فصل: القراءات والوقوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.القراءات والوقوف:

قال النيسابوري:

.القراءات:

{لا يعبدون} بالياء للغيبة. ابن كثير وحمزة وعلي والمفضل {القربى} بالإمالة المفرطة: حمزة وعلي وخلف، وقرأ أبو عمرو بالإمالة اللطيفة وكذلك كل كلمة على وزن فعلى {حسنا} وصفًا: يعقوب وحمزة وعلي وخلف والمفضل {تظاهرون} خفيفًا: عاصم وحمزة وعلي وخلف، وحذف إحدى التاءين للتخفيف، الباقون بالتشديد ووجهه إدغام التاء في الظاء {أسارى} بالإمالة {تفدوهم} أبو عمرو وخلف.
{أسارى} مفخمًا {تفدوهم} ابن كثير وابن عامر {أسرى} بالإمالة {تفدوهم} حمزة.
{أسارى} بالإمالة {تفادوهم} علي والنجاري عن ورش والخراز عن هبيرة، والباقون {أسارى} مفخمًا {تفادوهم} {تردون} بتاء الخطاب: أبو زيد عن المفضل {يعلمون} بياء الغيبة: ابن كثير ونافع وخلف ويعقوب وأبو بكر وحماد بناء لآخر الكلام على أوّله، الباقون بالتاء تغليبًا للمخاطبين على الغيب.

.الوقوف:

{الزكاة} لأن {ثم} لترتيب الأخبار أي مع ذلك توليتم و{معرضون} و{تشهدون} o {من ديارهم} ز لأن {تظاهرون} يشبه استئنافًا، وكونه حالًا أوجه و{العدوان} ط {إخراجهم} ط {ببعض} ج لابتداء الاستفهام أو النفي مع فاء التعقيب {الدنيا} ط لعطف الجملتين المختلفتين {العذاب} ط {يعملون} o {الآخرة} ز لأن الفعل مستأنف وفيه فاء التعقيب للجزاء {ينصرون} o. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله}:

.قال الفخر:

قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي {يعبدون} بالياء والباقون بالتاء، ووجه الياء أنهم غيب أخبر عنهم، ووجه التاء أنهم كانوا مخاطبين والاختيار التاء، قال أبو عمرو: ألا ترى أنه جل ذكره قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْنًا} فدلت المخاطبة على التاء. اهـ.

.فصل: إعراب قوله تعالى: {يَعْبُدُونَ}:

.قال الفخر:

اختلفوا في موضع {يعبدون} من الإعراب على خمسة أقوال:
القول الأول: قال الكسائي: رفعه على أن لا يعبدوا كأنه قيل: أخذنا ميثاقهم بأن لا يعبدوا إلا أنه لما أسقطت أن رفع الفعل كما قال طرفة:
ألا أيهذا اللاثمي أحضر الوغى ** وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

أراد أن أحضر ولذلك عطف عليه أن وأجاز هذا الوجه الأخفش والفراء والزجاج وقطرب وعلي بن عيسى وأبو مسلم.
القول الثاني: موضعه رفع على أنه جواب القسم، كأنه قيل: وإذ أقسمنا عليهم لا يعبدون، وأجاز هذا الوجه المبرد والكسائي والفراء والزجاج وهو أحد قولي الأخفش.
القول الثالث: قول قطرب: أنه يكون في موضع الحال فيكون موضعه نصبًا كأنه قال: أخذنا ميثاقكم غير عابدين إلا الله.
القول الرابع: قول الفراء أن موضع {لا تعبدون} على النهي إلا أنه جاء على لفظ الخبر كقوله تعالى: {لاَ تُضَارَّ والدة بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233] بالرفع والمعنى على النهي، والذي يؤكد كونه نهيًا أمور.
أحدها: قوله: {أَقِيمُواْ}، وثانيها؛ أنه ينصره قراءة عبد الله وأبي: {لاَّ تَعْبُدُواْ}.
وثالثها: أن الإخبار في معنى الأمر والنهي آكد وأبلغ من صريح الأمر والنهي، لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه.
القول الخامس: التقدير أن لا تعبدوا تكون أن مع الفعل بدلًا عن الميثاق، كأنه قيل: أخذنا ميثاق بني إسرائيل بتوحيدهم. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {لاَ تَعْبُدُونَ} قال سيبويه: {لا تعبدون} متعلّق بقَسَم؛ والمعنى وإذ استخلفناهم والله لا تعبدون؛ وأجازه المبرّد والكسائي والفرّاء.
وقرأ أبيّ وابن مسعود {لا تعبدوا} على النَهي، ولهذا وصل الكلام بالأمر فقال: {وقوموا}، {وقولوا}، {وأقِيموا}، {وآتوا}.
وقيل: هو في موضع الحال؛ أي أخذنا ميثاقهم موحّدين، أو غير معاندين؛ قاله قُطْرب والمبرّد أيضًا.
وهذا إنما يَتجه على قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي {يعبدون} بالياء من أسفل.
وقال الفرّاء والزجاج وجماعة: المعنى أخذنا ميثاقهم بألا يعبدوا إلا الله، وبأن يحسنوا للوالدين، وبألا يَسفكوا الدماء؛ ثم حذفت أنْ والباء فارتفع الفعل لزوالهما، كقوله تعالى: {أَفَغَيْرَ الله تأمروني}.
قال المبرّد: هذا خطأ؛ لأن كل ما اضمر في العربية فهو يعمل عمله مظهرًا؛ تقول: وبلدٍ قطعت؛ أي رُبّ بلد.
قلت: ليس هذا بخطأ، بل هما وجهان صحيحان، وعليهما أنشد سيبويه:
ألاَ أيُّها ذا الزّاجرِي أحْضرَ الْوَغَى ** وأنْ أشهدَ اللّذاتِ هل أنت مُخْلِدِي

بالنصب والرفع؛ فالنصب على إضمار أن، والرفع على حذفها. اهـ.

.قال الفخر:

هذا الميثاق يدل على تمام ما لابد منه في الدين لأنه تعالى لما أمر بعبادة الله تعالى ونهى عن عبادة غيره، ولا شك أن الأمر بعبادته والنهي عن عبادة غيره مسبوق بالعلم بذاته سبحانه، وجميع ما يجب ويجوز ويستحيل عليه وبالعلم بوحدانيته وبراءته عن الأضداد والأنداد والبراءة عن الصاحبة والأولاد، ومسبوق أيضًا بالعلم بكيفية تلك العبادة التي لا سبيل إلى معرفتها إلا بالوحي والرسالة، فقوله: {لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله} يتضمن كل ما اشتمل عليه علم الكلام وعلم الفقه والأحكام لأن العبادة لا تتأتى إلا معها. اهـ.

.قال القرطبي:

واختلف في الميثاق هنا؛ فقال مَكي: هو الميثاق الذي أُخذ عليهم حين أخرجوا من صلب آدم كالذرّ.
وقيل: هو ميثاق أخذ عليهم وهم عقلاء في حياتهم على ألسنة أنبيائهم وهو قوله: {لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ الله} وعبادةُ الله إثبات توحيدِه، وتصديقُ رُسُلِه، والعملُ بما أنزل في كتبه. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا}:

.قال الفخر:

إنما أردف عبادة الله بالإحسان إلى الوالدين لوجوه:
أحدها: أن نعمة الله تعالى على العبد أعظم، فلابد من تقديم شكره على شكر غيره ثم بعد نعمة الله فنعمة الوالدين أعم النعم، وذلك لأن الوالدين هما الأصل والسبب في كون الولد ووجوده كما أنهما منعمان عليه بالتربية، وأما غير الوالدين فلا يصدر عنه الإنعام بأصل الوجود، بل بالتربية فقط، فثبت أن إنعامهما أعظم وجوه الإنعام بعد إنعام الله تعالى.
وثانيها: أن الله سبحانه هو المؤثر في وجود الإنسان في الحقيقة والوالدان هما المؤثران في وجوده بحسب العرف الظاهر، فلما ذكر المؤثر الحقيقي أردفه بالمؤثر بحسب العرف الظاهر.
وثالثها: أن الله تعالى لا يطلب بإنعامه على العبد عوضًا ألبتة بل المقصود إنما هو محض الإنعام والوالدان كذلك، فإنهما لا يطلبان على الإنعام على الولد عوضًا ماليًا ولا ثوابًا، فإن من ينكر الميعاد يحسن إلى ولده ويربيه، فمن هذا الوجه أشبه إنعامهما إنعام الله تعالى.
الرابع: أن الله تعالى لا يمل من الإنعام على العبد ولو أتى العبد بأعظم الجرائم، فإنه لا يقطع عنه مواد نعمه وروادف كرمه، وكذا الوالدان لا يملان الولد ولا يقطعان عنه مواد منحهما وكرمهما، وإن كان الولد مسيئًا إلى الوالدين.
الخامس: كما أن الوالد المشفق يتصرف في مال ولده بالاسترباح وطلب الزيادة ويصونه عن البخس والنقصان، فكذا الحق سبحانه وتعالى متصرف في طاعة العبد فيصونها عن الضياع ثم إنه سبحانه يجعل أعماله التي لا تبقى كالشيء الباقي أبد الآباد كما قال: {مَّثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: 261].
السادس: أن نعمة الله وإن كانت أعظم من نعمة الوالدين ولكن نعمة الله معلومة بالاستدلال ونعمة الوالدين معلومة بالضرورة، إلا أنها قليلة بالنسبة إلى نعم الله فاعتدلا من هذه الجهة والرجحان لنعم الله فلا جرم جعلنا نعم الوالدين كالتالية لنعم الله تعالى. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وبالوالدين إِحْسَانًا} أي وأمرناهم بالوالدين إحسانا.
وقَرَن الله عز وجل في هذه الآية حق الوالدين بالتوحيد، لأن النَّشأة الأولى من عند الله، والنَّشء الثاني وهو التربية من جهة الوالدين؛ ولهذا قَرَن تعالى الشكر لهما بشكره فقال: {أَنِ اشكر لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14].
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتهما بالمعروف، والتواضعُ لهما، وامتثال أمرهما، والدعاءُ بالمغفرة بعد مماتهما، وصلةُ أهلِ ودّهما؛ على ما يأتي بيانه مفصَّلًا في الإسراء إن شاء الله تعالى. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وبالوالدين إحسانًا}، المعنى: الأمر بالإحسان إلى الوالدين وبرهما وإكرامهما.
وقد تضمنت آي من القرآن وأحاديث كثيرة ذلك، حتى عد العقوق من الكبائر، وناهيك احتفالًا بهما كون الله قرن ذلك بعبادته تعالى، ومن غريب الحكايات: أن عمر رأى امرأة تطوف بأبيها على ظهرها، وقد جاءت به على ظهرها من اليمن، فقال لها: جزاك الله خيرًا، لقد وفيت بحقه، فقالت: ما وفيته ولا أنصفته، لأنه كان يحملني ويود حياتي، وأنا أحمله وأود موته. اهـ.

.قال الفخر:

اتفق أكثر العلماء على أنه يجب تعظيم الوالدين وإن كانا كافرين، ويدل عليه وجوه:
أحدها: أن قوله في هذه الآية: {وبالوالدين إحسانا} غير مقيد بكونهما مؤمنين أم لا، ولأنه ثبت في أصول الفقه أن الحكم المرتب على الوصف مشعر بعلية الوصف، فدلت هذه الآية على أن الأمر بتعظيم الوالدين لمحض كونهما والدين وذلك يقتضي العموم، وهكذا الاستدلال بقوله تعالى: {وقضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إياه وبالوالدين إحسانا}.
وثانيها: قوله تعالى: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} الآية، وهذا نهاية المبالغة في المنع من إياذئهما، ثم إنه تعالى قال في آخر الآية: {وَقُل رَّبّ ارحمهما كَمَا رَبَّيَانِى صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24] فصرح ببيان السبب في وجوب هذا التعظيم.
وثالثها: أن الله تعالى حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه كيف تلطف في دعوة أبيه من الكفر إلى الإيمان في قوله: {يا أبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئًا} [مريم: 42] ثم إن أباه كان يؤذيه ويذكر الجواب الغليظ وهو عليه السلام كان يتحمل ذلك، وإذا ثبت ذلك في حق إبراهيم عليه السلام ثبت مثله في حق هذه الأمة لقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا} [النحل: 123]. اهـ.
قال الفخر:
اعلم أن الإحسان إليهما هو ألا يؤذيهما ألبتة ويوصل إليهما من المنافع قدر ما يحتاجان إليه، فيدخل فيه دعوتهما إلى الإيمان إن كانا كافرين وأمرهما بالمعروف على سبيل الرفق إن كانا فاسقين. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَذِى القربى واليتامى}:

.قال الفخر:

قال الشافعي رضي الله عنه: لو أوصى لأقارب زيد دخل فيه الوارث المحرم وغير المحرم، ولا يدخل الأب والابن لأنهما لا يعرفان بالقريب، ويدخل الأحفاد والأجداد، وقيل: لا يدخل الأصول والفروع وقيل بدخول الكل.
وههنا دقيقة، وهي أن العرب يحفظون الأجداد العالية فيتسع نسلهم وكلهم أقارب، فلو ترقينا إلى الجد العالي وحسبنا أولاده كثروا، فلهذا قال الشافعي رضي الله عنه: يرتقي إلى أقرب جد ينتسب هو إليه ويعرف به وإن كان كافرًا، وذكر الأصحاب في مثاله: أنه لو أوصى لأقارب الشافعي رضي الله عنه فإنا نصرفه إلى بني شافع دون بني المطلب وبني عبد مناف وإن كانوا أقارب، لأن الشافعي ينتسب في المشهور إلى شافع دون عبد مناف.
قال الشيخ الغزالي: وهذا في زمان الشافعي، أما في زماننا فلا ينصرف إلا إلى أولاد الشافعي رضي الله عنه ولا يرتقي إلى بني شافع لأنه أقرب من يعرف به أقاربه في زماننا، أما قرابة الأم فإنها تدخل في وصية العجم ولا تدخل في وصية العرب على الأظهر، لأنهم لا يعدون ذلك قرابة، أما لو قال لأرحام فلان دخل فيه قرابة الأب والأم. اهـ.
قال الفخر:
اعلم أن حق ذي القربى كالتابع لحق الوالدين لأن الإنسان إنما يتصل به أقرباؤه بواسطة اتصالهم بالوالدين والاتصال بالوالدين مقدم على الاتصال بذي القربى، فلهذا أخر الله ذكره عن الوالدين، وعن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام قال: «إن الرحم سجنة من الرحمن فإذا كان يوم القيامة يقول: أي رب إني ظلمت، إني أسيء إلي، إني قطعت، قال فيجيبها ربها: ألا ترضين أني أقطع من قطعك وأصل من وصلك، ثم قرأ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ في الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ}».
والسبب العقلي في تأكيد رعاية هذا الحق أن القرابة مظنة الاتحاد والألفة والرعاية والنصرة، فلو لم يحصل شيء من ذلك لكان ذلك أشق على القلب وأبلغ في الإيلام والإيحاش والضرورة، وكلما كان أقوى كان دفعه أوجب، فلهذا وجبت رعاية حقوق الأقارب. اهـ.
وقال الفخر:
اليتيم الذي مات أبوه حتى يبلغ الحلم وجمعه أيتام ويتامى، كقولهم: نديم وندامى، ولا يقال لمن ماتت أمه إنه يتيم.
قال الزجاج: هذا في الإنسان، أما في غير الإنسان فيتمه من قبل أمه. اهـ.