فصل: قال ابن عطية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال ابن عطية:

{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ}.
المراد هنا ب {الشيطان} إبليس الأَقْدَمُ نفسه، وروي في حديث عن النبي عليه السلام- من طريق عقبة بن عامر- أنه قال: «يقوم يوم القيامة خطيبان: أحدهما إبليس يقوم في الكفرة بهذه الألفاظ، والآخر عيسى ابن مريم يقوم بقوله: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به} [المائدة: 117]»، وقال بعض العلماء: يقوم إِبليس خطيب السوء، الصادق بهذه الآية.
قال القاضي أبو محمد: فعلى هذه الرواية يكون معنى قوله: {قضي الأمر} أي حصل أهل النار في النار، وأهل الجنة في الجنة، وهو تأويل الطبري.
قال القاضي أبو محمد: و{قضي} قد يعبر عنها في الأمور عن فعل كقوله تعالى: {وقضي الأمر واستوت على الجودي} [هود: 44] وقد يعبر بها عن عزم على أن يفعل، كقوله: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} [يوسف: 41].
و{الوعد} في هذه الآية على بابه في الخير، أي إن الله وعدهم النعيم إن آمنوا، ووعدهم إبليس الظفر والأمر إن كذبوا، ومعلوم اقتران وعد الله بوعيده، واتفق أن لم يتبعوا طلب وعد الله فوقعوا في وعيده، وجاء من ذلك كأن إبليس أخلفهم. وال {سلطان} الحجة البينة، وقوله: {إلا أن دعوتكم} استثناء منقطع، و{أن} في موضع نصب، ويصح أن تكون في موضع رفع على معنى: إلا أن النائب عن السلطان، إن دعوتكم فيكون هذا في المعنى كقول الشاعر: الوافر:
تحية بينهم ضرب وجيع

ومعنى قوله: {فاستجبتم لي} أي رأيتم ما دعوتكم إليه ببصيرتكم واعتقدتموه الرأي وأتى نظركم عليه.
قال القاضي أبو محمد: وذكر بعض الناس أن هذا المكان يبطل منه التقليد، وفي هذه المقالة ضعف على احتمالها، والتقليد وإن كان باطلًا ففساده من غير هذا الموضع.
قال القاضي أبو محمد: ويحتمل أن يريد ب السلطان في هذه الآية الغلبة والقدرة والملك، أي ما اضطررتكم ولا خوفتكم بقوة مني، بل عرضت عليكم شيئًا، فأتى رأيكم عليه.
وقوله: {فلا تلوموني} يريد بزعمه إذ لا ذنب لي {ولوموا أنفسكم} في سوء نظركم وقلة تثبتكم فإنكم إنما أتيتم اتباعي عن بصيرة منكم وتكسب. والمصرخ المغيث، والصارخ: المستغيث. ومنه قول الشاعر: البسيط:
كنا إذا ما أتانا صارخ فزع ** كان الصراخ له قطع الظنابيب

فيقال: صرخ الرجل، وأصرخ غيره، وأما الصريخ فهو مصدر بمنزلة البريح، ويوصف به، كما يقال: رجل عدل ونحوه.
وقرأ حمزة والأعمش وابن وثاب {بمصرخي} بكسر الياء تشبيهًا لياء الإضمار بهاء الإضمار في قوله: مصرخيه، ورد الزجاج هذه القراءة، وقال ردية مرذولة، وقال فيها القاسم بن معن: إنها صواب، ووجهها أبو علي وحكى أبو حاتم: أن أبا عمرو حسنها، وأنكر أبو حاتم على أبي عمرو.
وقوله: {بما أشركتمون} أي مع الله تعالى في الطاعة لي التي ينبغي أن يفرد الله بها، ف {ما} مصدرية، وكأنه يقول: إني الآن كافر بإشراككم أيأي مع الله قبل هذا الوقت.
قال القاضي أبو محمد: فهذا تبر منه، وقد قال الله تعالى: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} [فاطر: 14] ويحتمل أن يكون اللفظ إقرارًا على نفسه بكفره الأقدم، فتكون {ما} بمعنى الذي، يريد الله تعالى، أي خطيئتي قبل خطيئتكم، فلا إصراخ عندي، وباقي الآية بين.
وقرأ الجمهور {وأُدخلَ} على بناء الفعل للمفعول، وقرأ الحسن: {وأُدخِلُ} على فعل المتكلم، أي يقولها الله عز وجل، وقوله: {من تحتها} أي من تحت ما علا منها، كالغرف والمباني والأشجار وغيره. والخلود في هذه الآية على بابه في الدوام، والإذن هنا عبارة عن القضاء والإمضاء، وقوله: {تحيتهم} مصدر مضاف إلى الضمير، فجائز أن يكون الضمير للمفعول أي تحييهم الملائكة، وجائز أن يكون الضمير للفاعل، أي يحيي بعضهم بعضًا.
و{تحيتهم} رفع بالابتداء، و{سلام} ابتداء ثان، وخبره محذوف تقديره عليكم، والجملة خبر الأول، والجميع في موضع الحال من المضمرين في {خالدين} أو يكون صفة ل {جنات}. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {وقال الشيطان}.
قال المفسرون: يعني به إِبليس، {لما قُضي الأمر} أي: فُرغ منه، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فحينئذ يجتمع أهل النار باللَّوم على إِبليس، فيقوم فيما بينهم خطيبًا ويقول: {إِن الله وَعَدَكم وَعْد الحق} أي: وعدكم كَوْن هذا اليوم فَصَدَقكم {ووعدتكم} أنه لا يكون {فأخلفتكم} الوعد {وما كان ليَ عليكم من سلطان} أي: ما أظهرت لكم حُجَّةً على ما ادَّعيت.
وقال بعضهم: ما كنت أملككم فأُكرهكم {إِلا أن دعوتكم} وهذا من الاستثناء المنقطع، والمعنى: لكن دعوتكم {فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} حيث أجبتموني من غير برهان، {ما أنا بمصرخكم} أي: بمغيثكم {وما أنتم بمصرخيَّ} أي: بمغيثيَّ.
قرأ حمزة {بمُصرِخيِّ} فحرك الياء إِلى الكسر، وحرَّكها الباقون إِلى الفتح.
قال قُطرب: هي لغة في بني يربوع، يعني: قراءة حمزة.
قال اللغويون: يقال: استصرخني فلان فأصرخته، أي: استغاثني فأغثته.
{إِني كفرت} اليوم بإشراككم إِياي في الدنيا مع الله في الطاعة، {إِن الظالمين} يعني: المشركين.
قوله تعالى: {بإذن ربهم} أي: بأمر ربهم.
وقوله: {تحيتهم فيها سلام} قد ذكرناه في [يونس: 10]. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَقَالَ الشيطان لَمَّا قُضِيَ الأمر}.
قال الحسن: يقف إبليس يوم القيامة خطيبًا في جهنم على منبر من نار يسمعه الخلائق جميعًا.
ومعنى: {لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ} أي حُصِّل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار، على ما يأتي بيانه في مريم عليها السلام.
{إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} يعني البعث والجنة والنار وثواب المطيع وعقاب العاصي فصدَقكم وعدَه، ووعدتكم أن لا بعث ولا جنة ولا نار ولا ثواب ولا عقاب فأخلفتكم.
وروى ابن المبارك من حديث عُقْبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة قال: «فيقول عيسى أدلّكم على النبي الأمي فيأتوني فيأذن الله لي أن أقوم فَيثُور مجلسي من أطيب ريح شَمَّها أحدٌ حتى آتي ربي فيشفِّعني ويجعل لي نورًا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي ثم يقول الكافرون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه فيقولون قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فاشفع لنا فإنك أضللتنا فَيثُور مجلسه من أنتن ريح شَمَّها أحدٌ ثم يَعظُم نَحِيبُهم ويقول عند ذلك: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ} الآية».
{وَعْدَ الْحَقِّ} هو إضافة الشيء إلى نعته كقولهم: مسجد الجامع؛ قال الفرّاء قال البصريون: وعدكم وعد اليوم الحقّ أو وعدكم وعد الوعد الحقّ فصدَقكم؛ فحذف المصدر لدلالة الحال.
{وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} أي من حجة وبيان؛ أي ما أظهرت لكم حجة على ما وعدتكم وزيّنته لكم في الدنيا، {إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِي} أي أغويتكم فتابعتموني.
وقيل: لم أقهركم على ما دعوتكم إليه.
{إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ} هو استثناء منقطع؛ أي لكن دعوتكم بالوسواس فاستجبتم لي باختياركم، {فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ}.
وقيل: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} أي على قلوبكم وموضع إيمانكم لكن دعوتكم فاستجبتم لي؛ وهذا على أنه خَطَب العاصيَ المؤمنَ والكافَر الجاحد؛ وفيه نظر؛ لقوله: {لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ} فإنه يدلّ على أنه خَطَب الكفّار دون العاصين الموحِّدين؛ والله أعلم.
{فَلاَ تَلُومُونِي ولوموا أَنفُسَكُمْ} إِذا جِئتمونيِ من غير حجة.
{مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ} أي بمغيثكم.
{وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ} أي بمغيثيّ.
والصّارخ والمستصرخ هو الذي يطلب النُّصرة والمعاونة، والمُصْرِخ هو المغِيث.
قال سَلاَمة بن جَنْدَل:
كنّا إِذا ما أتانا صارِخٌ فَزِعٌ ** كَان الصُّراخُ له قَرْعُ الظَّنَابِيب

وقال أُميّة بن أبي الصَّلْت:
ولا تَجَزعوا إنّي لكم غيرُ مُصْرِخٍ ** وليس لكم عندي غَنَاءٌ ولا نَصْرُ

يقال: صَرَخ فلان أي استغاث يَصرُخ صَرْخًا وصُرَاخًا وصَرْخة.
واصطرخ بمعنى صَرَخ.
والتَّصرخ تَكلُّف الصُّراخ.
والمُصْرِخْ المُغِيث، والمستصرِخ المستغيث؛ تقول منه: استصرخني فأصرخته.
والصَّرِيخ صوت المستصرِخ.
والصّرِيخ أيضًا الصارِخ، وهو المغِيث والمستغِيث، وهو من الأضداد؛ قاله الجوهري.
وقراءة العامة {بِمُصْرِخِيَّ} بفتح الياء.
وقرأ الأعمش وحمزة {بِمصِرخيِ} بكسر الياء.
والأصل فيها بمصرخيين فذهبت النون للإضافة، وأدغمت ياء الجماعة في ياء الإضافة، فمن نصب فلأجل التضعيف، ولأن ياء الإضافة إذا سكن ما قبلها تعيّن فيها الفتح مثل: هَوايَ وعَصايَ، فإن تحرك ما قبلها جاز الفتح والإسكان، مثل: غلامِيَ وغلامَتِي، ومن كسر فلالتقاء الساكنين حركت إلى الكسر، لأن الياء أخت الكسرة.
وقال الفرّاء: قراءة حمزة وَهَمٌ منه، وقَلَّ مَن سلِم منهم عن خطأ.
وقال الزجّاج: هذه قراءة رديئة ولا وجه لها إلا وجه ضعيف.
وقال قُطْرُب: هذه لغة بني يَرْبُوع يزيدون على ياء الإضافة ياء.
القُشَيريّ: والذي يغني عن هذا أن ما يثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يقال فيه هو خطأ أو قبيحٌ أو رديءٌ، بل هو في القرآن فصيح، وفيه ما هو أفصح منه، فلعل هؤلاء أرادوا أن غير هذا الذي قرأ به حمزة أفصح.
{إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ} أي كفرت بإشراككم إياي مع الله تعالى في الطاعة؛ ف {ما} بمعنى المصدر.
وقال ابن جريج: إني كفرت اليوم بما كنتم تدعونه في الدنيا من الشّرك بالله تعالى.
قتادة: إني عصيت الله.
الثوريّ: كفرت بطاعتكم إياي في الدنيا.
{إِنَّ الظالمين لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وفي هذه الآيات ردّ على القَدَرية والمعتزلة والإمامية ومن كان على طريقهم؛ انظر إلى قول المتبوعين: {لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ} وقول إبليس: {إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الحق} كيف اعترفوا بالحق في صفات الله تعالى وهم في دركات النار؛ كما قال في موضع آخر: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الملك: 8] إلى قوله: {فاعترفوا بِذَنبِهِمْ} واعترافهم في دَرَكات لَظًى بالحقّ ليس بنافع، وإنما ينفع الاعترافُ صاحبَه في الدنيا؛ قال الله عز وجل: {وَآخَرُونَ اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] و{عَسَى} من الله واجبة.
قوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات جَنَّاتٍ}.
أي في جنات لأن دخلت لا يتعدى، كما لا يتعدى نقيضه وهو خرجت، ولا يقاس عليه؛ قاله المهدوي.
ولما أخبر تعالى بحال أهل النار أخبر بحال أهل الجنة أيضًا.
وقراءة الجماعة {أُدْخِلَ} على أنه فعل مبني للمفعول.
وقرأ الحسن {وَأُدْخِلُ} على الاستقبال والاستئناف.
{بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} أي بأمره.
وقيل: بمشيئته وتيسيره.
وقال: {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} ولم يقل: بإذني تعظيمًا وتفخيمًا.
{تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ} تقدم في يونس. والحمد لله. اهـ.

.قال الخازن:

قوله تعالى: {وقال الشيطان}.
يعني إبليس {لما قضي الأمر} يعني لما فرغ منه وأدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار.
يأخذ أهل النار في لوم إبليس وتقريعه، وتوبيخه، فيقوم فيها خطيبًا قال مقاتل: يوضع له منبر في النار فيجتمع عليه أهل النار يلومونه فيقول لهم: ما أخبر الله عنه بقوله: {إن الله وعدكم وعد الحق} فيه إضمار تقديره فصدق في وعده {ووعدتكم فأخلفتكم} يعني الوعد.
وقيل يقول: لهم إني قلت لكم لا بعث ولا جنة ولا نار {وما كان لي عليكم من سلطان} يعني من ولاية وقهر، وقيل: لم آتيكم بحجة فيما وعدتكم به {إلا أن دعوتكم} هذا استثناء منقطع معناه لكن دعوتكم {فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم} يعني ما كان مني إلا الدعاء وإلقاء الوسوسة، وقد سمعتم دلائل الله وجاءتكم الرسل فكان من الواجب عليكم أن لا تلتفوا إليّ ولا تسمعوا قولي فلما رجحتم قولي على الدلائل الظاهرة كان اللوم بكم أولى بأجابتي، ومتابعتي من غير حجة ولا دليل {ما أنا بمصرخكم} يعني بمغيثكم ولا منقذكم {وما أنتم بمصرخي} يعني بمغيثيّ ولا منقذيّ مما أنا فيه {إني كفرت بما أشركتمون من قبل} يعني كفرت بجعلكم إياي شريكًا كله في عبادته وتبرأت من ذلك والمعنى أن إبليس جحد ما يعتقده الكفار فيه، من كونه شريكًا لله وتبرأ من ذلك {إن الظالمين لهم عذاب أليم} روى البغوي يسنده عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة، وذكر الحديث إلى قوله: «فيأتوني فيأذن الله في أن أقوم فيثور من مجلسي أطيب ريح شمها أحد حتى آتى ربي فيشفعني، ويجعل لي نورًا من رأسي إلى ظهر قدمي. ثم يقول الكفار: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فمن يشفع لنا فيقولون ما هو غير إبليس هو الذي أضلنا فيأتونه، فيقولون: قد وجد المؤمنون من يشفع لهم فقم أنت فاشفع لنا فإنك أنت أضللتنا فيقوم فيثور من مجلسه أنتن ريح شمها أحد ثم تعظم جهنم، ويقول عند ذلك: إن الله وعدكم وعد الحق الآية».
قوله تعالى: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار}.
لما شرح الله حال الكفار الأشقياء بما تقدم من الآيات الكثيرة، شرح أحوال المؤمنين السعداء، وما أعد لهم في الآخرة من الثواب العظيم الجزيل، وذلك أن الثواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم والمنفعة الخالصة إليها الإشارة دائمة بقوله: {وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار}، وكونها دائمة أشير إليه بقوله: {خالدين فيها} والتعظيم حصل من وجهين أحدهما قوله: {بإذن ربهم} لأن تلك المنافع إنما كانت تفضلًا من الله بإنعامه الثاني قوله: {تحيتهم فيها سلام} فيحتمل أن بعضهم يحيي بعضًا بهذا الكلمة أو الملائكة تحييهم بها أو الرب سبحانه وتعالى يحييهم، ويحتمل أن يكون المراد أنهم لما دخلوا الجنة سلموا من جميع الآفات لأن السلام مشتق من السلامة. اهـ.