم يبعث الله نبيًّا من أهل البادية قطّ، ولا من النِّساء، ولا من الجنّ.
وقال قتادة: {مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} أي من أهل الأمصار؛ لأنهم أعلم وأحلم.
وقال العلماء: مِن شرط الرسول أن يكون رجلًا آدميّا مدنِيًا؛ وإنما قالوا آدميّا تحرّزًا؛ من قوله: {يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الجن} [الجن: 6] والله أعلم.
قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ} إلى مصارع الأمم المكذِّبة لأنبيائهم فيعتبروا.
{وَلَدَارُ الآخرة خَيْرٌ} ابتداء وخبره.
وزعم الفرّاء أن الدار هي الآخرة؛ وأضيف الشيء إلى نفسه لاختلاف اللفظ، كيوم الخميس، وبارحة الأولى؛ قال الشاعر:
ولو أَقْوَتْ عليكَ دِيارُ عَبْسٍ ** عَرَفْتَ الذُّلَّ عِرْفَانَ اليَقينِ

أي عِرْفَانًا يقينًا؛ واحتج الكسائيّ بقولهم: صلاة الأولى؛ واحتجّ الأخفش بمسجد الجامع.
قال النحاس: إضافة الشيء إلى نفسه محال؛ لأنه إنما يضاف الشيء إلى غيره ليتعرّف به؛ والأجود الصلاة الأولى، ومن قال صلاة الأولى فمعناه: عند صلاة الفريضة الأولى؛ وإنما سمّيت الأولى لأنها أوّل ما صُلّي حين فُرضت الصّلاة، وأوّل ما أظهر؛ فلذلك قيل لها أيضًا الظهر.
والتقدير: ولدار الحال الآخرة خير، وهذا قول البصريين؛ والمراد بهذه الدار الجنة؛ أي هي خير للمتقين.
وقرئ: {وَلَلدَّارُ الآخرة}. وقرأ نافع وعاصم ويعقوب وغيرهم: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} بالتاء على الخطاب. الباقون بالياء على الخبر. اهـ.

.قال الخازن:

قوله: {وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا} يعني وما أرسلنا قبلك يا محمد إلا رجالًا مثلك ولم يكونوا ملائكة: {نوحي إليهم} هذا جواب لأهل مكة حيث قالوا هلا بعث الله ملكًا والمعنى كيف تعجبوا من إرسالنا إياك يا محمد وسائرالرسل الذين كانوا من قبلك بشر مثلك حالهم كحالك: {ومن أهل القرى} يعني من أهل الأمصار والمدن لا من أهل البوادي لأن أهل الأمصار أفضل وأعلم وأكمل عقلًا من أهل البوادي، قال الحسن: لم يبعث نبي من بدو ولا من الجن ولا من النساء، وقيل: إنما لم يبعث الله نبيًا من البادية لغلظهم وجفائهم: {أفلم يسيروا في الأرض} يعني هؤلاء المشركين المكذبين: {فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} يعني كانت عاقبتهم الهلاك لما كذبوا رسلنا فليعتبر هؤلاء بهم وما حل بهم من عذابنا: {ولدار الآخرة خير للذين اتقوا} يعني فعلنا هذا بأوليائنا وأهل طاعتنا إذ أنجيناهم عند نزول العذاب بالأمم المكذبة وما في الدار الآخرة خير لهم يعني الجنة لأنها خير من الدنيا وإنمًا أضاف الدار إلى الآخرة وإن كانت في الآخرة لأن العرب تضيف الشيء إلى نفسه كقولهم حق اليقين والحق هو اليقين نفسه: {أفلا تعقلون} يعني يتفكرون ويعتبرون بهم فيؤمنون. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا}
رد لقولهم: {وَلَوْ شَاء الله لأَنزَلَ ملائكة}، {نُّوحِى إِلَيْهِمْ} كما أوحينا إليك وقرئ بالياء: {مّنْ أَهْلِ القرى} لأنهم أعلمُ وأحلم، وأهلُ البوادي فيهم الجهلُ والجفاءُ والقسوة.
{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ في الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ} من المكذبين بالرسل والآياتِ فيحذَروا تكذيبك: {وَلَدَارُ الآخرة} أي الساعةُ أو الحياة الآخرة: {خَيْرٌ لّلَّذِينَ اتقوا} الشركَ والمعاصيَ: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} فتستعملوا عقولَكم لتعرِفوا خيريةَ دارِ الآخرة، وقرئ بالياء على أنه غيرُ داخل تحت قل. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا}
رد لقولهم: {لَوْ شَاء رَبُّنَا لأنزَلَ ملائكة} [فصلت: 14] نفي له، وقيل: المراد نفي استنباء النساء ونسب ذلك إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وزعم بعضهم أن الآية نزلت في سجاح بنت المنذر المنبئة التي يقول فيها الشاعر:
أمست نبيتنا أنثى نطوف بها ** ولم تزل أنبياء الله ذكرانا

فلعنة الله والاقوام كلهم ** على سجاح ومن بالافك أغرانا

أعني مسيلمة الكذاب لاسقيت ** اصداؤه ماء مزن أينما كانا

وهو مما لا صحة له لأن ادعاءها النبوة كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكونه اخبارًا بالغيب لا قرينة عليه: {نُّوحِى إِلَيْهِمْ} كما أوحينا إليك.
وقرأ أكثر السبعة: {يُوحَى} بالياء وفتح الحاء مبنيًا للمفعول، وقراءة النون وهي قراءة حفص وطلحة وأبي عبد الرحمن موافقة لأرسلنا: {مّنْ أَهْلِ القرى} لأن أهلها كما قال ابن زيد وغيره: وهو مما لا شبهة فيه أعلم وأحلم من أهل البادية ولذا يقال: لأهل البادية أهل الجفاء، وذكروا ان التبدي مكروه إلا في الفتن، وفي الحديث: «من بدا جفا» قال قتادة: ما نعلم أن الله تعالى أرسل رسولًا قط إلا من أهل القرى، ونقل عن الحسن أنه قال: لم يبعث رسول من أهل البادية ولا من النساء ولا من الجن، وقوله تعالى: {وَجَاء بِكُمْ مّنَ البدو} [يوسف: 100] قد مر الكلام فيه آنفًا.
{أَفَلَمْ يَسِيرُواْ في الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ} من المكذبين بالرسل والآيات من قوم نوح، وقوم لوط وقوم صالح وسائر من عذبه الله تعالى فيحذروا تكذيبك وروى هذا عن الحسن، وجوز أن يكون المراد عاقبة الذين من قبلهم من المشغوفين بالدنيا المتهالكين عليها فيقلعوا ويكفوا عن حبها وكأنه لاحظ المجوز ما سيذكر، والاستفهام على ما في البحر للتقريع والتوبيخ: {وَلَدَارُ الآخرة} من إضافة الصفة إلى الموصوف عند الكوفية أي ولا الدار الآخرة وقدر البصرى موصوفًا أي ولدار الحال أو الساعة أو الحياة الآخرة وهو المختار عند الكثير في مثل ذلك: {خَيْرٌ لّلَّذِينَ اتقوا} الشرك والمعاصي: {أفَلا تَعْقِلُونَ} فتستعملوا عقولكم لتعرفوا خيرية دار الآخرة فتتوسلوا إليها بالاتقاء، قيل: إن هذا من مقول: {قُلْ} [يوسف: 108] أي قل لهم مخاطبًا أفلا تعقلون فالخطاب على ظاهره، وقوله سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ} إلى: {مِن قَبْلِهِمُ} أو: {اتقوا} اعتراض بين مقول القول، واستظهر بعضهم كون هذا التفاتًا.
وقرأ جماعة: {يَعْقِلُونَ} بالياء رعيا لقوله سبحانه: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ}. اهـ.

.قال القاسمي:

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى}
أي: لا ملائكة من أهل السماء، رد لقول المشركين: {لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلائِكَة} [فصلت: من الآية 14]، وهذا كقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: من الآية 20]، وقوله: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} [الأنبياء: 8]. وقوله: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُل} [الأحقاف: من الآية 9] الآية.
واحتج بقوله تعالى: {إِلاَّ رِجَالًا} على أنه لم ينتظم في سلك النبوة امرأة.
والقرى: جمع قرية، وهي على ما في القاموس: المصر الجامع، وفي كفاية المتحفظ: القرية: كل مكان اتصلت به الأبنية، واتخذ قرارًا. وتقع على المدن وغيرهما. انتهى.
قال ابن كثير: والمراد بالقرى هنا المدن. أي: لا أنهم من أهل البوادي الذين هم أجفى الناس طباعًا وأخلاقًا. وهذا هو المعهود المعروف: أن أهل المدن أرق طباعًا، وألطف من أهل بواديهم. وأهل الريف والسواد أقرب حالًا من الذين يسكنون في البوادي. ولهذا قال تعالى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} الآية [التوبة: من الآية 97].
قال قتادة: إنما كانوا من أهل القرى؛ لأنهم أعلم وأحلم من أهل العُمور.
وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُواْ} أي: هؤلاء المكذبون: {فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ} أي: نظر تفكر: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ} أي: من الأمم المكذبة، كقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} الآية [الحج: من الآية 46]، فإذا استمعوا خبر ذلك؛ رأوا أن الله أهلك الكافرين، ونجى المؤمنين. وهذه كانت سنته تعالى في خلقه، ولهذا قال تعالى: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ} أي: الشرك والفواحش، وآمنوا بالله ورسله وكتبه.
قال ابن كثير: أي: وكما نجينا المؤمنين في الدنيا، كذلك كتبنا لهم النجاة في الدار الآخرة، وهي خير لهم من الدنيا، كقوله تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: 51].
{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أي: تستعملون عقولكم، فتعلموا أن الآخرة خير، أو تعلموا كيف عاقبة أولئك. اهـ.