فصل: قال صاحب روح البيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال صاحب روح البيان:

واعلم أن الله تعالى أسند الإنفاق إليهم وإعطاء الرزق إلى ذاته تعالى تنبيهًا على أنهم أمناء الله فيما أعطاهم ووكلاؤه، والوكيل دخيل في التصرف لا أصيل، فينبغي له أن يلاحظ جانب الموكل لا جانب نفسه ولا جانب الخلق وقد قالوا من طمع في شكر أو ثناء فهو بياع لا جواد فإنه اشترى المدح بماله والمدح لذيذ مقصود في نفسه والجود هو بذل الشيء من غير غرض. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ (26)}
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عبد الرحمن بن سابط رضي الله عنه في قوله: {وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع} قال: كان الرجل يخرج في الزمان الأول في إبله أو غنمه، فيقول لأهله: متعوني. فيمتعونه، فلقلة الخبز أو التمر. فهذا مثل ضربه الله للدنيا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إلا متاع} قال: قليل ذاهب.
وأخرج الترمذي والحاكم، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «نام رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير، فقام وقد أثر في جنبه، فقلنا يا رسول الله، لو اتخذنا لك. فقال: ما لي وللدنيا!... ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها».
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآَبٍ (29)}
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ويهدي إليه من أناب} أي من تاب. وفي قوله: {وتطمئن قلوبهم بذكر الله} قال: هشت إليه واستأنست به.
وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله} يقول: إذا حلف لهم بالله صدقوا: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال: تسكن القلوب.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وأخرج أبو الشيخ عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، حين نزلت هذه الآية: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}: «هل تدرون ما معنى ذلك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: من أحب الله ورسوله، أحب أصحابي». وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لما نزلت هذه الآية: {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} قال: «ذاك من أحب الله ورسوله، وأحب أهل بيتي صادقًا غير كاذب، وأحب المؤمنين شاهدًا وغائبًا، ألا بذكر الله يتحابون».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- في قوله: {طوبى لهم} قال: فرح وقرة عين. وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: نعم ما لهم.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: غبطة لهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: حسنى لهم. وهي كلمة من كلام العرب.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: هذه كلمة عربية، يقول الرجل طوبى لك، أي أحببت خيرًا.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن إبراهيم رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: الخير والكرامة الذي أعطاهم الله سبحانه وتعالى.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: الجنة.
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {طوبى لهم} قال: الجنة بالحبشية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: لما خلق الله الجنة وفرغ منها قال: {الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب} وذلك حين أعجبته.
وأخرج جرير وأبو الشيخ، عن سعيد بن مسجوح رضي الله عنه قال: {طوبى} اسم الجنة بالهندية.
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: {طوبى} اسم الجنة بالهندية.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: {طوبى} اسم شجرة في الجنة.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: {طوبى} شجرة في الجنة، يقول الله تعالى لها: تفتقي لعبدي عما شاء. فتنفتق له عن الخيل بسروجها ولجمها، وعن الإِبل برحالها وأزمتها، وعما شاء من الكسوة.
وأخرج ابن جرير من طريق معاوية بن قرة رضي الله عنه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طوبى، شجرة غرسها الله تعالى بيده، ونفخ فيها من روحه، تنبت بالحلى والحلل، وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة».
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور، عن عتبة بن عبد رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، في الجنة فاكهة؟ قال: نعم، فيها شجرة تدعى طوبى، هي نطاق الفردوس. قال: قال أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: ليس تشبه شيئًا من شجر أرضك. ولكن، أتيت الشام؟ قال: لا. قال: فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة، تنبت على ساق واحد ثم ينشر أعلاها. قال: ما عظم أصلها؟ قال: لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرمًا. قال فهل فيها عنب؟ قال: نعم. قال: ما عظم العنقود منه؟ قال: مسيرة شهر للغراب الأبقع».
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والخطيب في تاريخه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن رجلًا قال: «يا رسول الله، طوبى لمن رآك وآمن بك؟ قال: {طوبى} لمن رآني وآمن، وطوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني. قال رجل: وما طوبى؟!... قال: شجرة في الجنة مسيرة مائة عام، تخرج من اكمامها».
وأخرج ابن أبي شيبة في صفة الجنة، وابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد يدخل الجنة، إلا انطلق به إلى طوبى، فتنفتح له أكمامها فيأخذ له من أي ذلك شاء. إن شاء أبيض وإن شاء أحمر وإن شاء أخضر وإن شاء أصفر وإن شاء أسود. مثل شقائق النعمان وأرق وأحسن».
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين رضي الله عنه قال: شجرة في الجنة أصلها في حجرة علي، وليس في الجنة حجرة إلا وفيها غصن من أغصانها.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر رجل من أهل الشام قال إن ربك أخذ لؤلؤة فوضعها ثم دملجها ثم فرشها وسط الجنة فقال لها امتدي حتى تبلغي مرضاتي. ففعلت ثم أخذ شجرة فغرسها وسط اللؤلؤة ثم قال لها: امتدي ففعلت فلما استوت تفجرت من أصولها أنهار الجنة وهي طوبى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن فرقد السبخي رضي الله عنه قال: أوحى الله إلى عيسى ابن مريم عليه السلام في الإِنجيل: يا عيسى، جد في أمري ولا تهزل، واسمع قولي وأطع أمري. يا ابن البكر البتول، إني خلقتك من غير فحل، وجعلتك وأمك آية للعالمين، فإياي فاعبدْ وعلي ّفتوكل، وخذ الكتاب بقوة. قال عيسى عليه السلام: أي رب، أي كتاب آخذ بقوّة؟... قال: خذ كتاب الإِنجيل بقوّة، ففسره لأهل السريانية، وأخبرهم أني أنا الله لا إله إلا أنا الحي القيوم البديع الدائم، الذي لا زوال له، فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يكون في آخر الزمان، فصدقوه واتبعوه صاحب الجمل والمدرعة والهراوة والتاج، الانجل العين، المقرون الحاجبين، صاحب الكساء الذي إنما نسله من المباركة- يعني خديجة- يا عيسى، لها بيت من لؤلؤ من قصب موصل بالذهب، لا يسمع فيه أذى ولا نصب، لها ابنة- يعني فاطمة، ولها ابنان فيستشهدان يعني الحسن والحسين- طوبى لمن سمع كلامه وأدرك زمانه وشهد أيامه. قال عيسى عليه السلام: يا رب، وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، أنا غرستها بيدي وأسكنتها ملائكتي، أصلها من رضوان، وماؤها من تسنيم.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن مجاهد رضي الله عنه قال: {طوبى} في الجنة، حملها مثال ثدي النساء، فيه حلل أهل الجنة.
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء، وابن أبي حاتم عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال: إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، ضروع كلها، ترضع صبيان أهل الجنة، فمن مات من الصبيان الذين يرضعون، رضع من طوبى؛ وأنّ سقط المرأة يكون في نهر من أنهار الجنة يتقلب فيه حتى تقوم القيامة، فيبعث ابن أربعين سنة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، وعن شهر بن حوشب قال: {طوبى} شجرة في الجنة، كل شجرة في الجنة منها أغصانها من وراء سور الجنة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: إن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها، زهرها رياط، وورقها برود، وقضبانها عنبر، وبطحاؤها ياقوت، وترابها كافور، ووحلها مسك، يخرج من أصلها أنهار الخمر واللبن والعسل، وهي مجلس من مجالس أهل الجنة، ومتحدث بينهم. فبينما هم في مجلسهم، إذْ أتتهم ملائكة من ربهم يقودون خيمًا مزمومة بسلاسل من ذهب، وجوهها كالمصابيح من حسنها ووبرها كخد المرعزي من لينه، عليها رحال ألواحها من ياقوت، ودفوفها من ذهب، وثيابها من سندس واستبرق، فينيخونها ويقولون: ربنا أرسلنا إليكم لتزوروه. فيركبوها، فهي أسرع من الطائر واوطأ من الفراش، نجباء من غير مهنة، يسير الرجل إلى جنب أخيه وهو يكلمه ويناجيه، لا يصيب إذن راحلة منها إذن صاحبتها، ولا تزل راحلة بزلل صاحبتها، حتى أن الشجرة لتنحى عن طرقهم لئلا يفرق بين الرجل وأخيه، فيأتون إلى الرحمن الرحيم، فيسفر لهم عن وجهه الكريم حتى ينظروا إليه، فإذا رأوه قالوا: اللهم أنت السلام ومنك السلام وحق لك الجلال والإِكرام. ويقول عز وجل، عند ذلك: أنا السلام ومني السلام وعليكم حققت رحمتي ومحبتي، مرحبًا بعبادي الذين خشوني بالغيب وأطاعوا أمري. فيقولون: ربنا إنا لم نعبدك حق عبادتك ولم نقدرك حق قدرك، فأذن لنا في السجود قدامك. فيقول الله عز وجل: إنها ليست بدار نصب ولا عبادة، ولكنها دار ملك ونعيم، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم، فإن لكل رجل منكم أمنيته. فيسألونه حتى إن أقصرهم أمنية ليقول: ربّ، تنافس أهل الدنيا في دنياهم فتضايقوا فيها. ربّ، فائتني كل شيء كانوا فيه من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا، فيقول الله عز وجل: لقد قصرت بك أمنيتك، ولقد سألت دون منزلتك، هذا لك مني وسأتحفك بمنزلتي؛ لأنه ليس في عطائي نكد ولا تصريد، ثم يقول: اعرضوا على عبادي ما لم تبلغ أمانيهم ولم يخطر على بال فيعرضون عليهم حتى تقصر بهم أمانيهم التي في أنفسهم، فيكون فيما يعرضون عليهم: براذين مقرنة، على كل أربعة منهم سرير من ياقوتة واحدة، على كل منها قبة من ذهب مفرغة، في كل قبة منها فرش من فرش الجنة مظاهرة، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة، وليس في الجنة ألوان إلا وهو فيهما، ولا ريح طيبة إلا وقد عبقتا به ينفذ ضوء وجوهما غلظ القبة، حتى يظن من يراهما أنهما من دون القبة، يرى مخهما من فوق أسرتهما كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء، يريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل. ويرى هو لهما مثل ذلك، ثم يدخل إليهما فيجيئآنه ويقبلانه ويعانقانه، ويقولان له: والله ما ظننا أن الله يخلق مثل ذلك. ثم يأمر الله تعالى الملائكة فيسيرون بهم صفًا في الجنة، حتى ينتهي كل رجل منهم إلى منزله الذي أعد له.