فصل: كلام في الرؤيا في فصول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وراى سيده ان الرب معه وان كل ما يصنع كان الرب ينجحه بيده فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمه فوكله إلى بيته ودفع إلى يده كل ما كان له وكان من حين وكله على بيته وعلى كل ما كان له ان الرب بارك بيت المصرى بسبب يوسف وكانت بركة الرب على كل ما كان له في البيت وفي الحفل فترك كل ما كان له في يد يوسف ولم يكن معه يعرف شيئا الا الخبز الذي ياكل وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر.
وحدث بعد هذه الأمور ان امرأة سيده رفعت عينيها إلى يوسف وقالت اضطجع معى فابى وقال لامراة سيده هو ذا سيدى لا يعرف معى ما في البيت وكل ماله قد دفعه إلى ليس هو في هذا البيت ولم يمسك عنى شيئا غيرك لانك امراته فكيف اصنع هذا الشر العظيم؟ واخطئ إلى الله؟ وكان إذ كلمت يوسف يوما فيوما انه لم يسمع لها ان يضطجع بجانبها ليكون معها.
ثم حدث نحو هذا الوقت انه دخل البيت ليعمل عمله ولم يكن انسان من اهل البيت هناك في البيت فامسكته بثوبه قائله اضطجع معى فترك ثوبه في يدها وهرب وخرج إلى خارج وكان لما رأت انه ترك ثوبه في يدها وهرب إلى خارج انها نادت اهل بيتها وكلمتهم قائلة انظروا قد جاء الينا برجل عبرانى ليداعبنا دخل إلى ليضطجع معى فصرخت بصوت عظيم وكان لما سمع انى رفعت صوتي وصرخت انه ترك ثوبه بجانبى وهرب وخرج إلى خارج.
فوضعت ثوبه بجانبها حتى جاء سيده إلى بيته فكلمته بمثل هذا الكلام قائلة دخل الي العبد العبراني الذي جئت به الينا ليداعبى وكان لما رفعت صوتي وصرخت انه ترك ثوبه بجانبى وهرب إلى خارج.
فكان لما سمع سيده كلام امرأته الذي كلمته به قائلة بحسب هذا الكلام صنع بى عبدك ان غضبه حمى فأخذ يوسف سيده ووضعه في بيت السجن المكان الذي كان اسرى الملك محبوسين فيه وكان هناك في بيت السجن.
ولكن الرب كان مع يوسف وبسط إليه لطفا وجعل نعمة له في عينى رئيس بيت السجن فدفع رئيس بيت السجن إلى يد يوسف جميع الاسرى الذين في بيت السجن وكل ما كانوا يعملون هناك كان هو العامل ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر شيئا البتة مما في يده لأن الرب كان معه ومهما صنع كان الرب ينجحه.
ثم ساقت التوراة قصة صاحبي السجن ورؤياهما ورؤيا فرعون مصر وملخصه انهما كانا رئيس سقاة فرعون ورئيس الخبازين اذنباه فحبسهما فرعون في سجن رئيس الشرط عند يوسف فرأى رئيس السقاة في منامه انه يعصر خمرا والاخر ان الطير تأكل من طعام حمله على رأسه فاستفتيا يوسف فعبر رؤيا الأول برجوعه إلى سقى فرعون شغله السابق والثانى بصلبه واكل الطير من لحمه وسأل الساقى ان يذكره عند فرعون لعله يخرج من السجن لكن الشيطان انساه ذلك.
ثم بعد سنتين راى فرعون في منامه سبع بقرات سمان حسنة المنظر خرجت من نهر وسبع بقرات مهزولة قبيحة المنظر وقفت على الشاطئ فأكلت المهازيل السمان فاستيقظ فرعون ثم نام فرأى سبع سنابل خضر حسنة سمينة وسبع سنابل رقيقة ملفوحة بالريح الشرقية نابتة وراءها فأكلت الرقيقة السمينة فهال فرعون ذلك وجمع سحرة مصر وحكمائها وقص عليهم رؤياه فعجزوا عن تعبيره.
وعند ذلك ادكر رئيس السقاة يوسف فذكره لفرعون وذكر ما شاهده من عجيب تعبيره للمنام فأمر فرعون باحضاره فلما ادخل عليه كلمه واستفتاه فيما رآه في منامه مرة بعد أخرى فقال يوسف لفرعون حلم فرعون واحد قد اخبر الله فرعون بما هو صانع البقرات السبع الحسنة في سبع سنين وسنابل سبع الحسنة في سبع سنين هو حلم واحد والبقرات السبع الرقيقة القبيحة التي طلعت وراءها هي سبع سنين والسنابل السبع الفارغة الملفوحة بالريح الشرقية يكون سبع سنين جوعا.
هو الأمر الذي كلمت به فرعون قد اظهر الله لفرعون ما هو صانع هو ذا سبع سنين قادمة شعبا عظيما في كل ارض مصر ثم تقوم بعدها سبع سنين جوعا فينسى كل السبع في ارض مصر ويتلف الجوع الأرض ولا يعرف السبع في الأرض من اجل ذلك الجوع بعده لأنه يكون شديدا جدا واما عن تكرار الحلم على فرعون مرتين فلان الأمر مقرر من عند الله والله مسرع لصنعه.
فالان لينظر فرعون رجلا بصيرا وحكيما ويجعله على ارض مصر يفعل فرعون فيوكل نظارا على الأرض وياخذ خمس غلة ارض مصر في سبع سنى الشبع فيجمعون جميع طعام هذه السنين الجيدة القادمة ويخزنون قمحا تحت يد فرعون طعاما في المدن ويحفظونه فيكون الطعام ذخيرة للارض لسبع سنى الجوع التي تكون في ارض مصر فلا تنقرض الأرض بالجوع.
قالت التوراة ما ملخصه ان فرعون استحسن كلام يوسف وتعبيره واكرمه واعطاه امارة المملكة في جميع شؤونها وخلع عليه بخاتمه والبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه واركبه في مركبته الخاصة ونودى امامه ان اركعوا واخذ يوسف يدبر الأمور في سني الخصب ثم في سنى الجدب احسن ادارة.
ثم قالت التوراة ما ملخصه انه لما عمت السنة ارض كنعان أمر يعقوب بنيه ان يهبطوا إلى مصر فيأخذوا طعاما فساروا ودخلوا على يوسف فعرفهم وتنكر لهم وكلمهم بجفاء وسألهم من اين جئتم؟ قالوا من ارض كنعان لنشترى طعاما قال يوسف بل جواسيس انتم جئتم إلى ارضنا لتفسدوها قالوا نحن جميعا ابناء رجل واحد في كنعان كنا اثنى عشر اخا فقد منا واحد وبقى اصغرنا ها هو اليوم عند ابينا والباقون بحضرتك ونحن جميعا امنا لا نعرف الفساد والشر.
قال يوسف لا وحياة فرعون نحن نراكم جواسيس ولا نخلى سبيلكم حتى تحضرونا اخاكم الصغير حتى نصدقكم فيما تدعون فامر بهم فحبسوا ثلاثة ايام ثم احضرهم واخذ من بينهم شمعون وقيده امام عيونهم واذن لهم ان يرجعوا إلى كنعان ويجيئوا باخيهم الصغير.
ثم أمر ان يملا اوعيتهم قمحا وترد فضة كل واحد منهم إلى عدله ففعل فرجعوا إلى ابيهم وقصوا عليه القصص فأبى يعقوب ان يرسل بنيامين معهم وقال اعد متمونى الاولاد يوسف مفقود وشمعون مفقود وبنيامين تريدون ان تأخذوه لا يكون ذلك ابدا وقال قد اسأتم في قولكم للرجل ان لكم اخا تركتموه عندي قالوا انه سأل عنا وعن عشيرتنا قائلا هل ابوكم حى بعد؟ وهل لكم اخ آخر فأخبرناه كما سألنا وما كنا نعلم انه سيقول جيئوا الي باخيكم. فلم يزل يعقوب يمتنع حتى اعطاه يهودا الموثق ان يرد إليه بنيامين فاذن في ذهابهم به معهم وامرهم ان ياخذوا من احسن متاع الأرض هدية إلى الرجل وان ياخذوا معهم اصرة الفضة التي ردت إليهم في اوعيتهم ففعلوا.
ولما وردوا مصر لقوا وكيل يوسف على اموره واخبروه بحاجتهم وان بضاعتهم ردت إليهم في رحالهم وعرضوا له هديتهم فرحب بهم واكرمهم واخبرهم ان فضتهم لهم واخرج إليهم شمعون الرهين ثم ادخلهم على يوسف فسجدوا له وقدموا إليه هديتهم فرحب بهم واستفسرهم عن حالهم وعن سلامة ابيهم وعرضوا عليه اخاهم الصغير فأكرمه ودعا له ثم أمر بتقديم الطعام فقدم له وحده ولهم وحدهم ولمن عنده من المصريين وحدهم.
ثم أمر وكيله ان يملا اوعيتهم طعاما وان يدس فيها هديتهم وان يضع طاسة في عدل اخيهم الصغير ففعل فلما اضاء الصبح من غد شدوا الرحال على الحمير وانصرفوا.
فلما خرجوا من المدينة ولما يبتعدوا قال لوكيله ادرك القوم وقل لهم بئس ما صنعتم جازيتم الاحسان بالاساءة سرقتم طاس سيدى الذي يشرب فيه ويتفأل به فتبهتوا من استماع هذا القول وقالوا حاشانا من ذلك هو ذا الفضة التي وجدناها في افواه عدالنا جئنا بها اليكم من كنعان فكيف نسرق من بيت سيدك فضة أو ذهبا من وجد الطاس في رحله يقتل ونحن جميعا عبيد سيدك فرضى بما ذكروا له من الجزاء فبادروا إلى عدولهم وانزل كل واحد منهم عدله وفتحه فأخذ يفتشها وابتدء من الكبير حتى انتهى إلى الصغير واخرج الطاس من عدله.
فلما راى ذلك اخوته مزقوا ثيابهم ورجعوا إلى المدينة ودخلوا على يوسف واعادوا عليه قولهم معتذرين معترفين بالذنب وعليهم سيماء الصغار والهوان والخجل فقال حاشا ان ناخذ الا من وجد متاعنا عنده واما انتم فارجعوا بسلام إلى ابيكم.
فتقدم إليه يهوذا وتضرع إليه واسترحمه وذكر له قصتهم مع ابيهم حين امرهم يوسف باحضار بنيامين فسألوا اباهم ذلك فابى اشد الاباء حتى آتاه يهوذا الميثاق على ان يرد بنيامين إليه وذكر انهم لا يستطيعون ان يلاقوا اباهم وليس معهم بنيامين وان اباهم الشيخ لو سمع منهم ذلك لمات من وقته ثم سأله ان يأخذه مكان بنيامين عبدا لنفسه ويطلق بنيامين لتقر بذلك عين ابيهم المستأنس به بعد فقد اخيه من امه يوسف.
قالت التوراة فلم يستطع يوسف ان يضبط نفسه لدى جميع الواقفين عنده فصرخ اخرجوا كل انسان عنى فلم يقف احد عنده حين عرف يوسف اخوته بنفسه فاطلق صوته بالبكاء فسمع المصريون وسمع بيت فرعون وقال يوسف لاخوته انا يوسف أحي أبى بعد؟ فلما يستطع اخوته ان يجيبوه لانهم ارتاعوا منه.
وقال يوسف لاخوته تقدموا الي فتقدموا فقال انا يوسف اخوكم الذي بعتموه إلى مصر والان لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لانكم بعتمونى إلى هنا لأنه لاستبقاء حياة ارسلني الله قدامكم لأن للجوع في الأرض الان سنتين وخمس سنين أيضا لا يكون فيها فلاحة ولا حصاد فقد ارسلني الله قدامكم ليجعل لكم بقية في الأرض وليستبقى لكم نجاة عظيمة فالان ليس انتم ارسلتموني إلى هنا بل الله وهو قد جعلني ابا لفرعون وسيدا لكل بيته ومتسلط على كل ارض مصر.
اسرعوا واصعدوا إلى أبى وقولوا له هكذا يقول ابنك يوسف انزل الي لا تقف فتسكن في ارض جاسان وتكون قريبا منى انت وبنوك وبنو بيتك وغنمك وبقرك وكل ما لك واعولك هناك لأنه يكون أيضا خمس سنين جوعا لئلا تفتقر انت وبيتك وكل ما لك وهو ذا عيونكم ترى وعينا اخى بنيامين ان فمى هو الذي يكلمكم وتخبرون انى بكل مجدي في مصر وبكل ما رأيتم وتستعجلون وتنزلون بابى إلى هنا ثم وقع على عين بنيامين اخيه وبكى وبكى بنيامين على عنقه وقبل جميع اخوته وبكى عليهم.
ثم قالت التوراة ما ملخصه انه جهزهم احسن التجهيز وسيرهم إلى كنعان فجاؤا اباهم وبشروه بحياة يوسف وقصوا عليه القصص فسر بذلك وسار باهله جميعا إلى مصر وهم جميعا سبعون نسمة ووردوا ارض جاسان من مصر وركب يوسف إلى هناك يستقبل اباه ولقيه قادما فتعانقا وبكى طويلا ثم انزله وبنيه واقرهم هناك واكرمهم فرعون اكراما بالغا وآمنهم واعطاهم ضيعة في افضل بقاع مصر وعالهم يوسف ما دامت السنون المجدبة وعاش يعقوب في ارض مصر بعد لقاء يوسف سبع عشرة سنة.
هذا ما قصته التوراة من قصة يوسف فيما يحاذي القرآن اوردناها ملخصة الا في بعض فقراتها لمسيس الحاجة.

.كلام في الرؤيا في فصول:

1- الاعتناء بشأنها كان الناس كثير العناية بامر الرؤى والمنامات منذ عهود قديمة لا يضبط لها بدء تاريخي وعند كل قوم قوانين وموازين متفرقة متنوعة يزنون بها المنامات ويعبرونها بها ويكشفون رموزها ويحلون بها مشكلات اشاراتها فيتوقعون بذلك خيرا أو شرا أو نفعا أو ضرا بزعمهم.
وقد اعتنى بشأنها في القرآن الكريم كما حكى الله سبحانه فيه رؤيا إبراهيم في ابنه عليه السلام قال: {فلما بلغ معه السعي قال يا بنى انى ارى في المنام انى اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر إلى ان قال وناديناه ان يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا} الصافات: 105.
ومنها ما حكاه تعالى من رؤيا يوسف عليه السلام: {إذ قال يوسف لأبيه يا ابت انى رايت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رايتهم لى ساجدين} يوسف: 4. ومنها رؤيا صاحبي يوسف في السجن قال احدهما: {انى ارانى اعصر خمرا وقال الاخر انى ارانى احمل فوق راسى خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله انا نراك من المحسنين} يوسف: 36.
ومنها رؤيا الملك: {وقال الملك انى ارى سبع بقرات سمان ياكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات يا ايها الملا افتوني في رؤياي} يوسف: 43.
ومنها رؤيا ام موسى قال تعالى: {إذ اوحينا إلى امك ما يوحى ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم} طه: 39 على ما ورد في الروايات انه كان رؤيا.
ومنها ما ذكر من رؤى رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- قال تعالى: {إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو اراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر} الانفال: 43 وقال: {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شاء الله آمنين محلقين رؤسكم ومقصرين لا تخافون} الفتح: 27 وقال: {وما جعلنا الرؤيا التي اريناك الا فتنة للناس} الاسراء: 60.
وقد وردت من طريق السمع روايات كثيرة عن النبي-صلى الله عليه وآله وسلم- وائمة اهل البيت عليه السلام تصدق ذلك وتؤيده.
لكن الباحثين من علماء الطبيعة من اوربا لا يرون لها حقيقة ولا للبحث عن شأنها وارتباطها بالحوادث الخارجية وزنا علميا الا بعضهم من علماء النفس ممن اعتنى بامرها واحتج عليهم ببعض المنامات الصحيحة التي تنبئ عن حوادث مستقبلة أو امور خفية انباء عجيبا لا سبيل إلى حمله على مجرد الاتفاق والصدفة وهى منامات كثيرة جدا مروية بطرق صحيحة لا يخالطها شك كاشفة عن حوادث خفية أو مستقبلة اوردها في كتبهم.
2- وللرؤيا حقيقة ما منا واحد الا وقد شاهد من نفسه شيئا من الرؤى والمنامات دله على بعض الأمور الخفية أو المشكلات العلمية أو الحوادث التي ستستقبله من الخير أو الشر أو قرع سمعه بعض المنامات التي من هذا القبيل ولا سبيل إلى حمل ذلك على الاتفاق وانتفاء أي رابطة بينها وبين ما ينطبق عليها من التأويل وخاصة في المنامات الصريحة التي لا تحتاج إلى تعبير.
نعم مما لا سبيل أيضا إلى انكاره ان الرؤيا أمر ادراكي وللخيال فيها عمل والمتخيلة من القوى الفعالة دائما ربما تدوم في عملها من جهة الانباء الواردة عليها من ناحية الحس كاللمس والسمع وربما تأخذ صورا بسيطة أو مركبة من الصور والمعاني المخزونة عندها فتحلل المركبات كتفصيل صورة الإنسان التامة إلى راس ويد ورجل وغير ذلك وتركب البسائط كتركيبها انسانا مما اختزن عندها من اجزائه واعضائه فربما ركبته بما يطابق الخارج وربما ركبته بما لا يطابقه كتخيل انسان لا راس له أو له عشرة رؤس.
وبالجملة للاسباب والعوامل الخارجية المحيطة بالبدن كالحر والبرد ونحوها والداخلية الطارئة عليه كانواع الامراض والعاهات وانحرافات المزاج وامتلاء المعدة والتعب وغيرها تأثير في المتخيلة فلها تأثير في الرؤيا.
فترى ان من عملت فيه حرارة أو برودة بالغة يرى في منامه نيرانا مؤججة أو الشتاء والجمد ونزول الثلوج وان من عملت فيه السخونة فألجمه العرق يرى الحمام وبركان الماء ونزول الامطار ونحو ذلك وان من انحرف مزاجه أو امتلات معدته يرى رؤيا مشوشة لا ترجع إلى طائل.
وكذلك الاخلاق والسجايا الإنسانية شديدة التأثير في نوع تخيله فالذي يحب انسانا أو عملا لا ينفك يتخيله في يقظته ويراه في نومته والضعيف النفس الخائف الذعران إذا فوجئ بصوت يتخيل اثره امور هائلة لا إلى غاية وكذلك البغض والعداوة والعجب والكبر والطمع ونظائرها كل منها يجر الإنسان إلى تخيله صور متسلسلة تناسبه وتلائمه وقل ما يسلم الإنسان من غلبة بعض هذه السجايا على طبعه.
ولذلك كان اغلب الرؤى والمنامات من التخيلات النفسانية التي ساقها إليها شيء من الأسباب الخارجية والداخلية الطبيعية أو الخلقية ونحوها فلا تحكى النفس بحسب الحقيقة الا كيفية عمل تلك الأسباب واثرها فيها فحسب لا حقيقة لها وراء ذلك.