فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج البخاري في تاريخه، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أمية. فأما بنو المغيرة، فكفيتموهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال لعمر رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين، هذه الآية: {الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم الأفجران من قريش: أخوالي وأعمامك. فأما أخوالي، فاستأصلهم الله يوم بدر. وأما أعمامك، فأملى الله لهم إلى حين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، وابن مردويه والحاكم وصححه من طرق، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هما الأفجران من قريش، بنو أمية وبنو المغيرة. فأما بنو المغيرة، فقطع الله دابرهم يوم بدر. وأما بنو أمية، فمتعوا إلى حين.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف، وابن مردويه والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، عن أبي الطفيل رضي الله عنه، أن ابن الكواء رضي الله عنه سأل عليًا رضي الله عنه من {الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم الفجار من قريش كفيتهم يوم بدر.
قال: فمن {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا} [الكهف: 104] قال: منهم أهل حروراء.
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه، أنه سئل عن {الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: بنو أمية وبنو مخزوم، رهط أبي جهل.
وأخرج ابن مردويه عن ارطأة رضي الله عنه: سمعت عليًا رضي الله عنه على المنبر يقول: {الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}، الناس منها براء غير قريش.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن أبي حسين رضي الله عنه قال: قام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: ألا أحد يسألني عن القرآن؟ فوالله لو أعلم اليوم أحدًا أعلم به مني، وإن كان من وراء البحور لأتيته. فقام عبد الله بن الكواء رضي الله عنه فقال: مَنْ {الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم مشركو قريش، أتتهم نعمة الله الايمان فبدلوا قومهم دار البوار.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم في الكنى، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم كفار قريش الذين نحروا يوم بدر.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم المشركون من أهل بدر.
وأخرج مالك في تفسيره عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم كفار قريش الذين قتلوا يوم بدر.
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت هذه الآية في الذين قتلوا من قريش يوم بدر {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هم قريش. ومحمد النعمة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا....} الآية. قال: كنا نحدث أنهم أهل مكة، أبو جهل وأصحابه الذين قتلهم الله يوم بدر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا} قال: هو جبلة بن الأيهم والذين اتبعوه من العرب فلحقوا بالروم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وأحلوا قومهم دار البوار} قال: أحلوا من أطاعهم من قومهم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {دار البوار} قال: النار. قال: وقد بين الله ذلك وأخبرك به فقال: {جهنم يصلونها وبئس القرار}.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {جهنم يصلونها} قال: هي دارهم في الآخرة.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {وجعلوا لله أندادًا} قال: أشركوا بالله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله: {قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار} قال: تمتعوا إلى أجلكم.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال} قال: إن الله تعالى قد علم أن في الدنيا بيوعًا وخلالًا يتخالون بها في الدنيا، فلينظر رجل من يخالل، وعلام يصاحب، فإن كان لله فليداوم، وإن كان لغير الله فليعلم أن كل خلة ستصير على أهلها عداوة يوم القيامة، إلا خلة المتقين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وسخر لكم الأنهار} قال: بكل بلدة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} قال: دؤوبهما في طاعة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في كتاب العظمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الشمس بمنزلة الساقية، تجري بالنهار في السماء في فلكها، فإذا غربت جرت الليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها، وكذلك القمر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {وآتاكم من كل ما سألتموه} قال: من كل شيء رغبتم إليه فيه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن جرير عن الحسن {وآتاكم من كل ما سألتموه} قال: من كل الذي سألتموني تفسيره، أعطاكم أشياءً ما سألتموها ولم تلتمسوها.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في الشعب، عن طلق بن حبيب رضي الله عنه قال: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن تحصيها العباد، ولكن أصبحوا توّابين وأمسوا توابين.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، وعن بكر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ما قال عبد قط الحمد لله، إلا وجبت عليه نعمة بقول الحمد لله، فقيل: فما جزاء تلك النعمة؟ قال: جزاؤها أن يقول الحمد لله، فجاءت نعمة أخرى فلا تنفد نعم الله.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب، عن سليمان التيمي رضي الله عنه قال: إن الله أنعم على العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن بكر بن عبد الله المزني رضي الله عنه قال: با ابن آدم، إذا أردت أن تعرف قدر ما أنعم الله عليك فغمض عينيك.
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قل علمه وحضر عذابه.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال: ما أنعم الله على العباد نعمة أعظم من أن عرّفهم لا إله إلا الله، وأنّ لا إله إلا الله لهم في الآخرة كالماء في الدنيا.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن لله على أهل النار منة، فلو شاء أن يعذبهم بأشد من النار لعذبهم.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن محمد بن صالح قال: كان بعض العلماء إذا تلا {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} قال: سبحان من لم يجعل من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من ادراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فجعل معرفة نعمه بالتقصير عن معرفتها شكرًا، كما شكر علم العالمين أنهم لا يدركونه، فجعله إيمانًا علمًا منه أن العباد لا يجاوزون ذلك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن أبي أيوب القرشي مولى بني هاشم قال: قال داود عليه السلام: رب أخبرني ما أدنى نعمتك عليّ؟ فأوحى الله: يا داود، تنفس. فتنفس، فقال: هذا أدنى نعمتي عليك.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: «عبد الله عابد خمسين عامًا، فأوحى الله إليه أني قد غفرت لك. قال: يا رب، وما تغفر لي..؟ ولم أذنب..؟ فأذن الله تعالى لعرق في عنقه فضرب عليه، فلم ينم ولم يصلِّ، ثم سكن فنام تلك الليلة، فشكا إليه فقال: ما لقيت من ضربان العرق؟ قال الملك: إن ربك يقول إن عبادتك خمسين سنة تعدل سكون ذلك العرق».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه قال: اللهم اغفر لي ظلمي وكفري. قال قائل: يا أمير المؤمنين، هذا الظلم... فما بال الكفر...!؟ قال: {إن الإنسان لظلوم كفار}. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}.
قوله تعالى: {مِنَ السماء} يجوز أن يتعلَّق بأًنْزَل، و{مِنْ} لابتداءِ الغاية، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه حالٌ مِنْ {ما} لأنه صفةٌ، في الأصل، وكذلك {مِن الثمرات} في الوجهين.
وجَوَّز الزمخشريُّ وابنُ عطيةَ أن تكونَ {مِنْ} لبيان الجنسِ، أي: رِزْقًا هو الثمرات. ويُرَدُّ عليهما: بأنَّ التي للبيان إنما تجيء بعد المبهم. وقد يُجاب عنهما: بأنهما أرادا ذلك من حيث المعنى لا الإِعراب. وقد تقدَّم الكلامُ في ذلك في البقرة.
و{بأَمْرِهِ} يجوز ان يكونَ متعلِّقًا ب {تَجْرِي}، أي: بسببِه، أو بمحذوفٍ على أنها للحالِ، أي: ملتبسةً به.
{وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33)}.
قوله تعالى: و{دَائِبَينَ}: حالٌ مِنَ الشمسِ والقمرِ، وتقدَّم اشتقاقُ الدَّأْبِ.
{وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34)}.
قوله تعالى: {مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ}: العامَّةُ على إضافةِ {كُلّ} إلى {ما} وفي {مِنْ} قولان، أحدُهما: أنها زائدةٌ في المفعولِ الثاني، أي: كُلِّ ما سألمتموه، وهذا إنما يتأتَّى على قولِ الأخفش. والثاني: أن تكونَ تبعيضيَّةً، أي: آتاكم بعضَ جميعِ ما سالتموه نظرًا لكم ولمصالحكم، وعلى هذا فالمفعولُ محذوفٌ، تقديرُه، وآتاكم شيئًا مِنْ كُلِّ ما سألتموه، وهو رأيُ سيبويه.
و{ما} يجوز فيها أن تكونَ موصولةً اسمية أو حرفية أو نكرةً موصوفةً، والمصدرُ واقعٌ موقعَ المفعولِ، أي: مَسْؤولكم. فإن كانت مصدريَّةً فالضميرُ في {سَأَلْتموه} عائدٌ على الله تعالى، وإن كانتْ موصولةً أو موصوفةً كان عائدًا عليها، ولا يجوزُ أن يكون عائدًا على اللهِ تعالى، وعائدُ الموصولِ أو الموصوفِ محذوفٌ؛ لأنه: إمَّا أن يُقَدَّر متصلًا: سألتموهوه أو منفصلًا: سألتموه إياه، وكلاهما لا يجوز فيه الحَذْفُ لِما قدَّمْتُ لك أولَ البقرةِ في قوله: {وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.
وقرأ ابنُ عباس ومحمد بن علي وجعفر بن محمد والحسن والضحّاك وعمرو بن فائد وقتادة وسلام ويعقوب ونافع في روايةٍ، {مِّن كُلِّ} منونةً. وفي {ما} على هذه القراءة وجهان، أحدُهما: أنها نافية، وبه بدأ الزمخشري فقال: و{ما سأَلْتُموه} نفيٌ، ومحلُّه النصبُ على الحال، أي: آتاكم من جميعِ ذلك غيرَ سائِلية. قلت: ويكون المفعولُ الثاني هو الجارِّ مِنْ قوله: {مِنْ كُلٍ}، كقوله: {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [النمل: 23].
والثاني: أنها موصولةٌ بمعنى الذي، هي المفعول الثاني لآتاكم. وهذا التخريجُ الثاني أَوْلَى، لأنَّ في الأول منافاةً في الظاهر لقراءةِ العامَّة. قال الشيخ: ولما أحسَّ الزمخشريُّ بظهورِ التنافي بين هذه القراءةِ وبين تلك قال: ويجوز أن تكونَ {ما} موصولةً على: وآتاكم مِنْ كُلِّ ذلك ما احتجتم إليه، ولم تصلُحْ أحوالُكُم ولا معائِشُكم إلا به، فكأنكم طلبتموه أو سألتموه بلسانِ الحال، فتأوَّل {سَأَلْتموه} بمعنى ما احتجتم إليه.
قول: {نعمةَ} في معنى المُنْعِمِ به، وخُتِمَتْ هذه ب {إِنَّ الإنسان لَظَلُومٌ}، ونظيرتُها في النحل ب {إِنَّ الله لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: 18]، لأنَّ في هذه تقدَّمَ قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْرًا} [إبراهيم: 28]، وبعده {وَجَعَلُواْ للَّهِ أَندَادًا} [إبراهيم: 30]، فجاء قوله: {إِنَّ الإنسان} شاهدًا بقُبْحِ مَنْ فَعَلَ ذلك، فناسَبَ خَتْمَها بذلك، والتي في النحل ذكر فيها عدةَ تفصيلاتٍ وبالَغَ فيها، وذكر قوله: {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ} [النحل: 17]، أي: مَنْ أوجَدَ هذه النِّعَمَ السابقَ ذكرُها كَمَنْ لم يَقْدِرْ منها على شيءٍ، فَذَكَرَ أيضًا أنَّ مِنْ جملة تَفَضُّلاتِه اتصافَه بهاتين الصفتين. اهـ.

.التفسير الإشاري:

.قال نظام الدين النيسابوري:

التأويل: {وبرزوا} من القشور الفانية {لله جميعًا} من القويّ والضعيف {فقال الضعفاء} وهم المقلدة {للذين استكبروا} من المبتدعين {إني كفرت بما أشكرتموني} آمن اللعين حين لا ينفع نفسًا إيمانها {وأدخل} فيه إشارة إلى أن الإنسان إذا خلى وطباعه لا يدخل الجنة لأنه خلق ظلومًا جهولًا سفلي الطبع، وإنما يدخله الله بفضله وعنايته {جنات} القلوب {تجري من تحتها} أنهار الحكمة {خالدين فيها بإذن ربهم} أي بعنايته وإلا لم يبق فيها ساعة كما لم يبق آدم. تحية أهل القلوب على أهل القلوب لسلامة قلوبهم، وتحيتهم على أهل النفوس لمرض قلوبهم ليسلموا من شر نفوسهم {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} [الفرقان: 63] {ألم تر} أي ألم تشاهد بنور النبوّة {كيف ضرب الله مثلًا} للاستعداد الإنساني القابل للفيض الإلهي دون سائر مخلوقاته {كلمة طيبة} هي كلمة التوحيد {كشجرة طيبة} عن لوث الحدوث مثمر إثمار شواهد أنوار القدم {أصلها ثابت} في الحضرة الإلهية فإنها صفة قائمة بذاتها {وفرعها} في سماء القلوب {تؤتي أكلها} من أنوار المشاهدات والمكاشفات {كل حين} يتقرب العبد إلى ربه يتقرب الرب تعالى إليه {ويضرب الله الأمثال للناس} لمن نسي العهد الأوّل {لعلهم يتذكرون} الحالة الأولى فيسعون في إدراكها {ومثل كلمة} تتولد من خباثة النفس {اجتثت من فوق} أرض البشرية {ما لها من قرار} لأنها من الأعمال الفانيات لا من الباقيات الصالحات. {يثبت الله الذين آمنوا} يمكنهم في مقام الإيمان بملازمة كلمة لا إله إلا الله والسير في حقائقها {في الحياة الدنيا وفي الآخرة} لأن سير أصحاب الأعمال ينقطع بالموت وسير أرباب الأحوال لا ينقطع أبدًا. {وأحلوا قومهم} أرواحهم وقلوبهم ونفوسهم وأبدانهم، أنزلوا أبدانهم جهنم البعد ونفوسهم الدركات وقلوبهم العمى والصمم والجهل، وأرواحهم العلوية أسفل سافلين الطبيعة فبدلوا نعم الأخلاق الحميدة كفرًا لأوصاف الذميمة {الله الذي خلق} سموات القلوب وأرض النفوس {وأنزل من} سماء القلوب {ماء} الحكمة {فأخرج به} ثمرات الطاعات {رزقًا} لأرواحكم {وسخر لكم} فلك الشريعة {لتجري في} بحر الطريقة بأمر الحق لا بالهوى والطبع. وكم لأرباب الطلب من سفن انكسرت بنكباء الهوى {وسخر لكم} أنهار العلوم الدينية وشمس الكشوف وقمر المشاهدات وليل البشرية ونهار الروحانية. ومعنى التسخير في الكل جعلها أسبابًا لاستكمال النفس الإنسانية {وآتاكم من كل ما سألتموه} من سائر الأسباب المعينة على ذلك، فجميع العالم بالحقيقة تبع لوجود الإنسان وسبب لكماليته وهو ثمرة شجرة المكونات فلذلك قال: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} لأن مخلوقاته غير منحصرة ولكها مخلوق لاستكماله {إن الإنسان لظلوم} بإفساد استعداده {كفار} لا يعرف قدر نعمة الله في حقه والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. اهـ.

.قال الألوسي:

ومن باب الإشارة في الآيات: {الر كِتَابٌ أنزلناه إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ الناس مِنَ الظلمات إِلَى النور} فيه احتمالات عندهم فقيل: من ظلمات الكثرة إلى نور الوحدة أو من ظلمات صفات النشأة إلى نور الفطرة، أو من ظلمات حجب الأفعال والصفات إلى نور الذات، وهو المراد بقولهم: النور البحت الخالص من شوب المادة والمدة.