فصل: قال الثعلبي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وعن وهب بن منبه أنه قال: الحين السنة.
وعن مقاتل: سنة.
وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: الحين ستة أشهر.
وقال عكرمة: النخلة لا يزال فيها شيء ينتفع به إما ثمرة وإما حطبه.
فكذلك الكلمة الطيبة ينتفع بها صاحبها في الدنيا والآخرة.
ثم قال تعالى: {بِإِذْنِ رَبّهَا} أي: بأمر ربها {وَيَضْرِبُ الله الامثال} يعني: يبيّن الأشباه {لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} يعني: يتعظون، ويتفكرون في الأمثال فيوحّدونه.
قوله تعالى: {وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} يعني: كلمة الشرك {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} وهي الحنظلة ليس لها حلاوة، ولا طهارة، ولا رائحة طيبة.
فكذلك الشرك بالله خبيث.
ثم وصف الشجرة فقال: {اجتثت مِن فَوْقِ الأرض} يقول: اقتلعت من فوق الأرض {مَا لَهَا مِن قَرَارٍ} يعني: ليس لها أصل يجيء بها الريح، ويذهب.
فكذلك الكفر ليس له أصل، ولا حجة في الأرض، ولا في السماء.
ثم قال تعالى: {يُثَبّتُ الله الذين ءامَنُواْ بالقول الثابت} بلا إله إلا الله: {وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم} يعني: يثّبتهم على ذلك القول عند النزع {وَفِي الآخرة} يعني: في القبر.
وقال البراء بن عازب: نزلت الآية في عذاب القبر.
يسأل من ربك، ومن نبيك، وما دينك؟ يعني: إذا أجاب فقد ثبّته الله تعالى.
وقال الضحاك: إذا وضع المؤمن في قبره، وانصرف عنه الناس، دخل عليه ملكان، فيجلسانه، ويسألانه: من ربك، ومن نبيك، وما دينك، وما كتابك، وما قبلتك؟ فيثبّته الله في القبر، كما يثبته في الحياة الدنيا بالإقرار بالله تعالى، وكتبه، ورسله.
وروى ابن طاوس عن أبيه أنه قال: {وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم} يعني: قول لا إله إلا الله، يثّبتهم عليها في الدنيا، وفي الآخرة عند المسألة في القبر.
وهكذا قال قتادة، وقال الربيع بن أنس {وَقَالَ إِنَّمَا اتخذتم} يعني: في القبر {وَفِي الآخرة} يعني: يوم الحساب.
ويقال: {فِي الحياة الدنيا وَفِى الآخرة} يعني: يموت على الإيمان، ويبعث يوم القيامة مع الإيمان.
ثم قال: {وَيُضِلُّ الله الظالمين} يعني: عن الحجة. فلا يقولونها في القبر.
وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا دخل الكافر والمنافق قبره. قالا له: من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ فيقول: لا أدري. فيقولان له: لا دريت ويضربانه بمرزبة، فيصيح صيحة يسمعها ما بين الخافقين، إلا الجن والإنس».
وهو قوله تعالى: {وَيُضِلُّ الله الظالمين} {وَيَفْعَلُ الله مَا يَشَاء} يعني: ما شاء للمؤمنين أن يثبتهم، وللكافرين أن يضلهم عن الجواب. اهـ.

.قال الثعلبي في الآيات السابقة:

{الر} ابتدأ {كِتَابٌ} خبره وإن قلت هذا كتاب {أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ} يا محمد يعني القرآن {لِتُخْرِجَ الناس} لتدعوهم إليه {مِنَ الظلمات} الضلالة والجهالة {إِلَى النور} العلم والإيمان {بِإِذْنِ رَبِّهِمْ} بتوفيق ربهم إياهم ولطفه بهم {إلى صِرَاطِ العزيز الحميد الله الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض}.
قرأ أهل المدينة والشام: {الله}، برفع الهاء على الاستئناف وخبره: {الذي} وقرأ الآخرون: بالخفض نعتًا للعزيز الحميد.
وقال أبو عمر: بالخفض على التقديم والتأخير، مجازه: إلى صراط الله العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض. كقول القائل مررت بالظريف عبد الله.
لو كنت ذانبل وذا شريب ** ماخفت شدات الخبيث الذيب

وكان يعقوب بن إسحاق الحضرمي إذا وقف على الحميد رفع قوله: {الله} وإذا وصل خفض على النعت {وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ الذين يَسْتَحِبُّونَ} يختارون الحياة الدنيا {وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله} ويضربون ويميلون الناس عن دين الله: {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا} ويطلبونها زيغًا وقيلا، والعوج بكسر العين في الدين والأمر والأرض كلا لم يكن قائمًا.
والعوج بفتح العين في كل ما كان قائمًا كالحائط والرمح ونحوهما {أولئك فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} بلغتهم ليفهموا لبنية، بيانه قوله: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ الله مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ العزيز الحكيم وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظلمات إِلَى النور} بالدعوة {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله}.
قال ابن عباس وأُبي بن كعب ومجاهد وقتادة: بنعم الله.
قال مقاتل: بوقائع الله في الأُمم السالفة وما كان في أيام الله الخالية من النقمة والمحنة فاجتزأ بذكر الأيام عنه؛ لأنها كانت معلومة عندهم.
{إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.
قال أهل المعاني: أراد لكل مؤمن؛ لأن الصبر والشكر من خصال المؤمنين وأفعالهم إلى قوله تعالى: {وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ}.
قال الفراء: العلّة الجالبة لهذه الواو إن الله تعالى أخبرهم إن آل فرعون كانوا يعذبونهم بأنواع من العذاب غير الذبح والتذبيح وإن طرح الواو في قوله ويذبحون ويقتلون فإنه أراد تفسير صفات العذاب الذي كانوا يسومونهم {وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ} يتركونهن حبالى لأنفسهنّ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم» أي دعوا شبانهم أحياء {وَفِي ذلكم بلاء مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ} أي أعلم ودليله قراءة عبد الله بن مسعود وإذ قال ربكم به وأذن ويأذن بمعنى واحد مثل أوعد وتوعد.
{لَئِن شَكَرْتُمْ} نعمتي وآمنتم وأطعتم {لأَزِيدَنَّكُمْ} في النعمة قال ابن عيينة: الشكر بقاء النعمة ومن الزيادة ومرضاة المؤمن، وقيل الشكر قيد للموجود وقيد للمفقود.
{وَلَئِن كَفَرْتُمْ} نعمتي فصددتموها ولم تشكروها.
{إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} إلى قوله: {فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ} عن خلقه {حَمِيدٌ} محمود في أفعاله لأنه فيها سيفصل أو يعدل.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الذين مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله} يعني من كان بعد قوم نوح وعاد وثمود.
وكان ابن مسعود يقرأها: {وَعَادٍ وَثَمُودَ والذين مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ الله} ثم يقول كذب النسابون {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبينات فردوا أَيْدِيَهُمْ في أَفْوَاهِهِمْ}.
قال ابن مسعود: يعني عضوا على أيديهم غيظًا.
قال ابن زيد وقرأ: {عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنامل مِنَ الغيظ} [آل عمران: 119].
ابن عباس: لما سمعوا كتاب الله عجبوا فرجعوا بأيديهم إلى أفواههم.
مجاهد وقتادة: كذبوا الرسل وردّوا ما حلوا به.
الأخفش وأبو عبيدة: أي تركوا ما أُمروا به وكفوا عنه ولم يمضوه ولم يؤمنوا.
تقول العرب للرجل إذا أمسك عن الجواب فلم يجب وسكت: قد ردّ يده في فيه.
قال القيسي: إنا لم نسمع واحدًا من العرب يقول ردّ يده في فيه إذا ترك ما أمر به وإنما المعنى إنهم عضوا على الأيدي حيفًا وغيظًا.
كقول الشاعر:
تردون في فيه غش الحسود

يعني أنهم يغيظون الحسود.
حتى يعض على أنامله العشر

وقال الهذلي:
قد أفنى أنامله أزمة ** فأضحى يعض على الوظيفا

الوظيف يعني الذراع والساق، واختار النحاس هذا القول؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأنامل مِنَ الغيظ} [آل عمران: 119].
وأنشد:
لو أن سلمى أبصرت تخددي ** ودقة في عظم ساقي ويدي

وبعد أهلي وجفاء عودي ** عضت من الوجد بأطراف اليد

قال الكلبي: يعني من الأمم ردّوا بأيديهم إلى أفواههم أي في أفواه أنفسهم؛ إشارة إلى الرسل إن اسكتوا.
مقاتل: فردوا أيديهم على أفواه الرسل حين يسكتونهم بذلك {وقالوا} يعني الأُمم للرسل، {إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} موجب الريبة موقع للتهمة {قَالَتْ رُسُلُهُمْ} إلى قوله تعالى: {مِّن ذُنُوبِكُمْ} من تعجله {وَيُؤَخِّرَكُمْ إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} يعني الموت فلا يعاجلكم بالعذاب والعقاب {قالوا} الرسل {إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا} في الصورة والهيئة ولستم بملائكة وإنما يريدون بقولكم {أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} أي بينة على صحة دعواكم، والسلطان في القرآن على وجهين وجه ملائكة ووجه بينة كقوله: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} [إبراهيم: 22] {وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ} [سبأ: 21] فصحة قوله: {إِنْ عِندَكُمْ مِّن سُلْطَانٍ} [يونس: 68] بهذا وقوله: {فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} [إبراهيم: 10].
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ولكن الله يَمُنُّ على مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} بالنبوة والحكمة إلى قوله: {وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا} بيّن لنا الرشد وبصرنا طريق النجاة، {وَلَنَصْبِرَنَّ} اللام للقسم مجازه لنصبرن {على مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ المتوكلون وَقَالَ الذين كَفَرُواْ} إلى قوله تعالى: {فِي مِلَّتِنَا} يعنون الآن ترجعوا وحتى ترجعوا إلى ديننا {فأوحى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظالمين وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض مِن بَعْدِهِمْ} أي من بعد هلاكهم {ذلك لِمَنْ خَافَ مَقَامِي} أي مقامه وقيامه بين يدي، فأضاف قيام العبد إلى نفسه، كما يقول يذهب على ضربك أي ضربي إياك، وسوف رويتكك أي برويتي إياك.
قال الله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82] أي رزقي إليكم فإن شئت قلت ذلك لمن يخاف قيامي عليه ومراقبتي له، مثاله قوله: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} [الرعد: 33].
وقال الأخفش: ذلك لمن خاف مقامي أي عذابي.
{وَخَافَ وَعِيدِ واستفتحوا} واستنصروا الله عليها.
قال ابن عباس ومقاتل: يعني الأُمم، وذلك أنهم قالوا: اللهم إن كان هؤلاء الرسل صادقين فعذبنا، نظيره قوله تعالى: {ائتنا بِعَذَابِ الله إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} [العنكبوت: 29] وقالوا: {اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ} [الأنفال: 32] الآية.
وقال مجاهد وقتادة: يعني الرسل وذلك أنهم لما تبينوا من إيمان قومهم استنصروا عدوّهم ودعوا على قومهم بالعذاب.
بيانه قوله تعالى في قصة نوح ولوط وموسى: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ}.
مجاهد: معاند للحق ويجانبه.
وقال إبراهيم: الناكب عن الحق.
ابن عباس: المعرض.
وقتادة: العنيد الذي لا يقول لا إله إلاّ الله.
مقاتل: المستكبر.
ابن كيسان: الشامخ بالحق.
ابن زيد: المخالف للحق.
والعرب تقول: شر الإبل العنيد الذي يخرج من الطريق خيره، المريد العاصي، ويقال عند العرب إذا لم يرقا دمه.
وقال أهل المعاني: المعاند والعنيد هو المعارض لك بالخلاف وأصله من العند وهو الناحية.
قال الشاعر:
إذا نزلت فاجعلوني وسطا ** إني كبير لا أطيق العندا

{مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} يعني أمامه وقدامه كما يقال: إن الموت من ورائك. قال الله: {وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ} [الكهف: 79].
قال الشاعر:
أتوعدني وراء بني رياح ** كذبت لتقصرن يداك دوني

أي قدامهم.
أبو عبيدة: من الأضداد.
وقال الأخفش: هو كما يقال هذا الآخر من ورائك أي سوف يأيتك وأنا من وراء فلان يعني أصل إليه.
وقال الشاعر:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه ** يكون وراءه فرج قريب

وقال بعضهم إنما يجوز هذا في الأوقات؛ لأن الوقت يمر عليك فيصير إن أخرته خلفك.
مقاتل: من ورائه جهنم يعني بعده.
وكان أُستاذنا أبو القاسم الحبيبي يقول: الأصل في هذا أنّ كل ما ورائي عندك شيء من خلفك وقدام فهو [...]، {ويسقى مِن مَّاءٍ} ثم بين ذلك لنا فقال: {صديد} وهو القيح والدم.
قتادة: هو ما يخرج من بين جلد الكافر ولحمه.
محمد بن كعب والربيع بن أنس: هو غسالة أهل النار وذلك مايسيل من ابن الزنا يسقى الكافر {يَتَجَرَّعُهُ} يتحساه ويشربه ويجرع لا بمرة واحدة لمرارته وحرارته {وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ} لا يكاد أستقبله مجازه ولا يستسيغه كقوله: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] أي لم يرها.
قال ابن عباس: لم يحبوه، وقيل لا يحبّونه.
وروى أبو أُمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية «يعطى إليه فيكرهه فإذا أدنى منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فأذا شربه فقطع أمعاءه وحتى يخرج من دبره» يقول الله: {وَسُقُواْ مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15] وقال: {يَشْوِي الوجوه بِئْسَ الشراب} [الكهف: 29] {وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلِّ مَكَانٍ} من أعضائه فيجد ألم الموت وسقمه.
وقال إبراهيم التيمي: حتى من تحت كل شعرة في جسده.
الضحاك: حتى من إبهام رجله.
الأخفش: يعني البلايا التي تصيب الكافر في النار سمّاها موتًا.
{وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ} ولا يخرج نفسه فيستريح.
وقال ابن جريج: تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت ولا يرجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة، نظيره قوله: {لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى} [طه: 74] {وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} شديد.
{مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ} [إبراهيم: 18] اختلفت النحاة في رفع مثل، قال الفراء: أضاف المثل إلى الكافرين والمثل للأعمال؛ لأن العرب تقدم الأسماء؛ لأنها أعرف ثم تأتي بالخبر الذي يخبر عنه مع صاحبه، ومجاز الآية: {مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَاد}، قوله: {الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: 7] أي أحسن خلق كل شيء وقوله: {وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [الزمر: 60] معناه يوم القيامة ترى وجوه الذين كذبوا على الله وجوههم مسودّة سيئة، في الآية إضمار معناها ولا يمنّ عليك مثل الذين كفروا بربهم، ثم ابتدأ وأخذ يفسره فقال: أعمالهم {كَرَمَادٍ} وإن شئت جعلت المثل صفة فقلت الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد {اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} وصف اليوم بالعصوف وهو من صفة الريح؛ لأن الريح تكون فيه كما يقال يوم بارد وحار؛ لأن البرد والحر يكونان فيه، وليل نائم ونهار صائم. قال الله: {والنهار مُبْصِرًا} [يونس: 67] ويدلّ عليه الليل والنهار.