فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويضيف الحق سبحانه في نفس الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ...} [يوسف: 111]
فالقرآن يُصدِّق الكتب السابقة، ويُفصِّل كل شيء؛ أي: يعطي كل جزئية من الأمر حُكْمها في جزئية مناسبة لها. فهو ليس كلامًا مُجْملًا، بل يجري تفصيل كل حُكْم بما يناسب أيَّ أمر من أمور البشر.
وفي أعرافنا اليومية نقول: فلان قام بشراء بذلة تفصيل. أي: أن مقاساتها مناسبة له تمامًا؛ ومُحْكمة عليه حين يرتديها. وفي الأمور العقدية نجد والعياذ بالله مَنْ يقول: إنه لا يوجد إله على الإطلاق، ويقابله مَنْ يقول: إن الآلهة مُتعددة؛ لأن كل الكائنات الموجودة في الكون من الصعب أن يخلقها إله واحد؛ فهناك إله للسماء، وإله للأرض؛ وإله للنبات؛ وإله للحيوان.
ونقول لهم: كيف يوجد إله يقدر على شيء، ويعجز عن شيء آخر؟
وإنْ قال هؤلاء: إن تلك الآلهة تتكاتف مع بعضها.
نرد عليهم: ليست تلك هي الألوهية أبدًا، ولذلك نجد الحق سبحانه وتعالى يقول: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 29]
وحين يكون الشركاء مختلفين؛ فحال هذا العبد المملوك لهم يعيش في ضَنْك وعذاب؛ أما الرجل المملوك لرجل واحد فحاله يختلف؛ لأنه يأتمر بأمر واحد؛ لذلك يحيا مرتاحًا.
ونجد الحق سبحانه يقول عن الآلهة المتعددة: {مَا اتخذ الله مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إله بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ سُبْحَانَ الله عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون: 91]
أما مَنْ يقول بأنه لا يوجد إله في الكون، فنقول له: وهل يُعقل أن كل هذا الكون الدقيق المُحْكم بلا صانع.
ولذلك شاء الحق سبحانه أن يُفَصّلَ هذا الأمر ليؤكد أنه لا يوجد سوى إله واحد في الكون، ونجد القرآن يُفصِّل لنا الأحكام؛ ويُنزِل لكل مسألة حُكْمًا مناسبًا لها؛ فلا ينتقل حُكْم من مجال إلى آخر.
وكذلك تفصيل الآيات، فهناك المُحْكم والمُتَشابه؛ والمَثَل هو قول الحق سبحانه. {وَيُسَارِعُونَ فِي الخيرات...} [آل عمران: 114]
ويقول في موقع آخر: {وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ...} [آل عمران: 133]
جاء مرة بقول إلى، ومرة بقول في؛ لأن كلًا منها مناسبة ومُفصَّلة حَسْب موقعها.
فالمُسَارعة إلى المغفرة تعني أن مَنْ يسارع إليها موجود خارجها، وهي الغاية التي سيصل إليها، أما مَنْ يسارع في الخيرات؛ فهو يحيا في الخير الآن، ونطلب منه أن يزيد في الخير.
وأيضًا نجد قول الحق: {... واصبر على مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمور} [لقمان: 17]
ونجد قول الحق: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور} [الشورى: 43]
وواحدة منهما وردتْ في المصائب التي لها غَرِيم، والأخرى قد وردتْ في المصائب التي لا غريم فيها؛ مثل المرض حيث لا غَرِيم ولا خُصومة.
أما إذا ضربني أحد؛ أو اعتدى على أحد أبنائي؛ فهو غريمي وتوجد خصومة؛ فوجوده أمامي يَهِيج الشر في نفسي؛ وأحتاج لضبط النفس بعزيمة قوية، وهذا هو تفصيل الكتاب.
والحق سبحانه يقول: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ...} [فصلت: 3]
أي: أن كل جزئية فيه مناسبة للأمر الذي نزلتْ في مناسبته.
ومثال هذا هو قوله سبحانه: {وَلاَ تقتلوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم...} [الإسراء: 31]
وقول الحق: {وَلاَ تقتلوا أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ...} [الأنعام: 151]
وكل آية تناسب موقعها، ومعناها مُتَّسق في داخلها، وتَمَّ تفصيلها بما يناسب ما جاءت له، فقوله: {وَلاَ تقتلوا أَوْلاَدَكُمْ مِّنْ إمْلاَقٍ...} [الأنعام: 151]
يعني أن الفقر موجود، والإنسان مُنْشغل برزقه عن رزق ابنه.
أما قوله: {خَشْيَةَ إِمْلاقٍ...} [الإسراء: 31]
أي: أن الفقر غير موجود، وهناك خَوْف أن يأتي إلى الإنسان؛ وهو خوف من أمر لم يَطْرأ بعد.
وهكذا نجد في القرآن تفصيلًا لكل شيء تحتاجونه في أمر دنياكم وآخرتكم، وهو تفصيل لكل شيء ليس عندك؛ وقد قال الهدهد عن ملكة سبأ بلقيس: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ...} [النمل: 23]
وليس معنى هذا أنها أوتيت من كل شيء في هذه الدنيا، بل هي قد أُوتيَت من كل شيء تملكه، أو يُمكِن أن تملكه في الدنيا.
وقول الحق سبحانه: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ...} [يوسف: 111] لا يعني أن نسأل مثلًا: كم رغيفًا في كيلة القمح؟.
وقد حدث أن سأل واحد الإمام محمد عبده هذا السؤال؛ فجاء بخباز، وسأله هذا السؤال؛ فأجاب الخباز؛ فقال السائل: ولكنك لم تَأْتِ بالإجابة من القرآن؟ فقال الإمام محمد عبده: لماذا لا تذكر قول الحق: {... فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وهكذا نعلم أنه سبحانه لم يُفرِّط في الكتاب من شيء.
ويُذيِّل الحق سبحانه الآية الكريمة بقوله: {... وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] ونعلم أن الهُدى هو الطريق المُؤدي إلى الخير، وهذا الطريق المؤدي إلى الخير ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الوقاية من الشر لمن لم يقع فيه.
والقسم الثاني: علاج لمَنْ وقع في المعصية.
وإليك المثال: هَبْ أن أُناسًا يعلمون الشر؛ فنردهم عنه ونشفيهم منه؛ لأنه مرض، وهو رحمة بمعنى ألاَّ يقعوا في المرض بداية. إذن: فهناك ملاحظتان يشيران إلى القسمين:
الملاحظة الأولى: أن المنهج القرآني قد نزل وقايةً لمن لم يقع في المعصية.
والملاحظة الثانية: أن المنهج يتضمن العلاج لِمَنْ وقع في المعصية.
ويُحدِّد الحق سبحانه مَنْ يستفيدون من المنهج القرآني وقاية وعلاجًا، فيقول: {... وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111]
أي: هؤلاء الذين يؤمنون بإله واحد خلقهم وخلق الكون، ووضع للبشر قوانين صيانة حياتهم، ومن المنطقيِّ أن يسمع المؤمن كلامه ويُنفذه؛ لأنه وضع المنهج الذي يمكنك أن تعود إليه في كل ما يصون حياتك، فإنْ كنت مؤمنًا بالله؛ فُخُذ الهدى، وخُذ الرحمة.
ونسأل الله أن نُعطَي هذا كله. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ}
يقول: من أخبار ما غاب عنك، علمه يا محمد: {نُوحِيهِ إِلَيْكَ} يعني: ننزل عليك جبريل بالقرآن، ليقرأه عليك: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ} يعني: عند إخوة يوسف: {إذْ أجْمَعُوا أمْرَهُمْ} يعني: قولهم أن يطرحوا يوسف في البئر: {وَهُمْ يَمْكُرُونَ} أي: يحتالون ليوسف.
ثم قال: {وَمَا أكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصَتْ بِمُؤْمِنِينَ} في الآية تقديم.
ومعناه: وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت لعلم الله السابق فيهم.
ويقال: {ولو حرصت بمؤمنين}.
يعني: من قدرت عليه الكفر، وعلمت أنه أهل لذلك.
لا يؤمن بك.
ثم قال تعالى: {وَمَا تَسْألُهُمْ عَلَيْهِ} يعني: على الإيمان: {مِنْ أَجْرٍ} يعني: إن لم يجيبوك، فلا تبال، لأنهم لا ينقصون من رزق ربك شيئًا: {إِنْ هُوَ} يعني: ما هذا القرآن: {إلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ} من الجن والإنس.
وقوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ} يعني: وكم من علامة: {فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ} يعني: الشمس والقمر والنجوم، وفي الأرض الأمم الخالية، والأشياء التي خلقت في الأرض،: {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} يعني: مكذبين، لا يتفكرون.
ثم قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} قال ابن عباس: ولئن سألتهم من خلقهم، ليقولن الله، فهذا إيمان منهم.
ثم هم يشركون به غيره.
وقال القتبي: الإيمان قد يكون في معان.
فمن الإيمان تصديق، وتكذيب ببعض.
قال الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106] يعني: مقرون أن الله خالقهم، وهم مع ذلك يجعلون لله شريكًا.
وقال الضحاك: كانوا مشركين في تلبيتهم.
وقال عكرمة: يعلمون أنه ربهم، وهم مشركون به من دونه.
ثم قال تعالى: {أَفَأَمِنُوا} يعني: أهل مكة: {أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ} يعني: مغشاهم العذاب، ويقال: غاشية قطعة: {مِنْ عَذَابِ الله} في الدنيا: {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} يعني: فجأة: {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} بقيامها: {قُلْ} يا محمد: {هَذِهِ سَبِيلي} يعني: هذه الملة، ديني الإسلام، ويقال: هذه دعوتي: {أدْعُوا} الخلق: {إلَى الله} تعالى.
ويقال: أدعوكم إلى توحيد الله وعبادته: {عَلَى بَصِيرَةٍ} أي: على يقين وحقيقة.
ويقال: على بيان: {أنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} يعني: من اتبعني على ديني، فهو أيضًا على بصيرة: {وَسُبْحَانَ الله} تنزيهًا لله عن الشرك: {وَمَا أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ} على دينهم.
قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلاَّ رِجَالًا نُّوحِي إلَيْهِمْ} يعني: الأنبياء كانوا من الآدميين، ولم يكونوا من الملائكة.
قرأ عاصم في رواية حفص: {نُوحِي إلَيْهِمْ} بالنون.
وقرأ الباقون بالياء: {يُوحَى إِلَيْهِمْ}، ومعناهما واحد: {مِنْ أهْلِ الْقُرَى} يعني: منسوبين إليها.
ثم أمرهم بأن يعتبروا، فقال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا} يعني: يسافروا: {فِي الأَرْضِ} ويقال: يقرؤوا القرآن: {فَيَنْظُرُوا} يعني: يعتبروا: {كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} يعني: كيف كان آخر المنذرين من قبلهم من الأمم الخالية: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ} وهي الجنة: {خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} الشرك: {أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} أن الآخرة أفضل من الدنيا.
ثم رجع إلى حديث الرسل الذين كذبهم قومهم، فقال تعالى: {حَتَّى إذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} يعني: أيسوا من إيمان قومهم أن يؤمنوا: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} قرأ أهل الكوفة عاصم، وحمزة، والكسائي،: {كُذِبُوا} بتخفيف الذال.
وقرأ الباقون: بالتشديد.
وروى الأعمش، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، أنه قرأ: {كُذِبُوا} بالتخفيف.
ويقال: لما أيست الرسل، أن يستجيب لهم قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا عليهم، جاءهم بالنصرة.
وروى ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس أنه قال: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال: كانوا بشرًا، فضعفوا، وسئموا، وظنوا أنهم قد كذبوا، وأشار بيده إلى السماء.
قال ابن أبي مليكة: فذكرت ذلك لعروة.
فقال: قالت عائشة رضي الله عنها: معاذ الله ما حدث شيئًا إلا وعلم الله ورسوله أنه سيكون قبل أن يموت.
قالت: ولكن نزل الأنبياء البلاء حتى خافوا أن يكون من معهم، كذبوهم من المؤمنين؛ وكانت تقرأ: {قد كُذِّبُوا} بالتشديد.
وعن عائشة قالت: استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، أن يصدقوهم، وظنوا أن من قد آمن بهم من قومهم، قد كذبوهم.
وقال القتبي: الذي قالت عائشة أحسنها في الظاهر، وأولاها بأنبياء الله تعالى: {جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} أي: للأنبياء بالنصرة.
ثم قال: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءَ} يعني: من آمن بالأنبياء.
قرأ عاصم وابن عامر: {فَنُجِّيَ} بنون واحدة مع التشديد.
وقرأ الباقون بالنونين، وأصله: {فَنُنْجِيَ} بالنونين، إلا أن من قرأ بنون واحدة، أدغم إحداهما في الأُخرى ثم قال: {وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا} يعني: عذابنا: {عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ} يعني: الكافرين.
قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ} يعني: في قصة يوسف وإخوته: {عِبْرَةٌ لِأُولِى الأَلْبَابِ} يعني: لذوي العقول.
يعني: عجيبة لمن له عقل، لكيلا يحسد أحد أحدًا.
ويقال: لمن أراد أن يعتبر بيوسف، ويقتدي به، ولا يكافئ أحدًا بسيئة.
ويقال: {عبرة} يعني: دلالة لنبوة محمد صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يؤمن به: {مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى} يعني: مثل هذا الكلام لا يكون اختلاقًا وكذبًا: {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} من الكتب التوراة والإنجيل: {وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ} يعني: بيان الحلال والحرام: {وَهُدًى} من الضلالة: {وَرَحْمَةً} يعني: رحمة من العذاب: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} يعني: يصدقون بتوحيد الله تعالى، وبمحمد صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن. اهـ.

.قال الثعلبي:

{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الغيب نُوحِيهِ إِلَيْكَ}
والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ} وما كنت يا محمّد عند أولاد يعقوب: {إِذْ أجمعوا أَمْرَهُمْ} أي تعاهدوا على إلقاء يوسف في غيابة الجُب،: {وَهُمْ يَمْكُرُونَ} بيوسف،: {وَمَا أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ} على إيمانهم: {بِمُؤْمِنِينَ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ} أي على تبليغ الرسالة والدعاء إلى الله: {مِنْ أَجْرٍ}: جعل وجزاء: {إِنْ هُوَ} يعني القرآن والوحي: {إِلاَّ ذِكْرٌ}: عِظة وتذكير: {لِّلْعَالَمِينَ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ} وكم قول فيه عِظة وعبرة ودلالة: {فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} لا يتفكّرون فيها ولا يعتبرون بها.
الحرث بن قدّامة عن عكرمة أنّه قرأ: {والأرضُ يمرون عليها} رفعًا، عن محمّد بن عمر قال: سمعت عمرو بن وائل يقرأ: {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات} قطعًا،: {والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا} رفعًا، أبو حمزة الثمالي عن السدي: أنّه قرأ {والأرضَ يمرون عليها} نصبًا، وقرأ: {يمرون على الأرض} وعن ابن مجاهد قال: حدّثنا إسحاق الحربي أبو حذيفة، حدّثنا سفيان قال: وقرأ عبد الله: {وكأيّن من آية في السماوات والأض يمشون عليها}.
{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} عكرمة في قول الله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} قال: من إيمانهم إذا سُئِلوا: من خلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله، وإذا سُئِلوا مَن نزّل القطر؟ قالوا: الله، ثمّ هُم يُشركون، وروى جابر عن عكرمة وعامر، في قوله تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ} قالا: يؤمنون بالله أنّه ربّهم وهو خالقهم ويشركون مَن دونه، وهذا قول أكثر المفسّرين.