فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ذكره فِي فَضَائِل الْقُرْآن وَاعْلَم أَن الْعلمَاء مُخْتَلفُونَ فِي هَذَا الحَدِيث عَلَى قَوْلَيْنِ فَمنهمْ من حمله عَلَى الْغناء الْمَمْدُود وَهُوَ رفع الصَّوْت بِهِ وَمِنْهُم من حمله عَلَى الْغناء الْمَقْصُور وَهُوَ اليساد وَقد اخْتلف فهم الروَاة فِيهِ كَذَلِك كَمَا تقدم عِنْد أبي دَاوُد وَالْأَكْثَر عَلَى الأول وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة {مَا أذن الله لشَيْء كَإِذْنِهِ لنَبِيّ تَغنى بِالْقُرْآنِ يجْهر بِهِ} أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي رِوَايَة لَهما النَّبِي حسن الصَّوْت بِالْقُرْآنِ يجْهر بِهِ وَبِحَدِيث الْبَراء بن عَازِب زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه زَاد الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه فَإِن حسن الصَّوْت يزِيد الْقُرْآن حسنا انْتَهَى.
وَهَذِه الزِّيَادَة تدفع قَول من يَجعله عَلَى الْقلب أَي زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ مَعَ أَنه ورد بِهَذَا اللَّفْظ رواه الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من طَرِيق عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الْأَعْمَش عَن طَلْحَة بن مصرف عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة عَن الْبَراء بن عَازِب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَينُوا أَصْوَاتكُم بِالْقُرْآنِ» انْتَهَى.
وَسكت عَنهُ فَثَبت أَن كلا من الْمَعْنيين صَحِيح عَلَى حَاله وَيشْهد لَهُ أَيْضا حَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي المُهَاجر عَن فضَالة بن عبيد أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لله أَشد أذنا إِلَى الرجل الْحسن الصَّوْت بِالْقُرْآنِ من صَاحب الْقَيْنَة إِلَى قَيْنَته». انْتَهَى، وقَالَ صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ انْتَهَى، واحْتَجُّوا أَيْضا بِأَن تَغنى مَبْنِيّ من الْمَمْدُود لَا من الْمَقْصُور.
وَأجَاب عَنهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كِتَابه غَرِيب الحَدِيث مُخْتَارًا لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَمُرَجِّحًا لَهُ فَقَالَ وَقد وَجَدْنَاهُ مَبْنِيا من الْمَقْصُور فَفِي الصَّحِيح وَأما الَّتِي هِيَ ستر فَرجل يَظُنهَا تغَنِّيا وَتَعَفُّفًا وَتَغَنِّيًا من الْمَقْصُور مصدر تَغنى قَالَ وَهُوَ فَاش فِي لُغَة الْعَرَب وَأَشْعَارهَا يَقُولُونَ تَغَنَّيْت تغَنِّيا وَتَغَانَيْت تَغَانِيًا بِمَعْنى اسْتَغْنَيْت قَالَ الْمُغيرَة يُعَاتب أَخَاهُ:
كِلَانَا غَنِي عَن أَخِيه حَيَاته ** وَنحن إِذا متْنا أَشد تغَنِّيا

أَي أَشد اسْتغْنَاء قَالَ وَأَيْضًا فَلَو كَانَ المُرَاد بِهِ تَحْسِين الصَّوْت كَمَا فهم أُولَئِكَ لَاسْتَحَقَّ تَاركه الْعقُوبَة وَدخل فِي الْوَعيد لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» قَالَ وَيدل عَلَى صِحَة مَا قُلْنَاهُ مَا حَدثنَا وَأسْندَ إِلَى عَابس الْغِفَارِيّ أَنه سمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد ذكر أَشْرَاط السَّاعَة فَقَالَ {بيع الحكم وَقَطِيعَة الرَّحِم وَالِاسْتِخْفَاف بِالدَّمِ وَأَن يتَّخذ النَّاس الْقُرْآن مَزَامِير يقدمُونَ الرجل بَينهم لَيْسَ بأفقههم وَلَا بأعلمهم وَلَكِن لِيُغنيَهُمْ بِهِ غناء} انْتَهَى.
وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَالطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَغَيرهمَا وَلَيْسَ فِيهِ حجَّة فَإِن التَّغَنِّي كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن عَلَى نَوْعَيْنِ وَكِلَاهُمَا فِيهِ تَحْسِين الصَّوْت وَلَكِن أَحدهمَا يحزن وَيذكر الْآخِرَة وَلَا يَصْحَبهُ طرب وَلَا لَهو فَهَذَا هُوَ الْمَنْدُوب إِلَيْهِ وَالْآخر يَصْحَبهُ الطَّرب وَاللَّهْو الَّذِي يبسط النَّفس وَتَشَوُّقِ الْمُنْكَرَات فَهَذَا هُوَ الْمنْهِي عَنهُ وَعَلِيهِ يحمل حَدِيث عَابس.
قَالَ وَقد ورد مَا يدل عَلَى ذَلِك رَوَى الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه من حَدِيث بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن حَفْص بن مَالك الْفَزارِيّ قَالَ شيخ يُسمى أَبَا مُحَمَّد يحدث عَن حُذَيْفَة بن الْيَمَان أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اقْرَءُوا الْقُرْآن بِلُحُونِ الْعَرَب وَأَصْوَاتهَا وَإِيَّاكُم وَلُحُون أهل الْعِشْق وَالْفِسْق وَأهل الْكِتَابَيْنِ وَسَيَأْتِي قوم يرجعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيع الْغناء وَالنوح لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ قُلُوبهم مَفْتُونَة وَقُلُوب من يُعجبهُ شَأْنهمْ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو عبيد حَدثنَا نعيم بن حَمَّاد عَن بَقِيَّة عَن حَفْص بن مَالك الْفَزارِيّ بِهِ وَهُوَ وَإِن كَانَ حَدِيثا ضَعِيفا لَكِن يسْتَأْنس بِهِ فَإِن بَقِيَّة يُدَلس عَن الضُّعَفَاء وَأَبُو مُحَمَّد مَجْهُول قَالَه ابْن عدي.
وَقد سمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَة أبي مُوسَى وَقَالَ {لقد أُوتِيَ مِزْمَارًا من مَزَامِير دَاوُد}
وَقَوله لَاسْتَحَقَّ تَاركه الْعقُوبَة قلت لَا يلْزم وَلَيْسَ المُرَاد نفي الدَّين وَالْملَّة وَإِنَّمَا المُرَاد نفي الْكَمَال أَو نفي مَا كَانَت عَلَيْهِ الْعَرَب.
قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمعرفَة فِي كتاب الشَّهَادَات أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت الرّبيع يَقُول سَمِعت الشَّافِعِي يَقُول لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَقَالَ لَهُ رجل يَسْتَغْنِي بِهِ قَالَ لَيْسَ هَذَا مَعْنَاهُ إِنَّمَا مَعْنَاهُ يَقْرَؤُهُ تَحْزِينًا قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَيُؤَيّد مَا قَالَ الشَّافِعِي قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَينُوا الْقُرْآن بِأَصْوَاتِكُمْ» وَحَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «لقد أعطي هَذَا مِزْمَارًا من مَزَامِير آل داود»، وفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة مَا أذن الله لشَيْء كَإِذْنِهِ لنَبِيّ يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يجْهر بِهِ قَالَ وَرَوَى أنس قَالَ كَانَ أَنْجَشَة يَحْدُو بِالنسَاء وَكَانَ الْبَراء بن مَالك يَحْدُو بِالرِّجَالِ وَكَانَ أَنْجَشَة إِذا حدا أَعْنَقت الْإِبِل فَقَالَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيحك يَا أَنْجَشَة ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ» وَعَن عِكْرِمَة قَالَ سمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يسير إِلَى الشَّام حَادِيًا يَحْدُو فَقَالَ: «أَسْرعُوا بِنَا إِلَى هَذَا الْحَادِي» وَسمع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادِيًا فِي ركب من بني تَمِيم فَأمره أَن يَحْدُو وَقَالَ لَهُ: «إِن حادينا وَنى من آخر اللَّيْل».
وَمِمَّا يدل لِلْجُمْهُورِ مَا رَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنده من طَرِيق عبد الرَّزَّاق أَنا عبد الله بن الْمُحَرر عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن لكل شَيْء حلية وَحلية الْقُرْآن الصَّوْت الْحسن» انْتَهَى، وهُوَ ضَعِيف.
وَفِي الفردوس من حَدِيث سعد بن أبي وَقاص غنوا بِالْقُرْآنِ وَرَوَى ابْن سعد فِي الطَّبَقَات أخبرنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا سعيد بن رزين حَدثنَا حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة بن قيس قَالَ كنت رجلا قد أَعْطَانِي الله حسن الصَّوْت فِي الْقُرْآن وَكَانَ عبد الله يستقرئني وَيَقُول اقْرَأ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «حسن الصَّوْت تَزْيِين لِلْقُرْآنِ». انْتَهَى.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي كتاب مَنَاقِب الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ إِلَى الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: «لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» مَعْنَاهُ حسن الصَّوْت لَا بِمَعْنى يَسْتَغْنِي بِهِ فَذكر لَهُ كَلَام ابْن عُيَيْنَة فَقَالَ لَو أَرَادَ الِاسْتِغْنَاء لقَالَ لَيْسَ منا من لم يسْتَغْن فَعلمنَا أَنه إِنَّمَا أَرَادَ التَّغَنِّي انْتَهَى.
الحَدِيث الْخَامِس: حَدِيث أبي بكر من أُوتِيَ الْقُرْآن فَرَأَى أَن أحدا أُوتِيَ من الدُّنْيَا أفضل مِمَّا أُوتِيَ فقد صغر عَظِيما وَعظم صَغِيرا قلت غَرِيب من حَدِيث أبي بكر وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه فِي مُسْنده حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن إِسْمَاعِيل ابْن رَافع عَن إِسْمَاعِيل بن عبيد الله بن المُهَاجر عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من أعْطى الْقُرْآن فَرَأَى أَن أحدا قد أعطي أفضل مِمَّا أعطي فقد عظم مَا صغر الله وَصغر مَا عظم الله وَمن قَرَأَ الْقُرْآن فَكَأَنَّمَا استدرجت النُّبُوَّة بَين جَنْبَيْهِ غير أَنه لَا يُوحَى إِلَيْهِ» انْتَهَى.
وَمن طَرِيق ابْن رَاهَوَيْه رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَرَوَى ابْن عدي فِي كَامِله عَن حَمْزَة بن أبي حَمْزَة النصيبي عَن زيد بن رفيع عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من تعلم الْقُرْآن فَظن أَن أحدا أَغْنَى مِنْهُ فقد حقر عَظِيما وَعظم صَغِيرا» انْتَهَى وَأعله بِحَمْزَة هَذَا وَقَالَ إِنَّه يضع الحَدِيث.انْتَهَى.
الحَدِيث السَّادِس: «وَلعن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَاصِفَة والمستعصفة» قَالَ المُصَنّف يَقُولُونَ لِلسَّاحِرَةِ عاضة. قلت: رَوَاهُ ابْن عدي فِي الْكَامِل من حَدِيث سَلمَة بن وهرام عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعن الْعَاصِفَة والمستعصفة انْتَهَى.
وَضعف سَلمَة ابْن وهرام عَن أَحْمد وَرَاوِيه عَن سَلمَة زَمعَة بن صَالح وَهُوَ أَيْضا فِيهِ مقَال قَالَ ابْن عدي وَأَرْجُو أَنه لَا بَأْس بِهَذِهِ الْأَحَادِيث الَّتِي يَرْوِيهَا عَنهُ زَمعَة انْتَهَى، ورَوَاهُ أَبُو يعلي الْموصِلِي فِي مُسْنده من حَدِيث زَمعَة بن صَالح عَن سَلمَة بِهِ سَوَاء وَرَوَى عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه فِي كتاب الصَّلَاة أخبرنَا بن جريج قَالَ سَأَلت عَطاء عَن الشّعْر الَّذِي يُوصل فِي الرَّأْس فَقَالَ أما الْوَصْل فَإِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لعن الْوَاصِلَة وَالْمسْتَوْصِلَة فَقَالَ أنس حِينَئِذٍ وآكل الرِّبَا وموكله وَالشَّاهِد وَالْمكَاتب والعاصفة والمستعصفة» فَقَالَ عَطاء قد سمعنَا ذَلِك. مُخْتَصر.
الحَدِيث السَّابِع: عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر فِي قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ هم خَمْسَة نفر ذَوُو أَسْنَان وَشرف الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب والْحَارث بن الطُّلَاطِلَة.
وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ مَاتُوا كلهم قبل بدر قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أمرت أَن أكفيكهم فَأَوْمأ إِلَى سَاق الْوَلِيد فَمر بِنِبَالٍ فَتعلق بِثَوْبِهِ سهم فَلم يَنْعَطِف تَعَظُّمًا لأَخذه فَأصَاب عرقا فِي عقبه فَقَطعه فَمَاتَ وَأَوْمَأَ إِلَى أَخْمص الْعَاصِ بن وَائِل فَدخلت فِيهَا شَوْكَة فَقَالَ لدغت لدغت وَانْتَفَخَتْ رجله حَتَّى صَارَت كالرحا وَمَات وَأَشَارَ إِلَى عَيْني الْأسود بن الْمطلب فَعميَ وَأَشَارَ إِلَى أنف الْحَارِث ابْن قيس فَامْتَخَطَ قَيْحا فَمَاتَ وَإِلَى الْأسود بن عبد يَغُوث وَهُوَ قَاعد فِي أصل شَجَرَة فَجعل يَنْطَح رَأسه بِالشَّجَرَةِ وَضرب وَجهه بِالشَّوْكَةِ حَتَّى مَاتَ»
قلت حَدِيث عُرْوَة أخرجه ابْن هِشَام فِي سيرته عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي يزِيد بن رُومَان عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر قَالَ كَانَ عُظَمَاء الْمُسْتَهْزِئِينَ خَمْسَة نفر من قومه وَكَانُوا ذَوي أَسْنَان وَشرف فِي قَومهمْ الْأسود بن الْمطلب وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَام دَعَا عَلَيْهِ لما يبلغهُ من أَذَاهُ فَقَالَ {اللَّهُمَّ اعم بَصَره واثكله وَلَده} وَالْأسود بن عبد يَغُوث والوليد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل والْحَارث بن الطُّلَاطِلَة قَالَ فَلَمَّا تَمَادَوْا فِي الشَّرّ وَأَكْثرُوا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِهْزَاء أنزل الله تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤمر} الْآيَة ثمَّ إِن جِبْرِيل أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهم يطوفون بِالْبَيْتِ فَقَامَ وَقَامَ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى جنبه فَمر بِهِ الْأسود بن الْمطلب فَرَمَى فِي وَجهه بِوَرَقَة خضراء فَعميَ وَمر بِهِ الْأسود بن عبد يَغُوث فَأَشَارَ إِلَى بَطْنه فَاسْتَسْقَى بَطْنه فَمَاتَ مِنْهُ وَمر بِهِ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة فَأَشَارَ إِلَى أثر جرح كَانَ بِأَسْفَل كَعبه أَصَابَهُ قبل ذَلِك بسنين وَذَلِكَ أَنه مر بِرَجُل من خُزَاعَة يريش نبْلًا لَهُ فَتعلق سهم من نبله بِإِزَارِهِ فَخدش رجله فَانْتقضَ بِهِ فَقتله وَمر بِهِ الْعَاصِ بن وَائِل فَأَشَارَ إِلَى أَخْمص رجله فَخرج عَلَى حمَار لَهُ يُرِيد الطَّائِف فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شبْرقَة فَدخلت فِي أَخْمص رجله شَوْكَة فَقتلته وَمر بِهِ الْحَارِث بن الطُّلَاطِلَة فَأَشَارَ إِلَى رَأسه فَامْتَخَطَ قَيْحا فَقتله مُخْتَصر.
وَمن طَرِيق ابْن إِسْحَاق أَيْضا رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي دَلَائِل النُّبُوَّة بِسَنَدِهِ وَمَتنه فِي الْبَاب التَّاسِع وَالْعِشْرين، وأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَأَبُو نعيم وَالْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة لَهما عَن جَعْفَر بن إِيَاس عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قوله تعالى: {إِنَّا كَفَيْنَاك الْمُسْتَهْزِئِينَ} قَالَ هم الْوَلِيد بن الْمُغيرَة وَالْعَاص بن وَائِل وَالْأسود بن عبد يَغُوث وَالْأسود بن الْمطلب أَبُو زَمعَة والْحَارث بن عطيل السَّهْمِي قَالَ أَتَاهُ جِبْرِيل فَشَكَاهُمْ إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأرَاهُ الْوَلِيد بن الْمُغيرَة فَأَوْمَى جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى أنجله قَالَ مَا صنعت؟ قَالَ كفيته ثمَّ أرَاهُ الْأسود بن عبد يَغُوث فَأَوْمَى إِلَى رَأسه فَقَالَ مَا صنعت؟ قَالَ كفيته ثمَّ أرَاهُ الْحَارِث بن العطيل السَّهْمِي فَأَوْمَى إِلَى رَأسه أَو قَالَ بَطْنه قَالَ مَا صنعت؟ قَالَ كفيته فَمر بِهِ الْعَاصِ بن وَائِل فَأَوْمأ إِلَى أَخْمُصُهُ فَقَالَ مَا صنعت؟ قَالَ كفيته فَأَما الْوَلِيد بن الْمُغيرَة فَمر بِرَجُل من خُزَاعَة هُوَ يريش نبْلًا لَهُ فَأصَاب أنجله فقطعها وَأما الْأسود بن الْمطلب فَعَمَى وَأما الْأسود ابْن عبد يَغُوث فَخرج فِي رَأسه قُرُوح فَمَاتَ مِنْهَا وَأما الْحَارِث بن العطيل فَأَخذه المَاء الْأَصْفَر فِي بَطْنه حَتَّى خرج قرؤه من فِيهِ فَمَاتَ مِنْهَا وَأما الْعَاصِ بن وَائِل فَركب إِلَى الطَّائِف عَلَى حمَار فَرَبَضَ بِهِ عَلَى شبْرقَة يَعْنِي شَوْكَة فَدخلت فِي أَخْمص قدمه فَقتلته.انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من طَرِيق مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ حَدثنَا حُسَيْن بن مَنْصُور حَدثنَا مُبشر بن عبد الله حَدثنَا سُفْيَان بن حُسَيْن عَن جَعْفَر بن إِيَاس سندا ومتنا.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه الْوسط عَن مُبشر بن عبد الله بِهِ سَوَاء.
الحَدِيث الثَّامِن: يُوجد فِي بعض نسخ هُنَا وَعَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه كَانَ إِذا حزبه أَمر فزع إِلَى الصَّلَاة وَهَذَا تقدم فِي أَوَائِل الْبَقَرَة.
الحَدِيث التَّاسِع: عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «من قَرَأَ سُورَة الْحجر كَانَ لَهُ من الْأجر عشر حَسَنَات بِعَدَد الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار والْمُسْتَهْزِئِين بِمُحَمد».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من طَرِيق يَحْيَى بن سعيد الْقطَّان حَدثنَا أَبُو الْخَلِيل عَن عَلّي ابْن زيد عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ... فَذكره سَوَاء وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ فِي آل عمرَان وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم فِي يُونُس. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال إلكيا هراسي:
سورة الحجر:
قوله تعالى: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}
قال المفسرون: معناه: حياتك، فقوله: {لعمرك}: لغة.
وكره قوم أن يحلفوا بغير اللّه تعالى، وورد فيه خبر، وإن لم يقو إسناده وكرهوا أيضا أن يقول: وحق الكعبة، وحق الرسول صلّى اللّه عليه وسلم، فهذا ما فيه من الحكم. اهـ.