فصل: قال الماوردي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي الآية مسألتان:
المسألة الأولى:
قالت المعتزلة هذه الآية تدل على أشياء: الأول: أنه لو كان الكفر والمعصية من الله لوجب أن يقال: فلا تلوموني ولا أنفسكم فإن الله قضى عليكم الكفر وأجبركم عليه.
الثاني: ظاهر هذه الآية يدل على أن الشيطان لا قدرة له على تصريع الإنسان وعلى تعويج أعضائه وعلى إزالة العقل عنه كما تقول الحشوية والعوام.
الثالث: أن هذه الآية تدل على أن الإنسان لا يجوز ذمه ولومه وعقابه بسبب فعل الغير، وعند هذا يظهر أنه لا يجوز عقاب أولاد الكفار بسبب كفر آبائهم.
أجاب بعض الأصحاب عن هذه الوجوه بأن هذا قول الشيطان فلا يجوز التمسك به.
وأجاب الخصم عنه: بأنه لو كان هذا القول منه باطلًا لبين الله بطلانه وأظهر إنكاره، وأيضًا فلا فائدة في ذلك اليوم في ذكر هذا الكلام الباطل والقول الفاسد.
ألا ترى أن قوله: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} كلام حق وقوله: {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان} قول حق بدليل قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان إِلاَّ مَنِ اتبعك مِنَ الغاوين} [الحجر: 42].
المسألة الثانية:
هذه الآية تدل على أن الشيطان الأصلي هو النفس، وذلك لأن الشيطان بين أنه ما أتى إلا بالوسوسة، فلولا الميل الحاصل بسبب الشهوة والغضب والوهم والخيال لم يكن لوسوسته تأثير ألبتة، فدل هذا على أن الشيطان الأصلي هو النفس.
فإن قال قائل: بينوا لنا حقيقة الوسوسة.
قلنا: الفعل إنما يصدر عن الإنسان عند حصول أمور أربعة يترتب بعضها على البعض ترتيبًا لازمًا طبيعيًا وبيانه أن أعضاء الإنسان بحكم السلامة الأصلية والصلاحية الطبيعية صالحة للفعل والترك، والإقدام والإحجام، فما لم يحصل في القلب ميل إلى ترجيح الفعل على الترك أو بالعكس فإنه يمتنع صدور الفعل، وذلك الميل هو الإرادة الجازمة، والقصد الجازم.
ثم إن تلك الإرادة الجازمة لا تحصل إلا عند حصول علم أو اعتقاد أو ظن بأن ذلك الفعل سبب للنفع أو سبب للضرر فإن لم يحصل فيه هذا الإعتقاد لم يحصل الميل لا إلى الفعل ولا إلى الترك، فالحاصل أن الإنسان إذا أحس بشيء ترتب عليه شعوره بكونه ملائمًا له أو بكونه منافرًا له أو بكونه غير ملائم ولا منافر، فإن حصل الشعور بكونه ملائمًا له ترتب عليه الميل الجازم إلى الفعل وإن حصل الشعور بكونه منافرًا له ترتب عليه الميل الجازم إلى الترك، وإن لم يحصل لا هذا ولا ذاك لم يحصل الميل لا إلى ذلك الشيء ولا إلى ضده، بل بقي الإنسان كما كان، وعند حصول ذلك الميل الجازم تصير القدرة مع ذلك الميل موجبة للفعل.
إذا عرفت هذا فنقول: صدور الفعل عن مجموع القدرة والداعي الحاصل أمر واجب فلا يكون للشيطان مدخل فيه وصدور الميل عن تصور كونه خيرًا أو تصور كونه شرًا أمر واجب فلا يكون للشيطان فيه مدخل وحصول كونه خيرًا أو تصورًا كونه شرًا عن مطلق الشعور بذاته أمر لازم فلا مدخل للشيطان فيه، فلم يبق للشيطان مدخل في شيء من هذه المقامات إلا في أن يذكره شيئًا بأن يلقي إليه حديثه مثل أن الإنسان كان غافلًا عن صورة امرأة فيلقي الشيطان حديثها في خاطره فالشيطان لا قدرة له إلا في هذا المقام، وهو عين ما حكى الله تعالى عنه أنه قال: {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلآَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى فَلاَ تَلُومُونِى} يعني ما كان مني إلا مجرد هذه الدعوة فأما بقية المراتب فما صدرت مني وما كان لي فيها أثر ألبتة.
بقي في هذا المقام سؤالان:
السؤال الأول: كيف يعقل تمكن الشيطان من النفوذ في داخل أعضاء الإنسان وإلقاء الوسوسة إليه.
والجواب: للناس في الملائكة والشياطين قولان:
القول الأول: أن ما سوى الله بحسب القسمة العقلية على أقسام ثلاثة: المتحيز، والحال في المتحيز، والذي لا يكون متحيزًا ولا حالًا فيه، وهذا القسم الثالث لم يقم الدليل ألبتة على فساد القول به بل الدلائل الكثيرة قامت على صحة القول به، وهذا هو المسمى بالأرواح فهذه الأرواح إن كانت طاهرة مقدسة من عالم الروحانيات القدسية فهم الملائكة وإن كانت خبيثة داعية إلى الشرور وعالم الأجساد ومنازل الظلمات فهم الشياطين.
إذا عرفت هذا فنقول: فعلى هذا التقدير الشيطان لا يكون جسمًا يحتاج إلى الولوج في داخل البدن بل هو جوهر روحاني خبيث الفعل مجبول على الشر، والنفس الإنسانية أيضًا كذلك فلا يبعد على هذا التقدير في أن يلقى شيء من تلك الأرواح أنواعًا من الوساوس والأباطيل إلى جوهر النفس الإنسانية، وذكر بعض العلماء في هذا الباب احتمالًا ثانيًا، وهو أن النفوس الناطقة البشرية مختلفة بالنوع، فهي طوائف، وكل طائفة منها في تدبير روح من الأرواح السماوية بعينها، فنوع من النفوس البشرية تكون حسنة الأخلاق كريمة الأفعال موصوفة بالفرح والبشر وسهولة الأمر، وهي تكون منتسبة إلى روح معين من الأرواح السماوية، وطائفة أخرى منها تكون موصوفة بالحدة والقوة والغلظة، وعدم المبالاة بأمر من الأمور، وهي تكون منتسبة إلى روح آخر من الأرواح السماوية وهذه الأرواح البشرية كالأولاد لذلك الروح السماوي وكالنتائج الحاصلة، وكالفروع المتفرعة عليها، وذلك الروح السماوي هو الذي يتولى إرشادها إلى مصالحها، وهو الذي يخصها بالإلهامات حالتي النوم واليقظة.
والقدماء كانوا يسمون ذلك الروح السماوي بالطباع التام ولا شك أن لذلك الروح السماوي الذي هو الأصل والينبوع شعبًا كثيرة ونتائج كثيرة وهي بأسرها تكون من جنس روح هذا الإنسان وهي لأجل مشاكلتها ومجانستها يعين بعضها بعضًا على الأعمال اللائقة بها والأفعال المناسبة لطبائعها، ثم إنها إن كانت خيرة طاهرة طيبة كانت ملائكة وكانت تلك الإعانة مسماة بالإلهام.
وإن كانت شريرة خبيثة قبيحة الأعمال كانت شياطين وكانت تلك الإعانة مسماة بالوسوسة، وذكر بعض العلماء أيضًا فيه احتمالًا ثالثًا، وهو أن النفوس البشرية والأرواح الإنسانية إذا فارقت أبدانها قويت في تلك الصفات التي اكتسبتها في تلك الأبدان وكملت فيها فإذا حدثت نفس أخرى مشاكلة لتلك النفس المفارقة في بدن مشاكل لبدن تلك النفس المفارقة حدث بين تلك النفس المفارقة وبين هذا البدن نوع تعلق بسبب المشاكلة الحاصلة بين هذا البدن وبين ما كان بدنًا لتلك النفس المفارقة، فيصير لتلك النفس المفارقة تعلق شديد بهذا البدن وتصير تلك النفس المفارقة معاونة لهذه النفس المتعلقة بهذا البدن، ومعاضدة لها على أفعالها وأحوالها بسبب هذه المشاكلة ثم إن كان هذا المعنى في أبواب الخير والبركات كان ذلك إلهامًا وإن كان في باب الشر كان وسوسة فهذه وجوه محتملة تفريعًا على القول بإثبات جواهر قدسية مبرأة عن الجسمية والتحيز، والقول بالأرواح الطاهرة والخبيثة كلام مشهور عند قدماء الفلاسفة فليس لهم أن ينكروا إثباتها على صاحب شريعتنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وأما القول الثاني: وهو أن الملائكة والشياطين لابد وأن تكون أجسامًا فنقول: إن على هذا التقدير يمتنع أن يقال إنها أجسام كثيفة، بل لابد من القول بأنها أجسام لطيفة والله سبحانه ركبها تركيبًا عجيبًا وهي أن تكون مع لطافتها لا تقبل التفرق والتمزق والفساد والبطلان ونفوذ الأجرام اللطيفة في عمق الأجرام الكثيفة غير مستبعد ألا ترى أن الروح الإنسانية جسم لطيف، ثم إنه نفذ في داخل عمق البدن فإذا عقل ذلك فكيف يستبعد نفوذ أنواع كثيرة من الأجسام اللطيفة في داخل هذا البدن، أليس أن جرم النار يسري في جرم الفحم، وماء الورد يسري في ورق الورد، ودهن السمسم يجري في جسم السمسم فكذا ههنا، فظهر بما قررنا أن القول بإثبات الجن والشياطين أمر لا تحيله العقول ولا تبطله الدلائل، وأن الإصرار على الإنكار ليس إلا من نتيجة الجهل وقلة الفطنة، ولما ثبت أن القول بالشياطين ممكن في الجملة فنقول: الأحق والأولى أن يقال: الملائكة على هذا القول مخلوقون من النور، والشياطين مخلوقون من الدخان واللهب، كما قال الله تعالى: {والجآن خلقناه مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السموم} [الحجر: 27] وهذا الكلام من المشهورات عند قدماء الفلاسفة، فكيف يليق بالعاقل أن يستبعده من صاحب شريعتنا محمد صلى الله عليه وسلم.
السؤال الثاني: لم قال الشيطان: {فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُمْ} وهو أيضًا ملوم بسبب اقدامه على تلك الوسوسة الباطلة.
والجواب: أراد بذلك فلا تلوموني على ما فعلتم ولوموا أنفسكم عليه، لأنكم عدلتم عما توجبه هداية الله تعالى لكم.
ثم قال الله تعالى حكاية عن الشيطان أنه قال: {مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِىَّ} وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قال ابن عباس: بمغيثكم ولا منقذكم، قال ابن الأعرابي: الصارخ المستغيث والمصرخ المغيث.
يقال: صرخ فلان إذا استغاث وقال: واغوثاه وأصرحته أغثته.
المسألة الثانية:
قرأ حمزة: بمصرخي بكسر الياء.
قال الواحدي: وهي قراءة الأعمش ويحيى بن وثاب.
قال الفراء: ولعلها من وهم القراء فإنه قل من سلم منهم عن الوهم ولعله ظن أن الباء في قوله: {بِمُصْرِخِىَّ} خافضة لجملة هذه الكلمة وهذا خطأ لأن الياء من المتكلم خارجة من ذلك قال، ومما نرى أنهم وهموا فيه قوله: {نُوَلّهِ مَا تولى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} [النساء: 115] بجزم الهاء ظنوا والله أعلم أن الجزم في الهاء وهو خطأ، لأن الهاء في موضع نصب وقد انجزم الفعل قبلها بسقوط الياء منه، ومن النحويين من تكلف في ذكر وجه لصحته إلا أن الأكثرين قالوا إنه لحن، والله أعلم.
ثم قال تعالى حكاية عنه: {إِنِّى كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
{ما} في قوله: {إِنِّى كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} فيه قولان: الأول: إنها مصدرية والمعنى: كفرت بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة، والمعنى: أنه جحد ما كان يعتقده أولئك الأتباع من كون إبليس شريكًا لله تعالى في تدبير هذا العالم وكفر به، أو يكون المعنى أنهم كانوا يطيعون الشيطان في أعمال الشر كما كانوا قد يطيعون الله في أعمال الخير وهذا هو المراد بالإشراك.
والثاني: وهو قول الفراء أن المعنى أن إبليس قال: إني كفرت بالله الذي أشركتموني به من قبل كفركم، والمعنى: أنه كان كفره قبل كفر أولئك الأتباع ويكون المراد بقوله: {ما} في هذا الموضع من والقول هو الأول، لأن الكلام إنما ينتظم بالتفسير الأول، ويمكن أن يقال أيضًا الكلام منتظم على التفسير الثاني، والتقدير كأنه يقول: لا تأثير لوسوستي في كفركم بدليل أني كفرت قبل أن وقعتم في الكفر وما كان كفري بسبب وسوسة أخرى وإلا لزم التسلسل فثبت بهذا أن سبب الوقوع في الكفر شيء آخر سوى الوسوسة، وعلى هذا التقدير ينتظم الكلام.
أما قوله: {إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} فالأظهر أنه كلام الله عز وجل وأن كلام إبليس تم قبل هذا الكلام، ولا يبعد أيضًا أن يكون ذلك من بقية كلام إبليس قطعًا لأطماع أولئك الكفار عن الإعانة والإغاثة، والله أعلم.
{وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}.
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى:
اعلم أنه تعالى لما بالغ في شرح أحوال الأشقياء من الوجوه الكثيرة، شرح أحوال السعداء، وقد عرفت أن الثواب يجب أن يكون منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم، فالمنفعة الخالصة إليها الإشارة بقوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} وكونها دائمة أشير إليه بقوله: {خالدين فِيهَا} والتعظيم حصل من وجهين: أحدهما: أن تلك المنافع إنما حصلت بإذن الله تعالى وأمره.
والثاني: قوله: {تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سلام} لأن بعضهم يحيي بعضًا بهذه الكلمة، والملائكة يحيونهم بها كما قال: {والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ سلام عَلَيْكُمُ} [الرعد: 23، 24] والرب الرحيم يحييهم أيضًا بهذه الكلمة كما قال: {سَلاَمٌ قَوْلًا مّن رَّبّ رَّحِيمٍ} [يس: 58].
واعلم أن السلام مشتق من السلامة وإلا ظهر أن المراد أنهم سلموا من آفات الدنيا وحسراتها أو فنون آلامها وأسقامها، وأنواع غمومها وهمومها، وما أصدق ما قالوا، فإن السلامة من محن عالم الأجسام الكائنة الفاسدة من أعظم النعم، لاسيما إذا حصل بعد الخلاص منها الفوز بالبهجة الروحانية والسعادة الملكية.
المسألة الثانية:
قرأ الحسن: {وَأُدْخِلَ الذين ءامَنُواْ} على معنى وأدخلهم أنا، وعلى هذه القراءة فقوله: {بِإِذْنِ رَبّهِمْ} متعلق بما بعده، أي تحيتهم فيها سلام بإذن ربهم.
يعني: أن الملائكة يحيونهم بإذن ربهم. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وقال الشيطان لمّا قضي الأمر}.
يعني إبليس.
قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيبًا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعًا.
{إن الله وعدكم وعد الحق} يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعذاب العاصي.
{ووعدتكم} أن، لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب.
{فأخلفتكم وما كان لي عليكم مِن سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيَّ} فيه وجهان:
أحدهما: معناه ما أنا بمنجيكم وما أنتم بمنجيَّ، قاله الربيع بن أنس.
الثاني: ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي، قاله مجاهد. والمصرخ: المغيث. والصارخ: المستغيث. ومنه قول أمية بن أبي الصلت:
فلا تجزعوا إنّي لكم غير مُصْرخ ** فليس لكم عندي غناءٌ ولا صبر

{إني كفرتُ بما أشركتمون مِن قبل} فيه وجهان:
أحدهما: إني كفرت اليوم بما كنتم في الدنيا تدعونه لي من الشرك بالله تعالى، قاله ابن بحر.
الثاني: إني كفرت قبلكم بما أشركتموني من بعد، لأن كفر إبليس قبل كفرهم.
قوله عز وجل: {تحيّتُهم فيها سلامٌ} فيها وجهان:
أحدهما: أن تحية أهل الجنة إذا تلاقوا فيها السلامه، وهو قول الجمهور.
الثاني: أن التحية ها هنا الملك، ومعناه أن ملكهم فيها دائم السلام، مأخوذ من قولهم في التشهد: التحيات لله، أي الملك لله، ذكره ابن شجرة.
وفي المحيّي لهم بالسلام ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله تعالى يحييهم بالسلام.
الثاني: أن الملائكة يحيونهم بالسلام.
الثالث: أن بعضهم يحيي بعضًا بالسلام.
وتشبيه الكلمة الطيبة بها لأنها ثابتة في القلب كثبوت أصل النخلة في الأرض، فإذا ظهرت عرجت إلى السماء كما يعلو فرع النخلة نحو السماء فكلما ذكرت نفعت، كما أن النخلة إذا أثمرت نفعت. اهـ.