فصل: قال أبو جعفر النحاس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو جعفر النحاس:

سورة ابراهيم مكية وآياتها 52 آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة إبراهيم وهي مكية وهي مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا بالمدينة فيمن قتل من المشركين يوم بدر وهما: {الم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا} إلى آخر الآيتين.
1- قوله تبارك وتعالى: {الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم} [آية 1] الظلمات الكفر والنور الإسلام على التمثيل لأن الكفر بمنزلة الظلمة والإسلام بمنزلة النور والباء في قوله بإذن ربهم متعلقة بقوله لتخرج الناس والمعنى في قوله بإذن ربهم أنه لا يهتدي أحد إلا بإذن الله ويجوز ان يكون المعنى بتعليمك إياهم ثم بين النور فقال إلى صراط العزيز الحميد.
2- ومعنى قوله تعالى: {ويبغونها عوجا} [آية 3] ويطلبون غير القصد.
3- وقوله جل وعز: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} [آية 4] أي بلغة قومه ليبين لهم أي ليفهمهم لتقوم عليهم الحجة.
4- وقوله جل وعز: {ولقد ارسلنا موسى بآياتنا} [آية 5] قال مجاهد أي بالآيات البينات يعني قوله ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات.
5- وقوله تعالى: {وذكرهم بأيام الله} [آية 5] قال أبي بن كعب أي بنعم الله وقال غيره بإهلاكه من قبلهم وبانتقامه الرحمن منهم بكفرهم.
6- وقوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ انجاكم وكان من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم} [آية 7] وفي موضع آخر يذبحون بغير واو ومعنى الواو يوجب انه قد أصابهم من العذاب شيء سوى التذبيح وإذا كان بغير واو فإنما هو تبيين الأول.
7- وقوله جل وعز: {ويستحيون نساءكم} [آية 7] أي لا يقتلونهن من الحياة أي يدعونهن يحيين وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم.
8- ثم قال تعالى: {وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} [آية 6] قال المعنى في إنجائ روى غياكم منهم نعمة عظيمة ويكون البلاء ها هنا النعمة وقيل فيما جرى منهم عليكم بلاء أي بلية وقيل البلاء ها هنا الاختبار.
9- وقوله جل وعز: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم} [آية 7] تأذن بمعنى أعلم من قولهم آذنه فأذن بالأمر وهذا كما يقال توعدته وأوعدته بمعنى واحد.
10- قوله تعالى: {والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله} [آية 9] روى سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميون ورواه إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله في قوله والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله قال كذب النسابون وروي عن ابن عباس قال بين عدنان وإسماعيل ثلاثون أبا لا يعرفون وروي عن عروة بن الزبير أنه قال ما وجدنا أحدا يعرف ما بين عدنان وإسماعيل.
11- وقوله تعالى: {جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا ايديهم في أفواههم} [آية 9] في معنى هذا أقوال:
(أ) قال مجاهد ردوا على الرسل قولهم وكذبوهم.
(ب) قال قتادة ردوا على الرسل ما جاءوا به فهذا على التمثيل وهو مذهب أبي عبيدة أي تركوا ما جاءهم به الرسل فكانوا بمنزلة من رده إلى فيه وسكت فلم يقل وقيل فردوا أيديهم في أفواههم ردوا ما لو قبلوه كان نعما في أفواههم أي بأفواههم أي بألسنتهم.
(ج) وقيل ردوا نعم الرسل لأن إرسالهم نعم عليهم بالنطق وبالتكذيب.
(د) وفي الآية قول رابع وهو أولاها وأجلها إسنادا قال أبو عبيد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله في قوله فردوا أيديهم في أفواههم قال عضوا عليها غيضا قال أبو جعفر والدليل على صحة هذا القول قوله عز وجل: {وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ} قال الشاعر:
لو ان سلمى أبصرت تخددي ** ودقة في عظم ساقي ويدي

وبعد أهلي وجفاء عودي ** عضت من الوجد بأطراف اليد

12- وقوله جل وعز: {ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد} [آية 14] أي ذلك لمن خاف مقامه بين يديه والمصدر يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول لأنه متشبث بهما.
13- وقوله تعالى: {واستفتحوا} [آية 15] قال مجاهد وقتادة واستنصروا وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح القتال بصعاليك المهاجرين.
14- ثم قال تعالى: {وخاب كل جبار عنيد} [آية 15] قال أبو اسحاق الجبار عند أهل اللغة الذي لا يرى لأحد عليه حقا قال مجاهد العنيد المعاند المجانب للحق وقال قتادة العنيد الذي أبى ان يقول لا إله إلا الله.
15- ثم قال تعالى: {من ورائه جهنم} [آية 16] أي من أمامه وليس من الأضداد ولنه من توارى أي استتر 16- ثم قال تعالى: {ويسقى من ماء صديد} [آية 16] قال ابن عباس أي قد خالط لحمه ودمه قال الضحاك يعني القيح والصديد وقال مجاهد هو القيح والصديد وقال غيره يجوز أن يكون هذا تمثيلا أي يسقى ما هو بمنزلة القيح والصديد ويجوز أن يكون يسقى القيح والصديد.
17- ثم قال تعالى: {يتجرعه ولا يكاد يسيغه} [آية 17] أي يبلعه.
18- ثم قال تعالى: {ويأتيه الموت من كل مكان} [آية 17] أي من كل مكان من جسده.
19- ثم قال تعالى: {وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ} [آية 17] أي من أمامه عذاب جهنم حدثني أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثنا أحمد بن الحسين قال قال فضيل بن عياض في قول الله تبارك وتعالى ومن ورائه عذاب غليظ قال حبس الأنفاس.
20- ثم قال تعالى: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف} [آية 18] أي لم يقبل منهم وعاصف على النسق أي الريح فيه شديدة ويجوز أن يكون التقدير عاصف الريح.
21- وقوله جل وعز: {وقال الشيطان لما قضي الأمر} [آية 22] أي فرغ منه فدخل أهل الجنه الجنه وأهل النار النار إن الله وعدكم وعد الحق أي وعد من أطاعه الجنة ومن عصاه النار ووعدتكم فأخلفتكم أي وعدتكم خلاف ذلك وما كان لي عليكم من سلطان أي من حجة أبينها إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي أي إلا أن أغويتكم فتابعتموني.
22- ثم قال تعالى: {ما أنا بمصرخكم} [آية 22] قال مجاهد وقتادة أي بمغيثكم ويروى أنه يخاطب بهذا في النار ومعنى إني كفرت بما اشركتمون من قبل أي كفرت بشرككم إياي.
23- وقوله جل وعز: {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} [آية 24] حدثنا محمد بن جعفر الفاريابي قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا وهب بن خالد قال حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه أنبؤوني بشجرة تشبه المسلم لا يتحات ورقها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها قال فوقع في قلبي أنها النخلة قال فسكت القوم فقال النبي هي النخلة فقلت لأبي لقد كان وقع في قلبي أنها النخلة فقال فما منعك أن تكون قلته لرسول الله لأن تكون قلته أحب إلي من كذا وكذا فقلت كنت في القوم وأبو بكر فلم تقولا شيئا فكرهت أن أقول وروى الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال هي النخلة وكذلك وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله جل وعز: {وضرب الله مثلا كلمة طيبة} قال لا إله إلا الله كشجرة طيبة قال المؤمن أصلها ثابت لا إله إلا الله ثابت في قلب المؤمن.
24-: {ومثل كلمة خبيثة} قال الشرك كشجرة خبيثة قال المشرك اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار أي ليس للمشرك أصل يعمل عليه وروى شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك كشجرة طيبة قال النخلة قال والشجرة الخبيثة الحنظلة.
25- وقوله جل وعز: {تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها} [آية 25] روى ابن أبي نجيح وابن جريج عن مجاهد قال كل سنة وروى عطاء بن السائب وطارق بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كل ستة أشهر وروى أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس قال الحين حينان حين يعرف مقداره وحين لا يعرف مقداره فأما الذي يعرف مقداره فقوله تؤتى أكلها كل حين بإذن ربها وقال عكرمة هو ستة أشهر وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال الحين يكون غدوة وعشية وقال الضحاك في قوله تؤتى أكلها كل حين قال في الليل والنهار وفي الشتاء والصيف وكذلك المؤمن ينتفع بعمله كل وقت قال أبو جعفر وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره وأنشد الأصمعي بيت النابغة تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع فهذا يبين لك أن الحين بمعنى الوقت غير أن الأشبه في الآية أن يكون الحين السنة لأن إدراك الثمرة كل عام وكذا طلعها وقد روي عن علي بن أبي طالب رحمة الله عليه أنه قال أدنى الحين سنة وروى سفيان عن الحكم وحماد قالا الحين سنة. ومعنى اجتثت قطعت جثتها بكمالها.
26- وقوله جل وعز: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} [آية 27] روى معمر عن طاووس عن أبيه في يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا قال لا إله إلا الله وفي الآخرة عند المسألة في القبر وقال البراء بن عازب وأبو هريرة هذا عند المسألة إذا صار في القبر وروى شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر إذا سئل وروى معمر عن قتادة قال بلغني أن هذه الأمة تبتلى في قبورها فيثبت الله الذين آمنوا ويروى أنه يقال له من ربك وما دينك ومن نبيك فمن ثبته الله قال الله ربي والإسلام ديني ومحمد نبيي فهذا تثبيت في الآخرة والتثبيت في الدنيا أنه لم يوفق لها إلا وقد كان اعتقاده في الدنيا.
27- وقوله تعالى: {ألم تر إلى الذين بدلعوا ولم نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار} [آية 28] قال علي بن أبى طالب رضي الله عنه هم كفار قريش وقال عبد الله بن عباس رحمه الله هم قادة المشركين يوم بدر أحلوا قومهم أي الذين اتبعوهم دار البوار وهي جهنم دارهم في الآخرة قال أبو جعفر البوار في اللغة الهلاك.
28- وقوله تعالى: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} [آية 31] قال أبو عبيدة البيع هاهنا الفدية قال أبو جعفر وأصل البيع في اللغة أن تدفع وتأخذ عوضا منه والذي قال أبو عبيدة حسن جدا وهو مثل قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا} ومثل قوله تعالى: {ولا يقبل منها عدل} أي قيمة والخلال والمخالة والخلة بمعنى الصداقة قال الشاعر صرفت الهوى عنهن من خشية الردى ولست بمفلي بين الخلال ولا قالي.
29- وقوله جل وعز: {وآتاكم من كل ما سألتموه} [آية 34] قال مجاهد أي من كل ما رغبتم إليه فيه قال أبو جعفر وهذا قول حسن يذهب إلى أنهم قد أعطوا مما لم يسالوه وذلك معروف في اللغة أن يقال امض إلى فلان فإنه يعطيك كل ما سألت وإن كان يعطيه غير ما سأل وفي الاية قول آخر وهو أنه لما قال جل وعز: {وآتاكم من كل ما سألتموه} لم ينف غير هذا على ان الضحاك قد قرأ {وآتاكم من كل ما سألتموه} وقد رويت هذه القراءة عن الحسن ايضا وفسره الضحاك وقتادة على النفي وقال الحسن أي من كل الذي سالتموه بمعنى وآتاكم من كل الأشياء التي سألتم قال أبو جعفر وقول الحسن أولى والآخر يجوز على بعد وبعده أنه بالواو أحسن عطفا بمعنى وما سألتموه إلا أنه يجوز على بعد.
30- وقوله جل وعز: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام} [آية 35] وقرأ الجحدري وعيسى واجنبني بقطع الآلف ومعناه اجعلني جانبا وكذلك معنى اجنبني وجنبني معناه ثبتني على توحيدك كما قال تعالى: {واجعلنا مسلمين لك} وهما مسلمان.
31- ثم قال تعالى: {رب إنهن أضللن كثيرا من الناس} [آية 36] وهن لا يعقلن فالمعنى إن كثيرا من الناس ضلوا بسببهن وهذا كثير في اللغة يقال فتنتني هذه الدار أي استحسنتها فافتتنت بسببها فكأنها فتنتني.
32- وقوله جل وعز: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} [آية 37] وقرا مجاهد: {تهوى إليهم} معنى تهوي تنزع وتهوى تحب حدثنا محمد بن الحسن بن سماعة قال نا أبو نعيم قال نا عيسى بن قرطاس قال أخبرني المسيب بن رافع قال قال ابن عباس إن إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين قال رب إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع إلى قوله فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم فلو أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم قال اجعل أفئدة الناس تهوي إليهم لغلبكم عليه الترك والديلم وقرئ على علي بن الحسين القاضي بمصر عن الحسن ابن محمد عن يحيى بن عباد قال حدثنا شعبة عن الحكم قال سألت عطاء وطاووسا وعكرمة عن قوله جل وعز: {فاجعل أفئدة من الناس} قالوا إلخ- وقوله جل وعز: {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي} [آية 40] المعنى واجعل من ذريتي من يقيم الصلاة.