فصل: قال الثعالبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم يخرج من الأعلى ما يذهب صعدًا في الهواء، ومن الأسفل ما يغوص في الثرى، ومن المحال أن يتولد من الطبيعة الواحدة طبيعتان متضادتان، فعلمنا أن ذلك بتقدير قادر حكيم.
ثم تلك الشجرة يكون بعضها خشبًا، وبعضها لوزًا، وبعضها ثمرًا، ثم تلك الثمرة يحصل فيها أجسام مختلفة الطبائع وذلك بتقدير القادر الحكيم انتهى.
وفيه تلخيص.
وقيل: تم الكلام عند قوله: ومن كل الثمرات، فيكون معطوفًا على ما قبله من عطف المفردات، ويتعلق بقوله: {وجعل فيها رواسي}.
فالمعنى: أنه جعل في الأرض من كل ذكر وأنثى اثنين، وقيل: الزوجان الشمس والقمر، وقيل: الليل والنهار، يغشي الليل النهار تقدم تفسير هذه الجملة وقراءاتها في الأعراف.
وخص المتفكرين لأنّ ما احتوت عليه هذه الآيات من الصنيع العجيب لا يدرك إلا بالتفكر.
{وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ}
قطع جمع قطعة وهي الجزء.
ومتجاورات متلاصقة متداينة، قريب بعضها من بعض.
قال ابن عباس، ومجاهد، وأبو العالية، والضحاك: أرض طيبة وأرض سبخة، نبتت هذه، وهذه إلى جنبها لا تنبت.
وقال ابن قتيبة وقتادة: يعني القرى المتجاورة.
وقيل: متجاورة في المكان، مختلفة في الصفة، صلبة إلى رخوة.
وسحرًا إلى مرد أو مخصبة إلى مجدبة، وصالحة للزرع لا للشجر، وعكسها مع انتظام جميعها في الأرضية.
وقيل: في الكلام حذف معطوف أي: وغير متجاورات.
والمتجاورات المدن وما كان عامرًا، وغير المتجاورات الصحاري وما كان غير عامر.
قال ابن عطية: والذي يظهر من وصفه لها بالتجاور إنما هو من تربة واحدة، ونوع واحد.
وموضع العبرة في هذا أبين، لأنها مع اتفاقها في الترب والماء تفضل القدرة والإرادة بعض أكلها على بعض، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن هذه الآية فقال: «الدقل، والقارس، والحلو، والحامض» وقال ابن عطية: وقيد منها في هذه المثال ما جاور وقرب بعضه من بعض، لأن اختلاف ذلك في الأكل أغرب.
وفي بعض المصاحف: قطعًا متجاورات بالنصب على جعل.
وقرأ الجمهور: وجنات بالرفع، وقرأ الحسن: بالنصب، بإضمار فعل.
وقيل: عطفًا على رواسي.
وقال الزمخشري: بالعطف على زوجين اثنين، أو بالجر على كل الثمرات انتهى.
والأولى إضمار فعل لبعد ما بين المتعاطفين في هذه التخاريج، والفصل بينهما بجمل كثيرة.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص: وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان بالرفع في الجميع على مراعاة قطع.
وقال ابن عطية: عطفًا على أعناب، وليست عبارة محررة أيضًا، لأن فيها ما ليس بعطف وهو قوله: صنوان.
وقرأ باقي السباعة: بخفض الأربعة على مراعاة من أعناب قال: وجعل الجنة من الأعناب من رفع الزرع، والجنة حقيقة إنما هي الأرض التي فيها الأعناب، وفي ذلك تجوز ومنه قول الشاعر:
كأن عيني في غربي مقبلة ** من النواضح تسقي جنة سحقه

أي نخيل جنة إذ لا يوصف بالسحق إلا النخل.
ومن خفض الزرع فالجنات من مجموع ذلك لا من الزرع وحده، لأنه لا يقال للمزرعة جنة إلا إذا خالطها ثمرات.
وقرأ الجمهور: صنوان بكسر الصاد فيهما، وابن مصرف والسلمي وزيد بن علي: بضمها، والحسن وقتادة بفتحها، وبالفتح هو اسم للجمع، كالسعدان.
وقرأ عاصم، وابن عامر، وزيد بن علي: يسقى بالياء، أي: يسقى ما ذكر.
وباقي السبعة بالتاء، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر وأهل مكة.
أنثوا لعود الضمير على لفظ ما تقدم، ولقوله: {ونفضل} بالنون.
وحمزة والكسائي بالياء، وابن محيصن بالياء في تسقي، وفي نفضل.
وقرأ يحيى بن يعمر، وأبو حيوة، والحلبي عن عبد الوارث: ويفضل بالياء، وفتح الضاد بعضها بالرفع.
قال أبو حاتم: وجدته كذلك في مصحف يحيى بن يعمر، وهو أول من نقط المصاحف.
وتقدم في البقرة خلاف القراء في ضم الكاف من الأكل وسكونها.
والأكل بضم الهمزة المأكول كالنقض بمعنى المنقوض، وبفتحها المصدر.
والظاهر من تفسير أكثر المفسرين للصنوان أن يكون قوله: صنوان، صفة لقوله: ونخيل.
ومن فسره منهم بالمثل جعله وصفًا لجميع ما تقدم أي: أشكال، وغيره إشكال.
قيل: ونظير هذه الكلمة قنو وقنوان، ولا يوجد لهما ثالث ونص على الصنوان لأنها بمثال التجاور في القطع، فظهر فيها غرابة اختلاف الأكل.
ومعنى بماء واحد: ماء مطر، أو ماء بحر، أو ماء نهر، أو ماء عين، أو ماء نبع لا يسيل على وجه الأرض.
وخص التفضيل في الأكل وإن كانت متفاضلة في غيره، لأنه غالب وجوه الانتفاع من الثمرات.
ألا ترى إلى تقاربها في الأشكال، والألوان، والروائح، والمنافع، وما يجري مجرى ذلك؟ قيل: نبه الله تعالى في هذه الآية على قدرته وحكمته، وأنه المدبر للأشياء كلها، وذلك أن الشجرة تخرج أغصانها وثمراتها في وقت معلوم لا تتأخر عنه ولا تتقدم، ثم يتصعد الماء في ذلك الوقت علوًا علوًا وليس من طبعه إلا التسفل، يتفرق ذلك الماء في الورق والأغصان والثمر كل بقسطه وبقدر ما فيه صلاحه، ثم تختلف طعوم الثمار والماء واحد، والشجر جنس واحد.
وكل ذلك دليل على مدبر دبره وأحكمه، لا يشبه المخلوقات.
قال الراجز:
والأرض فيها عبرة للمعتبر ** تخبر عن صنع مليك مقتدر

تسقى بماء واحد أشجارها ** وبقعة واحدة قرارها

والشمس والهواء ليس يختلف ** وأكلها مختلف لا يأتلف

لو أن ذا من عمل الطبائع ** أو أنه صنعة غير صانع

لم يختلف وكان شيئًا واحدًا ** هل يشبه الأولاد إلا الوالدا

الشمس والهواء يا معاند ** والماء والتراب شيء واحد

فما الذي أوجب ذا التفاضلا ** إلا حكيم لم يرده باطلا

وقال الحسن: هذا مثل ضربه الله تعالى لقلوب بني آدم، كانت الأرض طينة واحدة فسطحها، فصارت قطعًا متجاورات، فنزل عليها ماء واحد من السماء فتخرج هذه زهرة وثمرة، وتخرج هذه سبخة وملحًا وخبثًا.
وكذلك الناس خلقوا من آدم.
فنزلت عليهم من السماء مذكرة، قربت قلوب وخشعت قلوب، وقست قلوب ولهت قلوب.
وقال الحسن: ما جالس أحد القرآن إلا قام عنه بزيادة أو نقصان.
قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارًا} انتهى، وهو شبيه بكلام الصوفية.
إنّ في ذلك قال ابن عباس: في اختلاف الألوان والروائح والطعوم، لآيات: لحججًا ودلالات لقوم يعقلون: يعلمون الأدلة فيستدلون بها على وحدانية الصانع القادر.
ولما كان الاستدلال في هذه الآية بأشياء في غاية الوضوح من مشاهدة تجاور القطع، والجنات وسقيها وتفضيلها، جاء ختمها بقوله: {لقوم يعقلون}، بخلاف الآية التي قبلها، فإن الاستدلال بها يحتاج إلى تأمل ومزيد نظر جاء ختمها بقوله لقوم يتفكرون. اهـ.

.قال الثعالبي:

قوله سبحانه: {وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ}
لما فرغَتْ آيات السماء، ذُكِرَتْ آيات الأرض، وال: {رَوَاسِيَ}: الجبالُ الثابتة.
وقوله سبحانه: {جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين}: الزَوْجِ؛ في هذه الآية: الصِّنْف والنَّوْع، وليس بالزوْجِ المعروفِ في المتلازمين الفَرْدَيْن من الحيوان وغيره؛ ومنه قوله سبحانه: {سبحان الذي خَلَقَ الأزواج كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الأرض} [يس: 36]، ومنه: {وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق: 7]، وهذه الآية تقتضِي أنَّ كلَّ ثمرةٍ، فموجودٌ منها نوعانِ، فإِن اتفق أنْ يوجد من ثمرةٍ أكْثَرُ من نوعَيْنِ، فغير ضارٍّ في معنى الآية، و: {قِطَعٌ}: جَمْعُ قِطْعَة، وهي الأجزاء، وقيد منها في هذا المثال ما جَاوَرَ وقَرُبَ بعضه من بعض؛ لأن اختلاف ذلك في الأكْلِ أَغربُ، وقرأ الجمهور: {وَجَنَّاتٌ}- بالرفع-؛ عطفًا على: {قِطَعٌ}، وقرأ نافع وغيره: {وَزَرْعٍ وَنَخِيلٍ صِنْوَانٌ وَغَيْرِ صِنْوَانٍ}- بالخفض في الكل-؛ عطفًا على: {أعناب}، وقرأ ابن كثير وغيره: {وزرعٌ}- بالرفع في الكل-؛ عطفًا على: {قطع}، و: {صِنْوَانٌ}: جمع صنْو، وهو الفرع يكونُ مع الآخَرِ في أصْلٍ واحدٍ، قال البراءُ بْنُ عازبٍ: الصِّنْوَان: المجتمع، وغَيْرُ الصِّنوان: المفترق فردًا فردًا وفي الصحيحِ: «العَمُّ صِنْوُ الأَبِ»، وإِنما نص على الصِّنْوان في هذه الآية؛ لأنها بمثابة التجاوُر في القطع تظهر فيها غرابةُ اختلاف الأَكْلِ، و: {الأكل}- بضم الهمزة-: اسم ما يؤكل، والأكل المَصْدَر، وحكى الطبري عن ابن عبَّاس وغيره: {قِطَعٌ متجاورات}: أي: واحدة سبخة، وأخرى عَذْبَة، ونحو هذا من القولِ، وقال قتادة: المعنى: قُرًى مُتَجَاوِرَاتٌ.
قال * ع *: وهذا وجْهٌ من العبرة، كأنه قال: وفي الأرض قِطَعٌ مختلفاتٌ بتخصيصِ اللَّه لها بمعانٍ فهي تُسْقَى بماءٍ واحدٍ، ولكن تختلف فيما تُخْرِجُه، والذي يظهر من وصفه لها بالتجاوُرِ؛ أنها من تُرْبةٍ واحدةٍ، ونوعٍ واحدٍ، وموضِعُ العِبْرة في هذا أَبْيَنُ، وعلى المَعْنَى الأول قال الحَسَنُ: هذا مَثَلٌ ضربه اللَّه لقلوبِ بَني آدم: الأرضُ واحدةٌ، وينزل عليها ماءٌ واحدٌ من السَّماء، فتخرجُ هذه زهرةً وثمرةً، وتخرجُ هذه سبخةً وملحًا وخبثًا، وكذلك النَّاس خُلِقُوا من آدم، فنزلَتْ عليهم من السماء تذكرةٌ، فَرَقَّتْ قلوبٌ وَخَشَعَتْ، وقَسَتْ قلوبٌ ولَهَتْ.
قال الحسنُ: فواللَّه، ما جالَسَ أحدٌ القُرْآن إِلاَّ قَامَ عَنْه بزيادةٍ أو نقصانٍ، قال اللَّه تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ القرآن مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظالمين إِلاَّ خَسَارًا} [الإسراء: 82]. اهـ.

.قال أبو السعود:

ولمّا قرر الشواهدَ العلوية أردفها بذكر الدلائلِ السفلية فقال: {وَهُوَ الذي مَدَّ الأرض} أي بسطها طولًا وعَرضًا، قال الأصم: المد هو البسطُ إلى ما لا يدرك منتهاه فيه دَلالةٌ على بعد مداها وسَعةِ أقطارها: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ} أي جبالًا ثوابتَ في أحيازها من الرُّسوّ وهو ثباتُ الأجسام الثقيلة، ولم يُذكر الموصوفُ لإغناء غلبة الوصفِ بها عن ذلك، وانحصارُ مجيءِ فواعل جمعًا لفاعل في فوارسَ وهوالكَ ونواكسَ إنما هو في صفات العقلاءِ وأما في غيرهم فلا يراعى ذلك أصلًا كما في قوله تعالى: {أَيَّامًا معدودات} وقوله: {الحج أَشْهُرٌ معلومات} إلى غير ذلك، فلا حاجة إلى أن يُجعل مفردُها صفةً لجمع القلة أعني أجبُلًا ويعتبر في جمع الكثرة أعني جبالًا انتظامُها لطائفة من جموع القلة وتنزيلُ كلَ منها منزلة مفردِها كما قيل على أنه لا مجال لذلك فإن جمعيةَ كلَ من صيغتي الجمعَين إنما هي باعتبار الأفرادِ التي تحتها لا باعتبار انتظام جمعِ القلةِ للأفراد وجمعِ الكثرة لجموع القِلة فكلٌّ منهما جمعُ جبلٍ لا أن جبالًا جمعُ أجبل، كما أن طوائفَ جمعُ طائفة ولا إلى أن يُلتجأَ إلى جعل الوصفِ المذكور بالغلبة في عداد الأسماءِ التي تُجمع على فواعل كما ظن، على أنه لا وجه له لما أن الغلبةَ إنما هي في الجمع دون المفردِ، والتعبيرُ عن الجبال بهذا العنوانِ لبيان تفرّعِ قرارِ الأرض على ثباتها: {وأنهارا} مجاريَ واسعةً، والمرادُ ما يجري فيها من المياه، وفي نظمها مع الجبال في مفعولية فعلٍ واحد إشارةٌ إلى أن الجبالَ منشأٌ للأنهار وبيانٌ لفائدة أخرى للجبال غيرِ كونها حافظةً للأرض عن الاضطراب المُخِلّ بثبات الأقدام وتقلّب الحيوان متفرّعةً على تمكنه وتقلّبه وهي تعيُّشُه بالماء والكلأ.
{وَمِن كُلّ الثمرات} متعلقٌ بجعل في قوله تعالى: {جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين} أي اثنيْنيّةً حقيقيةً وهما الفرادنِ اللذان كلٌّ منهما زوجُ الآخر وأكّد به الزوجين لئلا يُفهم أن المرادَ بذلك الشفْعان إذ يطلق الزوجُ على المجموع ولكنْ اثنينيةً اعتبارية، أي جعل من كل نوع من أنواع الثمرات الموجودة في الدنيا ضربين وصِنفين إما في اللون كالأبيض والأسود أو في الطعم كالحُلو والحامض. أو في القدر كالصغير والكبير، أو في الكيفية كالحار والبارد وما أشبه ذلك، ويجوز أن يتعلق بجعَلَ الأولِ، ويكونَ الثاني استئنافًا لبيان كيفيةِ ذلك الجعْل: {يُغْشِى الليل النهار} استعارةٌ تبعيةٌ تمثيليةٌ مبنيَّةٌ على تشبيه إزالةِ نورِ الجو بالظلمة بتغطية الأشياءِ الظاهرةِ بالأغطية، أي يستر النهارَ بالليل. والتركيب وإن احتمل العكسَ أيضًا بالحمل على تقديم المفعولِ الثاني على الأول فإن ضوء النهار أيضًا ساترٌ لظلمة الليلِ إلا أن الأنسبَ بالليل أن يكون هو الغاشي، وعدُّ هذا في تضاعيف الآيات السفلية وإن كان تعلقُه بالآيات العلوية ظاهرًا باعتبار أن ظهورَه في الأرض فإن الليل إنما هو ظلُّها وفيما فوق موقعِ ظلها لا ليلَ أصلًا ولأن الليل والنهار لهما تعلقٌ بالثمرات من حيث العقدُ والإنضاج على أنهما أيضًا زوجان متقابلان مثلُها وقرئ {يُغشّي} من التغشية: {إِنَّ في ذَلِكَ} أي فيما ذكر من مد الأرضِ وإيتادِها بالرواسي وإجراءِ الأنهار وخلق الثمرات وإغشاءِ الليل النهارَ، وفي الإشارة بذلك تنبيهٌ على عظم شأنِ المشار إليه في بابه: {لاَيَاتٍ} باهرةً وهي آثارُ تلك الأفاعيل البديعةِ جلت حكمةُ صانعِها، ففي على معناها فإن تلك الآثارَ مستقرةٌ في تلك الأفاعيل منوطةٌ بها، ويجوز أن يُشار بذلك إلى تلك الآثار المدلولِ عليها بتلك الأفاعيل ففي تجريدية: {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} فإن التفكر فيها يؤدّي إلى الحكم بأن تكوين كلَ من ذلك على هذا النمط الرائِق والأسلوب اللائق لابد له من مكوّن قادرٍ حكيم يفعل ما يشاء ويختار ما يريد لا معقِّبَ لحكمه وهو الحميد المجيد.