فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من لطائف وفوائد المفسرين:

.قال في ملاك التأويل:

قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1]. وفي سورة الحج: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج: 24]، وفي سورة سبأ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: 6]، فورد في هذه السور الثلاث ذكر الصراط مضافًا في السورتين منها إلى العزيز من أسمائه تعالى ثم أتبع الحميد، واقتصر في سورة الحج على إضافة اسمه الحميد، فللسائل أن يسأل عن ذلك؟
والجواب عنه، والله أعلم: أن آية إبراهيم، عليه السلام، لما ورد فيها قوله تعالى لنبيه، عليه السلام: {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، وكان السابق من مفهوم هذا أن ذلك الأمر بيده، عليه السلام، وقد قال له تعالى: {يْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران: 128]، وقال: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} [الشورى: 48]، وقال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]، فلما كان السابق من مفهوم آية إبراهيم كما ذكر أشار وصفه تعالى بالعزيز إلى قدرته تعالى وقهره، وأنه لا يكون من العباد إلا ما سبقت به إرادته التي لا يخرج واقع عن خكمها، وتعالى أن يكون في ملكه ما لا يريد، ولو شاء لهدى الكل، قال تعالى: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} [السجدة: 13]، فأحرز الوصف بالعزة هذا المعنى العظيم، ولو لم يرد هذا الوصف لما تحرر هذا المقصود، وكذلك الوارد في قوله في آية سبأ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ} [سبأ: 6]، والرؤية هنا بمعنى العلم والحق مفعولها الثاني والضمير فصل لا موضع له من الإعراب. وحال أن يرى من وصفه تعالى بالعلم حكم الله تعالى في خلقه جاريًا إلا على ما يشاؤه ويريده، إنه لو شاء لجمعهم على الهدى، فهذه الآية كأية إبراهيم من غير فرق، فوصفه سبحانه بالعزة تمام مقصودها كالمتقدمة، وليس للمدعوين إلا ما سبقت به إرادته تعالى، ولا بيد نبيه، عليه السلام، إخراجهم ولا هداهم، ولم يرد في هاتين الآيتين أن الإخراج من الظلمات إلى النور والهداية مما وقع وانقضى، وإنما مقتضى الآيتين رجاء إجابتهم وهدايتهم عند دعائه، عليه السلام، ثم الرجاء راجع إلينا المنزه المتعالى عن الاتصاف به. وقد أحاط علمه سبحانه بما يكون منهم.
وأيضًا خوطبنا على ما نتعارف، قال سيبويه، رحمه الله، وقد تعرض لهذا وقد ذكر قوله تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: 15]، و{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]، فقال: لا ينبغي أن يقال دعاء بالويل هاهنا لأن الكلام بذلك قبيح ولكن العباد إنما كلموا بكلامهم، وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون، فكأنه- والله أعلم- قيل لهم: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، {ووَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم لأن هذا الكلام إنما يقال لصاحب الشر والمهلكة فقيل هؤلاء ممن دخل في المهلكة ووجب هذا، ومثل هذا: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] والعلم قد أتى من وراء ما يكون ولكن اذهبا أنتما على طمعكما ورجائكم ومبلغكما من العلم، وليس لهما أكثر من خذا ما لم يعلما. ومثله: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] فإنما جرى هذا على كلام العرب وبه أنزل القرآن فقد تبين تساوي هاتين الآيتين في استدعائهما وصفه تعالى بالعزيز لما يحرز من المعنى المتقدم.
أما آية سورة الحج فقوله تعالى: {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} [الحج: 24] إخبار منه سبحانه بما شاءه لهؤلاء من فوزهم وفلاحهم، قد تم حكمه وانقضى، فلم يكن ليناسبه ما يفهم القهر، وإنما المناسب ما يفهمه اسمه الحميد، وورد كل على ما يجب ويناسب، ولم يكن عكس الوارد ليلائم ولا يناسب، والله سبحانه أعلم. اهـ.

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
قوله جل ذكره: {بسم الله الرحمن الرحيم}
بسم الله معناه بالله، فقلوب العارفين بالله أشراقها، وقلوب الوالهين بالله احتراقها، لهؤلاء، محبته، ولهؤلاء شوقا إلى عزيز رؤيته. وأصحاب الوصول قالوا: بالله... فوصل من الطالبين من وصل.
{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
أقسم بهذه الحروف: إنَّه لَكِتَابٌ أُنْزِل إليك لتُخرِجَ الناسَ به من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومنْ ظُلماتِ الشَّكِّ إلى نور اليقين، ومن ظلمات التدبير إلى فضاء شهود التقدير، ومن ظلمات الابتداع إلى نور الاتباع، ومن ظلمات دَعَاوَى النَّفْسِ إلى نورِ معارفِ القلب، ومن ظلمات التفرقة إلى نور الجَمْعِ- بإذن ربهم- وبإرادته ومشيئته، وسابقِ حُكْمِه وقضائه إلى صراط رحمته، وهو نهج التوحيد وشواهد التفريد.
{اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}
عرَّف الخَلْقَ أَنَّ اللَّهَ هو الذي له ما في السموات وما في الأَرض.
فَمَنْ عَرَف فله المآب الحميد، ومَنْ جَحَدَ فله العذاب الشديد؛ وذلك العذاب هو جَهْلُه بأنه- سبحانه- مَنْ هو.
{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
ثم ذكر ذميمَ أخلاقِهم، فقال: هُمُ الذين يُؤْثِرُونَ اليسيرَ مِنْ حُطَامِ الدنيا على الخطير من نِعَم الآخرة، وذلك من شدة جُحْدِهم، ويبغون للدِّين عِوَجًا بكثرة جَمْعِهم، أولئك لهم في الدنيا الفراق وهو أشد عقوبة، وفي الآخرة الاحتراق وهو أجل محنة ومصيبة. اهـ.

.قال ابن عجيبة:

الإشارة: قد أخرج صلى الله عليه وسلم أمته من ظلمات عديدة إلى نوار متعددة؛ أولها: ظلمة الكفر والشرك إلى نور الإيمان والإسلام، ثم من ظلمة الجهل والتقليد إلى نور العلم والتحقيق، ثم من ظلمة الذنوب والمعاصي إلى نور التوبة والاستقامة، ثم من ظلمة الغفلة والبطالة إلى نور اليقظة والمجاهدة، ثم من ظلمة الحظوظ والشهوات إلى نور الزهد والعفة، ثم من ظلمة رؤية الأسباب، والوقوف مع العوائد، إلى نور شهود المسبب، وخرق العوائد، ثم من ظلمة الوقوف مع الكرامات وحلاوة الطاعات إلى نور شهود المعبود، ثم من ظلمة الوقوف مع حس الأكوان الظاهرة إلى شهود أسرار المعاني الباطنة، فيغيب عن الأكوان بشهود المكون، وهذا آخر ظلمة تبقى في النفس، فتصير حينئذٍ روحًا وسرًا من أسرار الله، ويصير صاحبها روحانيًا ربانيًا عارفًا بالله، ولا يبقى حينئذٍ إلا التراقي في شهود الأسرار أبدًا سرمدًا.
وهذا محل القطبانية والتهيؤ للتربية النبوية، ويصير وليًا محمديًا، يُخرج الناس من هذه الظلمات إلى هذه الأنوار.
وأما من لم يبلغ هذا المقام، فإنه له الإخراج من أحد هذه الأشياء؛ فالغزاة والمجاهدون يُخرجون من ظلمة الكفر إلى نورِ الإيمان، والعلماء يُخرجون من ظلمة الجهل إلى نور العلم، والعُباد والزهاد يُخْرِجونَ من صَحِبَهم من الذنوب إلى التوبة والاستقامة. وأما ما بقي من الظلمات فلا يُخْرج منها إلا الربانيون الروحانيون. أهل التربية النبوية، بإذن ربهم، يدلهم على صراط العزيز الحميد، الموصل إلى العز المديد. وويل لمن أنكر هؤلاء، واشتغل بمتابعة حظوظه وهواه، واستحبَّ حياة دنياه على أخراه، أولئك في ضلال عن حضرة الحق ببعيد. وبالله التوفيق. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)}
قوله تعالى: {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ}: يجوزُ أَنْ يرتفعَ خبرًا ل {ألر} إن قلنا إنها مبتدأٌ، والجملةُ بعده صفةٌ، ويجوز أن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هذا كتابٌ، وأن يرتفعَ بالابتداء، وخبرُه الجملةُ بعده، وجاز الابتداءُ بالنكرةِ لأنها موصوفةٌ تقديرًا. تقديره: كتابٌ أيُّ كتابٍ، يعني عظيمًا مِنْ بينِ الكتبِ السماوية.
قوله: {لِتُخْرِجَ} متعلقٌ ب {أَنْزَلْنا} وقُرِئَ {ليَخْرج الناسُ} بفتح الياء وضمِّ الراء مِنْ خَرَجَ يَخْرُج، {الناس} رفعًا على الفاعلية.
قوله: {بإذنِ} يجوز أن يتعلَّقَ بالإِخراج، أي: بتسهيله وتيسيرِه، ويجوز أَن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ فاعلِ {تُخْرِجَ}، أي: مأذونًا لك.
قوله: {إلى صِرَاطِ} فيه وجهان، أحدُهما: أنه بدلٌ من قوله: {إِلَى النور} بإعادةِ العامل، ولا يَضُرُّ الفصلُ بالجارِّ لأنه من معمولاتِ العاملِ في المُبْدَلِ منه. والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوفٍ على أنه جوابُ سؤالٍ مقدَّر، كأنه قيل: إلى أيِّ نور؟ إلى صراط.
{اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (2)}
قوله تعالى: {الله الذي}: قرأ نافعٌ وابن عامرٍ برفعِ الجلالةِ والباقون- ورواها الأصمعيُّ عن نافع- بالجرِّ.
فأمَّا الرفعُ فعلى وجهين، أحدُهما: أنه مبتدأٌ، خبرُه الموصولُ بعده، أو محذوفٌ تقديرُه: اللهُ الذي له ما في السماواتِ وما في الأرضِ العزيزُ الحميد، حُذِف لدلالة ما تقدَّم. والثاني: أنه خبرُ مبتدأ مضمر، أي: هو اللهُ، وذلك على المدح.
وأمَّا الجرُّ فعلى البدلِ عند أبي البقاء والحوفي وابنِ عطية، والبيان عند الزمخشري قال: لأنه جَرَى مَجْرَى الأسماءِ الأعلام لغلبتِه على المعبودِ بحق كالنجم للثريا. قال الشيخ: وهذا التعليلُ لا يتمُّ إلا أن يكونَ أصلُه الإِله، ثم فُعِل فيه ما تقدَّم أولَ هذا الموضوع. وقال الأستاذ ابن عصفور: ولا تُقَدَّمُ صفةٌ على مَوصوفٍ إلا حيث سُمِع، وهو قليلٌ، وللعربِ فيه وجهان، أحدُهما: أنْ تتقدَّمَ الصفةُ بحالها، وفيه إعرابان للنحويين، أحدُهما: أن تُعْرَبَ صفةً متقدمةً. والثاني: أن يُجعل الموصوفُ بدلًا من صفتِه. الثاني من الأولين: أن تُضيفَ الصفةَ إلى الموصوف. فعلى هذا يجوز أن يُعْرَبَ: {العزيز الحميد} صفةً متقدِّمة، ومِنْ مجيء تقديمِ الصفةِ قولُه:
والمُؤْمِنِ العائذاتِ الطيرِ يَمْسَحُها ** رُكْبانُ مكةَ بين الغِيل والسَّنَدِ

وقول الآخر:
وبالطويل العُمْرِ عُمْرًا حَيْدَرًا

يريد: الطير العائذات، وبالعمر الطويل. قلت: وهذا فيما لم يكنِ الموصوفُ نكرةً، أمَّا إذا كان نكرةً صار لنا عملٌ آخرُ: وهو أن تنتصبَ تلك الصفةُ على الحال.
قوله: {وَوَيْلٌ} جاز الابتداءُ به لأنه دعاء ك {سلامٌ عليكم}. و{للكافرين} خبره. و: {مِنْ عَذَابٍ} متعلِّقٌ بالويل. ومنعه الشيخ. لأنه يَلْزَمُ منه الفصلُ بين المصدرِ ومعمولِه، وقد تقدَّم لك بحثٌ في ذلك: وهو أنَّ ذلك ممنوعٌ حيث يتقدَّر المصدرُ بحرفٍ مصدريٍّ وفِعْلٍ، ولذلك جَوَّزوا تعلُّقَ: {بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: 24] ب {سلام} ولم يَعْترضوا عليه بشيء، وقد تقدَّم ذلك في السورةِ قبلها، ولا فرقَ بين الموضعين.
وقال الزمخشريُّ: فإنْ قلتَ: ما وجهُ اتصالِ قولِه: {مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} بالويل؟ قلت: لأنَّ المعنى يُوَلْوِلون من عذاب شديد. قال الشيخ: فظاهره يدلُّ على تقدير عاملٍ يتعلَّقُ به: {مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}. ويجوز أنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنه صفةٌ للمبتدأ، وفيه سَلامةٌ من الاعتراضِ المتقدم، ولا يَضُرُّ الفصلُ بالخبر.
{الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (3)}
قوله تعالى: {الذين يَسْتَحِبُّونَ} يجوز أن يكون مبتدأً خبرُه {أولئك} وما بعده، وأن يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ، أي: هم الذين، وأن يكونَ منصوبًا بإضمارِ فعلٍ على المدح فيهما، وأن يكون مجرورًا على البدلِ أو البيانِ أو النعتِ، قاله الزمخشري وأبو البقاء والحوفيُّ وغيرُهم. وردَّه الشيخ بأنَّ فيه الفَصْلَ بأجنبي وهو قولُه: {مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} قال: ونظيرُه إذا كان صفةً أن تقول: الدارُ لزيدٍ الحسنةُ القُرَشِيِّ: وهذا لا يجوز، لأنك فَصَلْتَ بين زيد وصفتِه بأجنبيٍّ منهما وهو صفةُ الدار، وهولا يجوز، والتركيبُ الفصيحُ أن تقول: الدارُ الحسنةُ لزيدٍ القرشيِّ، أو: الدارُ لزيدٍ القرشيِّ الحسنةُ.
و{يَسْتَحِبُّون}: استفعلَ فيه بمعنى أَفْعَل كاستجاب بمعنى أجاب، أو يكونُ على بابه، وضُمِّن معنى الإِيثار، ولذلك تعدَّى ب على.
وقرأ الحسن {ويُصِدُّون} مِنْ أَصَدَّ، وأَصَدَّ منقولٌ مِنْ صَدَّ اللازمِ، والمفعولُ محذوفٌ، أي: غيرَهم، أو أنفسَهم.
و{وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} تقدَّم مثله. اهـ.