فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فذلك قوله: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال} وهي في قراءة عبد الله بن مسعود {وإن كاد مكرهم} فكان طيورهن به من بيت المقدس، ووقوعهن في جبال الدخان. فلما رأى أنه لا يطيق شيئًا، أخذ في بنيان الصرح فبناه حتى أسنده إلى السماء، ارتقى فوقه ينظر يزعم إلى إله إبراهيم، فأحدث ولم يكن يحدث، وأخذ الله بنيانه من القواعد {فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون} [النحل: 26] يقول: من مأمنهم وأخذهم من أساس الصرح، فانتقض بهم.... وسقط فتبلبلت ألسنة الناس يومئذ من الفزع، فتكلموا بثلاثة وسبعين لسانًا، فلذلك سميت بابل وكان قبل ذلك بالسريانية.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن الله عزيز ذو انتقام} قال: عزيز والله في أمره يملي وكيده متين، ثم إذا انتقم انتقم بقدره.
وأخرج مسلم وابن جرير والحاكم والبيهقي في الدلائل، عن ثوبان رضي الله عنه قال: جاء حبر من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هم في الظلمة دون الجسر».
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والحاكم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قلت: أين الناس يومئذ؟ قال على الصراط».
وأخرج البزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: «أرض بيضاء كأنها فضة، لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة».
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة، والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن ابن مسعود في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: تبدل الأرض أرضًا بيضاء، كأنها سبيكة فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل عليها خطيئة. قال البيهقي: الموقوف أصح.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن زيد بن ثابت قال: أتى اليهود النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه فقال: «جاؤوني... سأخبرهم قبل أن يسألوني {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: أرض بيضاء كالفضة، فسألهم فقالوا: أرض بيضاء كالنقي».
وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: «أرض بيضاء، لم يعمل عليها خطيئة ولم يسفك عليها دم».
وأخرج ابن جرير وابن مردويه، عن أنس بن مالك أنه تلا هذه الآية: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات} قال: يبدلها الله يوم القيامة بأرض من فضة، لم يعمل عليها الخطايا، ثم ينزل الجبار عز وجل عليها.
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن علي بن أبي طالب في الآية قال: تبدل الأرض من فضة والسماء من ذهب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} زعم أنها تكون فضة.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: أرض كأنها فضة والسماوات كذلك.
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات} قال: يزاد فيها وينقص منها، وتذهب آكامها وجبالها وأوديتها وشجرها وما فيها، وتمد مدّ الأديم العكاظي، أرض بيضاء مثل الفضة، لم يسفك فيها دم ولم يعمل عليها خطيئة، والسموات تذهب شمسها وقمرها ونجومها.
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه، عن سهل بن سعد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة نقي ليس فيها معلم لأحد».
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفرة، نزلًا لأهل الجنة. قال: فأتاه رجل من اليهود فقال: بارك الله عليك أبا القاسم... ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: تكون الأرض خبزة واحدة يوم القيامة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: بلى. قال: إدامهم ثور. قالوا: ما هذا؟ قال هذا ثور بالأم، يأكل من زيادة كبدها سبعون ألفًا».
وأخرج ابن مردويه عن أفلح مولى أبي أيوب رضي الله عنه، «أن رجلًا من يهود سأل النبي صلى الله عليه وسلم {يوم تبدل الأرض غير الأرض} ما الذي تبدل به؟ فقال: خبزة. فقال اليهودي: درمكة بأبي أنت. قال: فضحك ثم قال: قاتل الله يهود، هل تدرون ما الدرمكة؟ لباب الخبز».
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: تبدل الأرض خبزة بيضاء، يأكل المؤمن ومن تحت قدميه.
وأخرج البيهقي في البعث عن عكرمة رضي الله عنه قال: تبدل الأرض بيضاء مثل الخبزة، يأكل منها أهل الإسلام حتى يفرغوا من الحساب.
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} قال: خبز يأكل منها المؤمنون من تحت أقدامهم.
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل، عن أبي أيوب الأنصاري قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم حبر من اليهود وقال: أرأيت إذ يقول الله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} فأين الخلق عند ذلك؟ قال: «أضياف الله، لن يعجزهم ما لديه».
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية. قال: بلغنا أن هذه الأرض تطوى وإلى جنبها أخرى، يحشر الناس منها إليها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن أبي بن كعب في الآية قال: تغير السموات جنانًا ويصير مكان البحر نارًا، وتبدل الأرض غيرها.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال: الأرض كلها نار يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} الآية. قال: هذا يوم القيامة، خلق سوى الخلق الأوّل.
وأخرج البخاري في تاريخه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: «أين الأرض يوم القيامة؟ قال: هي رخام من الجنة».
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {مقرنين في الأصفاد} قال: الكبول.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {مقرنين في الأصفاد} قال: في القيود والاغلال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {في الأصفاد} قال: في السلاسل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {في الأصفاد} يقول: في وثاق.
{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)}.
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {سرابيلهم} قال: قمصهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال: {السرابيل} القمص.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {من قطران} قال: قطران الابل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله: {من قطران} قال: هذا القطران يطلى به حتى يشتعل نارًا.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {من قطران} قال: هو النحاس المذاب.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {سرابيلهم من قطر آن} قال: من نحاس آن قال: قد أنى لهم أن يعذبوا به.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ {من قطر آن} قال: القطر الصفر والآن الحار.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر، عن عكرمة رضي الله عنه أنه كان يقرؤها {من قطر} قال: من صفر يحمي عليه {آن}. قال: قد انتهى حره.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {وتغشى وجوههم النار} قال تلفحهم فتحرقهم.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم، عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من حرب».
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النائحة إذ لم تتب قبل موتها، توقف في طريق بين الجنة والنار، سرابيلها من قطران وتغشى وجهها النار».
أما قوله تعالى: {هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله: {هذا بلاغ للناس} قال القرآن {ولينذروا به} قال بالقرآن. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47)}.
قوله تعالى: {مُخْلِفَ وَعْدِهِ}: العامَّةُ على إضافة {مُخْلِف} إلى {وعدِه} وفيها وجهان، أظهرهما: أن {مُخْلف} يَتَعَدَّى لاثنين كفعلِه، فقدَّم المفعولَ الثاني، وأُضيف إليه اسمُ الفاعل تخفيفًا نحو: هذا كاسِيْ جُبَّةٍ زيدًا قال الفراء وقطرب: لمَّا تعدَّى إليهما جميعًا لم يُبَالَ بالتقديمِ والتأخير. وقال الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: مُخْلِفَ رسلِه وعدَه، ولِمَ قَدَّم المفعولَ الثاني على الأول؟ قلت: قَدَّمَ الوعدَ ليُعْلِمَ أنه لا يُخْلِفُ الوعدَ ثم قال: {رسله} ليُؤْذِنَ أنه إذا لم يُخْلِفْ وعدَه أحدًا- وليس من شأنِه إخلافُ المواعيد- كيف يُخْلِفُه رُسلَهُ.
وقال أبو البقاء: هو قريب من قولهم:
يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدارِ

وأنشد بعضُهم نظيرَ الآيةِ الكريمة قولَ الشاعر:
ترى الثورَ فيها مُدخِلَ الظلِ رأسَهُ ** وسائرُه بادٍ إلى الشمسِ أجمعُ

والحُسبان هنا: الأمر المنتفي، كقوله:
فلا تَحسَبَنْ أني أَضِلُّ مَنِيَّتي ** فكلُّ امرِئٍ كأسَ الحِمام يذوقُ

الثاني: أنه متعدٍّ لواحدٍ، وهو {وعدِه}، وأمَّا {رُسُلَه} فمنصوبٌ بالمصدر، فإنه يَنْحَلُّ لحرفٍ مصدريٍّ وفعلٍ تقديرُه: مُخْلِفُ ما وعدَ رُسَلَه، فـ: {ما} مصدريةٌ لا بمعنى الذي.
وقرأت جماعةٌ {مُخْلِفَ وَعْدَ رُسَلَهُ} بنصبِ {وعدَه} وجرِّ {رسلِه} فَصْلًا بالمفعولِ بين المتضايفين، وهي كقراءةِ ابن عامرٍ {قَتْلُ أَوْلاَدَهمْ شُرَكَائِهِمْ} قال الزمخشري جرأةً منه: وهذه في الضَّعْفِ كمَنْ قرأ {قَتْلُ أَوْلاَدَهمْ شُرَكَائِهِمْ}.
{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48)}.
قوله تعالى: {يَوْمَ تُبَدَّلُ}: يجوز فيه عدةُ أوجهٍ، أحدُها: أن يكونَ منصوبًا ب {انتقام}، أي: يقع انتقامُهُ في ذلك اليوم. الثاني: أن ينتصبَ ب اذكْر. الثالث: ان ينتصبَ بما يتلخَّص مِنْ معنى {عَزِيزٌ ذُو انتقام}. الرابع: أن يكونَ بدلًا من {يَوْمَ يَأْتِيهِمُ} [إبراهيم: 44]. الخامس: أن ينتصبَ ب {مُخْلِف}. السادس: أن ينتصبَ ب {وَعْدِه}، و{إنَّ} وما بعدها اعتراضٌ. ومنع أبو البقاء هذين الأخيرين، قال لأنَّ ما قبل إنَّ لا يعمل فيما بعدها. وهذا غيرُ مانعٍ لأنه كما تقدَّم اعتراضٌ فلا يُبالَى به فاصلًا.
وقوله: {والسماواتُ} تقديرُه: وتُبَدَّل السماواتُ غيرَ السماواتِ. وفي التبديلِ قولان: هل هو متعلِّقٌ بالذات أو بالصفة؟ وإلى الثاني مَيْلُ ابنِ عباس، وأنشد:
فما الناسُ بالناسِ الذين عَهِدْتُهُمْ ** ولا الدارُ التي كنتُ تَعْلَمُ

وقرئ {نُبَدِّل} بالنون، {الأرضَ} نصبًا، و{السماواتِ} نَسَقٌ عليه.
قوله: {وبَرَزوا} فيه وجهان: أحدُهما أنها جملةٌ مستأنفةٌ، أي: ويَبْرُزُون، كذا قدَّره أبو البقاء، يعني أنه ماضٍ يُراد به الاستقبالُ، والأحسنُ أنه مِثْلُ {ونادى أَصْحَابُ النار} [الأعراف: 50] {ونادى أَصْحَابُ الجنة} [الأعراف: 44] {رُّبَمَا يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ} [الحجر: 2] {أتى أَمْرُ الله} [النحل: 1] لتحقُّقِ ذلك.
والثاني: أنها حالٌ من الأرض، وقد معها مُرادةٌ، قاله أبو البقاء، ويكون الضميرُ في {بَرَزوا} للخَلْق دَلَّ عليهم السياقُ، والرابطُ بين الحالِ وصاحِبِها الواوُ.
وقرأ زيدُ بنُ علي {وبُرِّزوا} بضم الباءِ وكسر الراء مشددةً على التكثير في الفعلِ ومفعوله.
{وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49)}.
قوله تعالى: {مُّقَرَّنِينَ}: يجوز أن يكونَ حالًا على أنها بَصَرية، وأن يكونَ مفعولًا ثانيًا على أنها عِلْمية. و{فِي الأصفاد} متعلِّقٌ به. وقيل: بمحذوفٍ على أنَّه حالٌ أو صفةٌ ل {مُقَرِّنين}. والمُقَرَّنُ: مَنْ جُمِعَ في القَرَن، وهو الحبلُ الذي يُرْبط به، قال:
وابنُ اللَّبونِ إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ ** لم يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَناعِيٍسِ

وقال آخر:
والخيرُ والشرُّ مَلْزُوْزان في قَرَنْ

وفي التفسير: أنَّ كلَّ كافرٍ يُقْرَنُ مع شيطانِه في سلسلة.
والأَصْفاد: جمعُ صَفَد وهوى الغِلُّ والقيد، يُقال: صَفَده يَصْفِدُه صَفْدًا: قَيَّده، والاسمُ: الصَّفَد، وصَفَّده مشددًا للتكثير. قال:
فآبُوا بالنهَّائِبِ والسَّبايا ** وأُبْنا بالمُلوكِ مُصفَّدينا

والصِّفاد مثلُ الصَّفَدِ، وأَصْفَده، أي: أعطاه، فَفَرَّقوا بين فَعَل وأَفْعل. وقيل: بل يُستعملان في القَيْد وفي العطاء.
قال النابغة:
-..................... ** فلم أُعَرِّض-أبيتَ اللَّعْنَ- بالصَّفَد

أي: بالإِعطاءِ، وسُمِّي العَطاءُ صَفَدًا لأنه يُقَيِّدُ مَنْ يعطيه ومنه أنا مَغْلولُ أياديك، وأَسِيْرُ نِعْمَتِك.
{سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (50)}.
قوله تعالى: {سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ}: مبتدأ وخبر في محلِّ نصبٍ على الحال: إمَّا من {المجرمين}، وإمَّا من {مُقَرَّنين}، وإمَّا مِنْ ضميره. ويجوز أن تكونَ مستانفةً، وهو الظاهر.
والسَّرابيلُ: الثياب. وسَرْبَلْتُه، أي: أَلْبَسْتَه السِّربال. قال:
أَوْدَى بنَعْلَيَّ وسِرْباليَهْ